الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1589 - مسألة؛ قال: (ولَا يُقْطَعُ الْوَالِدُ فِيمَا أَخَذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ، لأَنَّهُ أَخَذَ مَالَهُ أَخْذُهُ، وَلَا الْوَالِدَةُ فِيمَا أخَذَتْ مِنْ مَالِ وَلَدِهَا، ولَا العَبْدُ فِيمَا سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ)
وجملتُه أنَّ الوالِدَ لا يُقْطَعُ بالسَّرِقَةِ من مالِ وَلدِه، وإن سَفَلَ، وسواءٌ في ذلك الأبُ والأُمُّ، والابْن والبنتُ، والجَدُّ والجَدَّةُ، من قِبَل الأبِ والأمِّ، وهذا قولُ عامَّةِ أهلِ العلمِ؛ منهم مالِكٌ، والثَّورىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال أبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ: القَطْعُ على كلِّ سارقٍ، بظاهرِ الكتابِ، إلَّا أنْ يُجْمِعُوا على شيءٍ فيُسْتَثْنَى. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ"(1). وقولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ"(2). وفى لفظ: "فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلَادِكُمْ". ولا يجوزُ قَطْعُ الإِنسانِ بأخْذِ ما أمرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بأخْذِه، ولا أخْذِ ما جعلَه النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مالًا له مُضافًا إليه، ولأنَّ الحدودَ تُدْرأُ بالشُّبُهاتِ، وأعظمُ الشُّبُهاتِ أَخْذُ الرَّجُلِ من مالٍ جعلَه الشَّرْعُ له، وأمرَه بأخْذِه وأكْلِه، وأمَّا العبدُ إذا سرَق من مالِ سَيِّدِه، فلا قَطْعَ عليه، في قولِهم، جميعًا، ووافَقَهم أبو ثَوْر فيه. وحُكِىَ عن دَاودَ أنَّه يُقْطَعُ؛ لِعُمومِ الآيَةِ. ولَنا، ما رَوَى السَّائِبُ بنُ يَزِيدَ قال: شَهِدْتُ عمرَ بنَ الخطَّابِ، وقد جاءَه عبدُ اللَّه بنُ عمرو بنِ الحَضْرَمِىِّ بغُلَامٍ له، فقال: إنَّ غُلَامِى هذا سَرَقَ، فاقْطَعْ يدَهُ. فقال عمرُ: ما سَرَقَ؟ قال: سَرَقَ مِرَآةَ امْرَأتى، ثمنُها ستُّون دِرْهمًا. فقال: أرْسِلْهُ، لا قَطْعَ عليه، خادِمُكم أخَذ مَتاعَكم (3). ولكنَّه لو سَرَقَ من غيرِه قُطِعَ. وفى لَفْظٍ قال: مالُكُم سَرَقَ بعضُه بعضًا، لا قَطْعَ عليه. رواه سعيدٌ. وعن ابن مسعودٍ، أنَّ رجلًا
(1) تقدم تخريجه، في: 8/ 273.
(2)
تقدم تخريجه، في: 8/ 262.
(3)
أخرجه الإِمام مالك، في: باب ما لا قطع فيه، من كتاب الحدود. الموطأ 2/ 839، 840. والدارقطني، في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطني 3/ 188. والبيهقي، في: باب العبد يسرق من مال امرأة سيده، من كتاب السرقة. السنن الكبرى 8/ 282.