الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
قطع الطريق على المتهاونين، والكسالى؛ لأننا لو قلنا بالجواز مطلقًا أدى ذلك إلى التكاسل عن الصّلاة، وما على الإنسان بعد ذلك إِلَّا أن يوصي من ماله من يصلّي عنه الفرائض كلها، أو يكون ذلك لازمًا للورثة في تركته، فيضيع حقهم، وربما ذهب ذلك بالتركة كلها، أو يضطرهم ذلك إلى الاستدانة لتبرئة ذمة ميتهم شفقة عليه، ورحمة به، وفي هذا من الحرج ما فيه.
ثمرة الخلاف:
للخلاف هنا ثمرة، ويظهر ذلك فيما لو أوصى الميِّت قبل موته بقضاء الصّلاة الّتي نذرها حال حياته:
* فعلى القول الراجح، ومن وافقه في صحة قضاء الصّلاة المنذورة عن الميِّت، فإنّه تصح وصيته بها، فإن قضاها عنه وليه، أو تبرع غيره بذلك، وإلا استؤجر من تركته - إنَّ خلف تركة - من يؤدِّي عنه هذه الصّلاة.
قال المرداوي (1) - بعد أن ذكر الروايتين في المذهب، وأن المذهب هو أن تفعل هذه الصّلاة عن الميِّت- قال:"فعلى المذهب تصح وصيته بها"(2).
* وأمّا على القول الآخر بعدم صحة النِّيابة عن الميِّت في الصّلاة المنذورة فإن وصيته بها لا تصح (3).
(1) هو أبو الحسن، علاء الدِّين، علي بن سليمان بن أحمد المرداوي، الحنبلي شيخ المذهب، وإمامه، ومصححه، ومنقحه، ولد سنة 817 هـ، وتوفي بصالحية دمشق سنة 855 هـ، له مؤلفات كثيرة في المذهب منها: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، والتنقيح المشبع، وتصحيح الفروع لابن مفلح، والتحرير في أصول الفقه:(شذرات الذهب لابن العماد: 9/ 510 - 511، مختصر طبقات الحنابلة: ص 76 - 77).
(2)
الإنصاف للمرداوي: 3/ 340.
(3)
الأم للشافعي: 115/ 2، مواهب الجليل للحطاب: 2/ 543.
* وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك مذهباً وسطاً فيما يتعلق بهذه الوصية - وهو ممن يذهب إلى عدم صحة النيابة عن الميت في ذلك - فقد سئل رحمه الله عن رجل توفي، وأوصى أن يصلى عنه بدراهم؟ فقال: "
…
هذه الدراهم التي أوصى بها يتصدق بها عنه، ويخص بالصدقة أهل الصلاة، فيكون للميت أجر، وكل صلاة يصلونها، ويستعينون عليها بصدقته، يكون له منها نصيب من غير أن ينقص من أجر المصلي شيء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(من فطر صائماً فله مثل أجره)(1). وقال صلى الله عليه وسلم: (من جهز غازياً فقد غزا)(2)(3).
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث زيد بن خالد الجهني: 4/ 160 (17004)، والترمذي في الصوم، باب ما جاء في فضل من فطر صائمًا: 3/ 171 (807)، وابن ماجة في الصِّيام، باب ثواب من فطر صائمًا: 1/ 555 (1746)، والحديث صحيح، صححه التّرمذيّ وغيره. قال التّرمذيّ: حسن صحيح. وقال الألباني: صحيح. انظر: صحيح سنن التّرمذيّ: 1/ 243، وصحيح سنن ابن ماجة: 1/ 291.
(2)
أخرجه البخاريّ في الجهاد، باب فضل من جهز غازيًا: 6/ 85 (2843). ومسلم في الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله: 3/ 1506 (1895)، وأبو داود في الجهاد، باب ما يجزئ من الغزو: 3/ 12 (2509). والترمذي في فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل من جهز غازيًا: 4/ 145 (1627) - (1630)، والنسائي في الجهاد، باب فضل من جهز غازيًا: 6/ 353 (3180).
(3)
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: 30/ 203.