الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه الأحاديث تدل على استحباب القضاء على الولي؛ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم شبه ذلك بالدين، وقضاء الدِّين عن الميِّت إذا لم يخلف تركة مستحب، وذلك على سبيل الصلة له والمعروف (1).
وقد استدل بهذه الروايات ابن حزم على وجوب النيابة عن الميِّت في قضاء ما عليه من صوم (2)، وقد تقدّم الجواب عن ذلك، وذكر ما يصرف ما ظاهره الوجوب من هذه الأدلة إلى الاستحباب.
ومما يدلُّ على أن مطلق الصوم يقضى عن الميِّت، وأنّه تجوز النيابة فيه: أن السؤال عن الصوم جاء محتملًا لصور كثيرة، فيحتمل أن يكون عن رمضان، أو عن كفارة، أو عن نذر، وقد أجاب النّبيّ بلفظ عام دون أن يستفصل السائل، أو السائلة عن نوع الصوم ممّا يدلُّ على أن الحكم عام شامل لجميع الصور.
وقد بنى العلماء على ذلك القاعدةُ المعروفة، وهي: أن ترك الاستفصال في قضايا الأحوال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال (3).
ثمّ إنّه صلى الله عليه وسلم قد علل الحكم بعلة عامة شاملة للنذر وغيره، وهي كونه دَيْنًا (4).
الدّليل الثّالث:
عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنهما، قال: بيَّنَّا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أتته امرأة، فقالت: إنِّي تصدقت على أمي بجارية، وإنها ماتت، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وجب أجرُك، وردها عليك الميراث).
(1) المغني لابن قدامة: 4/ 399 - 400، 13/ 655. فتح الباري لابن حجر: 4/ 228، مغني المحتاج للشربيني: 2/ 344.
(2)
المحلى لابن حزم: 7/ 2 - 8، 59.
(3)
الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن: 5/ 305، التمهيد في تخريج الفروع على الأصول للأسنوي، ص: 337، حاشية العمدة للصنعاني على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد: 3/ 384 - 385.
(4)
الإعلام لابن الملقن: 5/ 305.