الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمرُ أنْ تُرْجمَ. فقال: ارْجِعُوا بها. ثم أتاه، فقال: يا أميرَ المؤمنِين، أما عَلِمْتَ أنَّ القَلمَ قد رُفِعَ عن ثلاثَةٍ؛ عن المجنونِ حتى يَبْرَأَ، وعن النَّائِمِ حتى يسْتَيْقِظَ، وعن الصَّبِىِّ حتى يَعْقِلَ؟ قال: بَلَىَ. قال: فما بَالُ هذه؟ قال: لا شىءَ. قال: فأرْسِلْها. [قال: فأرسَلَها](6). قال: فجعلَ عمرُ يُكَبِّرُ.
فصل:
فإن كان يُجَنُّ مَرَّةً ويُفيقُ أُخْرَى، فأقرَّ لي إفاقَتِه أنَّه زَنَى وهو مُفِيقٌ، أو قامَتْ عليه بَيِّنَةٌ أنَّه زَنَى في إفاقَتِه، فعليه الحَدُّ. لا نَعْلَمُ فيه (7) خِلَافًا. وبهذا قالَ الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأىِ؛ لأنَّ الزِّنَى المُوجِبَ للحَدِّ وُجِدَ منه في حالِ تَكْليفِهِ والقلَمُ غيرُ مَرْفوعٍ عنه، وإقرارُه وُجِدَ في حالِ اعْتبارِ كلامِه. فإن أقَرَّ في إفاقَتِهِ، ولم يُضِفْهُ إلى حالٍ، أو شَهِدَتْ عليه البَيِّنَةُ بالزِّنَى، ولم تُضِفْه إلى حالِ إفَاقَتِه، لم يجبِ الحَدُّ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أنَّه وُجِدَ في حالِ جُنونِه، فلم يجبِ الحَدُّ مع الاحْتمالِ. وقد رَوَى أبو داودَ، في حديثِ المجْنونةِ التي أُتِىَ بها عمرُ، أنَّ عليًّا قال: إنَّ هذه مَعْتُوهةُ بنى فلانٍ، لعلَّ الذي أتَاها أتاها في بَلائِها. فقال عمرُ: لا أدْرِى. فقال علىٌّ: وأنا لا أدْرِى.
فصل: والنَّائِمُ مَرْفوعٌ عنه القلَمُ، فلو زُنِىَ بنائمةٍ، أو اسْتَدْخَلَتِ امْرَأةٌ ذكرَ نائمٍ، أو وُجِدَ منه الزِّنَى حالَ نَوْمِه، فلا حَدَّ عليه؛ لأنَّ القَلَمَ مَرْفوعٌ عنه. ولو أقرَّ في حالِ نَوْمِه، لم يُلْتَفَتْ إلى إقْرارِه؛ لأنَّ كلامَه ليس بمُعْتَبَرٍ، ولا يَدُلُّ على صِحَّةِ مَدْلولِه. فأمَّا السَّكْرانُ ونحوُه، فعليه حَدُّ الزِّنَى والسَّرِقَةِ والشُّرْبِ والقَذْفِ، إن فعلَ ذلك في سُكْرِه؛ لأنَّ الصَّحابةَ، رَضِىَ اللَّه عنهم، أوْجَبُوا عليه حَدَّ الفِرْيَةِ؛ لكَوْنِ السُّكْرِ مَظِنَّةً لها، ولأنَّه تَسَبَّبَ إلى هذه المُحَرَّماتِ بسَبَبٍ لا يُعْذَرُ فيه، فأشْبَهَ مَن لا عُذْرَ له. ويَحْتَمِلُ أن لا يجبَ الحَدُّ؛ لأنه غيرُ عاقلٍ، فيكونَ ذلك شُبهَةً في دَرْءِ ما يَنْدَرِئُ
(6) سقط من: ب.
(7)
في ب، م:"في هذا".