الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاطِعِ؛ لأنَّه أذِنَ في قَطْعِها، فأشْبَهَ غيرَ السَّارِقِ. والمختارُ عندَنا ما ذكَرْناه أوَّلًا (28). واللهُ أعلمُ.
1582 - مسألة؛ قال: (فَإنْ عَادَ، حُبِسَ، وَلَا يُقْطَعُ غَيْرُ يَدٍ وَرِجْلٍ)
يعني إذا عادَ فَسَرَقَ بعدَ قَطْعِ يدِه ورِجْلِه، لم يُقْطَعْ منه شيءٌ آخَرُ وحُبِسَ. وبهذا قال علىٌّ (1)، رَضِىَ اللهُ عنه، والحَسَنُ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والزُّهْرِىُّ، وحَمَادٌ، والثَّوْرِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وعن أحمد، أنَّه تُقْطَعُ في الثالِثَةِ يدُه اليُسْرَى، وفى الرَّابِعَةِ رِجْلُه اليُمْنَى، وفى الخامِسَةِ يُعَزَّرُ ويُحْبَسُ. ورُوِىَ عن أبي بكرٍ، وعمرَ، رَضِىَ اللهُ عنهما، أنَّهما قطَعا يدَ أقْطَعِ الْيَدِ والرِّجْلِ (2). وهذا قولُ قَتادَةَ، ومالِكٍ، والشَّافِعِى، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذرِ. ورُوِىَ عن عثمانَ، وعمرِو بنِ العاصِ، وعمرَ بنِ عبد العزيز، أنَّه تُقْطَعُ يَدُه اليُسْرَى في الثالثةِ، والرِّجْلُ اليُمْنَى في الرَّابِعَةِ، ويُقْتَلُ في الخامِسَةِ؛ لأنَّ جابرًا قال: جىءَ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِسَارِقٍ، فقال:"اقْتُلُوهُ". فقالوا: يا رسولَ اللَّه، إنَّما سَرَقَ. فقال:"اقْطَعُوهُ". قال (3): فقُطِعَ، ثم جِىءَ به الثَّانِيةَ، فقال:"اقْتُلُوهُ". قالوا: يا رسولَ اللَّه، إنَّما سَرَقَ. قال:"اقْطَعُوهُ". قال (4): فقُطِعَ، ثم جِىءَ به الثَّالِثَةَ، فقال:"اقْتُلُوهُ". فقالوا: يا رسولَ اللَّه، إنَّما سرقَ. قال:"اقْطَعُوهُ". قال: ثم أُتِى به الرَّابِعَةَ، فقال:"اقْتُلُوهُ". قالوا: يا رسولَ اللَّه، إنَّما سَرَقَ. قال:"اقْطَعُوهُ". ثم
(28) سقط من: م.
(1)
يأتى في المسألة.
(2)
أخرجه الدارقطني، في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطني 3/ 181، 212. والبيهقي، في: باب السارق يعود فيسرق ثانيا، من كتاب السرقة. السنن الكبرى 8/ 273، 274. وعبد الرزاق، في: باب قطع السارق، من كتاب اللقطة. المصنف 10/ 187. وابن أبي شيبة، في: باب في السارق يسرق فتقطع يده. . .، من كتاب الحدود. المصنف 9/ 511.
(3)
من هنا إلى قوله: "اقطعوه" الآتى، سقط من: ب.
(4)
سقط من: ب، م.
أُتِىَ به الخامِسَةَ، قال:"اقْتُلُوهُ". قال: فانطلَقْنَا به، فَقَتَلْنَاه، ثم اجْترَرْنَاه فألْقَيْناه في بئرٍ رواه أبو دَاودَ (5). وعن أبي هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال في السَّارِقِ:"إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ"(6). ولأنَّ اليسارَ تُقْطَعُ قَوَدًا، فجازَ قطعُها في السَّرِقَةِ، كاليُمْنَى، ولأنَّه فعلُ أبى بكرٍ، وعمرَ، رَضِىَ اللهُ عنهما. وقد قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"اقْتَدُوا باللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِى؛ أبِى بَكْرٍ، وعُمَرَ"(7). ولَنا، ما روَى سعيدٌ، حدَّثنا أبو مَعْشَرٍ، عن سعيدِ بن أبي سعيد المَقْبُرِىِّ، عن أبيه، قال: حضرتُ علىَّ بنَ أبى طالبٍ، رَضِىَ اللهُ عنه، أُتِىَ بِرَجُلٍ مَقْطوعِ اليَدِ والرِّجْلِ قد سَرَقَ، فقال لأصحابه: ما تَرَوْنَ في هذا؟ . قالوا: اقطَعْهُ يا أميرَ المؤمنين. قال: قَتَلْتُه إذًا، وما عليه القَتْلُ، بأيِّ شيءٍ يأكلُ الطَّعَامَ؟ بأىِّ شَىءٍ يَتَوَضَّأُ للصَّلَاةِ؟ بأى شيءٍ يَغْتَسِلُ من جَنَابَتِه؟ بأى شَىْءٍ يقومُ على حاجَتِه؟ فرَدَّه إلى السِّجْنِ أيَّامًا، ثم أخرجَه، فاسْتَشارَ أصحابَه، فقالوا مِثْلَ قولِهِم الأوَّلِ، وقال لهم مِثْلَ ما قال أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَجَلَدَه جَلْدًا شديدًا، ثم أرْسَلَه (8). ورُوِىَ عنه، أنَّه قال: إنِّي لأسْتَحِى من اللهِ أنْ لا أَدَعَ له يدًا يَبْطِشُ بها، ولا رِجْلًا يَمْشى عليها (8). ولأنَّ في قَطْعِ اليدَيْن تَفْويتَ مَنْفَعةِ الجنسِ، فلم يُشْرَعْ في حدٍّ، كالقَتْلِ، ولأنَّه لو جازَ قطعُ اليَدَيْن، لقُطِعَتِ اليُسْرَى في المرَّةِ الثانيةِ؛ لأنَّها آلةُ البَطْشِ كاليُمْنَى، وإنما لم تُقْطَعْ للمَفْسدَةِ في قَطْعِها، لأنَّ ذلك بمنزلَةِ الإِهْلاكِ، فإنَّه لا يُمْكِنُه أن يَتَوَضَّأَ، ولا يَغْتَسِلَ، ولا يَسْتَنْجِىَ، ولا يَحْتَرِزَ من نَجاسةٍ، ولا يُزِيلَها
(5) في: باب في السارق سرق مرارا، من كتاب الحدود. سنن أبي داود 2/ 454.
كما أخرجه النسائي، في: باب قطع اليدين والرجلين من السارق، من كتاب قطع السارق. المجتبى 8/ 83، 84.
(6)
تقدم تخريجه، في صفحة 440.
(7)
وأخرجه الترمذي، في: باب في مناقب أبى بكر وعمر رضى اللَّه عنهما كليهما، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى 3/ 129. وابن ماجه، في: باب في فضائل أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، من المقدمة. سنن ابن ماجه 1/ 37. والإِمام أحمد في: المسند 5/ 382، 385، 399، 402.
(8)
أخرجه البيهقي، في: باب السارق يعود فيسرق ثانيا، من كتاب السرقة. السنن الكبرى 8/ 275. وعبد الرزاق، في: باب قطع السارق، من كتاب اللقطة. المصنف 10/ 186. وابن أبي شيبة، في: باب في السارق يسرق فتقطع يده. . .، من كتاب الحدود. المصنف 9/ 512.