الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثّاني
أخذ المال على الصِّيام عن الميِّت
المسألة الأولى: النِّيابة في الصوم عن الميِّت:
الفرع الأوّل: تحرير محل النزاع
إذا مات المسلم، وقد وجب عليه صومٌ، سواء أكان صومًا من رمضان (1)، أم من نذر، أم من كفارة، فله حالتان:
الحالة الأولى:
أن يموت قبل تمكنه من قضاء ما وجب عليه من صوم، إمّا بسبب ضيق الوقت، وإما لقيام العذر من مرض، أو سفر، أو حيض، أو نفاس، ونحو ذلك.
ففي هذه الحالة لا شيء عليه، وتبرأ ذمته ممّا وجب عليه، ومن ثمّ فإنّه لا يصام عنه، ولا يطعم.
وهذا قول جمهور أهل العلم، في المذاهب الأربعة، وغيرهم (2).
(1) سوء أكان أفطر فيه لعذر، أم لغير عذر، ففي الحالتين يجب عليه القضاء على ما ذهب إليه جمهور أهل العلم.
فإذا استقر وجوب القضاء عليه: فلم يقض حتّى مات؛ فما الحكم؟
الجواب على التفصيل المذكور في تحرير محل النزاع: (شرح فتح القدير لابن الهمام: 2/ 68، بداية المجتهد لابن رشد: 1/ 302، المهذب للشيرازي: 1/ 183، مغني المحتاج للشربيني: 1/ 439، المغني لابن قدامة: 4/ 365 - 366
(2)
المبسوط للسرخسي: 3/ 89 - 90، بدائع الصنائع للكاساني: 2/ 103، الاختيار لتعليل المختار للموصلّي: 1/ 134، الكافي لابن عبد البرّ: 1/ 338 - 339، عارضة الأحوذي لابن العربي: 3/ 240، الذّخيرة للقرافي: 2/ 524، الأم للشافعي: 2/ 104، المهذب للشيرازي: 1/ 187، المجموع للنووي: 6/ 368 وما بعدها، روضة الطالبين للنووي: 2/ 382، مغني المحتاج للشربيني: 1/ 439، المغني لابن قدامة: 4/ 398، المبدع شرح المقنع لابن مفلح: 3/ 47، الإنصاف للمرداوي: 3/ 334، وكشاف القناع للبهوتي: 2/ 334.
واستدل الجمهور على ما ذهبوا إليه بما يأتي:
أوَّلًا: قالوا في تعليل ذلك: إنّه فرض لم يتمكن منه إلى الموت فسقط، حكمه كالحج (1).
قال ابن قدامة: "ولنا: أنّه حق لله تعالى، وجب بالشرع، مات من يجب عليه قبل إمكان فعله، فسقط إلى غير بدل كالحج (2).
ثانيًا: قالوا: إنَّ وقت أداء الصوم في حقه عدة من أيّام أخر بالنص، ولم يدركه؛ فلا يجب عليه شيء (3).
ثالثًا: أن المرض لما كان عذرًا في إسقاط أداء الصوم في وقته لدفع الحرج، فلأن يكون عذرًا في إسقاط القضاء أولى (4).
خالف أبو الخطّاب من الحنابلة فيما يتعلّق بالصوم عنه في هذه الحالة، فقال:"يحتمل أن يجب الصوم عنه، أو التكفير"(5).
وخالف في الإطعام طاووس (6)، وقتادة (7)، وشيخ الإسلام ابن تيمية؛ فقالوا: يجب الإطعام عنه، وعللوا ما ذهبوا إليه بما يأتي:
(1) المهذب للشيرازي: 1/ 187، المغنى لابن قدامة: 4/ 398.
(2)
المغني: 4/ 398.
(3)
المبسوط للسرخسي: 3/ 89 - 90.
(4)
المبسوط للسرخسي: 3/ 89 - 90.
(5)
الفروع لابن مفلح: 3/ 93، الإنصاف للمرداوي: 3/ 334.
(6)
هو طاووس بن كيسان الهمداني اليمني، يكنى بأبي عبد الرّحمن، الحميري، مولاهم الفارسي، قيل: اسمه ذكوان، وطاووس لقبه، ثقة فقيه فاضل، سمع من ابن عبّاس، وأبي هريرة، وعائشة رضي الله عنهم، توفي بمكة حاجًا سنة 106هـ على الصحيح. (الطبقات الكبرى لابن سعد: 6/ 66 - 70، تهذيب التهذيب لابن حجر: 5/ 8 - 10).
(7)
هو قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطّاب البصري، ثقة مأمون حجة في الحديث، روى عن أنس بن مالك، وأبي الطفيل، وغيرهما، توفي بواسط في الطّاعون سنة 117 هـ، أو سنة 118 هـ على خلاف في ذلك. (الطبقات لابن سعد: 7/ 171، تهذيب التهذيب لابن حجر: 8/ 351.