الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لسيِّدِها؛ لأنَّه لولا اعْتِقادُ الحُرِّيَّةِ، لكان هذا الجَنِينُ مَمْلوكًا لسَيِّدِه، على ضارِبِه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه، فلما انْعَتَقَ بسَبَبِ الوَطْءِ، فقد حال بين سَيِّدِها وبينَ هذا القَدْرِ، فألْزَمْناه ذلك للسَّيِّدِ، سواءٌ كان بقَدْرِ الغُرَّةِ أو أكثرَ منها، أو أقَلَّ.
فصل:
إذا سَقَطَ جَنِينُ ذِمِّيَّةٍ، قد وَطِئَها مسلمٌ وذِمِّىٌّ في طُهْرٍ واحدٍ، وجَبَ فيه اليَقِينُ، وهو ما في جَنِينِ الذِّمِّىِّ، فإنْ أُلْحِقَ بعدَ ذلك بالذِّمِّىِّ، فقد وَفَّى ما عليه، وإن أُلْحِقَ بمسلمٍ، فعليه تَمامُ الغُرَّةِ. وإن ضَرَبَ بَطْنَ نَصْرانيَّةٍ، فأسْقطَتْ، وادَّعَتْ أو ادَّعَى ورَثَتُه أنَّه من مسلمٍ حَمَلَتْ به من وَطْءِ شُبْهَةٍ أو زِنًى، فاعْتَرفَ الجانِى، فعليه غُرَّةٌ كاملةٌ. وإن كان ممَّا تَحْمِلُه العاقلةُ، فاعْتَرَفَ أيضًا، فالغُرَّةُ عليها، وإن أنْكَرَتْ، حَلَفَتْ، وعليها ما في جَنِينِ الذِّمِّيَّيْنِ، والباقِى على الجانِى؛ لأنَّه ثَبَتَ باعْتِرافِه، والعاقلةُ لا تَحْمِلُ اعْتِرافًا. وإن اعْتَرفتِ العاقلةُ دون الجانِى، فالغُرَّةُ عليها مع دِيَةِ أُمِّه. وإن أنْكَرَ الجانِى والعاقلةُ، فالقولُ قولُهم، مع أَيْمانِهِم أنَّنا لا نَعْلَمُ أنَّ هذا الجَنِينَ من مسلمٍ، ولا تَلْزَمُهُم اليَمِينُ على البَتِّ؛ لأنَّها يَمِينٌ على النَّفْىِ في فِعْلِ الغَيْرِ، فإذا حَلَفُوا، وجَبَتْ دِيَةُ ذِمِّىٍّ؛ لأنَّ الأصْلَ أنَّ ولَدَها تابِعٌ لها، ولأنَّ الأصْلَ بَراءَةُ الذِّمَّةِ. وإن كان ممَّا لا تَحْمِلُه العاقلةُ، فالقولُ قولُ الجانِى وحدَه مع يَمِينِه. ولو كانت النَّصْرانيةُ امرأةَ مُسْلِمٍ، فادَّعَى الجانِى أنَّ الجَنِينَ من ذِمِّىٍّ بوَطْءِ شُبْهَةٍ أو زِنًى، فالقولُ قولُ ورَثَةِ الْجَنِينِ؛ لأنَّ الْجَنِينَ مَحْكُومٌ بإسْلامِه، فإنَّ الوَلدَ للفِرَاشِ.
فصل: وإذا كانت الأمَةُ بين شرِيكَيْنِ، فحَمَلَتْ بمَمْلُوكٍ، فضَرَبَها أحَدُهُما (10)، فأسْقطَتْ، فعليه كَفَّارةٌ؛ لأنَّه أتْلَفَ آدَمِيًّا، ويَضْمَنُ لشَرِيكِه نِصْفَ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّه، ويَسْقُطُ ضَمانُ نَصِيبِه؛ لأنَّه مِلْكُه. وإن أعْتَقَها الضارِبُ بعدَ ضَرْبِها، وكان مُعْسِرًا، ثم أسْقطَتْ، عَتَقَ نَصِيبُه منها ومِن ولَدِها، وعليه لشَرِيكِه نِصْفُ عُشْرِ قيمَةِ الأُمِّ، وعليه نصفُ غُرَّةٍ من أجْلِ النِّصْفِ الذي صار حُرًّا، يُورَثُ
(10) سقط من: الأصل.
