الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتَابُ الطَّلاقِ
قَال: وَطَلاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيرِ جِمَاعٍ ويشْهِدَ شَاهِدَينِ. أَحْصَينَاهُ: حَفِظْنَاهُ (1).
وَقَال في بَاب "مَنْ أَجَازَ طَلاقَ الثَّلاثِ لِقَوْل اللهِ عز وجل: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} "(2)، وَقَال ابْنُ الزُّبيرِ في مَرِيضٍ طَلَّقَ لا أَرَى أَنْ تَرِثَ مَبْتُوتَتُهُ، فَقَال الشَّعْبِيُّ: تَرِثُهُ، فَقَال ابْنُ شُبْرُمَةَ: تَزَوَّجُ إِذَا انْقَضَتِ الْعِدَّةُ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: أَرَأَيتَ إِنْ مَاتَ الزَّوْجُ الآخَرُ فَرَجَعَ عَنْ ذَلِكَ (3).
وَقَال بَاب "إِذَا قَال: فَارَقْتُكِ أَوْ سَرَّحْتُكِ أَو الْبَرِيَّةُ أَو الْخَلِيَّةُ أَوْ مَا عُنِيَ بِهِ الطَّلاقُ فَهُوَ عَلَى نِيَّتِهِ وَقَوْلِ اللهِ عز وجل: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} (4)، وَقَال:{وَأُسَرِّحْكُنَّ} الآية، وَقَال:{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بإِحْسَانٍ} ، وَقَال:{أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (5)، وَقَالتْ عَائِشَةُ: قَدْ عَلِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ (6). قَوْلُ عَائِشَةَ قَدْ تقَدمَ مُسْنَدًا.
وَقَال في بَاب "مَنْ قَال لامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ"، قَال الْحَسَنُ: نِيَّتُهُ، وَقَال أَهْلُ الْعِلْمِ: إِذَا طَلَّقَ ثَلاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيهِ فَسَمَّوْهُ حَرَامًا بالطَّلاقِ وَالْفِرَاقِ، وَلَيسَ هَذَا كالَّذِي يُحَرِّمُ الطَّعَامَ؛ لأَنهُ لا يُقَالُ لِلطَّعَامِ الْحِلِّ حَرَامٌ، ويقَالُ لِلْمُطَلَّقَةِ: حَرَامٌ، وَقَال في الطَّلاقِ ثَلاثًا (7) لا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيرَهُ (8).
(1) البُخَارِيّ (9/ 345).
(2)
سورة البقرة، آية (231).
(3)
البُخَارِيّ (9/ 361).
(4)
سورة الأحزاب، آية (49).
(5)
سورة الطلاق، آية (2).
(6)
البُخَارِيّ (9/ 369).
(7)
في (أ): "ثلاث".
(8)
البُخَارِيّ (9/ 371).
وَقَال في بَاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (1) الآيَة، وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: جَعَلَ الله الطَّلاقَ بَعْدَ النِّكَاح، وَيُرْوَى في ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبيرِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَعَلِيِّ بْنِ حُسَينٍ، وَشُرَيح، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، وَطَاوُسٍ، وَالْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيدٍ، وَسَالِمٍ، وَنَافِع بْنِ جُبَيرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَسُلَيمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، وَالشَّعْبِيِّ: أَنَّهَا لا تَطْلُقُ (2).
وَقَال في بَاب "إِذَا قَال لامْرَأَتِهِ وَهُوَ مُكْرَهٌ: هَذِهِ أُخْتِي فَلا شَيءَ عَلَيهِ" قَال النبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (قَال إِبْرَاهِيمُ لِسَارَةَ: هَذِهِ أُخْتِي، وَذَلِكَ في ذَاتِ اللهِ عز وجل (3). قَدْ تَقدمَ لَهُ هَذَا الحَدِيث مُسْنَدًا.
