الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَضِىَ اللهُ عنهم، إذْ لم يُنْقَلْ عنهم خِلافُ ذلك، إلَّا عن عليٍّ، ولا نعلمُ ثُبُوتَ ذلك عنه، ولأنَّ ما دُونَ الثُّلُثِ يَسْتَوِى فيه الذَّكَرُ والأُنْثَى، بدليلِ الجَنِينِ، فإنَّه يَسْتَوِى فيه الذَّكرُ والأُنْثَى. فأمَّا الثُّلثُ نَفْسُه، فهل يَسْتَوِيان فيه؟ على رِوايتَيْنِ؛ إحْداهما، يَسْتَوِيان فيه؛ لأنَّه لم يَعْبُرْ (5) حَدَّ القِلَّةِ، ولهذا صَحَّتِ الوَصِيَّةُ به. ورُوِىَ أنَّهما يَخْتَلِفانِ فيه. وهو الصحيحُ؛ لقولِه عليه السلام:"حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ". وحتى للغايةِ، فيَجِبُ أن تكونَ مُخالِفةً لما قَبْلَها، كقَوْلِ (6) اللهِ تعالى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} (7). ولأنَّ الثُّلُثَ في حَدِّ الكَثْرةِ؛ لقولِه عليه السلام: "الثُّلُث، والثُّلُثُ (8) كَثِيرٌ"(9).
فصل:
فأمَّا دِيَةُ نِساءِ سائرِ أهلِ الأَدْيانِ، فقال أصحابُنا: يُساوِى دِياتُهُنَّ دِياتِ رِجالِهم إلى الثُّلُثِ؛ لعُمُوم قوله عليه السلام: "عَقْلُ الْمَرْأَةِ مِثْلُ عَقْلِ الرّجُلِ، حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ مِنْ دِيَتِهَا". ولأنَّ الواجِبَ دِيَةُ امرأةٍ، فساوَتْ دِيةَ الرَّجُلِ من أهلِ دِينِها، كالمسلمين. ويَحْتَمِلُ أن تُساوِىَ المرأةُ الرجلَ إلى قَدْرِ ثُلُثِ دِيَةِ الرجلِ المسلمِ؛ لأنَّه القَدْرُ الكثيرُ (8) الذي يَثْبُتُ فيه التَّنْصِيفُ في الأصْلِ، وهو دِيَةُ المسلمِ.
1474 - مسألة، قال:(ودِيَةُ الْعَبْدِ والْأَمَةِ قِيمَتُهُمَا، بَالِغَةً مَا بَلَغ ذلِكَ)
وقد تقَدَّم شرحُ هذه المسألةِ فيما مَضَى (1). ولا فَرْقَ في هذا الحُكْمِ بين القِنِّ من العَبِيدِ والمُدَبَّرِ والمُكاتَبِ وأُمِّ الْوَلَدِ. قال الخطابىُّ (2): أجْمَعَ عَوَامُّ الفُقَهاءِ، على أنَّ
(5) في م: "يعتبر".
(6)
في م: "لقول".
(7)
سورة التوبة 29.
(8)
سقط من: الأصل.
(9)
تقدم تخريجه، في: 8/ 393.
(1)
في: 11/ 504، 505.
(2)
معالم السنن 4/ 37.
المُكاتَبَ عَبْدٌ ما بَقِىَ عليه دِرْهَمٌ في جِنايَتِه، والجِنايةِ عليه، إلَّا إبراهيمَ النَّخَعِىَّ، فإنَّه قال في المُكاتَبِ: يُودَى بقَدْرِ ما أدَّى من كِتابَتِه دِيَةَ الحُرِّ، وما بَقِىَ دِيَةَ العَبْدِ. ورُوِىَ في ذلك شيءٌ عن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه. وقد رَوَى أبو داودَ، في "سُنَنِه"، والإِمامُ أحمدُ، في "مُسْنَدِه"(3)، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ اللَّه، قال (4): ثنا هشامُ بن أبي عبدِ اللَّه، قال: حدَّثنى يَحْيَى بن أبي كثيرٍ، عن عِكْرِمةَ، عن ابنِ عباسٍ، قال: قَضَى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم في المُكاتَبِ يُقْتَلُ، أنَّه يُودَى ما أدَّى (5) مِن كِتابَتِه دِيَةَ الحُرِّ، وما بَقِىَ دِيَةَ العَبْدِ. قال الخَطَّابىُّ (6): وإذا صَحَّ الحديثُ، وجَبَ القولُ به، إذا لم يكُنْ مَنْسُوخًا أو مُعارَضًا بما هو أَوْلَى منه.
