الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: أن يكون عجزًا مؤقتًا
.
كالعجز الناشئ بسبب السَّفر، أو المرض الطارئ، أو الحمل، أو الرضاع، ونحو ذلك. فهؤلاء يجب عليهم القضاء بعد زوال العذر المانع من الصوم، وليس لهم الإنابة، وكل ذلك لا خلاف فيه بين أهل العلم (1).
الميِّت" (2).
هل خولف هذا الإجماع
؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اختياراته: "وإن تبرع إنسان بالصوم عمن لم يطقه لكبره، ونحوه، أو عن ميت، وهما معسران توجه جوازه؛ لأنّه أقرب إلى المماثلة من المال. وحكى القاضي في صوم النَّذْر في حياة الناذر نحو ذلك"(3).
قال النووي: "وأجمعوا على أنّه لا يصام عن أحد في حياته، وإنّما الخلاف في فيلحظ من خلال كلام شيخ الإسلام أنّه يجيز النِّيابة في الصوم عن الحي بشروط:
الشرط الأوّل: أن يكون النائب متبرعًا، فإن كانت النِّيابة بعوض فلا تجوز.
(1) المبسوط للسرخسي: 3/ 89 - 90، بدائع الصنائع: 2/ 103، 4/ 191، البحر الرائق لابن نجيم: 2/ 306، حاشية ابن عابدين: 2/ 117 - 118، المنتقى للباجي: 2/ 63، عارضة الأحوذي لابن العربي: 3/ 240، التاج والإكليل للمواق بهامش مواهب الجليل: 5/ 422 - 423، حاشية الدسوقي: 2/ 18، جواهر الإكليل للآبي: 2/ 189، المجموع للنووي: 6/ 371، مغني المحتاج للشربيني: 1/ 439، حاشية قليوبي: 2/ 67، المغني لابن قدامة: 4/ 393 - 397، كشاف القناع للبهوتي: 2/ 333 - 335، حاشية ابن قاسم على الروض المربع: 3/ 440، المحلى لابن حزم: 8/ 191.
(2)
شرح النووي على مسلم: 8/ 26.
(3)
الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية لعلّاء الدِّين البعلي: ص/109، والفروع لابن مفلح: 3/ 96، وانظر: شرح العمدة، كتاب الصِّيام لشيخ الإسلام ابن تيمية: 1/ 367، الإنصاف للمرداوي: 3/ 335.
الشرط الثّاني: أن يكون المنوب عنه عاجزًا عجزًا دائمًا، فإن كان عجزه مؤقتًا فلا تجوز النِّيابة عنه.
الشرط الثّالث: أن يكون المنوب عنه معسرًا لا يقدر على الفدية، فإن كان قادرًا على الفدية فلا تجوز النِّيابة عنه.
وقد علل شيخ الإسلام ذلك بقوله: "لأنّه أقرب إلى المماثلة من المال، ومعنى ذلك: أن صيام النائب في هذه الحالة أقرب إلى مماثلة الصِّيام الواجب على العاجز من مماثلة الفدية للصيام الواجب عليه، ولما كان صيام النائب في هذه الحالة أقرب إلى المماثلة من المال، أو الفدية توجه جوازه.
وعلى هذا، فإن ما ذكره شيخ الإسلام، وما حكاه القاضي أبو يعلى يخالف حكاية الإجماع السابق في أنّه لا تجوز النِّيابة عن الحي، سواء أكان قادرًا أم عاجزًا.
ولكن ما ذكره شيخ الإسلام يمكن مناقشته كما يلي:
أوَّلًا: أن هذا يخالف ما اتفق عليه الأئمة الأربعة، بل ما أجمع عليه العلماء - على ما ذُكر سابقًا - من أن النِّيابة في الصوم عن الحي لا تجوز سواء أكان قادرًا أم عاجزًا على ما سبق تفصيله.
ثانيًا: أن النصوص الدالة على جواز النِّيابة في الصوم إنّما جاءت في حق الميِّت - على خلاف في ذلك كما سيأتي -، ولم يردّ نصّ واحد يدلُّ على جواز النِّيابة عن الحي.
ثالثًا: أن شيخ الإسلام ابن تيمية رغم وجود النصوص الكثيرة الدالة على جواز النِّيابة عن الميِّت في الصِّيام، ورغم صراحة بعضها- كما سيأتي- لم يأخذ بها إِلَّا في النَّذْر خاصّة (1) - كما سيأتي -، فإن كانت النِّيابة عن الميِّت في الصوم لا تجوز عنده، فعدم الجواز عن الحي أولى.
(1) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: 25/ 269، كتاب الصِّيام من شرح العمدة لابن تيمية: 1/ 367 وما بعدها.