الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ قَصَدَهما أو قَصَدَ أحَدَهُما، ولا العَدِيدُ، وهو الذي لا عَشِيرةَ له، يَنْضَمُّ إلى عَشيرةٍ، فيَعُدُّ نَفْسَه معهم. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَعْقِلُ مَوْلَى المُوالاةِ ويَرِثُ. وقال مالكٌ: إذا كان الرجلُ في غير (17) عَشِيرَتِه، فعَقْلُه على القومِ الذي هو معهم. ولَنا، أنَّه مَعْنًى يتَعَلّقُ بالتَّعْصِيبِ (18)، فلا يُسْتَحَقُّ بذلك، كوِلايةِ النِّكاحِ.
فصل:
ولا مَدْخَلَ لأَهْلِ الدِّيوانِ في المُعاقَلَةِ. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: يتَحَمَّلُونَ (19) جَمِيعَ الدِّيَةِ، فإن عُدِمُوا فالأقارِبُ حينئذٍ يَعْقِلُونَ؛ لأنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، جَعَلَ الدِّيةَ على أهْلِ الدِّيوانِ في الأَعْطِيةِ في ثلاثِ سِنِينَ (20). ولَنا، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بالدِّيَةِ على [عَصَبةِ القاتِلَةِ](21)، ولأنَّه مَعْنًى لا يُسْتَحقُّ به الميراثُ، فلم يُحْمَلْ به (22) العَقْلُ، كالجِوَارِ واتِّفاق المَذاهِبِ، وقَضَاءُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى من قَضَاءِ عمرَ، على أنَّه إن صَحَّ ما ذُكِرَ عنه، فيَحْتَمِلُ أنَّهم كانوا عَشِيرةَ القاتِلِ.
فصل: ويَشْتَرِكُ في العَقْلِ الحاضِرُ والغائبُ. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال مالكٌ: يَخْتَصُّ به الحاضِرُ؛ [لأنَّ التَّحَمُّلَ](23) بالنُّصْرَةِ، وإنَّما هي بين الحاضِرِينَ، ولأنَّ في قِسْمَتِه على الجَمِيعِ مَشَقَّةٌ. وعن الشافعيِّ كالمَذْهبَيْن. ولَنا، الخبرُ، وأنَّهم اسْتَوَوْا في التَعْصِيبِ والإِرْثِ، فاسْتَوَوْا في تَحَمُّلِ العَقْلِ، كالحاضِرِينَ، ولأنَّه مَعْنًى يتعَلَّقُ بالتَّعْصِيبِ، فاسْتَوَى فيه الحاضِرُ والغائبُ، كالمِيراثِ والوِلايةِ.
فصل: ويَبْدَأُ في قِسْمَتِه بين العاقلةِ بالأقْرَبِ فالأقْرَبِ، يُقْسَمُ على الإِخْوَةِ وبَنِيهِم،
(17) سقط من: ب.
(18)
في م: "بالعصبة".
(19)
في ب: "يحملون".
(20)
أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب الدية في كم تؤدى، من كتاب الديات. المصنف 9/ 284، 285، وعبد الرزاق، في: باب في كم تؤخذ الدية، من كتاب العقول. المصنف 9/ 420.
(21)
في م: "العاقلة".
(22)
سقط من: م.
(23)
سقط من: ب.
والأعْمامِ وبَنِيهِم، ثم أعْمامِ الأَبِ، ثم بَنِيهِم، ثم أعْمامِ الجَدِّ، ثم بَنِيهِم، كذلك أبدًا، حتى إذا انْقَرَضَ المُناسِبُونَ، فعلى المَوْلَى المُعْتِقِ، ثم على عَصَباتِه، ثم على مَوْلَى المَوْلَى، ثم على عَصَباتِه، الأقْرَبِ فالأقربِ، كالمِيراثِ سواءً. وإن قُلْنا: الآباءُ (24) والأبْناءُ من العاقلةِ، بُدِئَ بهم؛ لأنَّهم أقْرَبُ. ومتى اتَّسَعَتْ أمْوالُ قَوْمٍ للعَقْلِ، لم يَعْدُهم إلى مَنْ بَعْدَهم؛ لأنَّه حَقٌّ يُسْتَحَقُّ بالتَّعْصِيبِ، فقُدِّمَ (25) الأقْرَبُ فالأقربُ، كالمِيراثِ ووِلايةِ النِّكاحِ. وهل يُقَدّمُ مَنْ يُدْلِى بالأَبَوَيْنِ على مَنْ يُدْلِى بالأبِ؟ على وَجْهَيْن؛ أحدهما، يُقَدّمُ؛ لأنَّه يُقَدَّمُ في المِيراثِ، فقُدِّمَ في العَقْلِ، كتَقْدِيمِ الأخِ على ابْنِه. والثاني، يَسْتَوِيانِ؛ لأنَّ ذلك يُسْتَفادُ بالتَّعْصِيبِ، ولا أثَرَ للأُمِّ في التَّعْصِيبِ. والأوّلُ أوْلَى، إن شاء اللهُ تعالى؛ لأنَّ قَرابةَ الأُمِّ تُؤَثِّرُ في التَّرْجيحِ والتَّقْديمِ وقُوَّةِ التَّعْصِيبِ، لاجْتماعِ القَرَابَتَيْنِ على وَجْهٍ لا تَنْفَرِدُ كلُّ واحدَةٍ بحُكْمٍ، وذلك لأنَّ القَرابتَيْنِ تَنْقَسِمُ إلى ما تَنْفَرِدُ [كلُّ واحدةٍ](26) منهما بحُكْمٍ، كابْنِ العَمِّ إذا (27) كان أخًا من أُمٍّ، فإنَّه يَرِثُ بكلِّ واحدةٍ من القَرابتَيْنِ مِيراثًا مُنْفَردًا، يَرِثُ السُّدُسَ بالأخُوَّةِ، ويَرِثُ بالتَّعْصِيبِ ببُنُوَّةِ العَمِّ، وحَجْبُ إحْدَى (28) القَرابتَيْنِ لا يُؤَثِّرُ في حَجْبِ الأُخْرَى، فهذا لا يُؤَثِّرُ في قُوَّةٍ ولا تَرْجيحٍ، ولذلك لا يُقَدَّمُ ابنُ العَمِّ الذي هو أخٌ من أُمٍّ على غيرِه، ومالا يَنْفَرِدُ كلُّ واحدٍ (29) منهما بحُكْمٍ (30)، كابْنِ العَمِّ من أبَوَيْنِ مع ابْنِ عَمٍّ من أبٍ، لا تَنْفَرِدُ إحْدَى (28) القَرابتَيْنِ بميراثٍ عن الأُخْرَى، فتُؤَثِّرُ في التَّرْجيحِ وقُوَّةِ التَّعْصِيبِ، ولذلك أثَّرتْ في التَّقْديمِ (31) في الميراثِ، فكذلك في غيرِه. وبما ذكَرْناه قال الشافعيُّ. وقال أبو
(24) في م: "للآباء".
(25)
في م: "فيقدم".
(26)
سقط من: ب، م.
(27)
في م: "إن".
(28)
في ب: "أحد".
(29)
في ب: "واحدة".
(30)
سقط من: ب.
(31)
في الأصل: "التقدم".