الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} (38). وهذا أوْلَى من تَرْكِ حَدِّهِ بالكُلِّيَّةِ، أو قَتْلِه بما (39) لا يُوجِبُ القَتْلَ.
1554 - مسألة؛ قال: (وَإذَا زَنَى الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ، جُلِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسِينَ جَلْدَةً، ولَمْ يُغَرَّبَا)
وجملتُه أنَّ حَدَّ العَبْدِ والأَمَةِ خمسون جَلْدَةً بِكْرَيْن كانا أو ثَيِّبَيْنِ. في قولِ أكثرِ الفُقَهاءِ؛ منهم عمرُ، وعَلىٌّ، وابنُ مسعود، والحسنُ، والنَّخَعِيُّ، ومالِكٌ، والأوْزاعِيُّ، وأبو حنيفةَ، والشافِعِيُّ، والْبَتِّيُّ، والعَنْبَرِيُّ. وقال ابنُ عَبَّاسٍ، وطاوُسٌ، وأبو عُبَيْدٍ: إن كانا مُزَوَّجَيْنِ فعليْهِما نصفُ الحَدِّ، ولا حَدَّ على غيرِهما؛ لقولِ اللَّه تعالى:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (1). فدليلُ خِطَابِه أنَّه لا حَدَّ على غيرِ المُحْصَناتِ. وقال داودُ: على الأَمَةِ نِصْفُ الحَدِّ إذا زَنَتْ بعدَ ما زُوِّجَتْ، وعلى العبدِ جَلْدُ مِائَةٍ بكُلِّ حالٍ، وفي الأَمَةِ إذا لم تُزَوَّجْ روايتَانِ؛ إحداهما، لا حَدَّ عليها. والأخرى، تُجْلَدُ مِائَةً؛ لأنَّ قولَ اللَّه تعالى:{فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (2). عامٌّ، خَرَجَتْ منه الأَمَةُ المُحْصَنَةُ بقولِه:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} . فَيبَقَى العَبْدُ والأَمَةُ التي لم تُحْصَنْ على مُقْتَضَى العُمومِ. ويَحْتَمِلُ دَلِيلُ الخِطابِ في الأَمَةِ أن لا حَدَّ عليها، كَقولِ (3) ابنِ عَبَّاسٍ. وقال أبو ثَوْرٍ: إذَا لم يُحْصَنَا بالتَّزْوِيجِ، فعليهما نصفُ الحَدِّ، وإن أُحْصِنَا فعليْهِما الرَّجْمُ؛ لعُمومِ الأخْبارِ فيه،
(38) سورة ص 44.
(39)
في ب، م:"مما".
(1)
سورة النساء 25.
(2)
سورة النور 2.
(3)
في النسخ: "لقول".
ولأنَّه حَدٌّ لا يتبعَّضُ، فوجَبَ تكْمِيلُه، كالقَطْع في السَّرِقَةِ. ولَنا، ما رَوَى ابنُ شِهابٍ، عن عُبَيْدِ اللَّه بنِ عبدِ اللَّه، عن أبي هُرَيْرَةَ، وزيدِ بنِ خالدٍ، وسُئِلَ (4)، قالوا: سُئِلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الأمَةِ إذا زَنَتْ ولم تُحْصَنْ، فقال:"إذَا زَنَتْ فاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثم إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا ولَوْ بِضَفِيرٍ"(5). مُتَّفَقٌ عليه (6). قال ابنُ شِهابٍ: وهذا نَصٌّ في جَلْدِ الأَمَةِ إذا لم تُحْصَنْ، وهو حُجَّةٌ على ابنِ عَبَّاسٍ، ومُوافِقِيه، وداودَ. وجَعْلُ داودَ عليها مِائَةً إذا لم تُحْصَنْ، وخمسين إذا كانتْ مُحْصَنَةً، خلافُ ما شَرَعَ اللهُ تعالى، فإنَّ اللَّه ضاعَفَ عُقوبةَ الْمُحْصَنَةِ على غيرِها، فجعلَ الرَّجْمَ على المُحْصَنَةِ، والجلْدَ على البِكْرِ، وداودُ ضاعَفَ عُقوبةَ البِكْرِ على المُحْصَنَةِ، واتِّباعُ شَرْعِ اللهِ أَوْلَى. وأمَّا دَلِيلُ الخِطابِ، فقد رُوِىَ عن ابنِ مسعودٍ، رحمَةُ اللهِ عليه (7)، أنَّه قال: إحْصانُها إسْلامُها وأقْراؤُها (8). بفتح الألِف. ثم دليلُ الخِطابِ إنَّما يكونُ دليلًا إذا لم يكُنْ للتَّخْصِيصِ بالذِّكْرِ فائِدَةٌ، سِوَى اخْتصاصِه بالحُكْمِ، ومتى كانتْ له فائِدَةٌ أُخْرَى، لم يكُنْ دليلًا، مثلَ أن يخْرُجَ مَخْرَجَ الغالِبِ، أو للتَّنْبِيهِ، أو لمَعْنًى من المعانِى، وقد قال اللَّه تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ
(4) كذا في النسخ. وليس في مصادر التخريج الآتية.
(5)
ضفير: حبل.
(6)
أخرجه البخاري، في: باب بيع العبد الزانى، من كتاب البيوع، وفي: باب كراهية التطاول على الرقيق، من كتاب العتق، وفي: باب إذا زنت الأمة، من كتاب الحدود. صحيح البخاري 3/ 93، 197، 8/ 213. ومسلم، في: باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم 3/ 1328، 1329.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الأمة تزني ولم تحصن، من كتاب الحدود. سنن أبي داود 2/ 470. والترمذي، في: باب ما جاء في الرجم على الثيب، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى 6/ 207، 208. وابن ماجه، في: باب إقامة الحدود على الإِماء، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه 2/ 857. والدارمي، في: باب في المماليك إذا زنوا. . .، من كتاب الحدود. سنن الدارمي 2/ 181. والإِمام مالك، في: باب جامع ما جاء في حد الزنى، من كتاب الحدود. الموطأ 2/ 826. والإِمام أحمد في: المسند 2/ 249، 376، 422، 494، 4/ 116، 117.
(7)
سقط من: م.
(8)
أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في حد المماليك، من كتاب الحدود. السنن الكبرى 8/ 243. وابن جرير، في: تفسير سورة النساء، آية رقم 25. تفسير الطبري 5/ 22، 23.