الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثّاني الألفاظ ذات الصلة بالقربة
الفرع الأوّل العبادة
المسألة الأولى: العبادة في اللُّغة
العبادة في اللُّغة هي: الطّاعة مع الخُضُوع، ومنه طريق مُعَبَّد، إذا كان مذللًا بكثرة الوطء، وقال ابن الأنباري (1): فلان عابد: وهو الخاضع لربه المستسلم لقضائه، المنقاد لأمره.
وقوله تعالى: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البقرة: 21] أي: أطيعوا ربكم، وقيل في قوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5]: إياك نوحد، والعابد: الموحِّد (2).
المسألة الثّانية: العبادة في الاصطلاح الشرعي
عرّف العلماء العبادة بتعريفات كثيرة، إِلَّا أنّه يُلْحظ أنّهم انقسموا في تعريفها إلى فريقين:
الفريق الأوّل: من اشترط في العبادة النية: وهم الحنفية.
ومن تعريفات هؤلاء:
(1) هو: محمّد بن القاسم بن بشار أبوبكر ابن الأنباري المُقرئ النحوي، ولد سنة 272 هـ، كان من أعلم النَّاس بنحو الكوفبين، وأكثرهم حفظًا للغة، وكان خيرًا من أهل السُّنَّة، له مؤلفات كثيرة منها: غريب الحديث، وكتاب الهاءات، وشرح الكافي، وكتاب المذكر والمؤنث، وغيرها، توفي سنة 327 هـ:(سير أعلام النُّبَلاء: 15/ 274، معجم الأدباء لياقوت: 18/ 312).
(2)
تهذيب اللُّغة للأزهري: 2/ 234، 236، ولسان العرب: 3/ 270 وما بعدها.
التعريف الأوّل: "هي ما يثاب على فعله، ويتوقف على نيّة"(1).
التعريف الثّاني: "هي ما كان طاعة لله منويًا به، سواء كان فعلًا كالصلاة، أو تركًا كالزنا"(2).
التعريف الثّالث: "هي ما افتقر من الطاعات إلى النية"(3).
وبناء على هذه التعاريف قالوا: إنَّ الوضوء ليس بعبادة؛ لعدم افتقاره إلى النية. ومعني ذلك أن الوضوء يكون صحيحًا، وتصح به الصّلاة، لكنه لايسمى عبادة إِلَّا إذا نواه العبد. قال ابن عابدين: "وإنّما تسن النية في الوضوء، ليكون عبادة، فإنّه بدونها لا يسمى عبادة
…
وإنَّ صحت به الصّلاة" (4).
وردّ ذلك العلماء: بأن العبادة مشتقة من التعبد، وعدم النية لا يمنع كونه عبادة (5).
الفريق الآخر: وهم الذين لم يشترطوا النية في العبادة، وقد عرفوها بتعريفات منها:
التعريف الأوّل: "طاعة العبد لربه"(6).
التعريف الثّاني: "هي موافقة الأمر"(7).
التعريف الثّالث: "هي فعل المكلَّف على خلاف هوى نفسه تعظيمًا لربه"(8).
(1) حاشية ابن عابدين: 1/ 72.
(2)
البحر المحيط للزركشي: 1/ 293.
(3)
المرجع السابق نفسه.
(4)
حاشية ابن عابدين: 1/ 72.
(5)
البحر المحيط للزركشي: 1/ 294.
(6)
شرح حدود ابن عرفة: 1/ 109.
(7)
البحر المحيط للزركشي: 1/ 293.
(8)
التعريفات للجرجاني ص/ 160.