الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدّليل الأوّل:
ما روته عائشة رضي الله عنها؛ قالت: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور (1)، وأن تنظف، وتطيب) (2). وهذا الحديث في ظاهره يدلُّ على وجوب بناء المساجد.
الدّليل الثّاني:
ما رواه عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ قال: إنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من بنى لله مسجدًا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتًا في الجنَّة)(3).
وفي رواية: (بنى الله له مثله في الجنَّة)(4).
وقد اتفق العلماء على أنّه يسن كنس المسجد، وتنظيفه، وإزالة ما يرى فيه من قذر، أو وسخ، وأن يُطيَّب (5)، وأوجب بعض العلماء ذلك (6).
(1) الدور: جمع دار، وهي المنازل المسكونة والمحالّ، ويجمع أيضًا على ديار، وأراد بها هاهنا القبائل. وكل قبيلة اجتمعت في محلة سمَّت تلك المحلة دارًا. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: 2/ 139، وانظر: جامع الأصول لابن الأثير: 11/ 208، المحلى لابن حزم: 4/ 240.
(2)
أخرجه أبو داود في الصّلاة، باب ما جاء في بناء المساجد في الدور:(455) 1/ 124، والترمذي في الصّلاة، باب ما ذكر في تطييب المساجد:(594) 2/ 489، وابن ماجة في المساجد، باب تطهر المساجد وتطييبها:(758) 1/ 250. والحديث صححه ابن خزيمة حيث أخرجه في صحيحه في فضائل المساجد وبنائها وتعظيمها، باب الأمر ببناء المساجد في الدور: (1294)، 2/ 270، وصححه الألباني في صحيح أبي داود: (436) 1/ 92، وصحيح سنن ابن ماجة، (613) 1/ 126.
(3)
أخرجه البخاريّ في صحيحه في الصّلاة، باب من بني مسجدًا:(450) 1/ 648. ومسلم في صحيحه في المساجد، باب فضل بناء المساجد (533) 1/ 378.
(4)
أخرجه مسلم في المساجد، باب فضل بناء المساجد والحث عليها:(533) 1/ 378، وأخرجه التّرمذيّ في الصّلاة، باب ما جاء في فضل بنيان المسجد:(318) 2/ 134، وابن خزيمة في صحيحه، في فضائل المساجد، باب فضل بناء المساجد:(1291) 2/ 269.
(5)
حاشية ابن عابدين: 1/ 441 وما بعدها، قوانين الأحكام الشرعية لابن جزي ص/ 64، المجموع للنووي: 2/ 177، مطالب أولي النّهي: 2/ 254.
(6)
المحلي لابن حزم: 4/ 239، وانظر إعلام الساجد بأحكام المساجد للزركشي: ص 352.
كما اتفق العلماء على مشروعة بناء المساجد، وعمارتها، وتعهدها، وإصلاح ماتشعَّثَ منها (1).
هذا ما يتعلّق بفضل بناء المساجد، وتنظيفها، والقيام عليها بما يصلح من شأنّها، ويرفع من قدرها.
أمّا ما يتعلّق بأخذ الأجرة على بنائها، وصيانتها فلا خلاف بين الفقهاء في جواز أخذ الأجرة على ذلك.
فقد اتفق الفقهاء رحمهم الله على جواز الاستئجار على بناء المساجد، وعلى القيام عليها بالتنظيف، والتطييب، ونحو ذلك ممّا يلزم لها (2).
وقد استدل الفقهاء على ذلك بما يأتي:
الدّليل الأوّل: قالوا: إنَّ بناء المساجد، وصيانتها ليس كلّ منهما بفرض، ولا واجب على الأجير قبل الإجارة، فجاز الاستئجار عليها (3).
ومعنى ذلك أن بناء المساجد، وصيانتها عمل لا يلزم الأجير فعله في الأصل، والإجارة على ما لا يلزم الأجير فعله جائزة (4).
الدّليل الثّاني: قالوا: إنَّ بناء المساجد، وصيانتها لا يختصان أن يكون فاعلهما من أهل القربة، وما لا يختص أن يكون فاعله من أهل القربة جاز الاستئجار عليه (5).
(1) المجموع للنووي: 2/ 179، مطالب أولي النّهي: 2/ 354.
(2)
بدائع الصنائع للكاساني: 4/ 191، وانظر: المبسوط للسرخسي: 4/ 158، البيان والتحصيل لابن رشد: 1/ 470، المغني لابن قدامة: 8/ 140 - 141، شرح منتهى الإرادات: 2/ 367، كشاف القناع للبهوتي: 4/ 13، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 31/ 198.
(3)
بدائع الصنائع: 4/ 191.
(4)
البيان والتحصيل لابن رشد: 1/ 470.
(5)
المغني لابن قدامة: 8/ 141، شرح منتهى الإرادات للبهوتي: 2/ 367، كشاف القناع: 4/ 13.
وبيان ذلك: أن هذا العمل يقع تارة قربة، وتارة غير قربة، فلم يمنع من الاستئجار عليه، قياسًا على غرس الأشجار، وبناء البيوت (1).
ولذا قال ابن قدامة: "ويجوز أن يتولى الكافر ما كان قرية للمسلم، كبناء المساجد، والقناطر"(2).
الدّليل الثّالث: قالوا: إنَّ بناء المسجد عمل ليس بعبادة محضة، بدليل صحته من الكافر، وما ليس بعبادة محضة يجوز الاستئجار عليه (3).
(1) المغني لابن قدامة: 8/ 141، شرح منتهى الإرادات: 2/ 367.
(2)
المغني لابن قدامة: 13/ 389.
(3)
المبسوط للسرخسي: 4/ 158.