1475 -
مسألة؛ قال: (ودِيَةُ الْجَنِينِ إذَا سَقَطَ [مِنَ الضَّرْبَةِ] (1) مَيِّتًا، وكَانَ مِنْ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ، غُرَّةٌ، عَبْدٌ أو أمَةٌ، قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ، كَأَنَّهَ سَقَطَ حَيًّا)
يقال: غُرَّةٌ عَبْدٌ بالصِّفَةِ. وغُرَّةُ عَبْدٍ بالإِضافةِ. والصِّفَةُ أحْسَنُ؛ لأنَّ الغُرَّةَ اسمٌ للعَبْدِ نَفْسِه، قال مُهَلْهِلٌ (2):
كُلُّ قَتِيلٍ في كُلَيْبٍ غُرَّهْ
حَتَّى يَنَالَ القَتْلُ آلَ مُرَّهْ (3)
في هذه المسألةِ فصولٌ خمسةٌ:
(3) أخرجه أبو داود، في: باب في دية المكاتب، من كتاب الديات. سنن أبي داود 2/ 499، 500. وأخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 1/ 363، 369.
كما أخرجه النسائي، في: باب دية المكاتب، من كتاب القسامة. المجتبى 8/ 41.
(4)
سقط من: ب، م.
(5)
في الأصل: "يودى".
(6)
معالم السنن 4/ 77.
(1)
سقط من: الأصل.
(2)
الرجز في: الأغانى 5/ 47، ومقاييس اللغة 4/ 381، واللسان والتاج (غ ر ر).
(3)
في م: "إلا مره" خطأ.
أحدها: أنَّ في جَنِينِ الحُرَّةِ المسلمةِ غُرَّةً. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ، منهم عمرُ بن الخَطَّابِ، رَضِىَ اللهُ عنه، وعَطاءٌ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والزُّهْرِىُّ، ومالكٌ، والثَّوْرِىُّ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقد رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه اسْتشارَ الناسَ في إمْلَاصِ المَرْأةِ (4)، فقال المُغيرةُ بن شُعْبةَ: شَهِدْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فيه بغُرَّةٍ عَبْدٍ أو أمَةٍ. قال: لَتأْتِيَنَّ بمن يَشْهَدُ (5) معك. فشَهِدَ له محمدُ بن مَسْلَمةَ (6). وعن أبي هُرَيْرةَ، رَضِىَ اللهُ عنه، قال: اقْتَتَلَتِ امْرأتانِ من هُذَيْلٍ، فرَمَتْ إحداهُما الأُخْرَى بحَجَرٍ، فقَتَلَتْها وما في بَطْنِها، فاخْتَصَمُوا إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقَضَى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، أنَّ دِيَةَ جَنِينِها عَبْدٌ أو أمَةٌ، وقَضَى بدِيَةِ المرأةِ على عاقِلَتِها، ووَرِثَها ولَدُها ومَن مَعَهم. مُتَّفَقٌ عليه (7). والغُرَّةُ عَبْدٌ أو أمَةٌ؛ سُمِّيا بذلك لأنَّهما من أنْفَسِ الأمْوالِ، والأصْلُ في الغُرَّةِ الخِيَارُ. فإن قيل: فقد رُوِىَ في هذا الخبرِ: أو فَرَسٍ أو بَغْلٍ. قُلْنا: هذا لا يَثْبُتُ، روَاه عيسى بن يُونُسَ، ووَهِمَ (8) فيه. قالَه أهْلُ النَّقْلِ. والحديثُ الصحيحُ المُتّفَقُ عليه إنَّما فيه: عَبْدٍ أو أمَةٍ. فأمَّا قولُ الْخِرَقِىِّ: مِنْ حُرَّةٍ مسلمةٍ. فإنَّما أراد أنَّ جَنِينَ الحُرَّةِ المسلمةِ لا يكونُ إلَّا حُرًّا مسلِمًا، فمتى كان الجنينُ حرًّا مسلِمًا، ففيه الغُرَّةُ، وإن كانت أمُّهُ كافرةً أو أمَةً، مثل أن يتزَوَّجَ المسلمُ كِتابِيّةً، فإنَّ جَنِينَها منه محكومٌ بإسْلامِه، وفيه الغُرَّةُ، ولا يَرِثُ منها شيئًا؛ لأنَّه مسلمٌ، وولدُ (9) السَّيِّدِ من أمَتِه [وولدُ المَغْرُورِ](10) من أمَةٍ حُرٌّ. كذلك لو وُطِئَتِ الأمَةُ
(4) إملاص المرأة: إلقاء ولدها ميتا.
(5)
في ب: "يشهده".
