الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَبِيبٌ أو نحوهُما؛ ليَحْلُوَ به الماءُ، وتَذْهبَ مُلوحَتُه، فلا بأسَ به ما لم يَغْلِ، أو تَأْتِىَ (1) عليه ثلاثةُ أيَّامٍ؛ لما رَوْينا عن ابن عباسٍ. وقال أبو هُرَيْرةَ: علمتُ أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصومُ، فتحَيَّنْتُ فِطْرَه بَنبِيذٍ صَنَعْتُه في دُبَّاءَ، ثم أتَيْتُه به، فإذا هو يَنِشُّ. فقال:"اضْرِبْ بِهَذَا الحَائِطَ؛ فَإنَّ هذا شَرَابُ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ". روَاه أبو داودَ (2). ولأنَّه إذا بلغَ ذلك صارَ مُسْكِرًا، وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ.
فصل:
والخمرُ نَجِسَةٌ. في قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى حَرَّمَها لِعَيْنِها، فكانتْ نَجِسَةً، كالخنزيرِ. وكُلُّ مُسْكِرٍ فهو حَرَامٌ، نَجِسٌ؛ لِمَا ذكرْنا.
فصل: وما طُبِخَ من العَصِيرِ والنَّبِيذِ قَبْلَ غَلَيَانِه، حتى صار غيرَ مُسْكِرٍ، كالدِّبْسِ، ورُبِّ الخَرُّوبِ (3)، وغيرِهما من المُرَبَّيَاتِ والسُّكَّرِ، فهو مُباحٌ؛ لأنَّ التَّحْريمَ إنَّما ثبتَ في المُسْكِرِ، ففيما عَداهُ يَبْقَى على أصلِ إباحَتِه (4). وما أسْكَرَ كثيرُه فقليلُه حَرامٌ، سواءٌ ذهبَ منه الثُّلُثانِ، أو أقَلُّ، أو أكثرُ. قال أبو داودَ: سألتُ أحمدَ، عن شُرْبِ الطِّلَاءِ إذا ذهبَ ثُلُثاهُ، وبَقِىَ ثُلثُه؟ قال: لا بأْسَ به. قيل لأحمدَ: إنَّهم يقولونَ: إنَّه يُسْكِرُ. قال: لا يُسْكِرُ، ولو كان يُسْكِرُ ما أحلَّه عمرُ.
فصل: ولا بأْسَ بالفُقَّاعِ (5). وبه قال إسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ. ولا أعلَمُ فيه خلافًا؛ لأنَّه لا يُسْكِرُ، وإذا تُرِكَ يَفْسُدُ، بخلافِ الخمرِ، والأشياءُ على الإِباحةِ، ما لم يَرِدْ بتَحْريمِها حُجَّةٌ.
فصل: ويجوزُ الانْتِباذُ في الأوْعِيَةِ كلِّها. وعن أحمد، أنَّه كَرِه الانْتِباذَ في الدُّبَّاءِ
(1) على تقدير: "أو أن تأتى".
(2)
في: باب في النبيذ إذا غلى، من كتاب الأشربة. سن أبي داود 2/ 301.
كما أخرجه النسائي، في: باب ذكر الأخبار التي اعتلَّ بها من أباح شراب المسكر، من كتاب الأشربة. المجتبى 8/ 292. وابن ماجه، في: باب نبيذ الجر، من كتاب الأشربة. سنن ابن ماجه 2/ 1128.
(3)
في ب، م:"الخرنوب". ورب الخروب: سلافة خثارة ثمره بعد اعتصارها.
(4)
في ب، م:"الإباحة".
(5)
في م: "القطاع" تحريف. والفقاع؛ كرمان: هذا الذي يشرب، أسمى به لما يرتفع في رأسه من الزبد.