المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حديث الإفك وكان في غزوة المريسيع، والمريسيع ماء لبني المصطلق - الجمع بين الصحيحين لعبد الحق - جـ ٤

[عبد الحق الإشبيلي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ القَدَرِ

- ‌كتَابُ العِلْمِ

- ‌كِتَابُ الذِّكْرِ والدُّعَاءِ

- ‌حَدِيثُ الغَارِ

- ‌بَابٌ في التَّوْبَةِ

- ‌بَابٌ في سَعَةِ رَحْمَةِ الله عز وجل

- ‌ باب

- ‌حَدِيثُ الثلَاثةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا

- ‌حَدِيثُ الإِفْكِ وكَانَ فِي غَزْوَةِ الْمَرَيسِيعِ، والْمَرَيسِيعُ مَاءٌ لِبَنِي الْمُصْطَلَقِ

- ‌بَابٌ

- ‌بِابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌ باب

- ‌[بَابُ الْخَلْقِ الأَوَّلِ مِنْ آدم]

- ‌بَابٌ

- ‌بَّابَ

- ‌بَابٌ فِي عَذَابِ القَبْرِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌كِتَابُ الفِتَنِ والأَشْرَاطِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ ابْنِ صَيَّادٍ

- ‌بَابٌ

- ‌كِتَابُ الزُّهْدِ

- ‌بَابٌ

- ‌ باب

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌بابٌ

- ‌بابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌كِتَابُ التفْسِيرِ

- ‌[كِتَابُ الْجَمْع بَينَ الصَّحِيحَينِ أَيضًاعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي صَدْرِ الكتَابِ

- ‌كَيفَ كَان بَدْءُ الوَحْي

- ‌كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌كِتَابُ العِلْمِ

- ‌كتَابُ الوُضُوءِ

- ‌كتَابُ الصَّلاةِ

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌كتَابُ الزَكَاةِ

- ‌كِتَابُ الحَجِّ

- ‌كِتَابُ الصِّيامِ

- ‌كِتَابُ البُيُوعِ

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌كِتَابُ الإِجَارةِ

- ‌كِتَابُ الحَوَالاتِ

- ‌كِتَابُ الوَكَالةِ

- ‌كِتَابُ الْحَرْثِ

- ‌كِتَابُ الشُّرْبِ

- ‌كِتَابُ الاسْتِقْرَاضِ

- ‌كِتَابُ الْخُصُومَاتِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌كِتَابُ الْمَظَالِمِ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ العِتْقِ

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الشَّرُوطِ

- ‌كِتَابُ الوَصَايَا

- ‌كِتَابُ الجِهَادِ

- ‌كِتابُ بدْءِ الخَلْقِ

- ‌كِتابُ الْمَغازِي

- ‌كِتابُ التفْسِيرِ

- ‌وَفِي سُورَة البَقَرَةِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَان

- ‌وَمِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ

- ‌وَمنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ

- ‌وَمنْ سُورَةِ الأنْعَامِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الأعْرَافِ

- ‌وَمِنْ سورَةِ الأنْفَال

- ‌ومِنْ سورَةِ بَراءَة

- ‌مِنْ سُورَةِ يُونُسَ عليه السلام

- ‌وَمِنْ سُورَةِ هُودٍ عليه السلام

- ‌وَمِن سُورَةِ يُوسُفَ عليه السلام

- ‌وَمِنْ سورَةِ الرَّعْدِ

- ‌مِنْ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الحِجْرِ

- ‌مِنْ سُورَةِ الْنحْلِ

- ‌وَمِن سُورَةِ بَنِي إِسرَائِيل

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْكهْفِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ {كهيعص}

- ‌وَمِنْ سُورَةِ طه

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الأَنْبِيَاءِ

- ‌وَمِنْ سورَةِ الْحَجِّ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ النُّورِ

- ‌وَمِنْ سورَةِ الْفُرْقَانِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الشُّعَرَاءِ

- ‌وَمِنْ سورَةِ النَّمْلِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْقَصَصِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الرُّومِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ تَنْزِيل السَّجْدَةِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الأحْزَابِ وَسُورَةِ سَبَإِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْمَلائكَةِ ويس وَالصَّافاتِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ ص وَسورَةِ الزُّمَرِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْمُؤْمِنِ وَحم السَّجْدَةِ

