الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع السّادس الوصيَّة
أوَّلًا: تعريف الوصيَّة في اللُّغة:
هي ما أوصيت به، ووصلت به غيرك.
فالوصية مأخوذة من: وَصَيْتُ الشيءَ بكذا: إذا وصلتُهُ به.
ويقال: وصَى الرجلَ وصْيًا: وصَلَه، ووصى الشيءَ بغيره وصْيًا: وصَلَه.
والواصي: المتصل، وأوصى الرجلَ ووصَّاه: عهد إليه.
والوصية: ما أوصيتَ به، والوصيُّ من الأضداد: الّذي يُوصي، والذي يوصى له.
وسميت الوصيَّة بذلك لاتصالها بأمر الميِّت، أو لأنّه وَصَلَ ما كان في حياته بما بعده (1).
ثانيًا: الوصيَّة في الشّرع:
عرفها العلماء بأنّها: "تمليك مضاف لما بعد الموت"(2).
والوصية قد حصل الاتفاق على حقيقتها عند العلماء، ولم تختلف عباراتهم في ذلك إِلَّا اختلافًا يسيرًا متعلّقًا بالعبارات، لا بحقيقة الوصيَّة ومفهومها، إِلَّا أنّه بالنَّظر في كلام الفقهاء، وفي عرفهم يتبين أن الوصيَّة قد تكون أعم ممّا ذكروه؛ وذلك لأنّ التعريف المذكور لايدخل فيه النِّيابة عن الميِّت في التصرف بعد الموت كقضاء ديونه، والقيام بحوائجه، ومصالح ورثته من بعده، وتنفيذ وصاياه، ونحو ذلك.
(1) لسان العرب: 15/ 394، المصباح المنير للفيومي: 662، تحرير ألفاظ التنبيه: ص: 241، 240.
(2)
تببين الحقائق للزيلعي: 6/ 182، حاشية ابن عابدين: 5/ 415، مغني المحتاج: 3/ 39، منتهى الإرادات لابن النجار: 2/ 37.
ولذلك فإن بعض الفقهاء قد عرفوها بما يشمل كلّ ذلك، فقد عرفها بعض المالكية بأنّها:"عقد يوجب حقًا في ثلث عاقده يلزم بموته، أو نيابة عنه"(1)، فاضاف جملة "أو نيابة عنه"؛ ليشمل كلّ ما ذكر، وهو بهذا أعمّ من التعريف الأوّل؛ وهو ما يتمشى مع عرف الفقهاء.
وعرّفها بعض الحنابلة بأنّها: "الأمر بالتصرف بعد الموت"(2). فهذا التعريف أعمّ من التعريف الأوّل؛ فإنّه يشمل ما جاء في هذا التعريف، ويشمل كذلك الوصيَّة بإقامة نائب عنه بعد موته في النظر في شؤون الصغار، وتزويج البنات، وتفرقة الثلث، ونحو ذلك (3).
وعليه، فيكون التعريف الّذي ذكروه، وهو كون الوصيَّة "تمليكًا مضافًا لما بعد الموت" ألصق بعرف علماء الفرائض - لا الفقهاء بعامة -، فإن ما ذكروه خاص بالوصية بالمال، والله أعلم.
(1) شرح حدود ابن عرفة: 2/ 681، حاشية الدسوقي: 4/ 422، والشرح الصغير للدردير: 4/ 571
(2)
كشاف القناع للبهوتي: 4/ 335.
(3)
والوصية هنا تكون كذلك على معنى الإيصاء، والتفريق بين الوصيَّة والإيصاء ليس عند علماء اللُّغة، إنّما الّذي فرق بينهما هم الفقهاء فقد استعملوا لفظ الوصيَّة في التصرف في المال المضاف لما بعد الموت، ولفظ الإيصاء في جعل الغير وصيًا على من يلي أمره بعد وفاته، واللَّه أعلم.