(6)
أخرجه البخاري، في: باب جنين المرأة، من كتاب الديات. صحيح البخاري 9/ 14. ومسلم، في: باب دية الجنين ووجوب الدية. . .، من كتاب القسامة. صحيح مسلم 3/ 1311. وأبو داود، في: باب دية الجنين، من كتاب الديات، سنن أبي داود 2/ 497. وابن ماجه، في: باب دية الجنين، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه 2/ 882.
(7)
تقدم تخريجه، في: 11/ 463.
(8)
وهم فيه: غَلِط.
(9)
سقطت الواو من: م.
(10)
في الأصل: "والمغرور".
بشُبْهةٍ، فوَلَدُها حُرٌّ، وفيه الغُرَّةُ. فأمَّا إن كان الجنينُ مَحْكُومًا برِقِّه، لم تَجِبْ فيه الغُرَّةُ، وسيأتي بيانُ حُكْمِه. وأمَّا جَنِينُ الكِتابيَّةِ والمَجُوسِيَّةِ إذا كان محكومًا بكُفْرِه، ففيه عُشْرُ دِيَةِ أُمِّه. وبهذا قال الشافعيُّ، وأَبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. قال ابنُ المُنْذِر: ولم أحْفَظْ عن غيرِهم خِلافَهُم. وذلك لأنَّ جَنِينَ الحُرَّةِ المسلمةِ مَضْمُونٌ بعُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ، فكذلك جَنِينُ الكافِرَةِ، إلَّا أنَّ أصْحابَ الرَّأْىِ يَرَوْنَ أنَّ (11) دِيَةَ الكافِرَةِ كدِيَةِ المُسْلمةِ، فلا يتَحَقَّقُ عندَهم بينهما اخْتِلافٌ، فإن كان أبَوَا الجَنِينِ كافِرَيْنِ مُخْتَلِفًا دِينُهُما، كوَلَدِ الكِتابِىِّ (12) من المَجُوسِيَّةِ، والْمَجُوسِىِّ من الكتابِيَّةِ، اعْتَبَرْناه بأكثرِهما دِيَةً، فنُوجِبُ فيه عُشْرَ دِيةِ كِتابِيَّةٍ على كلِّ حالٍ؛ لأنَّ ولَدَ المسلمِ (13) من الكافِرَةِ مُعْتبَرٌ بأكْثَرِهما دِيَةً، كذا ههُنا. ولا فَرْقَ فيما ذكَرْناه بين كَوْنِ الجَنِينِ ذكَرًا أو أُنْثَى؛ لأنَّ السُّنَّةَ لم تُفَرِّقْ بينهما. وبه يقولُ الشافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وعامَّةُ أهلِ العلمِ. ولو ضَرَبَ بَطْنَ كِتابِيَّةٍ حاملٍ (14) من كتابىٍّ، فأسْلَمَ أحَدُ أبَوَيْه، ثم أسْقَطَتْه، ففيه الغُرَّةُ. في قول ابنِ حامدٍ، والقاضِى. وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، ومذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ الضَّمانَ مُعْتَبَرٌ بحالِ اسْتِقْرارِ الجِنايةِ، والجَنِينُ مَحْكُومٌ بإسْلامِه عندَ اسْتِقْرارِها. وفى قولِ أبى بكرٍ، وأبى الخَطَّابِ: فيه عُشْرُ دِيَةِ كِتابِيَّةٍ؛ لأنَّ الجِنايةَ عليه في حالِ الغُرَّةِ. وإن ضَرَبَ بَطْنَ أمَةٍ فأُعْتِقَتْ، ثم أَلْقَتِ الجَنِينَ، فعلى قولِ ابنِ حامدٍ والقاضى، فيه غُرَّةٌ. وفى قولِ أبى بكرٍ وأبى الخَطَّابِ، فيه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه؛ لأنَّ الجِنايةَ عليه في حالِ كَوْنِه عَبْدًا. ويُمْكِنُ مَنْعُ كَوْنِه (15) صارَ حُرًّا؛ لأنَّ الظاهِرَ تَلَفُه بالجِنَايةِ، وبعدَ تَلَفِه لا يُمْكِنُ تَحْرِيرُه. وعلى قولِ هذَيْنِ، يكونُ الواجِبُ فيه لسَيِّدِه. وعلى قولِ ابن حامدٍ، للسَّيِّدِ أقَلُّ الأمْرَيْنِ من الغُرَّةِ أو عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه؛ لأنَّ الغُرّةَ إن كانتْ الأكثرَ (16)،
(11) سقط من: الأصل.
(12)
في م: "الكتاب".
(13)
في م: "المسلمة".
(14)
في ب، م:"حاملا".
(15)
في ب، م زيادة:"عبدا ويمكن منع كونه". تكرار.
(16)
في م: "أكثر".