- ‌وَمِنْ سورَةِ {حم عسق} وَحم الزُّخْرُفِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الدُّخَانِ وَالْجَاثِيَة وَالأحْقَافِ {وَالَّذِينَ كَفَرُوا}

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ وَالْحُجُرَاتِ وَق

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الذَّارِيَاتِ وَالطُّورِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ وَالنَّجْمِ وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ {الرَّحْمَن} جل جلاله

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْوَاقِعَةِ وَالحَدِيدِ وَالُمجَادَلَةِ والحَشْرِ والمُمْتَحِنَةِ وَالصَّفِّ وَالمُنَافِقِينَ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ التَّغَابُنِ وَالطَّلاقِ والتَّحْرِيمِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْمُلْكِ وَ {ن وَالْقَلَمِ}

- ‌ومِنْ سُورَةِ الْحَاقَّةِ وَ {سَأَلَ سَائِلٌ} وَسُورَةِ نُوحٍ عليه السلام

- ‌وَمِنْ سُورَةِ {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} وَالْمُزَّمِّلِ وَالْمُدَّثِّرِ وَالقِيَامَةِ وَ {هَلْ أَتَى} وَالمُرْسَلاتِ وَ {عَمَّ يَتَسَاءَلُون} وَالنَّازِعَاتِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ عَبَسَ وَ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الإِنْفِطَارِ والمُطَفِّفِينَ وَالإِنْشِقَاقِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْبُرُوجِ وَالطَّارِقِ والغَاشِيَةِ والفَجْرِ وَالبَلَدِ إِلَى آخِرِ القُرْآنِ

- ‌كِتَابُ فَضَائِلِ القُرْآنِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌كتَابُ الطَّلاقِ

- ‌كِتَابُ النَّفَقَاتِ

- ‌كِتَابُ الأَطْعِمَةِ

- ‌كتَابُ العَقِيقَةِ وَكِتَابُ الذَّبَائح وَالصَّيدِ

- ‌كِتَابُ الأَضَاحِي

- ‌كِتَابُ الأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ المَرْضَى

- ‌كِتابُ الطِّبِ

- ‌كِتابُ الْلِّباسِ

- ‌كِتابُ الأَدَبِ

- ‌كِتَابُ الاسْتِئْذانِ

- ‌كِتابُ الدَّعَواتِ

- ‌كِتاب الرِّقَاقِ

- ‌كتابُ القَدَرِ

- ‌كِتابُ الأَيمانِ والنُّذُورِ

- ‌كِتابُ الكَفاراتِ

- ‌كِتَابُ الفَرَائِضِ

- ‌كِتَابُ الحُدُودِ

- ‌كِتَابُ المُحَارِبِينَ

- ‌كِتَابُ الدَّيِّاتِ

- ‌كِتَابُ اسْتِتَابَةِ الْمُرتَدِّينَ والْمُعَانِدِينَ وَقِتَالُهُم

- ‌كِتَابُ الإِكْرَاه

- ‌كِتَابُ الحِيَلِ

- ‌كتَابُ الرؤْيَا

- ‌كِتَابُ الفِتَنِ

- ‌كِتَابُ الأحكام

- ‌كِتَابُ التَّمَنِّي

- ‌كِتَابُ إِجَازَةِ خَبَرِ الوَاحِدِ

- ‌كتَابُ الاعتِصَامِ

- ‌كِتَابُ التَّوحِيدِ

الفصل: ‌حديث الإفك وكان في غزوة المريسيع، والمريسيع ماء لبني المصطلق

كَلامِ أَحَدٍ مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ غَيرِنَا فَاجْتَنَبَ النَّاسُ كَلامَنَا، فَلَبِثْتُ كَذَلِكَ حَتَّى طَال عَلَيَّ الأَمْرُ وَمَا مِنْ شَيءٍ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ فَلا يُصَلِّي عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ يَمُوتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكُونَ مِنَ النَّاسِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ فَلا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلا يُسَلِّمُ عَلَيَّ (1) وَلا يُصَلِّي، فَأَنْزَلَ اللهُ تَوْبَتَنَا عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَقِيَ الثُّلُثُ الآخِرُ (2) مِنَ اللَّيلِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَةً فِي شَأْنِي مُعِينَةً فِي أَمْرِي، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(يَا أُمَّ سَلَمَةَ تِيبَ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ). قَالتْ: أَفَلا أُرْسِلُ إِلَيهِ فَأُبَشِّرَهُ (3)؟ قَال: (إِذًا يَخْطَفُكُمُ النَّاسُ (4) فَيَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيلَةِ). حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الْفَجْرِ آذَنَ بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَينَا. . وذكر بقيه الحديث، ولم يذكر في كتابه قصة أبي خيثمة الذي لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم.

