الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وإذا كان الزَّانِى رجُلًا أُقِيمَ قائمًا، ولم يُوثَقْ بشيءٍ، ولم يُحْفَرْ له، سواءٌ ثبتَ الزِّنَى ببَيِّنَةٍ أو إقْرارٍ. لا نعلمُ فيه خلافًا؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، لم يحفِرْ لماعِزٍ. قال أبو سعيد: لمَّا أمرَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم برَجْمِ ماعِزٍ خرَجْنَا به إلى البَقِيعِ، فواللهِ ما حَفَرْنَا له، ولا أوْثَقْنَاه، ولكنَّه قام لنا. روَاه أبو داود (9). ولأنَّ الحَفْرَ له، ودَفْنَ بَعْضِه، عُقوبةٌ لم يَرِدْ بها الشَّرْعُ في حقِّه، فوجبَ أن لا تَثْبُتَ. ش إن كان امرأةً، فضاهرُ كلامِ أحمدَ، أنَّها لا يُحْفَرُ لها أيضًا. وهو الذي ذكرَه القاضي في "الخلافِ"، وذكر (10) في "المُجرَّدِ"، أنَّه إن ثبتَ الحدُّ بالإِقْرارِ، لم يُحْفَرْ لها، وإن ثَبتَ بالبَيِّنَةِ، حُفِرَ لها إلى الصَّدْرِ. قال أبو الخَطَّابِ: وهذا أصحُّ عندى. وهو قولُ أصحابِ الشَّافِعِىِّ؛ لمَا روَى أبو بكرةَ (11) وبُرَيْدةُ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم رجمَ امرأةً، فحَفَرَ لها إلى الثَّنْدُوَةِ. روَاه أبو داودَ (12). ولأنَّه أسْتَرُ لها، ولا حاجةَ إلى تَمْكينِها من الهربِ، لكَوْنِ الحدِّ ثَبَتَ بالبَيِّنَةِ، فلا يسقطُ بفعلٍ من جِهَتِها، بخلافِ الثابتِ بالإِقْرارِ، فإنَّها تُتْرَكُ على حالٍ لو أرادتِ الهربَ تمَكَّنَتْ منه؛ لأنَّ رُجوعَها عن إقْرارِها مَقبولٌ. ولَنا، أنَّ أكثرَ الأحاديثِ على تَرْكِ الحَفْرِ، فإنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لم يَحْفِرْ للْجُهَنِيَّةِ، ولا لماعِزٍ، ولا لليهوديَّيْن، والحديثُ الذي احْتجُّوا به غيرُ مَعْمُولٍ به، ولا يقولونَ به، فإنَّ الَّتى نُقِلَ عنه الحَفْرُ لها، ثَبَتَ حدُّها بإقْرارِها، ولا خلافَ بينَنا فيها، فلا يَسُوغُ لهم الاحتجاجُ به مع مُخالفتِهم له. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ ثِيابَ المرأةِ تُشَدُّ عليها، كيْلا تنْكَشِفَ. وقد روَى أبو داودَ (13)، بإسْنادِه عن عِمْرَانَ بن
(9) في: باب رجم ماعز بن مالك، من كتاب الحدود. سنن أبي داود 2/ 460.
كما أخرجه مسلم، في: باب من اعترف على نفسه بالزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم 3/ 1320. والدارمى، في: باب الحفر لمن يراد رجمه، من كتاب الحدود. سنن الدارمي 2/ 178. والإِمام أحمد في: المسند 3/ 62.
(10)
في ب، م:"ذكره".
(11)
في ب، م:"أبو بكر".
(12)
في: باب في المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة، من كتاب الحدود. سنن أبي داود 2/ 462.
كما أخرجه الإِمام أحمد في: المسند 5/ 36، 348.
(13)
في: باب في المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة، من كتاب الحدود. سنن أبي داود 2/ 462. =