الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1503 - مسألة؛ قال: (وَفِي إِسْكَتَيِ الْمَرْأَةِ الدِّيَةُ)
الإِسْكتَانِ: هُما اللَّحمُ المُحِيطُ بالفَرْجِ مِنْ جانِبَيْه، إحاطةَ الشَّفَتيْنِ بالفَمِ. وأهلُ اللُّغةِ يقولونَ: الشَّفْرانِ حاشِيَتَا الإِسْكَتيْنِ، كما أن أشْفارَ العَيْنِ أهْدابُها. وفيهما دِيَةُ المرأةِ إذا قُطِعَتَا (1). وبهذا قال الشَّافعيُّ. وقالَه (2) الثَّوْرِيُّ، إذا لم يُقْدَرْ على جِمَاعِها. وقضَى به محمدُ بنُ سُفْيان (3) إذا بلَغ العَظْمَ؛ لأنَّ فيهما جَمالًا ومَنْفَعةً، وليس في البدَنِ غيرُهما من جِنْسِهما، فوجبَتْ فيهما الدِّيَةُ، كسائرِ ما فيه منه شيئانِ، وفي إحْداهما نصفُ الدِّيَةِ، كما ذكرْنا في غيرِهما. وإنْ جَنَى عليهما فأشلَّهما، وجبَتْ دِيَتُهما، كما لو جَنَى على شَفَتَيْه فأشلَّهما. ولا فرقَ بين كَوْنِهما غَلِيظتيْنِ أو دَقِيقتَيْنِ، قصيرتَيْنِ أو طَوِيلتَيْن، من بكرٍ أو ثَيِّبٍ، أو صغيرةٍ أو كبيرةٍ، مَخْفُوضةٍ أو غيرِ مَخْفُوضةٍ؛ لأنَّهما عُضْوان فيهما الدِّيَةُ، فاسْتَوى فيهما جميعُ ما ذكرْنا، كسائرِ أعضائِها، ولا فرقَ بين الرَّتْقاء وغيرِها؛ لأنَّ الرَّتَقَ عَيبٌ في غيرِهما، فلم ينْقُصْ دِيَتَهما، كما أنَّ الصَّممَ لم يَنْقُصْ دِيَةَ الأذُنَيْنِ. والخَفْضُ: هو الخِتانُ في حقِّ المرأةِ.
فصل:
وَفِي رَكَبِ المرأةِ حُكومةٌ، وهو عَانَةُ المرأةِ، وكذلك في عَانةِ الرَّجُلِ؛ لأنَّه لا مُقَدَّرَ فيه، ولا هو نَظِيرٌ لما قُدِّرَ فيه، فإنْ أُخِذَ منه شيءٌ مع فَرْجِ المرأةِ أو ذكرِ الرَّجُلِ، ففيه الحُكومةُ مع الدِّيَةِ، كما لو أُخِذَ مع الأنْفِ أو الشَّفَتيْنِ (4) شيءٌ من اللَّحْمِ الذي حَوْلَهما.
1504 -
مسألة؛ قال: (وَفِي مُوضِحَةِ الْحُرِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ، والمُوضِحَةُ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ سَواءٌ، وَهِىَ (1) الَّتِي تُبْرِزُ الْعَظْمَ)
هذه من شِجَاجِ الرَّأْسِ أو الوَجْهِ، وليس في الشِّجاجِ ما فيه قِصاصٌ سِواها، ولا يجبُ
(1) في الأصل: "قطعا".
(2)
في ب: "وقال".
(3)
لعله محمد بن سفيان بن أبي الزرد الأبلى. انظر: تهذيب التهذيب 9/ 192.
(4)
في ب، م:"والشفتين".
(1)
في ب، م:"وهو".
المُقدَّرُ في أقلَّ منها، وهي التي تَصِلُ إلى العَظْمِ، سُمِّيَتْ مُوضِحَةً؛ لأنَّها أبدَتْ وَضَحَ العَظْمِ، وهو بَياضُه. وأجمعَ أهلُ العلمِ على أنَّ أرْشَها مُقَدَّرٌ. قالَه ابنُ المنذرِ. وفي كتابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرو بن حَزْمٍ:"وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الإِبلِ"(2). [ورُوِيَ عن عمرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "في الْمَوَاضِحِ خَمْسٌ خَمْسٌ"](3). روَاه أبو داودَ، والنَّسائيُّ، والتِّرمِذيُّ (4)، وقال: حديثٌ حَسنٌ. وقولُ الْخِرَقِيِّ: فِي مُوضِحَةِ الحُرِّ. يَحْتَرِزُ به من مُوضِحَةِ العَبْدِ. وقوله: سَواءٌ كانَ من رَجُلٍ أو امرأةٍ. يعني أنَّهما لا يَخْتلفانِ في أرْشِ المُوضِحَةِ؛ لأنَّها دُونَ ثُلثِ الدِّيَةِ، وهما يسْتويَانِ فيما دونَ الثُّلثِ، ويخْتلِفان فيما زَادَ. وعندَ الشافعيِّ أنَّ مُوضِحَةَ المرأةِ على النِّصْفِ مِن مُوضِحَةِ الرجلِ، بِناءً على أنَّ جِراحَ المرأةِ على النِّصفِ مِن (5) جِرَاحِ الرَّجُلِ في الكثيرِ والقليل. وسنذْكرُ ذلك في مَوْضِعِه، إن شاءَ اللهُ تعالى. وعُمومُ الحديثِ الذي رَويْناه ههُنا حُجَّةٌ عليه، وفيه كِفايةٌ. أكثرُ أهلِ العلمِ على أنَّ المُوضِحَةَ في الرَّأْسِ والوجهِ سَواءٌ. رُوِى ذلك عن أبي بكرٍ، وعمرَ، رضي الله عنهما. وبه قال شَريْحٌ، ومَكْحُولٌ، والشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، والزُّهْريُّ، ورَبِيعةُ، وعُبَيْدُ اللهِ بنُ الحسنِ (6)، وأبو حنيفةَ، والشَّافعيُّ، وإسحاقُ. ورُوِيَ عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، أنَّه قال: تُضَعَّفُ مُوضِحَةُ الوَجْهِ على مُوضِحةِ الرَّأْسِ، فيجبُ في مُوضِحَةِ الوَجْهِ عَشْرٌ منَ الإِبلِ؛ لأنَّ شَيْنَها أكثرُ. وذكرَهُ الْقاضي رِوايةً عن أحمدَ. ومُوضِحةُ الرأسِ يسْتُرُها الشَّعَرُ والعِمامةُ.
(2) تقدم تخريجه في صفحة 5.
(3)
سقط من: م.
(4)
أخرجه أبو داود، في: باب ديات الأعضاء، من كتاب الديات. سنن أبي داود 2/ 496. والترمذي، في: باب ما جاء في الموضحة، من أبواب الديات. عارضة الأحوذي 6/ 164. والنسائي، في: باب المواضح، من كتاب القسامة. المجتبى 8/ 51.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب الموضحة، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه 2/ 886.
(5)
سقط من: م.
(6)
عبيد اللَّه بن الحسن بن الحصين العنبرى، تقدم في: 2/ 297.