‌حَدِيثُ الإِفْكِ وكَانَ فِي غَزْوَةِ الْمَرَيسِيعِ، والْمَرَيسِيعُ مَاءٌ لِبَنِي الْمُصْطَلَقِ

4802 -

(1) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَينَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَينَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ مَسِيرَنَا، حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوهِ وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، آذَنَ لَيلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ أذَنُوا بِالرَّحِيلِ

(1) قوله: "ولا يسلم علي" ليس في (ك).

(2)

في (ك): "الأخير".

(3)

في (ك): "وأبشره".

(4)

المراد به: إزدحام الناس وكثرتهم.

ص: 93

فَمَشَيتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيشَ، فَلَمَّا قَضَيتُ مِنْ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدِي (1) مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ (2) قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ (3) لِي (4) فَحَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِيَ الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، قَالتْ: وَكَانَتِ (5) النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يُهَبَّلْهُنَّ (6) وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ (7) الْعُلْقَةَ (8) مِنَ الطَّعَامِ فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَحَلُوهُ وَرَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا فَوَجَدْتُ عِقْدِي (9) بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيسَ بِهَا دَاعٍ وَلا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي (10) الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّ الْقَوْمَ سَيَفْقِدُونَنِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَينَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَينِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ قَدْ عَرَّسَ (11) مِنْ وَرَاءِ الْجَيشِ فَادَّلَجَ (12) فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَقَدْ كَانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحِجَابُ عَلَيَّ، فَاسْتَيقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ (13) حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ

(1) في (أ): "فإذا إذن عقدي".

(2)

"جزع ظفار" الجزع: هو خرز يماني، وظفار: قرية في اليمن.

(3)

"يرحلون" أي: يجعلون الرحل على البعير.

(4)

في (ك): "بي".

(5)

في (أ): "وكان".

(6)

"يهبلهن" أي: يثقلهنّ اللحم والشحم.

(7)

في (أ): "تأكل".

(8)

"العُلقة" أي: القليل.

(9)

في (أ): "عقدي يستبن".

(10)

في (أ): "منزلتي".

(11)

التعريس: النزول آخر الليل في السفر لنوم أو استراحة.

(12)

"فأدلج": هو سير آخر الليل.

(13)

"باسترجاعه": هو قول: إنا لله وإنا إليه راجعون.

ص: 94

وَجْهِي (1) بِجِلْبَابِي، وَوَاللهِ مَا يُكَلِّمُنِي (2) كَلِمَةً وَلا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيرَ اسْتِرْجَاعِهِ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِيَ الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَينَا الْجَيشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ (3) فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِي شَأْنِي، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ (4): عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ (5) فَاشْتَكَيتُ حِينَ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ (5) شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ (6) فِي قَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ (7) وَلا أَشْعُرُ بِشَيءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَرِيُبنِي (8) فِي وَجَعِي، أَنِّي لا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ:(كَيفَ تِيكُمْ (9)؟ ). فَذَاكَ يَرِيبُنِي، وَلا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ مَا نَقَهْتُ (10)، وَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ (11)، وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا وَلا نَخْرُجُ إِلَّا لَيلًا إِلَى لَيلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ (12) قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِي التَّنَزُّهِ (13)، وَكُنَّا (14) نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ (15) أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهِيَ بِنْتُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ

(1)"فخمرت وجهي" أي: غطيته.

(2)

في (أ): "كلمني"، وفي الحاشية:"يكلمني" وعليها "خ".

(3)

الموغر: النازل في وقت الوغرة وهي شدة الحر.

(4)

"كبره": معظمه.

(5)

في (أ): "المدنية".

(6)

"يفيضون" أي: يخوضون فيه.

(7)

"الإفك": الكذب.

(8)

"يريبني" يقال: رابه وأرابه إذا أوهمه وشككه.