وَقَال في بَاب "الطَّلاقِ في الإِغْلاقِ (4) وَالْكُرْهِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا وَالْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ في الطَّلاقِ وَالشِّرْكِ وَغَيرِهِ"، لِقَوْلِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى). وَتَلا الشَّعْبِيُّ: {لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (5)، وَمَا لا يَجُوزُ مِنْ إِقْرَارِ الْمُوَسْوسِ، وَقَال النبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِي أقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ:(أَبِكَ جُنُونٌ؟ ). وَقَال عَلِيٌّ: بَقَرَ حَمْزَةُ خَوَاصِرَ شَارِفَيَّ فَطَفِقَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَلُومُ حَمْزَةَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةٌ عَينَيهِ، ثُمَّ قَال حَمْزَةُ: هَلْ
(1) سورة الأحزاب، آية (49).
(2)
البُخَارِيّ (9/ 381).
(3)
البُخَارِيّ (9/ 387).
(4)
الإغلاق: الإكراه، وقيل: هو العمل في الغضب.
(5)
سورة البقرة، آية (286).
أَنْتُمْ إلا عَبِيدٌ لآبائِي، فَعَرَفَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ (1).
وَقَوْلُهُ عليه السلام: (الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ) وَ (أَبِكَ جُنُونٌ)، وَحدِيث حَمْزَةَ قَدْ تَقَدَّمَ كُلُّ ذَلِكَ مُسْنَدًا. وَقَال عُثْمَانُ: لَيسَ لِمَجْنُونٍ وَلا لِسَكْرَانَ طَلاقٌ، وَقَال ابْنُ عبَاسٍ: طَلاقُ السَّكْرَانِ وَالْمُسْتَكْرَهِ لَيسَ بِجَائِزٍ، وَقَال عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: لا يَجُوزُ طَلاقُ الْمُوَسْوسِ، وَقَال عَطَاءٌ: إِذَا بَدَأَ بِالطَّلاقِ فَلَهُ شَرْطُهُ، وَقَال نَافِعٌ: طَلَّقَ رَجُل امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَال ابْنُ عُمَرَ: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيسَ بِشَيءٍ، وَقَال الزُّهْرِيُّ: فِيمَنْ قَال: إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَامْرأَتِي طَالِقٌ ثَلاثًا، يُسْأَلُ عَمَّا قَال وَعَقَدَ عَلَيهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ بِتلْكَ الْيَمِينِ، فَإِنْ سَمَّى أَجَلًا أَرَادَهُ وَعَقَدَ عَلَيهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ جُعِلَ ذَلِكَ في دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ، وَقَال إِبْرَاهِيمُ: إِنْ قَال: لا حَاجَةَ لِي فِيكِ نِيَّتُهُ، وَطَلاقُ كُلِّ قَوْمٍ بِلِسَانهِمْ، وَقَال قَتَادَةُ: إِذَا قَال: إِذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلاثًا يَغْشَاهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً، فَإِنِ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَقَدْ بَانَتْ، قَال الْحَسَنُ: إِذَا قَال: الْحَقِي بأَهْلِكِ نِيَّتُهُ، وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: الطَّلاقُ عَنْ وَطَرٍ (2)، وَالْعِتْقُ مَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللهِ، وَقَال الزُّهْرِيُّ: إِنْ قَال: مَا أَنتِ بِامْرَأَتِي نِيَّتُهُ، وَإِنْ نَوَى طَلاقًا فَهُوَ مَا نَوَى، وَقَال عَلِيٌّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيقِظَ (1). وقَولُ عَلِي هَذَا أَسْنَده أَبو داود (3) وغَيرُه عَنْ عَلَيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَال عَلِيٌّ رضي الله عنه: كُلُّ
(1) البُخَارِيّ (9/ 388).
(2)
"وطر": أي لا ينبغي وقوع الطلاق إلَّا عند الحاجة.
(3)
في "سننه"(4/ 559 - 560 رقم 4401 و 4402 و 4403) في كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا. وسنن التِّرْمِذِيّ (4/ 24 رقم 1423) في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد. وقال:"حَدَّثَنَا حسن غريب من هذا الوجه".
