الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّبِىَّ والمجنونَ. ولَنا، أنَّها تُحَدُّ في السَّرِقَةِ، فيَلْزَمُها حكمُ المُحارَبَةِ كالرَّجُلِ، وتُخالِفُ الصُّبِىَّ والمجنونَ، ولأنَّها مُكلَّفَةٌ يَلْزَمُها القِصَاصُ وسائرُ الحدودِ، فلَزِمَها هذا الحَدُّ، كالرَّجُلِ. إذا ثبتَ هذا، فإنَّها إن باشَرتِ القتلَ، أو أخذَ المالِ، ثبتَ حُكْمُ المُحاربةِ في حَقِّ مَن مَعها؛ لأنَّهم رِدْءٌ لها. وإن فعلَ ذلك غيرُها، ثَبَتَ حُكْمُه في حَقِّها؛ لأنَّها رِدْءٌ له، كالرَّجلِ سَواءً. وإن قطَعَ أهلُ الذِّمَّةِ الطريقَ، أوكان مع المُحاربين المسلمين ذِمِّىٌّ، فهل يَنْتقِضُ عَهْدُهم بذلك؟ فيه رِوَايتان؛ فإن قُلْنا: ينتقِضُ عَهْدُهم. حَلَّتْ دِماؤُهم وأمْوالُهم بكلِّ حالٍ. وإن قُلْنا: لا ينْتَقِضُ عَهْدُهم. حَكَمْنَا عليهم بما نَحْكُمُ على المسلمين.
فصل:
وإذا أخذ المُحاربون المالَ، وأُقِيمتْ فيهم حدودُ اللَّه تعالى، فإن كانتِ الأمْوالُ موجودةً، رُدَّتْ إلى مالكِها، وإن كانتْ تالفةً أو مَعْدُومةً، وجبَ ضَمانُها على آخِذِها. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. ومُقْتضَى قولِ أصْحابِ الرَّأْىِ، أنَّها إن كانت تالِفَةً، لم يَلْزَمْهم غَرامتُها، كقولِهم في المسْروقِ إذا قُطِعَ السَّارقُ. وَوَجْهُ المذهَبَيْن ما تقدم في السَّرِقَةِ. ويجبُ الضَّمانُ على الآخِذِ دُونَ الرِّدْءِ؛ لأنَّ وُجوبَ (20) الضَّمانِ ليس بحَدٍّ، فلا يتعلَّقُ بغيرِ المُباشرِ له، كالغَصْبِ والنَّهْبِ، ولو تاب المُحاربون قبلَ القدرةِ عليهم، وتعلَّقتْ بهم حقوقُ الآدَميِّين؛ من القِصاصِ والضمانِ، لَاخْتَصَّ ذلك بالمُباشرِ دونَ الرِّدْء لذلك، ولو وجَبَ الضَّمانُ في السَّرِقَةِ، لَتعلَّقَ بالمُباشرِ دُونَ الرِّدْءِ؛ لما ذكرْنا. واللهُ أعلمُ.
فصل: إذا اجْتَمعتِ الحدودُ، لم تخْلُ من ثلاثةِ أقسامٍ؛ القسمُ الأوَّل، أن تكونَ خالِصَةً للهِ تعالى، فهى نَوْعان؛ أحدهما، أن يكونَ فيها قتلٌ (21)، مثلَ أن يسْرِقَ، ويزْنِىَ (22) وهو مُحْصَنٌ، ويشْربَ الخمرَ، ويقْتُلَ في المُحارَبَةِ، فهذا يُقْتَلُ، ويسْقُطُ
(20) في ب، م:"وجود".
(21)
سقط من: ب.
(22)
في ب: "أو يزنى".
