الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خالَفْناه في هذه العِظامِ لقَضاءِ عُمرَ، رضي الله عنه، فَفِيما عَداها (8) يَبْقَى على مُقْتَضَى الدَّليلِ، ومَا عدَا هذه العظامَ، كعَظْمِ الظَّهْرِ وغيرِه، ففيه الحُكومةُ، ولا نَعْلَمُ فيها (9) مُخالِفًا، وإنْ خالفَ فيها مُخالِفٌ، فهو قولٌ شاذٌّ لا يسْتَنِدُ إلى دليلٍ يُعْتَمَدُ عليه، ولا يُصارُ إليه.
1513 - مسألة؛ قال: (والشِّجَاجُ الَّتِي لَا تَوْقِيتَ فِيهَا، أوَّلُهَا الْحَارِصَةُ، وَهِيَ التي تحْرُصُ الْجِلْدَ)
يعني تشُقُّه قليلًا. وقال بعضُهم: هي الحارِصَةُ، ثُمَّ الباضِعَةُ، وهي التي تشُقُّ اللَّحْمَ بعدَ الجِلْدِ، ثم البازِلةُ، وهي التي يَسِيلُ منها الدَّمُ، ثم المُتَلاحِمَةُ، وهي التي (1) أخَذَت في اللَّحْمِ، ثمَّ السِّمْحَاقُ، وهي التي بيْنَها وبينَ العَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ، ثم المُوضِحَةُ. هكذا وقعَ في النُّسَخِ التي وصلَتْ إلينا: الحارِصَة، ثم الباضِعَة. ثم البازِلَة. ولعلَّه مِنْ غَلَطِ الكاتبِ، والصّوابُ: الحارِصة، ثم البازِلة، ثم الباضِعةُ، هكذا رَتَّبها سائرُ منْ عَلِمْنا قولَه من أهلِ العلم. ولأنَّ الباضِعةَ (2) التي تشُقُّ اللَّحْمَ بعدَ الجِلْدِ، فلا يُمْكِنُ وُجودُها قبلَ البازِلة التي يَسِيلُ منها الدَّمُ، وتُسَمَّى الدَّامِعَة، لقلَّة سَيلانِ دَمِها، تشْبِيهًا له بخُروجِ الدَّمْعِ من العَيْنِ، والتى تشُقُّ اللحمَ بعدَ الجلْدِ يَسيلُ منها دمٌ كثيرٌ في الغالبِ، فكيفَ يصِح جَعْلُها سابقةً على ما لا يَسِيلُ (3) منها إلَّا دَمٌ يَسِيرٌ كَدَمْع العين! ويدُلُّ على صِحَّةِ ما ذكرْناهُ أنَّ زيدَ بنَ ثابتٍ، جَعل في البازِلةِ بعيرًا، وفي الباضِعَةِ بَعِيرَيْنِ (4). وقولُ الْخِرَقِيِّ: الشِّجاجُ. يعني: جِراحَ الرَّأْسِ والوَجْهِ؛ فإنَّه يُسَمَّى
(8) في الأصل: "عداه".
(9)
في م: "فيه".
(1)
سقط من: ب.
(2)
في ب زيادة: "هي".
(3)
في م: "يسهل".
(4)
أخرجه البيهقي، في: باب ما دون الموضحة من الشجاج، من كتاب الديات. السنن الكبرى 8/ 84.
شِجَاجًا خاصَّةً، دُونَ جِراحِ سائرِ البدن. والشِّجاجُ المسمَّاةُ عشرٌ؛ خَمْسٌ منها أرْشُها مُقَدَّرٌ، وقد ذكرنَاها، وخَمْسٌ لا تَوْقيتَ فيها. قال الأصْمَعِيُّ: أوَّلُها الحارِصَةُ، وهي التي تَشُقُّ الجِلْدَ قليلًا. يعني تَقْشِرُ شَيئًا يَسِيرًا من الجلدِ، لا يظْهَرُ منه دَمٌ، ومنه: حَرَصَ القَصَّارُ الثَّوبَ. إذا شَقَّهُ قليلًا. ثم البازِلةُ، وهي التي ينْزِلُ منها الدَّمُ. أي يَسِيل. وتُسَمَّى الدَّامِيَةَ أيضًا، والدَّامِعةَ، ثمَّ الباضِعةُ، وهي التي تشُقُّ اللَّحْمَ بعدَ الجِلْدِ. ثم المُتَلاحِمَةُ، وهي التي أخَذَتْ في اللَّحمِ، يعني دخَلَتْ فيه دُخولًا كثيرًا يَزيدُ على الباضِعة، ولم تبلُغ السِّمْحاقَ. ثم السِّمْحاقُ، وهي التي تَصِل إلى قِشْرةٍ رَقيقةٍ فوقَ العَظْمِ، تُسَمَّى تلك القِشْرةُ سِمْحاقًا، وسُمِّيَت الجراحُ الواصلةُ إليها بها، ويُسَمِّيها أهلُ المدينةِ المَلْطَا والمَلْطاةَ، وهي التي (5) تأخذُ اللَّحمَ كلَّه حتّى تَخْلُصَ منه. ثم المُوضِحَةُ، وهي التي تَقْشِرُ تلك الجلدةَ، وتُبْدِي وَضَحَ العَظْمِ، أي (6) بَياضَه، وهي أوَّلُ الشِّجاجِ المُوَقَّتَةِ، وما قَبْلَها من الشِّجاجِ الخمسِ فلا تَوْقِيتَ فيها، في الصَّحيحِ مِنْ مَذهبِ أحمدَ. وهو قولُ أكثرِ الفقهاءِ. يُرْوَى ذلك عن عمرَ بنِ عبدِ العزيز، ومالكٍ، والأوْزاعيِّ، والشَّافعيِّ، وأصْحابِ الرَّأْيِ. ورُوِيَ عن أحمدَ، روايةٌ أُخْرَى، أنَّ في الدَّامِيَةِ بَعِيرًا، وفي الباضِعَةِ بَعِيرَيْنِ، وفي المُتلَاحِمَةِ ثلاثةً، وفي السِّمْحاقِ أربعةَ أبْعِرَةٍ؛ لأنَّ هذا يُرْوَى (7) عن زيدِ بنِ ثابتٍ (8). ورُوى عَن عليٍّ، رضي الله عنه، في السِّمْحاقِ مثلُ ذلك (8). رواه سعيدٌ عنهما. وعن عمرَ وعثمانَ، رضي الله عنهما، فيها نِصفُ أرْشِ المُوضِحَةِ (9). والصَّحيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّها جِراحاتٌ لم يَرِدْ فيها تَوْقِيتٌ في الشَّرعِ، فكانَ الواجبُ فيها حكومةً، كجراحاتِ البدَنِ. رُوِيَ عن مَكحُولٍ، قال: قضَى النَّبِيُّ
(5) سقط من: ب.
(6)
في الأصل: "إلى".
(7)
في ب: "روى".
(8)
وأخرجه عن زيد وعلى البيهقى، في: باب ما دون الموضحة من الشجاج، من كتاب الديات. السنن الكبرى 8/ 84. وعبد الرزاق، في: باب الملطأة وما دون الموضحة، من كتاب العقول. المصنف 9/ 312، 313.
(9)
أخرجه عبد الرزاق، في الموضع السابق.