الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه رِدَّةٌ، والمُرْتَدُّ يُسْتَتابُ، وتَصِحُّ تَوْبَتُه. ولَنا، أنَّ هذا حَدُّ قَذْفٍ، فلا يسْقُطُ بالتَّوْبَةِ، كقَذْفِ غيرِ أُمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ولأَنَّه لو قُبِلَتْ تَوْبتُه، وسقط حَدُّه، لَكانَ أخفَّ حُكْمًا من قَذْفِ آحادِ الناسِ؛ لأنَّ قذفَ غيرِه لا يَسْقُطُ بالتَّوْبَةِ، ولا بُدَّ من إقامَتِه. واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ عن أحمدَ، فيما إذا كان القاذِفُ كافرًا فأسْلَمَ، فرُوِىَ أنَّه لا يسْقُطُ بإسْلامِه؛ لأنَّه حَدُّ قَذْفٍ، فلم يسْقُطْ بالإِسْلامِ، كقَذْفِ غيرِه. ورُوِى أنَّه يسْقُطُ؛ لأنَّه لو سَبَّ اللهَ تعالى في كُفْرِه، ثم أسْلَمَ، سَقَطَ عنه القتلُ، فسَبُّ نَبِيِّه أَوْلَى، ولأنَّ الإِسلامَ يَجُبُّ ما قبلَه، والخلافُ في سُقوطِ القتلِ عنه، فأمَّا تَوْبتُه فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى فمَقْبُولَةٌ، فإنَّ اللَّه تعالى يقبلُ التَّوْبةَ من (1) الذُّنوبِ كُلِّها، والحُكْمُ في قَذْفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كالحُكْمِ في قَذفِ أُمِّه؛ لأنَّ قَذْفَ أُمِّه إنَّما أوجَبَ القَتْلَ؛ لكَوْنِه قَذْفًا (2) للنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، وقَدْحًا في نَسَبِهِ.
فصل:
وقَذْفُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وقذفُ أُمِّه، رِدَّةٌ عن الإِسلامِ، وخروجٌ عن الملَّةِ، وكذلك سَبُّه بغيرِ القذفِ، إِلَّا أنَّ سَبَّهُ بغيرِ القَذْفِ يسْقُطُ بالإِسْلامِ؛ لأنَّ سَبَّ اللهِ تعالى يَسْقُطُ بالإِسلامِ، فسَبُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أوْلَى، وقد جَاءَ في الأَثَرِ، أنَّ اللَّه تعالى يقول:"شَتَمَنِى ابنُ آدَمَ، وما يَنْبَغِى لهُ أنْ يَشْتُمَنِى، أمَّا شَتْمُهُ إيَّاىَ فَقْولُهُ إنِّي اتَّخَذْتُ وَلَدًا، وأَنَا الأحَدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُوْلَدْ"(3). ولا خِلافَ في أنَّ إسلامَ النَّصْرانِىِّ القائِلِ لهذا القولِ يَمْحُو (4) ذَنْبَهُ.
1576 - مسألة؛ قال: (وإذا قَذَفَ الْجَمَاعَةَ بِكَلِمَةٍ واحِدَةٍ، فَحَدٌّ وَاحِدٌ إذَا
(1) في ب: "في".
(2)
في ب، م:"قاذفا".
(3)
أخرجه البخاري، في: باب ما جاء في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} ، من كتاب بدء الخلق، وفى: باب {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ} ، وباب حدثنا أبو اليمان. . .، من كتاب التفسير. صحيح البخاري 4/ 129، 6/ 24، 222. والنسائي، في: باب أرواح المؤمنين، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 91. والإِمام أحمد في: المسند 2/ 317، 350، 351، 393، 394.
(4)
في ب: "يقبل".