سائِرُها. وهذا قولُ ابنِ مسعودٍ، وعَطاءٍ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، والأَوْزَاعِىِّ، وحَمَّادٍ، ومالِكٍ، وأبي حنيفةَ. وقال الشافِعِىُّ: يُسْتَوْفَى جميعُها؛ لأنَّ ما وجبَ مع غيرِ القتلِ، وجَبَ مع القتلِ، كقَطْعِ اليدِ قِصاصًا. ولَنا، قولُ ابنِ مسعودٍ، قال سعيدٌ: حدثنا حَسَّانُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا مُجالِدٌ، عن عامِرٍ، عن مَسْروقٍ، عن عبدِ اللَّه، قال: إذا اجتمعَ حَدَّانِ، أحدُهما القتلُ، أحاطَ القتلُ بذلك (23). وقال إبراهيمُ: يكْفِيه القتلُ. وقال: حدَّثنا (24) هُشَيْمٌ، أخْبرنا حَجَّاجٌ، عن إبراهيمَ، والشَّعْبِىِّ، وعَطَاءٍ، أنَّهم قالوا مثلَ ذلك. وهذه أقوالٌ انْتَشرَتْ في عصرِ الصَّحَابَةِ والتَّابِعين، ولم يَظْهَرْ لها (25) مُخالِفٌ، فكان إجماعًا، ولأنَّها حُدُودٌ للهِ تعالى فيها قَتْلٌ، فسقطَ ما دُونَه، كالمُحارِبِ إذا قَتَلَ وأخذَ المالَ، فإنَّه يُكْتَفَى بقَتْلِه، ولا يُقْطَعُ، ولأنَّ هذه الحدودَ تُرادُ لِمُجَرَّدِ الزَّجْرِ، ومع القتلِ لا حاجةَ إلى زَجْرِه، ولا فائدةَ فيه، فلا يُشْرَعُ. ويفارِقُ القِصاصَ؛ فإنَّ فيه غَرَضَ التَّشَفِّى والانْتقامِ، ولا يُقصَدُ منه مُجَرَّدُ الزَّجْرِ. إذا ثبتَ هذا، فإنَّه إذا وُجِدَ ما يُوجِبُ الرَّجْمَ والقتلَ للمُحارَبَةِ، أو القتلَ للرِّدَّةِ، أو لتَرْكِ الصَّلاةِ، فيَنْبَغِى أن يُقْتَلَ للمُحارَبةِ، ويسْقُطَ الرَّجْمُ؛ لأنَّ في القتلِ للمُحارَبةِ حَقَّ آدَمِىٍّ في القِصاصِ، وإنَّما أثَّرَتِ المُحارَبةُ في تَحَتُّمِه (26)، وحَقُّ الآدَمِىِّ يجبُ تَقْدِيمُه. النوع الثاني، أنْ لا يكونَ فيها قتلٌ، فإنَّ جميعَها يُسْتَوْفَى، من غيرِ خلافٍ نعلمُه، ويُبْدَأُ بالأخَفِّ فالأخَفِّ، فإذا شَرِبَ وزَنَى وسرقَ، حُدَّ للشُّرْبِ أولًا، ثم حُدَّ للزِّنَى، ثم قُطِعَ للسَّرِقَةِ. وإن أخذَ المالَ في المُحاربةِ، قُطِعَ لذلك، ويدخلُ فيه القطعُ للسَّرِقَةِ؛ ولأنَّ مَحَلَّ القطْعَيْن واحِدٌ، فتَداخَلا، كالقَتْلَيْنِ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يُتَخَيَّرُ بينَ الْبَداءةِ بِحَدِّ الزِّنَى وقَطْعِ السَّرِقةِ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما ثبتَ بنَصِّ القرآن، ثم يُحَدُّ للشُّرْبِ. ولَنا، أنَّ حَدَّ الشُّرْبِ أخفُّ (24)، فيقَدَّمُ، كحَدِّ القَذْفِ، ولا نُسَلِّمُ أنَّ
(23) تقدم تخريجه، في صفحة 313.
(24)
سقط من: ب.
(25)
في ب: "لهم".
(26)
في م: "تحريمه". ولعل الصواب: "تحتيمه".