عنه، بمَنْزِلةِ مالِ الجنينِ، تَرِثُ أُمُّه منه (11) بقَدْرِ ما فيها من الحُرِّيَّةِ. والباقِى لباقِى ورَثَتِه. هذا قولُ القاضِى، [وقياسُ قولِ ابنِ حامدٍ. وهو مذهبُ الشافعىِّ. وقياسُ](12) قولِ أبى بكرٍ وأبى الخَطَّابِ، لا يَجِبُ على الضاربِ ضَمانُ ما أعْتَقَه؛ لأنَّه حينَ الجِنايةِ لم يكُنْ مَضْمُونًا عليه، والاعْتِبارُ في الضَّمانِ بحالِ الجِنايةِ، وهى الضَّرْبُ، ولهذا اعْتَبَرْنا قِيمَةَ الأُمِّ حالَ الضَّرْبِ. وهذا قولُ بعضِ أصحابِ الشافعىِّ. وهذا أصَحُّ، إن شاءَ اللهُ؛ لأنَّ الإِتْلافَ حَصَلَ بفِعْلٍ غيرِ مَضْمُونٍ، فأشْبَهَ ما لو جَرَحَ حَرْبِيًّا فأسْلَمَ، ثم مات بالسِّرَايةِ، ولأنَّ مَوْتَه يَحْتَمِلُ أن يكونَ قد حَصَلَ بالضَّرْبِ، فلا يتَجَدَّدُ ضَمانُه بعدَ مَوْتِه، والأصْلُ بَراءةُ ذِمَّتِه. وإن كان المُعْتِقُ مُوسِرًا، سَرَى العِتْقُ إليها وإلى جَنِينِها، وفى الضَّمانِ الوَجْهان؛ فعلى قولِ القاضِى، في الْجَنِينِ غُرَّةٌ مَوْرُوثةٌ عنه. وعلى قياسِ قولِ أبى بكرٍ، عليه (13) ضَمانُ نَصِيبِ شَرِيكِه من الْجَنِينِ بنِصْفِ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّه، ولا يَضْمَنُ أُمَّه؛ لأنَّه قد ضَمِنَها بإعْتاقِها، فلا يَضْمَنُها بتَلَفِها. وإن كان المُعْتِقُ الشَّرِيكَ الذي لم يضْرِبْ، وكان مُعْسِرًا، فلا ضَمانَ على الشَّرِيكِ في نَصِيبِه؛ لأنَّ العِتْقَ لم يَسْرِ إليه، وعليه في نَصِيبِ شَرِيكِه من الْجَنِينِ نِصْفُ غُرَّةٍ، يَرِثُها ورَثَتُه على قولِ القاضِى. وعلى قياسِ قولِ أبى بكرٍ، يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِه بنِصْفِ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّه، يكونُ لسَيِّدِه اعْتبارًا بحالِ الجِنايةِ. وكذلك الحكمُ في ضَمانِ الأُمِّ إذا ماتتْ من الضَّرْبةِ. وإن كان (14) المُعْتِقُ مُوسِرًا، سَرَى العِتْقُ إليهما، وصارا حُرَّيْنِ، وعلى المُعْتقِ ضَمانُ نِصْفِ الأُمِّ، ولا يَضْمَنُ نِصْفَ الْجَنِينِ؛ لأنَّه يَدْخُلُ في ضَمانِ الأُمِّ، كما يَدْخُلُ في بَيْعِها، وعلى الضاربِ ضَمانُ الْجَنِينِ بغُرَّةٍ مَوْرُوثةٍ عنه، على قولِ القاضِى. وعلى قياسِ قولِ أبى بكرٍ، يَضْمَنُ نَصِيبَ الشَّريكِ بنِصْفِ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّه، وليس عليه ضَمانُ نَصِيبِه؛ لأنَّه مِلْكُه حالَ الجِنايةِ عليه. وأمَّا ضَمانُ الأُمِّ، ففى أحَدِ الوَجْهَيْنِ، فيها دِيَةُ حُرَّةٍ، لسَيِّدِها منها أقَلُّ الأَمْرَيْنِ من دِيَتِها أو قِيمَتِها. وعلى الآخَرِ، يَضْمَنُها
(11) سقط من: ب.
(12)
سقط من: م. نقل نظر.
(13)
سقط من: ب.
(14)
سقط من: الأصل.