الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُتِىَ بِيَهُودِيَّيْنِ، فَجَرَا بعدَ إحْصَانِهِما، فأمرَ بهما فرُجِمَا (5). وعن ابنِ عمرَ، أنَّ اليَهُودَ جاءُوا إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالُوا له: إنَّ رجلًا منهم وامرأةً زَنَيا. فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَا تَجِدُونَ في التَّوْرَاةِ في شَأْنِ الرَّجْمِ؟ ". فقالوا: نَفْضَحُهم ويُجْلَدُونَ. قال عبد اللَّه بن سَلَام: كَذَبْتُم إنَّ فيها الرَّجْمَ. فَأَتَوْا بالتَّوْراةِ فنشَرُوها، فوضَعَ أحدُهم يَدَه على آيةِ الرَّجْمِ، فقرأَ ما قبلَها وما بعدَها، فقال عبدُ اللَّه بن سلَام: ارفَعْ يدَك. فرفعَ يدَه، فإذا فيها آيةُ الرَّجْمِ، فقالوا: صَدَقَ يا محمدُ، فيها آيةُ الرَّجْمِ. فأمرَ بهما رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فرُجِمَا. مُتَّفَقٌ عليه (5). ورَوَى أنسٌ، أنَّ يَهُودِيًّا قَتلَ جاريةً على أوْضاحٍ لها بحَجَرٍ، فقتَلَه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بينَ حَجَرَيْن. مُتَّفَقٌ عليه (6). وإن كان يَعْتَقِدُ إباحتَه، كشُرْبِ الخمرِ، لم يُحَدَّ؛ لأنَّه لا يعْتقِدُ تَحْرِيمَهُ (7)، فلم يَلْزَمْه عُقوبتُه، كالكُفْرِ. وإن تظاهرَ به، عُزِّرَ؛ لأنَّه أظْهَر مُنْكَرًا في دارِ الإِسلامِ، فعُزِّرَ عليه، كالمُسْلِمِ.
فصل:
وإن تحاكم مسلمٌ، وذِمِّىٌّ، وجبَ الحكمُ بَيْنَهم. بغيرِ خلافٍ؛ لأنَّه يجبُ دَفْعُ ظُلْمِ كلِّ واحدٍ منهما عن صاحبِه.
1565 - مسألة؛ قال: (وإذَا قَذَفَ بالِغٌ حُرًّا مُسْلِمًا، أو حُرَّةً مُسْلِمَةً، جُلِدَ الْحَدَّ ثَمانِينَ)
القَذْفُ: هو الرَّمْىُ بالزِّنَى. وهو مُحَرَّمٌ بإجْماعِ الأمَّةِ، والأصْلُ في تَحْريمِه الكتابُ والسُّنَّةُ؛ أمَّا الكتابُ فقولُ اللَّه تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (1). وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ
(5) تقدم تخريجه، في صفحة 364.
(6)
تقدم تخريجه، في: 11/ 448.
(7)
في ب، م:"تحريما".
(1)
سورة النور 4.
لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (2). وأما السُّنَّةُ، فقولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الموبِقَاتِ". قالوا: وما هُنَّ يا رسولَ اللَّه؟ قال: "الشِّرْكُ باللهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتى حَرَّمَ اللهُ، وأَكْلُ الرِّبَا، وأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، والتَّوَلِّى يَوْمَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤمِنَاتِ الغَافِلَاتِ". مُتَّفَقٌ عليه (3). والمُحْصَناتُ ههُنا العَفائِفُ. والمُحْصَنَاتُ في القرآن جاءَتْ بأرْبعةِ مَعانٍ؛ أحدُها هذا. والثاني، بمعنى المُزَوَّجَاتِ (4)، كقولِه تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (5). وقولِه تعالى: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} (6). والثالث، بمعنى الْحَرائرِ، كقولِه تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} . وقولِه سبحانه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (7). وقوله: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ [مِنَ الْعَذَابِ] (8)} (6). والرابع، بمعنى الإِسلام، كقوله:{فَإِذَا أُحْصِنَّ} (6). قال ابن مسعود: إحْصانُها إسْلامُها (9). وأجمعَ العلماءُ على وُجوبِ الحَدِّ على مَن قَذَفَ المُحْصَنَ، إذا كان مكلَّفًا. وشَرائطُ الإِحْصانِ الذي يجبُ الحَدُّ
(2) سورة النور 23.
(3)
أخرجه البخاري، في: باب الشرك والسحر من الموبقات، من كتاب الطب، وفى: باب قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا. . .} الآية، من كتاب الوصايا. صحيح البخاري 7/ 177، 8/ 217، 218. ومسلم، في: باب بيان الكبائر وأكبرها، من كتاب الإِيمان. صحيح مسلم 1/ 92. وأبو داود، في: باب ما جاء في التشديد في أكل مال اليتيم، من كتاب الوصايا. سنن أبي داود 2/ 104. والترمذي، في: باب ما جاء في قبلة اليد والرجل، من أبواب الاستئذان. عارضة الأحوذى 10/ 193، 194. والنسائي، في: باب اجتناب أكل مال اليتيم، من كتاب الوصايا. المجتبى 6/ 215، 216.
(4)
في ب: "الزوجات".
(5)
سورة النساء 24.
(6)
سورة النساء 25.
(7)
سورة المائدة 5.
(8)
ليس في الأصل، ب.
(9)
تقدم تخريجه، في صفحة 332.