الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التعريف الثّامن:
وهو تعريف مجلة الأحكام العدلية (1)، وقد جاء فيه أن المال هو:"ما يميل إليه الطبع، ويمكن ادخاره لوقت الحاجة، منقولًا كان، أو غير منقول"(2).
هذه مجمل التعريفات الّتي وقفت عليها في كتب الحنفية.
وهذه التعريفات على الرغم من تنوعها، وكثرتها، لم تسلم من النقض من متأخري الحنفية، وقد اعتُرض عليها بما يأتي:
أوَّلًا: أن طباع النَّاس تختلف في ميلها، وتناقضها ، فلا تصلح أن تكون أساسًا، ولا مقياسًا لتمييز المال من غير المال.
ثانيًا: أن من المال أنواعًا لا يمكن ادخارها؛ كالخضراوات، والثمار الطازجة مع أنّها أموال مهمة بين النَّاس.
ثالثًا: أن من الأموال ما تعافه النفس، ولا يميل إليه الطبع ، كالأدوية الكريهة، وهي أموال ثمينة لا يشملها التعريف (3).
ولما كانت هذه التعريفات لا تعبر عن حقيقة المال في الذهب الحنفي فقد حاول بعض الباحثين المعاصرين تعريف المال تعريفًا سليمًا خاليًا من الاعتراضات السابقة؛
(1) مجلة الأحكام العدلية: قام على هذه المجلة مجموعة من العلماء في الدولة العثمانية سنة 1286 هـ، وهي عبارة عن مجموعة من أحكام المعاملات، والدعاوى، والبينات، وتمت صياغة المجلة على هيئة مواد ذات أرقام متسلسلة على نمط القوانين الحديثة بلغت: 1851 مادة، وهي تشبه ما يسمى في العصر الحديث بالقانون المدني، وتم ترتيب المواد فيها على الكتب، والأبواب الفقهية المعروفة بدءا من كتاب البيوع، وانتهاءً بكتاب القضاء. انظر: المدخل الفقهي للزرقاء 1/ 196 - 199، مرجع العلوم الإسلامية للدكتور محمّد الزحيلي: ص 497.
(2)
مجلة الأحكام العدلية مع شرحها: درر الأحكام لعلّي حيدر: مادة/ 126، 1/ 100. دار الكتب العلمية- بيروت.
(3)
المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقاء 3/ 114، 115. دار الفكر - بيروت.
فعرّف المال في نظر فقهاء المذهب الحنفي بأنّه: "كلّ عين ذات قيمة مادية بين النَّاس"(1).
وعرّفه بعضهم بقوله: "ما يمكن حيازته، وإحرازه، والانتفاع به انتفاعًا معتادًا (2).
من خلال تعريفات الحنفية السابقة للمال يلحظ أنّهم يشترطون لتحقق مالية الشيء أمرين:
الأمر الأوّل: أن يكون هذا الشيء ماديًا يمكن إحرازه، وحيازته.
وعليه، فلا تكون المنافع، والديون، والحقوق المحضة مثل حق التعلي (3)، والشُّفعَةِ (4)، ونحوها، لا تكون أموالًا، كذلك الأمور المعنوية ، كالشرف، والذكاء، والصحة، لا تكون أموالًا.
ولا يشترط كذلك أن يكون الشيء مملوكًا بالفعل حتّى يكون مالًا، بل يكفي إمكان تملُّكه، وحيازته. وعليه، فالصَّيد في الفلاة، والطير في السَّماء يعتبر مالًا؛ لإمكان إحرازه، وتملكه.
الأمر الآخر: أن يكون هذا الشيء منتفعًا به، ويكون هذا الانتفاع معتادًا.
(1) المدخل الفقهي العام للزرقاء 3/ 118. ذكر هذا التعريف الأستاذ مصطفى الزرقاء وشرحه فقال: (فبالعين: خرجت المنافع والحقوق المحضة ممّا عدوه ملكًا لا مالًا، وبالقيمة المادية: خرجت الأعيان الّتي لا قيمة لها بين النَّاس كحبة القمح والجيفة
…
).
(2)
المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي/ محمّد مصطفى شلبى ص 330، 1
(3)
التعلي في اللُّغة: من العلّو، وهو الارتفاع. وفي الاصطلاح: هو رفع بناء فوق بناء آخر. انظر: الموسوعة الفقهية - الكويت: 12/ 292.
(4)
الشُّفعَةِ في اللُّغة: من الشفع، وهو الزوج. وفي الاصطلاح:"هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكة ممّن انتقلت إليه بعوض مالي" انظر: الروض المربع مع حاشية ابن قاسم: 5/ 426.