لم يَسْتَحِقَّ الزِّيادةَ، لأنَّها زادَتْ بالحُرِّيَّةِ الحاصِلةِ بزَوالِ مِلْكِه، وإن كانت أقَلَّ، لم يكُنْ له أكثرُ منها؛ لأنَّ النَّقْصَ حَصَلَ بإعْتاقِه، فلا يَضْمَنُ له، كما لو قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فأعْتَقَه سَيِّدُه ثم مات بسِرَايةِ الجِنايةِ، كان له أقَلُّ الأمْرَيْنِ (17) من دِيَةِ حُرٍّ أو نِصْفِ قِيمَتِه، وما فَضَلَ عن حَقِّ السَّيِّدِ لوَرَثَةِ الجَنِينِ. فأمَّا إن ضرب بطنَ الأمَةِ، فأعْتَقَ السَّيِّدُ جَنِينَها وحْدَه، نَظَرْتَ؛ فإنْ أسْقَطَتْهُ (18) حَيًّا لوَقْتٍ يعيشُ مثلُه، ففيه دِيَةُ حُرٍّ. نَصَّ عليه أحمدُ. وإن كان لوَقْتٍ [لا](19) يعيشُ مثلُه، ففيه غُرَّةٌ؛ لأنَّه حُرٌّ على قولِ ابنِ حامدٍ. وعلى قولِ أبى بكرٍ، عليه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه. وإن أسْقَطَتْه مَيِّتًا، ففيه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه؛ لأنَّنا لا نَعْلَمُ كَوْنَه حيًّا حالَ إعْتاقِه. ويَحْتَمِلُ أن تَجِبَ عليه الغُرَّةُ؛ لأنَّ الأصْلَ بَقَاءُ حَياتِه، فأشْبَهَ ما لو أعْتَقَ أُمَّهُ.
الفصل الثاني: أنَّ الغُرّةَ إنَّما تَجِبُ إذا سَقَطَ من الضَّرْبةِ، ويُعْلَمُ ذلك بأنْ يَسْقُطَ عَقِيبَ الضَّرْبِ، أو [بِبَقائِها مُتَأَلِّمةً](20) إلى أن يَسْقُطَ. ولو قَتَلَ حامِلًا لم يَسْقُطْ جَنِينُها، أو ضرب مَن [في] جَوْفِها حركةٌ أو انْتِفاخٌ، فسَكَّنَ الحَرَكَةَ وأَذْهَبَها، لم يَضْمَنِ الجَنِينَ. وبهذا قال مالكٌ، وقَتادةُ، والأوْزَاعىُّ، والشافعيُّ، وإسْحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ. وحُكِىَ عن الزُّهْرِىِّ، أنَّ عليه غُرَّةً (21)؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّه قَتَلَ الجَنِينَ، فلَزِمَتْه الغُرّةُ، كما لو أَسْقَطَتْ. ولَنا، أنَّه لا يَثْبُتُ حُكْمُ الوَلَدِ إلَّا بخُرُوجِه، ولذلك لا تَصِحُّ له وَصِيَّةٌ ولا مِيراثٌ، ولأنَّ الحَرَكةَ يجوزُ أن تكون لرِيحٍ في البَطْنِ سَكَنَتْ، ولا يَجِبُ الضَّمَانُ بالشَّكِّ. وأمَّا إذا ألْقَتْه مَيِّتًا، فقد تحَقَّقَ، والظَّاهِرُ تَلَفُه من الضَّرْبةِ (22)، فيَجِبُ
(17) في م: "والأمرين".
(18)
في م: "أسقطه".
(19)
تكملة لازمة.
(20)
في ب: "يبقى بها سالما".
(21)
في م: "الغرة".
(22)
في م: "ضربة".
