الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باللِّعانِ، ولا يُبَتُّ الزِّنَى به، ولذلك لم يَلْزَمْها به حَدٌّ. ومن قَذَفَ ابنَ المُلاعَنَةِ، فقال: هو ولدُ زِنًى. فعليه الحَدُّ؛ للخَبَرِ والمعنَى. وكذلك إن قال: هو من الذي رُمِيَتْ به. فأمَّا إن قال: ليس هو ابنَ فلانٍ. يَعْنى المُلاعِنَ، وأرادَ أنَّه مَنْفِىٌّ عنه شَرْعًا، فلا حَدَّ عليه؛ لأنَّه صادِقٌ.
فصل:
فأمَّا إن ثَبَتَ زِنَاه بِبَيِّنَةٍ أو إقرارٍ، أو حُدَّ بالزِّنَى، فلا حَدَّ على قاذِفِهِ؛ لأنَّه صادِقٌ، ولأنَّ إحصانَ المَقْذُوفِ قد زالَ بالزِّنَى. ولو قال لِمَنْ زَنَى في شِرْكِهِ، أو لِمَنْ كان مَجُوسِيًّا تزوَّجَ بذاتِ مَحْرَمِه بعدَ أن أسْلَم: يا زَانِى. فلا حَدَّ عليه، إذا فَسَّرَه بذلك. وقال مالِكٌ: عليه الحَدُّ؛ لأنَّه قَذَفَ مُسْلِمًا لم يثْبُتْ زِنَاهُ في إسْلامِه. ولَنا، أنَّه قَذَفَ من ثَبَتْ زناهُ، أشْبَهَ ما لو ثَبَتَ زنَاهُ في الإِسلامِ، ولأنَّه صادِقٌ. والذي يقْتضِيه كلامُ الْخِرَقِىِّ (3)، وجوبُ الحَدِّ عليه؛ لقولِه: ومن قذفَ مَنْ كان مُشْرِكًا، وقال: أردتُ أنَّه زَنَى وهو مُشْرِكٌ، لم يُلْتَفَتْ إلى قَوْلِه، وحُدَّ.
1574 - مسألة؛ قال: (وَإذَا قُذِفَتِ الْمَرْأَةُ، لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا الْمُطَالَبَةُ، إذَا كَانَتِ الْأُمُّ في الْحَيَاةِ)
وإن قُذِفَتْ أمُّه وهى مَيِّتَةٌ، مسلمةً كانتْ أو كافرةً، حُرَّةً أو أَمَةً، حُدَّ القاذفُ إذا طالبَ الابنُ، وكان حُرًّا مسلمًا. أمَّا إذا قُذِفَتْ الأُمُّ (1) وهى في الحياةِ، فليس لولَدِها المُطالبةُ؛ لأنَّ الحَقَّ لها، فلا يُطَالِبُ به غيرُها، ولا يقومُ غيرُها مَقامَها، سَواءٌ كانتْ مَحْجورًا عليها أو غيرَ مَحْجُورٍ عليها؛ لأنَّه حَقٌّ يثْبُتُ للتَّشَفِّى، فلا يقومُ فيه غيرُ المُسْتَحِقِّ مَقامَه، كالقِصاصِ، وتُعْتَبَرُ حَصانَتُها؛ لأنَّ الحَقَّ لها، فتُعْتَبَرُ حَصانتُها، كما لو لم يَكُنْ لها ولَدٌ. وأَمَّا إنْ قُذِفَتْ وهى مَيِّتَةٌ، فَإنَّ لولَدِها المُطالبةَ؛ لأنَّه قَدْحٌ في نَسَبِه، ولأنَّه بِقَذْفِ أُمِّه يَنْسِبُه إلى أنَّه من زِنًى، ولا يسْتَحِقُّ ذلك بطريقِ
(3) في الأصل زيادة: "في".
(1)
سقط من: م.
الإِرْثِ، ولذلك تُعْتَبَرُ الحَصانةُ [فيه، ولا تُعْتَبَرُ الحَصانَةُ](2) في أُمِّه، لأنَّ القَذْفَ له. وقال أبو بكرٍ: لا يجبُ الحَدُّ بقَذْفِ مَيِّتَةٍ بحالٍ. وهو قوُل أصْحابِ الرَّأىِ؛ لأنَّه قذفٌ لِمَنْ لا تَصِحُّ منه المُطالَبَةُ، فأشْبَهَ قذفَ المجنونِ. وقالَ الشَّافِعِىُّ: إن كان المَيِّتُ مُحْصَنًا، فَلِوَلِيِّهِ المُطالبةُ، وينقَسِمُ بانْقسامِ الميراثِ، وإن لم يكُنْ مُحْصَنًا، فلا حَدَّ على قاذِفِهِ؛ لأنَّه ليس بمُحْصَنٍ، فلا يجبُ الْحَدُّ بقَذْفِه، كما لو كان حَيًّا. وأكثرُ أهلِ العلمِ لا يَرَوْنَ الحَدَّ على مَنْ لم (3) يَقْذِفُ مُحْصَنًا حَيًّا ولا مَيِّتًا؛ لأنَّه إذا لم يُحَدَّ بقَذْفِ غيرِ المُحْصَنِ إذا كان حَيًّا، فَلَأَنْ لا يُحَدَّ بقَذْفِه بعدَ مَوْتِه أَوْلَى. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في المُلاعَنةَ:"وَمَنْ رَمَى وَلَدَهَا، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ"(4). يعني مَن رَمَاه بأنَّه وَلَدُ زِنًى. وإذا وَجَبَ بِقَذْفِ ابنِ المُلاعَنَةِ بذلك، فَبِقَذْفِ غيرِه أَوْلَى، ولأنَّ أصْحابَ الرَّأْىِ أوْجَبُوا الحَدَّ على مَن نَفَى رَجُلًا عن أبيهِ، إذا كان أبَواهُ حُرَّيْنِ مُسْلِميْنِ وإنْ (5) كانا مَيِّتَيْنِ، والحَدُّ إنَّما وجَبَ للوَلَدِ؛ لأنَّ الحَدَّ لا يُورَثُ عندَهم. فأمَّا إن قُذِفَتْ أُمُّه بعدَ موتِها، وهو مُشْرِكٌ أو عبدٌ، فلا حَدَّ عليه، في ظاهِرِ كلامِ الْخِرَقِيِّ، سواءٌ كانتِ الأُمُّ حُرَّةً مسلِمَةً أو لم تكنْ. وقال أبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: إذا قال لِكافِرٍ أو عبدٍ: لستَ لأبيكَ. وأبَواهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ، فعليه الحَدُّ. وإن قال لعبدٍ أُمُّه حُرَّةٌ وأبوه عبدٌ: لستَ لأبيكَ. فعليه الحَدُّ، وإن كان العبدُ للقاذِفِ (6) [عند أبى ثور] (7). وقال أصحابُ الرأى: يُسْتَقْبَحُ (8) أن يُحَدَّ المَوْلَى لعَبْدِه. واحْتَجُّوا بأنَّ هذا قَذْفٌ لأُمِّه، فيُعْتَبَرُ إحْصَانُها دونَ إحْصانِه، لأنَّها لو كانتْ حَيَّةً، كان القَذْفُ لها، فكذلك إذا كانتْ
(2) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(3)
سقط من: م. والأولى أن تكون العبارة: على من يقذف من ليس محصنا.
(4)
تقدم تخريجه، في: 8/ 373.
(5)
في ب، م:"أو".
(6)
في ب، م:"القاذف".
(7)
سقط من: الأصل.
(8)
في م: "يصح".