الطَّلاقِ جَائِزٌ إلا طَلاقَ الْمَعْتُوهِ (1). قَال قَتَادَةُ: إِذَا طَلَّقَ في نَفْسِهِ فَلَيسَ بِشَيءٍ (2).
وَقَال في بَاب "الْخُلْع وَكَيفَ الطَّلاقُ فِيهِ، وَقَوْلِهِ عز وجل: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذوا مِمَّا آتَيتُمُوهُنَّ شَيئًا إلا أَنْ يَخَافَا} (3) الآيَة": وَأَجَازَ عُمَرُ الْخُلْعَ دُونَ السُّلْطَانِ، وَأَجَازَ عُثْمَانُ الْخُلْعَ دُونَ عِقَاصِ (4) رَأْسِهَا، وَقَال طَاووسٌ:{إلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ} فِيمَا افْتَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ في الْعِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ، وَلَمْ يَقُلْ (5) قَوْلَ السُّفَهَاءِ: لا تَحِلُّ حَتَّى تَقُولَ: لا أَغْتَسِلُ لَكَ مِنْ جَنَابَةٍ (6).
وَقَال في بَاب " {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} "، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ نِكَاح النَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ؟ قَال: إِنَّ الله حَرَّمَ الْمُشْرِكَاتِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلا أَعْلَمُ مِنَ الإِشْرَاكِ شَيئًا أَكْبَرَ مِنْ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ: رَبُّهَا عِيسَى وَهُوَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللهِ (7).
وَفِي بَاب "إِذَا أَسْلَمَتِ الْمُشْرِكَةُ أَو النَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الذِّمِّيِّ أَو الْحَرْبِيِّ" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا أَسْلَمَتِ النَّصْرَانِيَّةُ قَبْلَ زَوْجِهَا بِسَاعَةٍ حَرُمَتْ عَلَيهِ.
(1)"المعتوه": الناقص العقل.
(2)
البُخَارِيّ (9/ 388).
(3)
سورة البقرة، آية (229).
(4)
"عقاص": جمع عقصة، وهو ما يربط به شعر الرأس بعد جمعه. والمعنى: أنَّه أجاز للرجل أن يأخذ من المرأة في الخلع ما سوى عقاص رأسها.
(5)
الذي قال: "ولم يقل" الخ هو ابن طاوس كما في "الفتح". وأشار بذلك إلى ما جاء عن بعض التابعين أن الفداء لا يجوز حتَّى تعصي المرأة الرَّجل فيما يرومه منها؛ حتَّى تقول: لا أغتسل لك من جنابة.
(6)
البُخَارِيّ (9/ 394).
(7)
البُخَارِيّ (9/ 416 رقم 5285).
وَعَنْ إِبْراهِيمَ الصَّائِغ، سُئِلَ عَطَاءٌ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ زَوْجُهَا في الْعِدَّةِ أَهِيَ امْرَأَتُهُ؟ قَال: لا إلا أَنْ تَشَاءَ هِيَ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَصَدَاقٍ.
وَقَال مُجَاهِدٌ: إِذَا أَسْلَمَ في الْعِدَّةِ يَتَزَوَّجُهَا، وَقَال الله:{لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (1)، وَقَال الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ في مَجُوسِيَّينِ أَسْلَمَا: هُمَا (2) عَلَى نِكَاحِهِمَا، فَإِذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَأَبَى الآخَرُ بَانَتْ لا سَبِيلَ لَهُ عَلَيهَا. وَقَال ابْنُ جُرَيجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: امْرَأَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ جَاءَتْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ أَيُعَاضُ زَوْجُهَا مِنْهَا لِقَوْلِهِ عز وجل {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} (1)؟ قَال: لا، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلِ الْعَهْدِ. وَقَال مُجَاهِدٌ: هَذَا كُلُّهُ في الصُّلْح بَينَ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَينَ قُرَيشٍ (3). وَقَال: {فَإِنْ فَاءُوا} رَجَعُوا (4).