حَدَّ الشُّربِ غيرُ منصوصٍ عليه، [فإنَّه مَنْصُوصٌ عليه](27) في السُّنَّةِ، ومُجْمَعٌ على وُجوبِه، وهذا التَّقْديمُ على سبيلِ الاسْتِحْبابِ. ولو بَدَأَ بغيرِه، جازَ ووقَعَ المَوْقِعَ. ولا يُوالَى بينَ هذه الحدودِ؛ لأنَّه رُبَّما أَفْضَى إلى تَلَفِه، بل متى بَرَأَ من حَدٍّ أُقِيمَ الذي يَلِيه. القسم الثاني، الحدودُ الخالصَةُ (28) للآدَمِيِّ، وهو القِصَاصُ، وحَدُّ القَذْفِ، فهذه تُسْتَوْفَى كلُّها، ويُبْدَأُ بأخفِّها، فيُحَدُّ للقذفِ، ثم يُقْطَعُ، ثم يُقْتَلُ؛ لأنَّها حُقوقٌ لآدَمِيِّينَ (29) أمْكنَ اسْتيفاؤُها، فوجبَ، كسائرِ حقوقِهم. وهذا قولُ الأوْزاعِىِّ، والشَّافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ: يدْخُلُ ما دونَ القتلِ فيه، احْتجاجًا بقولِ ابنِ مسعودٍ، وقياسًا على الحُدودِ الخالصةِ للَّه تعالى. ولَنا، أنَّ ما دونَ القتلِ حَقٌّ لآدَمِىٍّ، فلم (30) يسْقُطْ به كدُيُونِهم (31)، وفارقَ حَقَّ اللهِ تعالى، فإنَّه مَبْنِىٌّ على المُسامَحَةِ. القسم الثالث، أن تجتمعَ [حدودٌ للهِ وحدودٌ لآدَمِيِّين، فهذه](32) ثلاثةُ أنواعٍ؛ أحدُها، أن لا يكونَ فيها قتلٌ، فهذه تُسْتَوْفَى كلُّها. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ. وعن مالِكٍ، أنَّ حَدَّىِ الشُّرْبِ والقَذْفِ يتَداخلانِ، لاسْتوائِهما، فهما كالقَتْلَينِ والقَطْعَيْنِ. ولَنا، أنَّهما حَدَّانِ من جِنْسَين، لا يفُوتُ بهما المحَلُّ، فلم يتَداخَلَا، كحدِّ الزِّنَى والشُّرْبِ، ولا نُسَلِّمُ اسْتواءَهما، فإنَّ حَدَّ الشُّرْبِ أربعونُ، وحَدَّ القذفِ ثمانون، وإن سُلِّم اسْتواؤُهما، لم يَلْزَمْ تَداخلُهما؛ لأنَّ ذلك لو اقْتَضَى تَداخُلَهما، لَوجبَ دُخُولُهما في حَدِّ الزِّنَى؛ لأنَّ الأقَلَّ ممَّا يتداخلُ يَدْخُلُ في الأكثرِ، وفارقَ القَتْلَيْن والقَطْعَيْنِ؛ لأنَّ المحَلَّ يفُوتُ بالأوَّلِ، فيتعَذَّرُ اسْتيفاءُ الثاني، وهذا بخلافِه. فعلى هذا، يُبْدَأُ بحَدِّ القذفِ؛ لأنَّه اجْتَمعَ فيه معنيانِ، خِفَّتُه، وكونُه حَقًّا لآدَمِيِّ شحيحٍ، إلَّا إذا قُلْنا: حَدُّ الشُّرْبِ أربعون.
(27) سقط من: م. نقل نظر.
(28)
في ب، م:"الخاصة".
(29)
في ب، م:"للآدميين".
(30)
في ب: "فلا".
(31)
في ب، م:"كذنوبهم".
(32)
في ب، م:"حدود اللَّه وحدود الآدميين وهذه".