(9)

"تيكم" إشارة إلي المؤنثة كـ "ذلكم" للذكر.

(10)

"نقهت": هو الذي أفاق من المرض وبرأ منه.

(11)

"المناصع": هي مواضع خارج المدينة كانوا يتبرزون فيها.

(12)

"الكُنف" الكنيف: هو الساتر.

(13)

"التنزه": طلب النزاهة بالخروج إلي الصحراء، وفي حاشية (أ) عن نسخة أخرى:"التبرز".

(14)

في (أ): "كنا".

(15)

في (أ): "الكنف".

ص: 95

خَالةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَبِنْتُ (1) أَبِي رُهْمٍ قِبَلَ بَيتِي حِينَ فَرَغْنَا (2) مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا قَدْ شَهِدَ بَدْرًا! قَالتْ (3): أَي هَنْتَاهْ (4) أَوْ لَمْ تَسْمَعِي مَا قَال؟ قُلْتُ: وَمَاذَا قَال؟ قَالتْ: فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ فَازْدَدْتُ مَرَضًا إِلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيتِي فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ (5)، ثُمَّ قَال:(كَيفَ تِيكُمْ؟ ). قُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟ قَالتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَتَيَقَّنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لأُمِّي: يَا أُمَّتَاهْ مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ فَقَالتْ: يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيكِ، فَوَاللهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ (6) عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا (7) وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيهَا، قَالتْ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا! قَالتْ: فَبَكَيتُ تِلْكَ اللَّيلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ، لا يَرْقَأُ (8) لِي دَمْعٌ، وَلا أَكْتَحِلُ (9) بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (10) عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ لَهُمْ مِنَ الْوُدِّ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ هُمْ أَهْلُكَ وَلا أَعْلَمُ (11) إِلَّا خَيرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَال:

(1) في (ك): "وابنة".

(2)

في (أ): "فرقنا".

(3)

في (أ): "فقالت".

(4)

"أي هنتاه" معناه: يا هذه، وقيل: يا امرأة.

(5)

قوله: "فسلم" ليس في (ك).

(6)

الوضيئة: هي الجميلة الحسنة.

(7)

في (أ): "يحبها حظية".

(8)

"لا يرفأ": لا ينقطع.

(9)

"ولا أكتحل بنوم" أي: لا أنام.

(10)

في حاشية (أ): "بلغ".

(11)

في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: "نعلم".

ص: 96

لَمْ يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا (1) كَثِيرٌ، وَإِنْ تَسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ فَقَال: (أَي بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيتِ مِنْ شَيءٍ يَرِيبُكِ مِنْ عَائِشَةَ؟ ) فَقَالتْ لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيتُ عَلَيهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ (2) عَلَيهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنُ (3) فَتَأْكُلُهُ، قَالتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ، قَالتْ: فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: (يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي (4) مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيتِي، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيهِ إِلَّا خَيرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي). فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيُّ فَقَال: أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللهِ (5)، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالتْ (6): فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ (7) رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنِ اجْتَهَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ (8) فَقَال لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ (9) لا تَقْتُلُهُ وَلا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيدُ بْنُ حُضَيرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَال لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ

(1) في (أ): "سواهما"، وفي الحاشية:"سواها" وكتب عليه "خ".

(2)

في (أ) و (ك): "أغمضه"، والمثبت من "صحيح مسلم". و"أغمصه" أي: أعيبه.

(3)

"الداجن": الشاة التي تألف البيت ولا تخرج للمرعى.

(4)

"من يعذرني" معناه: من يقوم بعذري إن كافأته على قبيح فعاله ولا يلومني، وقيل: معناه ينصرني، والعذير: الناصر.

(5)

في (ك): "أنا يا رسول الله أعذرك منه".

(6)

في (أ): "قال".

(7)

في (أ): "وكان قبل ذلك".

(8)

"اجتهلته الحمية" أي: استخفته وأغضبته وحملته على الجهل.

(9)

في (ك): "لعمرو الله".

