الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1479 -
مسألة؛ قال: (وَإذَا شَرِبَتِ الْحَامِلُ دَوَاءً، فَألْقَتْ بِهِ (1) جَنِينًا، فَعَلَيْهَا غُرَّةٌ، لَا تَرِثُ مِنْهَا شَيْئًا، وتَعْتِقُ رَقَبَةً)
ليس في هذه الجملة اختلافٌ بينَ أهلِ العلمِ نَعْلَمُه، إلَّا ما كان من قولِ مَنْ لم يُوجِبْ عِتْقَ الرَّقَبةِ، على ما قَدَّمْنا، وذلك لأنَّها أسْقَطَتِ الْجَنِينَ بفِعْلِها وجنايَتِها، فلَزِمَها ضَمانُه بالغُرَّةِ، كما لو جَنَى عليه غيرُها، ولا تَرِثُ من الغُرَّةِ شيئًا؛ لأَنَّ القاتلَ لا يَرِثُ المَقْتُولَ، وتكونُ الغُرَّةُ لسائرِ ورَثَتِه، وعليها عِتْقُ رَقَبةٍ؛ لما (2) قَدَّمْنا. ولو كان الجانِى المُسْقِطُ للجَنينِ أبَاه، أو غيرَه من ورَثَتِه، فعليه غُرَّةٌ، لا يَرِثُ منها شيئًا، ويَعْتِقُ رقَبةً. وهذا قولُ الزُّهْرِىِّ، والشافعىِّ، وغيرِهِما.
فصل:
وإن جَنَى على بَهِيمَةٍ، فألْقَتْ جَنِينَها، ففيه ما نَقَصَها، في قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ. وحُكِىَ عن أبي بكرٍ، أنَّ فيه عُشْرَ قِيمَةِ أُمِّه؛ لأنَّه (3) جِنايةٌ على حَيَوانٍ ملكَ (4) بَيْعَه أَسْقَطَتْ جَنِينَه، أشْبَهَ جَنِينَ الأمَةِ. وهذا لا يَصِحُّ؛ لأنَّ الجنايةَ على الأمَةِ تُقَدَّرُ من قِيمَتِها، ففى يَدِها نِصْفُ قِيمَتِها، وفي مُوضِحَتِها نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِها، فقُدِّرَ (5) جَنِينُها من قِيمَتِها، كبعضِ أعْضائِها، والبَهِيمةُ إنَّما يَجِبُ في الجنايةِ عليها قَدْرُ نَقْصِها، فكذلك في جَنِينِها، ولأنَّ الأمَةَ آدَمِيَّةٌ، أُلْحِقَتْ بالأَحْرارِ في تَقْدِيرِ أعْضائِها من دِيَتِها، والبَهِيمةُ بخِلافِ ذلك.
1480 - مسألة؛ قال: (وإذَا رَمَى ثَلَاثَةٌ بِالمَنْجَنِيقِ، فَرَجَعَ الْحَجَرُ، فقَتَلَ
(1) سقط من: ب.
(2)
في ب، م:"كما".
(3)
في ب: "لأنها".
(4)
في م: "يملك".
(5)
في م: "بقدر". تصحيف.
رَجُلًا، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فِي مَالِهِ)
أمَّا عِتْقُ رَقَبةٍ على كلِّ واحدٍ منهم، فلا نعلمُ فيه خلافًا بين أهلِ العلمِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم مُشارِكٌ في إتلافِ آدَمِىٍّ مَعْصُومٍ، والكَفَّارةُ لا تتَبَعَّضُ، فكَمَلتْ في حَقِّ كلِّ واحدٍ منهم، ثم لا يَخْلُو من حالَيْنِ؛ أحدهما، أن يَقْتُلَ واحدًا منهم. والثانى، أن يَقْتُلَ واحدًا من غيرِهم. [فإنْ كان الْمَقتولُ مِن غيرِهم](1)، فعلى كلِّ واحدٍ عِتْقُ رقَبةٍ، كما ذكرْنا، والدِّيَةُ على عَواقِلِهِم أثْلاثًا؛ لأنَّ العاقلةَ تَحْمِلُ الثُّلثَ فما زاد، وسواءٌ (2) قَصَدُوا رَمْىَ واحدٍ بعَيْنِه، أو رَمْىَ جَماعةٍ، أو لم يَقْصِدُوا ذلك، إلَّا أنَّهم إن لم يَقْصِدُوا قَتْلَ آدَمِىٍّ مَعْصُومٍ، فهو خَطَأٌ دِيَتُه دِيَةُ الخطإِ، وإن قَصَدُوا رَمْىَ جماعةٍ أو واحدٍ بعَيْنِه، فهو شِبْهُ عَمْدٍ؛ لأنَّ قَصْدَ الواحِدِ بعَيْنِه بالمَنْجَنِيقِ لا يكادُ يُفْضِى إلى إتْلافِه، فتكونُ دِيَتُه مُغَلَّظةً على العاقِلَةِ، إلَّا أنَّها في ثلاثِ سِنِينَ. وعلى قولِ أبى بكرٍ، لا تَحْمِلُ العاقلةُ دِيةَ شِبْهِ العَمْدِ، فلا تَحْمِلُه ههُنا. الثاني، أن يُصِيبَ رَجُلًا منهم، فعلى كلِّ واحدٍ كفَّارةٌ أيضًا، ولا تَسْقُطُ عَمَّنْ أصَابَه الحَجَرُ؛ لأنَّه شارَكَ في قَتْلِ نَفْسٍ مُؤْمِنَةٍ، والكَفَّارةُ إنَّما تَجِبُ لِحَقِّ اللَّه تعالى، فوَجَبَتْ عليه بالمُشارَكةِ في نَفْسِه، كوُجُوبِها بالمُشاركةِ في قَتْلِ غيرِه. وأمَّا الدِّيَةُ، ففيها (3) ثلاثةُ أوْجُهٍ، أحدها، أنَّ على عاقلةِ كلِّ واحدٍ منهم ثُلثَ دِيَتِهِ لوَرَثةِ المَقْتُولِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم مُشارِكٌ في قَتْلِ نفسٍ مُؤْمنَةٍ خَطَأً، فلَزِمَتْه دِيَتُها، كالأجانبِ. وهذا يَنْبَنِى على إحْدَى الرِّوايتَيْنِ، في أنَّ جِنايةَ المَرْءِ على نفسِه أو أهْلِه خَطَأٌ يتَحَمَّلُ (4) عَقْلَها عاقِلَتُه. الوَجْهُ الثاني، أنَّ (5) ما قابَلَ فِعْلَ المقْتولِ ساقِطٌ، لا
(1) سقط من: م. نقل نظر.
(2)
سقطت الواو من: م.
(3)
في ب: "ففيه".
(4)
في ب، م:"يحمل".
(5)
سقط من: م.