فإنَّه يُبْدَأُ به، لخِفَّتِه، ثم [بحَدِّ القَذْفِ](33)، وأيُّهما قُدِّمَ، فالآخَرُ يَلِيه، ثم [بحَدِّ الزِّنَى](34)؛ فإنَّه لا إتْلَافَ فيه، ثم بالقَطْعِ. هكذا ذكره القاضي. وقال أبو الخَطَّابِ: يُبْدَأُ بالقَطْعِ قِصَاصًا؛ لأنَّه حَقُّ آدَمِىٍّ مُتَمَحِّضٌ، فإذا بَرَأَ حُدَّ للقَذْفِ، إذا قُلْنا: هو حَقُّ آدَمِىٍّ، ثم يُحَدُّ للشُّرْبِ، فإذا بَرَأَ، حُدَّ للزِّنَى؛ لأنَّ حَقَّ الآدَمِىِّ يجبُ تَقْديمُه لتَأكُّدِه. النَّوع الثاني، أن تجْتَمِعَ [حدودٌ للهِ تعالى وحُدودٌ لآدَمِىٍّ](35)، وفيها قَتْلٌ، فإنَّ حُدودَ اللَّه تعالى تدْخُلُ في القتلِ، سواءٌ كان من حُدودِ اللهِ تعالى، كالرَّجْمِ في الزِّنَى، والقتلِ (36) للمُحارَبةِ، أو للرِّدَّةِ (37)، أو لحَقِّ آدَمِىٍّ، كالقِصَاصِ؛ لما قَدَّمْنَاه. وأمَّا حقوقُ الآدَمِىِّ، فتُسْتَوْفَى كلُّها ثم إن كان القتلُ حَقًّا للهِ تعالى، اسْتُوفِيَتِ الحقوقُ كلُّها مُتَوالِيَةً؛ لأنَّه لا بُدَّ من فَواتِ نفسِه، فلا فائدةَ في التَّأْخِيرِ، وإن كان القتلُ حَقًّا لآدَمِيٍّ، انْتُظِرَ (38) باسْتيفاءِ (39) الثاني بُرْؤُه (40) من الأوَّلِ لوَجْهَيْن؛ أحدهما، أنَّ المُوالاةَ بينَهما يَحْتَمِلُ أنْ تَفُوتَ نَفْسُه قبلَ القِصَاصِ، فيَفُوتَ حَقُّ الآدَمِىِّ. والثانى، أنَّ العَفْوَ جائِزٌ، فتأخيرُه يَحْتَمِلُ أن يَعْفُوَ الوَلِىُّ فيَحْيَا، بخلافِ القتلِ حَقًّا للهِ سبحانه. النَّوع الثالث، أن يتَّفِقَ الحَقَّانِ في مَحَلٍّ واحِدٍ، ويكونَ تَفْويتًا، كالقتل والقطعِ قِصَاصًا وحَدًّا؛ [فأمَّا القَتْلُ](41) فإن كان فيه ما هو خالِصٌ لحَقِّ اللَّه تعالى، كالرَّجْمِ في الزِّنَى، وما هو حَقٌّ لآدَمِيٍّ، كالقِصَاصِ، قُدِّمَ القِصَاصُ، لتأكُّدِ (42) حَقِّ الآدَمِىِّ. وإنِ اجْتَمعَ القتلُ للقتلِ في المُحارَبةِ والقِصَاصُ، بُدِئَ
(33) في الأصل: "يحد للقذف".
(34)
في الأصل: "يحد للزنى".
(35)
في ب، م:"حدود اللَّه وحدود الآدمى".
(36)
في ب: "أو القتل".
(37)
في م: "الردة".
(38)
في م: "انتظرت".
(39)
في ب، م:"باستيفائه".
(40)
في م: "برأه".
(41)
سقط من: م.
(42)
في الأصل: "لتأكيد".