ص: 97

لَعَمْرُ اللهِ (1) لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ، فَثَارَ الْحَيَّانِ (2) الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ. قَالتْ: وَبَكَيتُ يَوْمِي ذَلِكَ لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ بَكَيتُ لَيلَتِي الْمُقْبِلَةَ لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَأَبَوَايَ يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ (3) فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَينَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي (4)، قَالتْ: فَبَينَا (5) نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلَينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ لِي مَا قِيلَ، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إِلَيهِ فِي شَأْنِي بِشَيءٍ، قَالتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَال: (أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ قَدْ (6) بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاستَغْفِرِي اللهَ وَتُوبِي إِلَيهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيهِ). قَالتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالتَهُ قَلَصَ (7) دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَال، فَقَال: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ لأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالتْ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ: إِنِّي وَاللهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا (8) حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ،

(1) في (ك): "لعمرو الله".

(2)

"فثار الحيان" أي: تناهضوا للنزاع والعصبية.

(3)

في (أ)"البكى".

(4)

في (أ): "تبكي معي".

(5)

في (ك): "فبينما".

(6)

قوله: "قد" ليس في (ك).

(7)

"قلص دمعي" أي: ارتفع لاستعظام ما يعيبني من الكلام.

(8)

في (ك): "به".

ص: 98

فَإِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ مِنْهُ لا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُونَنِي، وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا كَمَا قَال أَبُو يُوسُفَ:{فَصَبْرٌ (1) جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (2) قَالتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَأَنَا وَاللهِ حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يُنْزِلَ اللهُ فِي شَأْنِي وَحْيًا (3) يُتْلَى، وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ (4) صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ رُؤيَا يُبَرِّئُنِي اللهُ بِهَا، قَالتْ فَوَاللهِ مَا رَامَ (5) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسَهُ وَلا خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ (6) عِنْدَ الْوَحْيِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ (7) مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ (8) مِنَ الْعَرَقِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِى مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيهِ، قَالتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ (9) عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَال:(أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ). فَقَالتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَيهِ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لا أَقُومُ إِلَيهِ (10)، وَلا أَحْمَدُ إِلَّا اللهَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، قَالتْ: فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيرٌ لَكُمْ}

(1) كذا في مسلم، وفي (أ) و (ك):"صبر".

(2)

سورة يوسف، آية (18).

(3)

في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: "وحي".

(4)

في (ك): "أن يُري الله رسول الله".

(5)

في (أ): "ما زاح"، وكتب المثبت في الحاشية وعليه "خ". و"ما رام" أي: ما فارقه.

(6)

"البرحاء": الشدة.

(7)

"ليتحدر": لينصب.

(8)

"الجمان": هو الدر، شبهت قطرات عرقه بحبات اللؤلؤ في الصفاء والحسن.

(9)

"سرى" أي: انكشف وأزيل.

(10)

في (ك): "عليه".

ص: 99

عَشْرَ آيَاتٍ (1)، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل هَذِهِ الآيَاتِ بَرَاءَتِي (2). قَالتْ: فَقَال أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللهِ لا أُنْفِقُ عَلَيهِ شَيئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَال لِعَائِشَةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل {وَلَا يَأْتَلِ (3) أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} إِلَى قَوْلِهِ {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (4) -قَال عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: هَذِهِ أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ.- فَقَال أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ إلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيهِ، وَقَال: لا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا. قَالتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ زَينَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرِي مَا عَلِمْتِ أَوْ مَا رَأَيتِ؟ فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيرًا. قَالتْ عَائِشَةُ: وَكَانَتْ هِيَ الَّتِي تُسَامِينِي (5) مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَصَمَهَا اللهُ بِالْوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ تُحَارِبُ لَهَا (6)، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ (7). وَفِي رِوَايَةٍ: احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، بَدَل: اجْتَهَلَتْهُ. وَفِي رِوَايَةٍ (8) أخرى: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَتَقُولُ: إِنَّهُ قَال:

(1) سورة النور الآيات (11 - 20).

(2)

في (ك): "ببراءتي".

(3)

"ولا يأتل" أي: لا يحلفوا، والألية: اليمين.

(4)

سورة النور، آية (22).

(5)

"تساميني" أي: تفاخرني وتضاهيني.

(6)

"تحارب لها" أي: تتعصب لها، فتحكي ما يقوله أهل الإفك.

(7)

مسلم (4/ 2129 - 2137 رقم 2770)، البخاري (5/ 218 رقم 2593)، وانظر (2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545).

(8)

في (ك): "طريق".

