الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّوْبُ بينَ يدَيْه، أو غيرُه من المتاعِ، كَبَزِّ البَزَّازِين، وقُماشِ الباعَةِ، وخُبْزِ الخَبَّازِينَ، بحيثُ يُشاهِدُه، وينْظُرُ إليه، فهو مُحْرَزٌ، وإن نامَ، أو كانَ غائبًا عن مَوْضع مُشاهدَتِه، فليس بِمُحْرَزٍ. وإن جعلَ المتاعَ في الغَرائرِ، وعَلَّمَ عليها، ومعها حافِظٌ يُشاهِدُها، فهى مُحْرَزَةٌ، وإلَّا فلا.
فصل:
والخَيْمَةُ والخَرْكاهُ (63) إن نُصِبَتْ، وكان فيها أحَدٌ نائمًا أو مُنْتَبِهًا، فهى مُحْرَزَةٌ وما فيها؛ لأنَّها هكذا تُحْرَزُ في العادَةِ، وإن [لم] يكُنْ فيها أحَدٌ، ولا عندَها حافِظٌ، فلا قَطْعَ على سارقِها. وممَّن أوْجبَ القَطْعَ في السَّرِقَةِ من الفُسْطاطِ؛ الثَّورِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، إلَّا أنَّ أصحابَ الرَّأْىِ قالوا: يُقْطَعُ السَّارِقُ من الفُسْطَاطِ، دُونَ سارِقِ الفُسْطَاطِ. ولَنا، أنَّه مُحْرَزٌ بما جَرَتْ به العادَةُ، أشْبَهَ ما فيه.
فصل: وحِرْزُ البَقْلِ، وقُدورِ الباقِلَّاءِ، ونحوِها بالشَّرائجِ (64) من القَصَبِ أو الخَشَبِ، إذا كان في السُّوقِ حارِسٌ، وحِرْزُ الخَشَبِ والحَطَبِ والقَصَبِ في الحظائِرِ، وتَعْبِئَةُ بعضِه على بعضٍ، وتَقييدُه بِقَيْدٍ، بحيثُ يَعْسُرُ أخْذُ شيءٍ منه، على ما جَرَتْ به العادَةُ، إلَّا أنْ يكونَ في فُنْدُقٍ مُغْلَقٍ عليه، فيكونُ مُحْرَزًا وإن لم يُقَيَّدْ (65).
فصل: والإِبِلُ على ثلاثَةِ أضْرابٍ؛ بارِكَةٌ، وراعِيَةٌ، وسائِرَةٌ، فأمَّا البارِكَةُ فإن كانَ معها حافِظٌ لها، وهى معقولَةٌ، فهى مُحْرَزَةٌ، وإن لم تكُنْ مَعْقُولَةً، وكان الحافِظُ ناظرًا إليها، أو مُسْتيقِظًا بحيثُ يرَاها، فهى مُحْرَزَةٌ، وإن كان نائِمًا، أو مَشْغُولًا عنها، فليسَتْ مُحْرَزَةً؛ لأنَّ العادَةَ أنَّ الرُّعَاةَ إذا أرادوا النَّومَ عَقَلُوا إبلَهم؛ ولأنَّ حَلَّ المعقُولَةِ يُنَبِّهُ
= السرقة بعد ما سرق، من كتاب الحدود. سنن الدارمي 2/ 172. والإِمام مالك، في: باب ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان، من كتاب الحدود. الموطأ 2/ 834، 835.
(63)
الخركاه: الخيمة الكبيرة، وتطلق على سرادق الملوك والوزراء. الألفاظ الفارسية المعربة 53، 54.
(64)
الشرائج: جمع الشريجة، وهى جديلة من قصب أو خشب.
(65)
في الأصل: "يقيده".
النَّائِمَ والمُشْتَغِلَ. وإن لم يكُنْ معها أحَدٌ، فهى غيرُ (66) مُحْرَزَةٍ، سَواءٌ كانتْ معقولَةً أو لم تكُنْ. وأمَّا الرَّاعِيَةُ، فحِرْزُها بنَظَرِ الرَّاعِى إليها، فما غابَ عن نَظَرِه، أو نامَ عنه، فليس بمُحْرَزٍ؛ لأنَّ الرَّاعِيَةَ إنَّما تُحْرَزُ بالرَّاعِى ونَظَرِه، وأمَّا السائِرَةُ، فإن (66) كان معها مَن يسوقُها، فحِرْزُها نَظَرُه إليها، سواءٌ كانت مَقْطُورةً (67) أو غيرَ مَقْطَورةٍ (67). وما كانَ منها بحيثُ لا يرَاه، فليس بمُحْرَزٍ. وإن كان معها قائِدٌ، فحِرْزُها أن يُكْثِرَ الالتفاتَ إليها، والمُراعاةَ لها، ويكونَ بحيثُ يَراهَا إذا الْتفَتَ. وبهذا قالَ الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يُحْرِزُ القائِدُ إلَّا التي زمامُها بيدِه؛ لأنَّه يُولِيها ظهرَه، ولا يراها إلَّا نادرًا، فيُمْكِنُ أخْذُها من حيثُ لا يشْعُرُ. وَلنا، أنَّ العادةَ في حِفْظِ الإِبلِ المَقْطُورةِ (68) بِمُراعاتِها، بالالْتفاتِ، وإمْساكِ زِمامِ الأوَّلِ، فكان ذلك حِرْزًا لها، كالتى زِمامُها في يدِه. فإن سَرَقَ من أحْمالِ الجمالِ السائرةِ المُحْرَزَةِ مَتاعًا قيمتُه نصَابٌ، قُطِعَ، وكذلك إن [سَرَقَ الْحِمْلَ، وإن](69) سرَق الجملَ بما عليه، وصاحِبُه نائِمٌ عليه، لم يُقْطَعْ؛ لأنَّه في يدِ صاحِبِه، وإن لم يكُنْ [صاحِبُه نائِمًا عليه](70)، قُطِعَ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا قَطْعَ عليه؛ لأنَّ ما في الحِمْلِ مُحْرَزٌ به، فإذا أَخَذَ جميعَه، لم يَهْتِكْ حِرْزَ المَتاعِ، فصَارَ كما لو سَرَقَ أجْزاءَ الحِرْزِ. ولَنا، أن الجَمَلَ مُحْرَزٌ بصاحِبِه، ولهذا لو لم يكُنْ معه [لم يكنْ](71) مُحْرَزًا، فقد سَرَقَه من حِرْزِ مِثْلِه، فأشْبَهَ ما لو سَرَقَ المتاعَ. ولا نُسَلِّمُ أنَّ سَرِقَةَ الحِرْزِ مِنْ حِرْزِهِ لا تُوجِبُ القَطْعَ، فإنَّه لو سَرَقَ الصُّنْدُوقَ بما فيه من بَيْتٍ هو مُحْرَزٌ فيه، وجبَ قَطْعُه. وهذا التَّفْصيلُ في الإِبلِ التي في الصَّحْراءِ، فأمَّا التي في البيوتِ والمكانِ المُحْصَنِ، على الوجْه الذي ذكرْنَاه في الثِّيابِ،
(66) سقط من: م.
(67)
في م: "مقطرة".
(68)
في النسخ: "المقطرة". وأثبتنا ما تقدم.
(69)
سقط من: ب.
(70)
سقط من: الأصل، ب.
(71)
سقط من: ب، م.