ضَمانُه، سواءٌ ألْقَتْه في حَياتِها، أو بعدَ مَوْتِها. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال مالكٌ، وأبو حنيفةَ: إن ألقَتْه بعدَ مَوْتِها، لم يَضْمَنْه؛ لأنَّه يَجْرِى مَجْرَى أعْضائِها، وبمَوْتِها سَقَطَ حكمُ أعْضائِها. ولَنا، أنَّه جَنِينٌ تَلِفَ بجنايَتِه، وعُلِمَ ذلك بخُرُوجِه، فوَجَبَ ضَمانُه، كما لو (23) سَقَطَ في حَياتِها، ولأنَّه لو سَقَطَ حَيًّا ضَمِنَه، فكذلك إذا سَقَطَ مَيِّتًا، كما لو أسْقَطَتْه في حياتِها، وما ذكَرُوه ليس بصَحِيحٍ؛ لأنَّه لو كان كذلك، لَكان إذا سَقَطَ مَيِّتًا (23) ثم ماتَتْ، لم يَضْمَنْه كأعْضائِها، ولأنَّه آدَمِىٌّ مَوْرُوثٌ، فلا يَدْخُلُ في ضَمانِ أُمِّه، كما لو خَرَجَ حَيًّا. فأمَّا إن ظَهَرَ بعضُه من بَطْنِ أُمِّه، ولم يَخْرُجْ باقِيه، ففيه الغُرَّةُ. وبه قال الشافعيُّ. وقال مالكٌ، وابنُ المُنْذِرِ: لا تَجِبُ الغُرَّةُ حتى تُلْقِيَه؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم إنَّما أوْجَبَ الغُرَّةَ في الجَنِينِ الذي ألْقَتْه المرأةُ؛ وهذه لم تُلْقِ شيئًا، فأشْبَهَ ما لو لم يَظْهَرْ منه شيءٌ. ولَنا، أنَّه قاتلٌ لجَنِينِها، فلَزِمَتْه الغُرَّةُ، كما لو ظَهَرَ جَمِيعُه، ويُفارِقُ ما لو لم يَظْهَرْ منه شيءٌ، فإنَّه (24) لم يُتَيَقَّنْ قَتْلُه ولا وُجُودُه. وكذلك إن ألْقَتْ يَدًا، أو رِجْلًا، أو رَأسًا، أو جُزْءًا من أجْزاءِ الآدَمِىِّ، وجَبَتِ الغُرَّةُ؛ لأنَّا تيَقَّنَّا أنَّه من جَنِينٍ. وإن ألْقَتْ رأسَيْنِ، أو أرْبَع أيْدٍ، لم يَجِبْ أكثرُ من غُرَّةٍ؛ لأنَّ ذلك يجوزُ أن يكونَ من جَنِينٍ واحدٍ، ويجوز أن يكون من جَنِينَيْنِ، فلم تَجِبِ الزِّيادةُ مع الشَّكِّ؛ لأنَّ الأصْلَ بَراءَةُ الذِّمَّةِ؛ ولذلك (25) لم يَجِبْ ضَمانُه إذا لم يَظْهَرْ، فإنْ أسْقَطَتْ ما ليس فيه صُورَةُ آدَمِىٍّ، فلا شىءَ فيه، لأنَّا (26) لا نَعْلَمُ أنَّه جَنِينٌ. وإن ألْقَتْ مُضْغَةً، فشَهِدَ ثِقاتٌ من القَوابلِ أنَّ فيه صُورَةً خَفِيَّةً، ففيه غُرَّةٌ، وإن شَهِدَتْ أنَّه مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِىٍّ لو بَقِىَ تَصَوَّرَ، ففيه وَجْهان؛ أصَحُّهُما، لا شىءَ فيه؛ لأنَّه لم يُتَصَوَّرْ، فلم يَجِبْ فيه، كالعَلَقةِ، ولأنَّ الأصْلَ بَراءةُ الذِّمَّةِ، فلا نَشْغلُها بالشَّكِّ. والثانى، فيه غُرَّةٌ؛ لأنَّه مُبْتَدأُ خَلْقِ آدَمِىٍّ،
(23) سقط من: الأصل.
(24)
في م: "لأنه".
(25)
في ب، م:"وكذلك".
(26)
في الأصل، ب:"لأنه".
أشْبَهَ ما لو تَصَوَّرَ. وهذا يَبْطُلُ بالنُّطْفَةِ والعَلَقَةِ.