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ في الإِيلاءِ الَّذِي سَمَّى الله: لا يَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدَ الأَجَلِ إلا أَنْ يُمْسِكَ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يَعْزِمَ الطَّلاقَ كَمَا أَمَرَ الله تَعَالى (5).
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيضًا قَال: إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُوقَفُ حَتَّى يُطَلِّقَ وَلا يَقَعُ عَلَيهِ الطَّلاقُ حَتَّى يُطَلِّقَ. وفي ذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَائِشَةَ، وَاثْنَي عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (6).
وَقَال في بَاب "حُكْمِ الْمَفْقُودِ في أَهْلِهِ وَمَالِهِ"، وَقَال ابْنُ الْمُسَيَّبِ: إِذَا فُقِدَ في الصَّفِّ عِنْدَ الْقِتَالِ تَرَبَّصُ امْرَأَتُهُ سَنَةً، وَاشْتَرَى ابْنُ مَسْعُودٍ جَارِيَةً
(1) سورة الممتحنة، آية (10).
(2)
قوله: "هما" ليس في (ك).
(3)
البُخَارِيّ (9/ 420).
(4)
البُخَارِيّ (9/ 425).
(5)
البُخَارِيّ (9/ 426 رقم 5290) مسندًا.
(6)
البُخَارِيّ (9/ 426 رقم 5291) مسندًا.
فَالْتَمَسَ صَاحِبَهَا سَنَةً فَلَمْ يَجِدْ وَفُقِدَ، فَأَخَذَ يُعْطِي الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَينِ، وَقَال: اللَّهُمَّ عَنْ فُلانٍ فَإِنْ أبَى فَلِي وَعَلَيَّ، وَقَال: هَكَذَا افْعَلُوا بِاللُّقَطَةِ، وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، وَقَال الزُّهْرِي في الأَسِيرِ يُعْلَمُ مَكَانُهُ: لا تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ وَلا يُقْسَمُ مَالُهُ، فَإِذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَسُنَّتُهُ سُنةُ الْمَفْقُودِ (1). وَذَكَرَ في هَذَا البَابِ حَدِيث اللُّقَطةِ مُسْنَدًا.
وَقَالَ (2) في بَاب "الظِّهَارِ"، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ ظِهَارِ الْعَبْدِ فَقَال: نَحْوَ ظِهَارِ الْحُرِّ، قَال مَالِكٌ: وَصِيَامُ الْعَبْدِ شَهْرَانِ، وَقَال الْحَسَنُ: ظِهَارُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ مِنَ الْحُرَّةِ وَالأَمَةِ سَوَاءٌ، وَقَال عِكْرِمَةُ: إِنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ فَلَيسَ بِشَيء، إِنمَا الظِّهَارُ مِنَ النِّسَاءِ، وَفِي الْعَرَبِيَّةِ لِمَا فَالُوا أَي: فِيمَا قَالُوا، وَفِي بَعْضِ (3) مَا قَالُوا، وَهَذَا أَوْلَى؛ لأَنَّ الله لَمْ يَدُلَّ (4) عَلَى الْمُنْكَرِ وَقَوْلِ الزُّورِ (5).
وَفِي بَاب "الإِشَارَةِ في الطَّلاقِ وَالأُمُورِ"، قَال كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: أَشَارَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيَّ خُذِ النِّصْفَ (6). وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ هَذَا الحَدِيثِ مُسْنَدًا.
وَقَال في بَاب "اللِّعَانِ" فَإِذَا قَذَفَ الأَخْرَسُ امْرَأَتَهُ بِكِتَابٍ أَوْ بِإِشَارَةٍ أَوْ بِإِيمَاءٍ مَعْرُوفٍ فَهُوَ كَالْمُتَكَلِّمِ، لأَنَّ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَجَازَ الإِشَارَةَ في الْفَرَائِضِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَال الله عز وجل:{فَأَشَارَتْ إِلَيهِ قَالُوا كَيفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} (7)، وَقَال الضَّحَّاكُ:{إلا رَمْزًا} : إلا إِشَارَةً، وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: لا حَدَّ وَلا لِعَانَ، ثُمَّ زَعَمَ إِنْ طَلَّقُوا
(1) البُخَارِيّ (9/ 429 - 430).