ص: 100

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي

لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وقَاءُ

وفيها: قَالتْ عَائِشَةُ: إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ: سُبْحَانَ اللهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ عَنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ (1)، قَالتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ شَهِيدًا. وَفَسَّر فِي أخرى قَوْلها: مُوغِرِينَ، قَال: الْوَغْرَةُ: شِدَّةُ الْحَرِّ.

4803 -

(2) وَعَنْ عَائِشَةَ أَيضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالتْ: ذُكِرَ مِنْ (2) شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ وَمَا عَلِمْتُ بِهِ، قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا فَتَشَهَّدَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: أَمَّا بَعْدُ أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي (3)، وَايمُ اللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَلا دَخَلَ بَيتِي قَطُّ إِلَّا وَأَنَا حَاضِرٌ، وَلا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلَّا غَابَ مَعِي). وفيه (4): وَلَقَدْ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيتِي (5) فَسَأَلَ جَارِيَتِي، فَقَالتْ: وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيهَا عَيبًا إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَ (6) عَجِينَهَا، أَوْ قَالتْ: خَمِيرَهَا -شَكَّ هِشَامٌ بْنِ عُرْوَةَ (7) - فَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ، وَقَال: اصْدُقِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ (8)، فَقَالتْ: سُبْحَانَ اللهِ، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيهَا إِلَّا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ (9) الأَحْمَرِ، وَقَدْ بَلَغَ الأَمْرُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ، فَقَال: سُبْحَانَ اللهِ، وَاللهِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ

(1)"ما كشفت عن كنف أنثى قط "أي: ثوبها الذي يسترها، وهو كناية عن عدم جماع النساء جميعهن ومخالطتهن.

(2)

في (أ): "في".

(3)

"أبنوا أهلي" معناه: اتهموها.

(4)

قوله: "فيه" ليس في (ك).

(5)

في (أ): "بيني".

(6)

في (أ): "فيأكل".

(7)

قوله: "شك هشام بن عروة" ليس في (ك).

(8)

"أسقطوا لها به" معناه: صرحوا لها بالأمر.

(9)

"تبر الذهب": هي القطعة الخالصة.

ص: 101

أُنْثَى قَطُّ. قَالتْ عَائِشَةُ: وَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللهِ. وَفِيهِ أَيضًا مِنَ الزِّيَادَةِ: وَكَانَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِهِ مِسْطَحٌ وَحَمْنَةُ وَحَسَّانُ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيهِ (1) وَيَجْمَعُهُ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ وَحَمْنَةُ (2).

خرَّجه البخاري في سورة النور بكماله مسندًا إلى قولها فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ. وخرَّج فيها حديثًا لم يصل به سنده.

4804 -

(3) عَنْ عَائِشَةَ أَيضًا قَالتْ: لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ وَمَا عَلِمْتُ بِهِ، قَامَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم فِيَّ خَطِيبًا، فَتَشَهَّدَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: أَمَّا بَعْدُ أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي (3)، وَايمُ اللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوءٍ، وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ وَلا دَخَلَ بَيتِي قَطُّ إِلَّا وَأَنَا حَاضِرٌ، وَلا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلَّا غَابَ مَعِي). فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادةَ -كَذَا وَقَعَ فِي هَذَا المَوضِع سَعْدُ بِنُ عُبَادَةَ، وصَوابُهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ عَلَى الصَّوَابِ- فَقَال: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقَال: كَذَبْتَ أَمَا وَاللهِ لَوْ كَانُوا مِنَ الأَوْسِ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ. حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَينَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ شَرٌّ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا عَلِمْتُ، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ فَعَثَرَتْ وَقَالتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: أَي أُمِّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ فَسَكَتَتْ، ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّانِيَةَ فَقَالتْ: تَعَسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: أَي أُمِّ أَتَسُبِّينَ ابْنَكِ، ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّالِثَةَ

(1)"كان يستوشيه" أي: يستخرجه بالبحث والمسألة ثمَّ يفشيه ويشيعه ويحركه.

(2)

انظر الحديث الذي قبله.

(3)

في (أ): "على أهلي".