الفصل الثالث: أنَّ الغُرَّةَ عَبْدٌ أو أمَةٌ. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. وقال عُرْوَةُ، وطاوسٌ، ومُجاهدٌ: عَبْدٌ أو أمَةٌ أو فَرَسٌ؛ لأنَّ الغُرَّةَ اسْمٌ لذلك، وقد جاء في حديثِ أبى هُرَيْرةَ، قال (27): قَضَى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم في الْجَنِينِ بغُرّةٍ عَبْدٍ أو أَمَةٍ أو فَرَسٍ أو بَغْلٍ (28). وجَعَلَ ابنُ سِيرِينَ مكانَ الفَرَسِ مائةَ شاةٍ، ونحوَه قال الشَّعْبِىُّ؛ لأنَّه رُوِىَ في حديثٍ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه جَعَلَ في ولَدِها مائةَ شاةٍ. روَاه أبو داودَ (29). ورُوِىَ عن عبدِ الملكِ بن مَروانَ، أنَّه قَضَى في الْجَنِينِ إذا أُمْلِصَ (30) بعِشْرِينَ دينارًا، فإذا كان مُضْغَةً فأرْبَعينَ، فإذا كان عَظْمًا فسِتِّين، فإذا كان العَظْمُ قد كُسِىَ لَحْمًا فثمانِين، فإن تَمَّ خَلْقُه وكُسِىَ شَعْرُه فمائةَ دِينارٍ. وقال (31) قَتادةُ: إذا كان عَلَقةً فثُلثُ غُرَّةٍ، وإذا كان مُضْغةً فثُلُثَىْ غُرَّةٍ. ولَنا، قَضاءُ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم في إمْلَاصِ المَرأةِ بعَبْدٍ أو أمَةٍ، وسُنَّةُ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم قاضِيَةٌ على ما خَالَفَها (32). وذِكْرُ الفَرَسِ والبَغْلِ في الحديثِ وَهَمٌ انْفَرَدَ به عِيسَى بن يُونُسَ، عن سائرِ الرُّوَاةِ، فالظَّاهرُ أنَّه وَهِمَ فيه، وهو مَتْرُوكٌ في البَغْلِ بغير خِلافٍ، فكذلك (33) في الفَرَسِ، وهذا الحديثُ الذي ذكَرْناه أصَحُّ ما رُوِىَ فيه، وهو مُتَّفَقٌ عليه، وقد قال به أكثرُ أهلِ العلمِ، فلا يُلْتَفَتُ إلى ما خالَفَه. وقولُ عبدِ المَلكِ بن مَرْوانَ (34)، تَحَكُّمٌ بتَقْدِيرٍ لم يَرِدْ به الشَّرْعُ، وكذلك قَتادةُ، وقولُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحَقُّ
(27) سقط من: الأصل.
(28)
تقدم تخريجه، في: 11/ 463. بهذا اللفظ عند أبي داود.
(29)
في: باب في دية الجنين، من كتاب الديات. سنن أبي داود 2/ 499. وفى الرواية:"خمسمائة" مكان: "مائة". قال أبو داود: والصواب: "مائة".
(30)
في ب: "ملص".
(31)
سقطت الواو من: ب، م.
(32)
في ب: "خالفه". وفي م: "خالفهم".
(33)
في م: "وكذلك".
(34)
في ب زيادة: "وإن".
بالاتِّباعِ من قولِهما. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه تَلْزَمُه الغُرَّةُ، فإن أراد دَفْعَ بَدَلِها، ورَضِىَ المَدْفُوعُ إليه، جاز؛ لأنَّه حَقُّ آدَمِىٍّ، فجازَ ما تَراضَيا عليه، وأيُّهما امْتَنَعَ من قَبُولِ البَدَلِ، فله ذلك؛ لأنَّ الحَقَّ فيها، فلا يُقْبَلُ بَدَلُها إلَّا برِضَاهما. وتَجِبُ الغرةُ سليمةً (35) من العُيُوبِ، وإن قَلَّ العَيْبُ؛ لأنَّه حَيَوانٌ وجَبَ بالشَّرْعِ، فلم يُقْبَلْ فيه المَعِيبُ، كالشَّاةِ في الزَّكاةِ، ولأنَّ الغُرَّةَ الخِيارُ، والمَعِيبُ ليس من الخِيارِ. ولا يُقْبَلُ فيها هَرِمَةٌ، ولا ضَعِيفةٌ، ولا خُنْثَى، ولا خَصِىٌّ، وإن كَثُرَتْ قِيمَتُه؛ لأنَّ ذلك عَيْبٌ. ولا يتَقَدّرُ سِنُّها (36)، في ظاهرِ كلامِ الْخِرَقِىِّ. وهو قولُ أبى حنيفةَ. وقال القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وأصْحابُ الشافعىِّ: لا يُقْبَلُ فيها مَن له دُونَ سَبْعِ سِنِينَ؛ لأنَّه يَحْتاجُ إلى من يَكْفُلُه (37) ويَحْضُنُه، وليس من الخِيارِ. وذكَرَ بعضُ أصحابِ الشافعىِّ، أنَّه لا يُقْبَلُ فيها غُلَامٌ بَلَغَ خَمْسَةَ عَشَرَ سَنةً؛ لأنَّه لا يَدْخُلُ على النِّساءِ، ولا ابْنَةُ عِشْرِينَ؛ لأنَّها تتَغَيّرُ. وهذا تَحَكُّمٌ لم يَرِدِ الشَّرْعُ به، فيجبُ أن لا يُقْبَلَ. وما ذكَرُوه من الحاجَةِ إلى الكَفالةِ باطِلٌ بمَن له فَوْقَ السَّبْعِ، ولأنَّ بُلُوغَه قِيمَةَ الكَبِيرِ مع صِغَرِه، يَدُلُّ على أنَّه خِيارٌ، ولم يَشْهَدْ لما ذكَرُوه نَصٌّ، ولا له نَظِيرٌ يُقاسُ عليه، والشَّابُّ البالِغُ أكْمَلُ من الصَّبِىِّ عَقْلًا وبِنْيةً، وأَقْدَرُ على التَّصرُّفِ، وأنْفَعُ [في الخِدْمةِ](38)، وقَضاءِ الحاجةِ، وكَوْنُه لا يَدْخُلُ على النساءِ، إن (39) أُرِيدَ به النِّساءُ الأجْنَبِيَّاتُ، فلا (40) حاجة إلى دُخُولِه عليهِنَّ، وإن أُرِيدَ به سَيِّدَتُه، فليس بصَحِيحٍ، فإنَّ اللهَ تعالى قال:{لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} إلى قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (41). ثم لو لم يَدْخُلْ على النِّساءِ،
(35) في ب، م:"سالمة".