(2)
قوله: "قال" ليس في (ك).
(3)
في (ك): "نقض".
(4)
في (ك): "يذل".
(5)
البُخَارِيّ (9/ 432).
(6)
البُخَارِيّ (9/ 435).
(7)
سورة مريم، آية (29).
بِكِتَابٍ أَوْ بِإِشَارَةٍ أَوْ إِيمَاءٍ جَازَ، وَلَيسَ بَينَ الطَّلاقِ وَالْقَذْفِ فَرْقٌ، فَإِنْ قَال: الْقَذْفُ لا يَكُونُ إلا بِكَلامٍ، قِيلَ لَهُ: كَذَلِكَ الطَّلاقُ لا يَكُونُ إلا بِكَلامٍ وَإِلا بَطَلَ الطَّلاقُ وَالْقَذْفُ، وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ، وَكَذَلِكَ الأَصَمُّ يُلاعِنُ، وَقَال الشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ: إِذَا قَال: أَنْتِ طَالِقٌ فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ تَبِينُ مِنْهُ بِإِشَارَتهِ. وَقَال إِبْرَاهِيمُ: [الأَخْرَسُ](1) إِذَا كَتَبَ الطَّلاقَ بِيَدِهِ لَزِمَهُ وَقَال حَمَّادٌ: الأَخْرَسُ وَالأَصَمُّ إِنْ قَال بِرَأسِهِ جَازَ (2).
وَقَال في بَاب {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} (3) "، وَقَال إِبْرَاهِيمُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ في الْعِدَّةِ فَحَاضَتْ عِنْدَهُ ثَلاثَ حِيَضٍ: بَانَتْ مِنَ الأَوَّلِ وَلا تَحْتَسِبُ بِهِ لِمَنْ بَعْدَهُ (4). وَقَال الزُّهْرِيُّ: تَحْتَسِبُ وَهَذَا أحَبُّ إِلَى سُفْيَانَ. وَقَال مَعْمَرٌ يُقَالُ: أَقْرَأَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا دَنَا حَيضُها، وَأقْرَأَتْ إِذَا دَنَا طُهْرُهَا، ويقَالُ: مَا قَرَأَتْ بِسَلًى قَطُّ إِذَا لَمْ تَجْمَعْ وَلَدًا في بَطْنِهَا (5).
وَقَال في بَاب "تُحِدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَربعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْرًا"، وَقَال الزُّهْرِيُّ: لا أَرَى أَنْ تَقْرَبَ الصَّبِيَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الطِّيبَ لأَنُّ عَلَيهَا الْعِدَّةَ (6).
وَقَال في بَاب "مَهْرِ الْبَغِيِّ وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ"، وَقَال الحَسَنُ: إِذَا تَزَوَّجَ مُحَرَّمَةً (7) وَهُوَ لا يَشْعُرُ فُرِّقَ بَينَهُمَا وَلَهَا مَا أَخَذَتْ وَلَيسَ لَهَا غَيرُهُ، ثُمَّ قَال بَعْدُ: لَهَا صَدَاقُهَا (8).
(1) في النسخ: "الأخوص"، والمثبت من "صحيح البُخَارِيّ".
(2)
البُخَارِيّ (9/ 438 - 439).
(3)
سورة البقرة، آية (228).
(4)
أي: لا تحتسب هذه المرأة بهذا الحيض لمن بعده، أي بعد الزوج الأول، بل تعتد عدة أخرى للزوج الثاني.
(5)
البُخَارِيّ (9/ 476).
(6)
البُخَارِيّ (9/ 484).
(7)
"محرّمة" أي: ذا محرمه.
(8)
البُخَارِيّ (9/ 494).