بأسْبَقِهما؛ لأنَّ القتلَ في المُحارَبةِ فيه حَقٌّ لآدَمِيٍّ أيضًا، فقُدِّمَ (43) أسْبَقُهما، فإنْ سبقَ القتلُ في المُحارَبةِ، اسْتُوفِىَ، ووجبَ لولِىِّ المقْتولِ الآخَرِ دِيَتُه في مالِ الجانى، وإن سَبَقَ القِصَاصُ، قُتِلَ قِصَاصًا، ولم يُصْلَبْ؛ لأنَّ الصَّلْبَ من تَمامِ الحَدِّ، وقد سقطَ الحَدُّ بالقِصَاصِ، فسقطَ الصَّلْبُ، كما لو ماتَ. ويجبُ لولِىِّ المقتولِ في المُحاربةِ دِيَتُه؛ لأنَّ القتلَ تعَذَّرَ اسْتيفاؤُه، وهو قِصاصٌ (44)، فصارَ الوجوبُ إلى الدِّيَةِ. وهكذا لو ماتَ القاتلُ في المُحارَبةِ، وجَبتِ الدِّيَةُ في تَرِكَتِه؛ لتَعذُّرِ اسْتيفاءِ القَتْلِ من القاتلِ. ولو كان القِصاصُ سابقًا، فعفا وَلِىُّ المقتولِ، اسْتُوفِىَ القَتْلُ (45) للمُحارَبةِ، سَواءٌ عَفَا مُطْلَقًا، أو إلى الدِّيَةِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وأمَّا القَطْعُ، فإذا اجْتَمعَ وجوبُ القَطْعِ في يَدٍ أو رِجْلٍ قِصَاصًا وحدًّا، قُدِّمَ القِصَاصُ على الحَدِّ المُتَمحِّضِ للهِ تعالى؛ لما ذكرْناه، سَواءٌ تقدَّمَ سببُه أو تأخَّرَ. وإن عفا وَلِىُّ الجنايةِ، استُوفِىَ الحَدُّ، فإذا قَطَعَ يدًا وأخذَ المالَ في المحاربةِ، قُطِعَتْ يدُه قِصَاصًا، ويُنْتظَرُ بُرْؤُه، فإذا بَرَأَ قُطِعَتْ رِجْلُه للمُحارَبةِ؛ لأنَّهما حدَّانِ. وإنَّما قُدِّمَ القِصَاصُ في القَطْعِ دونَ القتلِ؛ لأنَّ القَطْعَ في المُحاربةِ حَدٌّ مَحْضٌ، وليس بقِصاصٍ، والقتلُ فيها يتضَمَّنُ القِصاصَ، ولهذا لو فاتَ القتلُ في المُحارَبةِ، وجَبتِ الدِّيَةُ، ولو فاتَ القطعُ، لم يجبْ له بَدَلٌ. وإذا ثبتَ أنَّه يُقَدَّمُ القِصَاصُ على القَطْعِ في المُحارَبةِ، فقَطَعَ يدَه قِصَاصًا، فإنَّ رِجْلَه تُقْطَعُ، وهل تُقْطَعُ يدُه الأُخْرَى؟ نَظَرْنَا؛ فإن كانَ المَقْطوعُ بالقِصاصِ قد كانَ يسْتَحِقُّ القَطْعَ بالمُحارَبةِ قَبْلَ الجنايةِ المُوجِبَةِ للقِصَاصِ فيه، لم يُقْطَعْ أكثرُ من العُضْوِ الباقِى من العُضْوَيْنِ اللَّذين اسْتُحِقَّ قَطْعُهما؛ لأنَّ مَحَلَّ القَطْعِ ذهبَ بعَارِضٍ حادثٍ، فلم يجبْ قَطْعُ بَدَلِه، كما لو ذهَبتْ بعُدْوانٍ أو بمَرضٍ. وعلى هذا لو ذهبَ العُضْوانِ جميعًا، سقطَ القَطْعُ عنه بالكُلِّيَّةِ. وإن كان سببُ (46) القَطْعِ قِصَاصًا سابقًا على مُحارَبَتِه، أو كانَ المقْطوعُ غيرَ
(43) في ب، م:"فيقدم".
(44)
في م: "القصاص".
(45)
سقط من: م.
(46)
في ب: "ثبت".