(36)
في م: "منها". تحريف.
(37)
في ب، م زيادة:"له".
(38)
في ب: "للخدمة".
(39)
سقط من: الأصل.
(40)
في م: "بلا".
(41)
سورة النور 58.
لَحَصَلَ من نَفْعِه أضْعافُ ما يَحْصُلُ من دُخُولِه، وفَوَاتُ شيءٍ إلى ما هو أنْفَعُ منه لا يُعَدُّ فَوَاتًا، كمن اشْتَرَى بدِرْهَمٍ ما يُساوِى عَشرةً، لا يُعَدُّ فَواتًا ولا خُسْرانًا، ولا يُعْتَبَرُ لَوْنُ الغُرَّةِ. وذُكِرَ عن أبي عَمْرِو بن العَلَاءِ، أنَّ الغُرَّةَ لا تكونُ إلَّا بَيْضاءَ، ولا يُقْبَلُ عَبْدٌ أسْوَدُ، ولا جارِيةٌ سَوْداءُ. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بعَبْدٍ أو أمَةٍ، وأطْلَقَ مع غَلَبةِ السَّوادِ على عَبِيدِهِم وإمَائِهِم، ولأنَّه حيوانٌ يَجِبُ دِيَةً، فلم يُعْتَبَرْ لَوْنُه، كالإِبِلِ في الدِّيَةِ.
الفصل الرابع: أنَّ الغُرَّةَ قِيمَتُها نِصْفُ عُشْرِ الدِّيةِ، وهى خَمْسٌ من الإِبِلِ. رُوِىَ ذلك عن عمرَ، وزَيْدٍ، رَضِىَ اللَّه عنهما. وبه قال النَّخَعِىُّ، والشَّعْبِىُّ، ورَبِيعةُ، وقَتادةُ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ولأنَّ ذلك أقَلُّ ما قَدَّرَه الشَّرْعُ في الجِناياتِ، وهو أرْشُ المُوضِحَةِ ودِيَةُ السِّنِّ، فرَدَدْناه إليه. فإن قِيلَ: فقد وَجَبَ في الأُنْمُلَةِ ثَلاثةُ أبْعِرَةٍ وثُلُثٌ، وذلك دُونَ ما ذكَرْتُمُوه (42). قُلْنا: الذي نَصَّ عليه صاحبُ الشَّريعةِ صلى الله عليه وسلم غُرَّةً قِيمَتُها أرْشُ المُوضِحَةِ، وهو خَمْسٌ من الإِبلِ. وإذا كان أبوَا الْجَنِينِ كِتابِيَّيْنِ، ففيه غُرَّةٌ قِيمَتُها نِصْفُ قِيمَةِ الغُرَّةِ الواجبةِ في المسلمِ. وفى جَنِينِ المَجُوسِيَّةِ غُرَّةٌ قيمتُها أرْبَعُونَ دِرْهَمًا. وإذا تعَذَّرَ وُجُودُ غُرَّةٍ بهذه الدَّرَاهمِ، وجَبَتِ الدَّراهمُ؛ لأنَّه مَوْضِعُ حاجةٍ. وإذا اتَّفَقَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ من الأُصُولِ كلِّها، بأن تكونَ قِيمَتُها خَمْسًا من الإِبلِ وخَمْسينَ دينارًا أو سِتَّمائة دِرْهمٍ، فلا كَلامَ، وإن اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الإِبلِ، فنِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ من غيرِها، مثل أن كانت قِيمَةُ الإِبلِ أرْبَعِينَ دينارًا أو أربعمائة دِرْهَمٍ، فظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ أنَّها تُقَوَّمُ بالإِبلِ؛ لأنَّها الأصْلُ. وعلى قولِ غيرِه من أصحابِنا، تُقَوّمُ بالذَّهَبِ أو الوَرِقِ، فيُجْعَلُ (43) قِيمَتُها خمسينَ دِينارًا أو سِتَّمائة دِرْهَمٍ، فإن اخْتَلَفا، قُوِّمَتْ على أهْلِ الذَّهَبِ به، وعلى أهْلِ الوَرِقِ به، فإن كان من أهْلِ الذَّهبِ والوَرِقِ جميعًا، قَوّمَها مَنْ هي عليه بما شاء منهما؛ لأنَّ الْخِيَرَةَ إلى الجانِى في دَفْعِ ما شاءَ من الأصُولِ. ويَحْتَمِلُ أن تُقَوَّمَ بأدْناهما على كلِّ حالٍ؛ لذلك.
