الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب المُرْتَدِّ
المُرتَدُّ: هو الراجعُ عن دينِ الإِسلامِ إلى الكفرِ، قال اللَّه تعالى:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (1). وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ"(2). وأجْمَعَ أهلُ العلمِ على وُجوبِ قَتْلِ المُرْتَدِّين (3). ورُوِيَ ذلك عن أبي بكرٍ، وعثمانَ، وعلىٍّ، ومُعاذٍ، وأبي موسى، وابن عباسٍ، وخالدٍ، وغيرِهم، ولم يُنْكَرْ ذلك، فكان إجماعًا.
1538 - مسألة؛ قال: (وَمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ، وكَانَ بالِغًا عَاقِلًا، دُعِيَ إلَيْهِ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، وضُيِّقَ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَجَعَ، وإلَّا قُتِلَ)
في هذه المسألة فصولٌ خمسة:
أحدها:
أنَّه لا فَرْقَ بين الرجالِ والنِّساءِ في وُجوبِ القتلِ. رُوِيَ ذلك عن أبي بكرٍ، وعليٍّ، رضي الله عنهما. وبه قال الحسنُ، والزُّهْرِيُّ، والنَّخَعِيُّ، ومَكْحُولٌ، وحَمَّادٌ، ومَالِكٌ، واللَّيثُ، والأوْزَاعِيُّ، والشَّافِعيُّ، وإسحاقُ. ورُوِى عن عليٍّ، والحسنِ، وقَتَادةَ، أنَّها تُسْتَرَقُّ ولا (1) تُقْتَلُ؛ لأنَّ (2) أبا بكر استَرَقَّ نساءَ بني حنيفةَ، وذَرارِيَّهم،
(1) سورة البقرة 217.
(2)
تقدم تخريجه، في: 9/ 550.
(3)
في ب، م:"المرتد".
(1)
سقطت الواو من: ب، م.
(2)
في ب، م:"ولأن".
وأعْطَى عليًّا منهم امرأةً، فولدتْ له محمدَ بنَ الحَنَفِيَّةِ (3)، وكان هذا بمَحْضَرٍ من الصَّحابة، فلم يُنْكَرْ، فكان إجماعًا. وقال أبو حنيفةَ: تُجْبَرُ على الإِسلامِ بالحَبْسِ والضَّربِ، ولا تُقتَلُ؛ لقولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"لَا تَقْتُلُوا امْرَأةً"(4). ولأنَّها لا تُقْتَلُ بالكفرِ الأصْلِيِّ، فلا تُقْتَلُ بالطَّارِئِ، كالصَّبِيِّ. ولَنا، قَوْلُه عليه السلام:"مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ". روَاه البُخارِيُّ وأبو داودَ (5). وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ دَمُ امريءٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإحْدَى ثَلَاثٍ؛ الثَّيِّبُ الزَّانِي، والنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، والتَّارِكُ لِدينِه الْمُفَارِقُ لِلجَمَاعَةِ". مُتَّفَقٌ عليه (6). وروَى الدَّارَقُطْنِيُّ (7)، أنَّ امرَأةً يُقال لها: أُمُّ مَرْوانَ، ارَتدَّتْ عن الإِسلامِ، فبلَغ أمرُها إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فأمَرَ أن تُسْتَتابَ، فإن تَابَتْ، وإلَّا قُتِلَتْ. ولأنَّها شَخْصٌ مُكَلَّفٌ بَدَّلَ دِينَ الحقِّ بالبَاطِلِ، فيُقْتَلُ كالرَّجُلِ. وأمَّا نَهْيُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عن قَتْلِ المرأةِ، فالمرادُ بهِ الأصلِيَّةُ؛ فإنَّه قال ذلك حينَ رَأَى امرأةً مَقْتولةً، وكانت كافِرَةً أصْلِيَّةً، وكذلك (8) نَهَى الذين بَعَثَهُم إلى ابنِ أبي الْحُقَيْق عن قتلِ النِّساءِ (9)، ولم يكُنْ فيهم مُرْتَدٌّ.
(3) انظر: الطبقات الكبرى، لابن سعد (بيروت) 5/ 91.
(4)
النهي عن قتل المرأة، أخرجه البخاري، في: باب قتل الصبيان في الحرب، من كتاب الجهاد. صحيح البخاري 4/ 74. ومسلم، في: باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب، من كتاب الجهاد. صحيح مسلم 3/ 1364. وأبو داود، في: باب في دعاء المشركين، وفي: باب في قتل النساء، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 36، 50، والترمذي، في: باب ما جاء في النهي عن قتل النساء والصبيان، من أبواب السير. عارضة الأحوذي 7/ 64. وابن ماجه، في: باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 947. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 256، 2/ 115، 3/ 488، 4/ 178. والبيهقي، في: باب النهي عن قصد النساء والولدان بالقتل، وباب ترك قتال من لا قتال فيه. . .، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 77، 90، 91. وابن أبي شيبة، في: باب من ينهى عن قتله في دار الحرب، من كتاب الجهاد. المصنف 12/ 381 - 385. وعبد الرزاق، في: باب عقر الشجر بأرض العدو، وباب البيات، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 201، 202. وسعيد بن منصور، في: باب ما جاء في قتل النساء والولدان، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 238، 239.
(5)
تقدم تخريجه، في: 9/ 550.
(6)
تقدم تخريجه، في: 3/ 352.
(7)
في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطني 3/ 118.
كما أخرجه البيهقي، في: باب قتل من ارتد. . .، من كتاب المرتد. السنن الكبرى 8/ 203.
(8)
في ب، م:"ولذلك".
(9)
أخرجه البيهقي، في: باب النهي عن قصد النساء والولدان بالقتل، من كتاب الجهاد. السنن الكبرى 9/ 77. =