الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"هي جعل شيء معلوم كلأجرة، لمن يعمل له عملًا مباحًا، ولو مجهولًا على مدة، ولو مجهولة"(1).
فهذه التعريفات السابقة كلها متقاربة في المعنى ليس بينها اختلاف، وتؤدي الغرض، وهو بيان حقيقة الجعالة، إِلَّا أن تعريف الحنابلة زاد قيدًا مهمًا، وهو تقييد العمل في الجعالة بكونه "مباحًا"، وبهذا القيد تخرج الجعالة على الأشياء المحرمة، أو الّتي يكون فيها العمل محرمًا.
وزاد المالكية قيدًا، وهو قوله:"لايجب إِلَّا بتمامه"، فإن الجعل في الجعالة لا يجب على الجاعل إِلَّا بعد تمام العمل، فإن كان الفسخ من الجاعل قبل تمام العمل فللعمل أجرة المثل على عمله.
مسألة: الفرق بين الإجارة والجعالة:
ذكر العلماء فروقًا كثيرة بين الإجارة والجعالة، وهي:
أوَّلًا: أن الإجارة عقد لازم بين الطرفين، والأجرة تجب على العاقد، شيئًا فشيئًا للعامل. وأمّا الجعالة فعقد جائز من الطرفين لكل منهما فسخه، والعوض لايجب إِلَّا بعد إنجاز العمل، إِلَّا إذا كان الفسخ من الجاعل بعد الشروع في العمل فللعمل أجرة مثل عمله (2).
ثانيًا: أن الجعالة تصح مع جهالة العمل، بخلاف الإجارة؛ فيجب فيها تعيين العمل (3).
(1) الإقناع في فقه الإمام أحمد للحجاوي: 2/ 394. دار المعرفة - بيروت.
(2)
حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني: 2/ 169، الحاوي الكبير للماوردي: 20/ 364، مغني المحتاج للشربيني: 2/ 434، مجموع الفتاوى لابن تيمية: 30/ 227، الروض المربع للبهوتي مع حاشية ابن قاسم: 5/ 497، 498.
(3)
أحكام القرآن لابن العربي: 3/ 1096، مغني المحتاج للشربيني: 2/ 429 - ، الروض المربع للبهوتي: 5/ 495.
ثالثًا: أن الجعالة تصح مع العامل غير المعين، بينما الإجارة لا تصح إِلَّا مع تعيين العامل (1).
رابعًا: لا يشترط في الجعالة تلفظ العامل بالقبول، بخلاف الإجارة، فإنها يشترط فيها قبول العامل؛ وذلك مقتضى لزوم عقد الإجارة (2).
(1) المراجع السابقة، وانظر: مقدمات ابن رشد: 2/ 182، والمغني لابن قدامة: 8/ 327.
(2)
المراجع السابقة، وانظر: القواعد والأصول الجامعة للشيخ عبد الرّحمن السعدي: ص/ 142، 143. وقد ذكر رحمه الله فرقًا آخر، فقال: "والجعالة تجوز على أعمال القرب بخلاف الإجارة". قلت: وهذ الفرق كما لا يخفى جارٍ على مذهب الشّيخ، وإلا فالمسألة محل خلاف كبير بين العلماء - كما سيأتي -.