(42) في ب: "ذكروه".
(43)
في م: "فجعل".
وإذا لم يَجِدِ الغُرَّةَ، انْتَقَلَ إلى خَمْسٍ من الإِبلِ. على قَوْلِ الْخِرَقِىِّ. وعلى قولِ غيرِه، يَنْتَقِلُ إلى خَمْسِينَ دينارًا أو سِتِّمائة دِرْهَمٍ.
الفصل الخامس: أنَّ الغُرَّةَ مَوْرُوثةٌ عن الجَنِينِ، كأنَّه سَقَطَ حَيًّا؛ لأنَّها دِيَةٌ له، وبَدَلٌ عنه، فيَرِثُها ورَثَتُه، كما لو قُتِلَ بعدَ الوِلادَةِ. وبهذا قال مالكٌ، والشافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال اللَّيْثُ: لا تُورَثُ، بل تكونُ بَدَلَه لأُمِّه؛ لأنَّه كعُضْوٍ من أعضائِها، فأشْبَهَ يَدَها. ولَنا، أنَّها دِيَةُ آدَمِىٍّ حُرٍّ، فوَجَبَ أن تكونَ مَوْرُوثةً عنه، كما لو ولَدَتْه حيًّا ثم مات، وقولُه: إنَّه عُضْوٌ من أعضائِها. لا يَصِحُّ؛ لأنَّه لو كان عُضْوًا لَدَخَلَ بَدَلُه في دِيَةِ أُمِّه، كيَدِها، ولما مُنِعَ (44) القِصاصُ من أُمِّه، وإقَامُة الحَدِّ عليها من أجْلِه، ولَما وَجَبَتِ الكَفَّارةُ بقَتْلِه، ولَما صَحَّ عِتْقُه دُونَها، ولا عِتْقُها دُونَه، ولا تَصَوُّرُ حياتِه بعدَ مَوْتِها، ولأنَّ كلَّ نَفْسٍ تُضْمَنُ بالدِّيَةِ تُورَثُ، كَدِيَةِ الحَىِّ. فعلى هذا، إذا أسْقَطَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، ثم ماتَتْ، فإنَّها تَرِثُ نَصِيبَها من الغُرَّةِ (45)، ثم يَرِثُها ورَثَتُه (46). وإن (47) أسْقَطَتْهُ (48) حيًّا، ثم مات قَبْلَها، ثم ماتتْ، فإنَّها تَرِثُ نَصِيبَها من دِيَتِه، ثم يَرِثُها ورَثَتُها. وإن ماتتْ قبلَه، ثم ألْقَتْه مَيِّتًا، لم يَرِثْ أحَدُهما صاحِبَه. وإن خَرَجَ حَيًّا، ثم ماتتْ قبلَه ثم مات، أو ماتتْ ثم خَرَجَ حَيًّا ثم مات، وَرِثَها، ثم يَرِثُه ورَثَتُه. وإن اخْتَلَفَ وُرّاثُهُما (49) في أَوَّلِهما مَوْتًا، فحُكْمُهما حُكْمُ الغَرْقَى. على ما ذُكِرَ في مَوْضِعِه (50). ويَجىءُ على قَوْلِ الْخِرَقِىِّ في المسألةِ التي ذكَرَها، إذا ماتتِ امرأةٌ وابْنُها، أن يَحْلِفَ ورَثَةُ كلِّ واحدٍ منهما ويَخْتَصُّوا بمِيراثِه، وإن ألْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، أو حَيًّا ثم مات، ثم ألْقَتْ
(44) في ب زيادة: "من".
(45)
في م: "ديته".
(46)
في ب: "ورثتها". وما في الأصل، م، أي يرث بقية الغرة ورثته.
(47)
في م زيادة: "ماتت قبله ثم ألقته ميتا لم يرث أحدهما صاحبه، وإن خرج". وهو تكرار لما سيأتي.
(48)
سقط من: م.
(49)
في الأصل، ب:"وارثتهما".
(50)
تقدم في كتاب الفرائض 9/ 170.