الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د- أن هذه الأحاديث ليس عليها العمل عند أهل المدينة
" (1).
وهذا ما أجاب به المالكية عن هذه الأحاديث، فقالوا: إن الذي عليه العمل عند أهل المدينة هو الإطعام دون الصيام (2).
والجواب عن ذلك:
أن الحجة إنما هي في ما جاءنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا بما رآه أهل المدينة، وهذه حجة لا يتمسك بها منصف في مقابلة الأحاديث الصحيحة الصريحة (3).
ثانيًا: ما أجاب به الذين حملوها على النذر فقط:
ناقش أصحاب القول الثالث هذه النصوص، بأنها محمولة على صوم النذر، والنصوص الواردة في النيابة في الصوم عندهم على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما جاء فيه الصيام مطلقًا، وأنه يطعم عنه، كما في حديث ابن عمر السابق (4).
والحكم في هذا القسم أنه يحمل على الصوم الواجب بأصل الشرع، وهو صوم رمضان والكفارة؛ فهذا يطعم عنه (5).
القسم الثاني: ما جاء فيه ذكر النيابة في الصوم مطلقًا، ولم يذكر فيه الإطعام،
(1) مفهوم أهل المدينة عند المالكية هو "ما اتفق عليه العلماء والفضلاء بالمدينة كلهم، أو أكثرهم في زمن الصحابة والتابعين، سواء أكان سنده نقلاً، أو اجتهادًا": أصول فقه مالك النقلية للدكتور/ عبد الرحمن الشعلان، ص: 769 رسالة دكتوراه من كلية الشريعة بالرياض نوقشت سنة 1411 هـ، المسائل التي بناها الإمام مالك على عمل أهل المدينة للدكتور/ محمد المدني بوساق: 1/ 47، رسالة دكتوراه من كلية الشريعة بالرياض نوقشت سنة 1413 هـ
(2)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 2/ 286، نيل الأوطار للشوكاني: 4/ 236.
(3)
نيل الأوطار للشوكاني: 4/ 236.
(4)
وهو الدليل الثالث عند أصحاب القول الرابع.
(5)
المغني لابن قدامة: 13/ 657.
كما في بعض روايات حديث ابن عباس السابق، وحديث عائشة، فهذا القسم يحمل على صوم النذر جمعًا بين الأدلة، وحملاً للمطلق منها على المقيد بالنذر، وللعام منها على الخاص (1).
القسم الثالث: ما جاء فيه ذكر النيابة في الصوم مقيدًا بالنذر، كما في الرواية السابقة، عن ابن عباس في المرأة التي سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن أمها ماتت، وعليها صوم نذر
…
(2).
فهذه الرواية، وما ورد من آثار عن الصحابة في صوم النذر عن الميت تكون مقيدة للإطلاق الذي جاء في أحاديث القسم الثاني.
ويجاب عن ذلك:
بأن الأحاديث ليس بينها تعارض حتى يجمع بينها؛ فحديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي جاء فيه السؤال عن صوم النذر، إنما هو صورة مستقلة سأل عنها من وقعت له، وأما حديث عائشة رضي الله عنها فهو تقرير قاعدة عامة، وقد جاء في حديث ابن عباس ما يؤيد هذا العموم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:(فدين الله أحق أن يقضى)(3).
وعلى هذا، فإن رواية ابن عباس التي جاء فيها تخصيص الصوم بالنذر يكون الحكم فيها من باب التنصيص على بعض صور العام، وذلك لا يقتضي التخصيص، ولا التقييد، كما هو المقرر في علم الأصول (4).
(1) تهذيب سنن أبي داود لابن القيم: 3/ 281. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 2/ 285، فتح الباري لابن حجر: 4/ 228، نيل الأوطار للشوكاني: 4/ 237.
(2)
راجع أدلة أصحاب هذا القول.
(3)
فتح الباري لابن حجر: 4/ 228، نيل الأوطار للشوكاني: 4/ 237.
(4)
إحكام الأحكام لابن دقيق العيد مع حاشية الصنعاني: 3/ 388. الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن: 5/ 306، وانظر: إحكام الأحكام للآمدي: 2/ 335 تحقيق العلامة عبدالرزاق عفيفي.