الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهؤلاءِ يُريدُونَهم على الإِقامَةِ على الكُفْرِ، وتَرْكِ دينِهم. وذلك لأنَّ الَّذِى يُكْرَهُ على كلمةٍ يقولُها ثم يُخْلَى، لا ضَرَرَ فيها، وهذا المُقِيمُ بينَهم، يلتزِمُ بإجابَتِهم إلى الكُفرِ المُقَامَ عليه، واستِحْلالَ المُحرَّماتِ، وتَرْكَ الفرائضِ والواجباتِ، وفِعْلَ المَحْظُوراتِ والمُنْكَراتِ، وإن كان امرأةً تَزَوَّجُوها، واسْتَوْلَدُوها [أولادًا كُفَّارًا](33)، وكذلك الرَّجلُ، وظاهرُ حالِهم المصيرُ إلى الكُفْرِ الحقيقِىِّ، والانْسِلاخُ من الدِّينِ الحَنِيفِىِّ.
1550 - مسألة؛ قال: (وَمَنِ ارْتَدَّ وَهُوَ سَكْرَانُ، لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يُفِيقَ، ويَتِمَّ لَهُ ثَلَاثَةُ أيَّامٍ مِنْ وَقْتِ رِدَّتِهِ، فَإِنْ مَاتَ في سُكْرِهِ، مَاتَ كَافِرًا)
اخْتَلفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ، في رِدَّةِ السَّكْرانِ؛ فرُوِىَ عنه أَنَّها تَصِحُّ. قال أبو الخَطَّابِ: وهو أظهرُ الرِّوايتَيْنِ عنه. وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وعنه، لا يَصِحُّ. وهو قولُ أبى حَنيفةَ؛ لأنَّ ذلك يتعلَّقُ بالاعْتقادِ والقَصْدِ، والسَّكرانُ لا يَصِحُّ عَقْدُه [ولا قَصْدُه](1)، فأشْبَهَ المَعْتُوهَ، ولأنَّه زائِلُ العقلِ، فلم تَصِحَّ رِدَّتُه كالنَّائِم، ولأنَّه غيرُ مُكلَّفٍ، فلم تَصِحَّ رِدَّتُه كالمجنونِ. والدليلُ علي أنَّه غيرُ مكلَّفٍ، أنَّ العقلَ شَرْطٌ في التَّكْليفِ، وهو معدومٌ في حَقِّه، ولهذا لم تَصِحَّ اسْتتابتُه. ولَنا، أنَّ الصحابةَ، رَضِىَ اللهُ عنهم، قالوا في السَّكرانِ: إذا سَكِرَ هَذَى، وإذا هَذَى افْتَرَى (2)، فَحُدُّوه حَدَّ المُفْتَرِى (3). فأوْجَبُوا عليه حَدَّ الفِرْيَةِ التي يأْتِى بها في سُكْرِه، وأقامُوا مَظِنَّتَها مُقَامَها، ولأنَّه يَصِحُّ طَلاقُه، فصَحَّتْ رِدَّتُه كالصَّاحِى. وقولُهم: ليس بمُكلَّفٍ. ممنوعٌ، فإنَّ الصلاةَ واجِبَةٌ عليه، وكذلك سَائِرُ أركانِ الإِسلامِ، ويَأْثَمُ بفعلِ المُحرَّمَاتِ. وهذا معنى التَّكْلِيفِ، ولأنَّ السَّكْرَانَ لا يَزُولُ عقلُه بالكُلِّيَّةِ، ولهذا يَتَّقِى المحذُورَاتِ، ويفْرَحُ بما
(33) في ب: "أولاد الكفار".
(1)
سقط من: الأصل، ب.
(2)
سقط من: ب.
(3)
أخرجه الإِمام مالك، في: باب الحد في الخمر، من كتاب الأشربة. الموطأ 2/ 842. والدارقطني، في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطني 3/ 157. والبيهقي، في: باب ما جاء في عدد حد الخمر، من كتاب الأشربة والحد فيها. السنن الكبرى 8/ 321. وعبد الرزاق، في: باب حد الخمر، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 378.