ص: 102

فَقَالتْ: تَعَسَ مِسْطَحٌ، فَانْتَهَرْتُهَا، فَقَالتْ: وَاللهِ مَا أَسُبُّهُ إِلَّا فِيكِ، فَقُلْتُ: فِي أَيِّ شَأْنِي؟ ! قَالتْ: فَبَقَرَتْ لِيَ الْحَدِيثَ (1)، فَقُلْتُ: وَقَدْ كَانَ هَذَا (2)؟ ! قَالتْ: نَعَمْ وَاللهِ. فَرَجَعْتُ إِلَى بَيتِي كَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لا أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلًا وَلا كَثِيرًا وَوُعِكْتُ، قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسِلْنِي إِلَى بَيتِ أَبِي، فَأَرْسَلَ مَعِي الْغُلامَ فَدَخَلْتُ الدَّارَ فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومَانَ فِي السُّفْلِ وَأَبَا بَكْرٍ فَوْقَ الْبَيتِ يَقْرَأُ، فَقَالتْ أُمِّي: مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ؟ فَأَخْبَرْتُهَا وَذَكَرْتُ لَهَا الْحَدِيثَ، وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبلُغْ مِنْهَا مِثْلَ مَا بَلَغَ مِنِّي، فَقَالتْ: يَا بُنَيَّةُ خَفِّفِي عَلَيكِ الشَّأْنَ فَإِنَّهُ لَقَلَّ وَاللهِ مَا كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا (3) لَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا حَسَدْنَهَا (4) وَقِيلَ فِيهَا، فَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّي، قُلْتُ: وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي؟ قَالتْ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالتْ: نَعَمْ. فَاسْتَعْبَرْتُ وَبَكَيتُ فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِي وَهُوَ فَوْقَ الْبَيتِ يَقْرَأُ فَنَزَلَ، فَقَال لأُمِّي: مَا شَأْنُهَا؟ قَالتْ: بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا فَفَاضَتْ عَينَاهُ، وَقَال: أَقْسَمْتُ (5) عَلَيكِ يَا بُنَيَّةُ إِلَّا رَجَعْتِ إِلَى بَيتِكِ فَرَجَعْتُ، وَلَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيتِي فَسَأَلَ عَنِّي خَادِمِي فَقَالتْ: لا وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيهَا عَيبًا إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَ خَمِيرَهَا أَوْ عَجِينَهَا، وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَال: اصْدُقِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ، فَقَالتْ: سُبْحَانَ اللهِ، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيهَا إِلَّا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ. وَبَلَغَ الأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي قِيلَ لَهُ

(1)"فبقرت لي الحديث" أي: فتحته وكشفته.

(2)

كتب فوق "هذا" في (أ): "ذلك".

(3)

في (أ): "حسنة عند زوجها تحبها".

(4)

في (أ): "حسدتها".

(5)

في (أ): "أقسم"، وكتب المثبت في الحاشية عن نسخة أخرى.

ص: 103

فَقَال: سُبْحَانَ اللهِ، وَاللهِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ. قَالتْ عَائِشَةُ: فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللهِ. قَالتْ: فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، فَلَمْ يَزَالا حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ وَقَدِ اكْتَنَفَنِي أَبَوَايَ عَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيهِ، ثُمَّ قَال:(أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ إِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ سُوءًا أَوْ ظَلَمْتِ نَفْسَكِ فَتُوبِي إِلَى اللهِ، فَإِنَّ (1) اللهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ مِنْ عِبَادِهِ). قَالتْ: وَقَدْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَهِيَ جَالِسَةٌ بِالْبَابِ، فَقُلْتُ: أَلا تَسْتَحْي مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَذْكُرَ شَيئًا، فَوَعَظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَالْتَفَتُّ إِلَى أَبِي، فَقُلْتُ: أَجِبْهُ، قَال: فَمَاذَا (2) أَقُولُ؟ فَالْتَفَتُّ إِلَى أُمِّي فَقُلْتُ: أَجِيبِيهِ، فَقَالتْ: أَقُولُ مَاذَا؟ فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَاهُ تَشَهَّدْتُ فَحَمِدْتُ اللهَ وَأَثْنَيتُ عَلَيهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بَعْدُ فَوَاللهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ، وَاللهُ يَشْهَدُ إِنِّي لَصَادِقَةٌ مَا ذَاكَ بِنَافِعِي عِنْدَكُمْ وَقَدْ تَكَلَّمْتُمْ (3) بِهِ وَأُشْرِبَتْهُ قُلُوبُكُمْ، وَإِنْ (4) قُلْتُ إِنِّي فَعَلْتُ وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ لَتَقُولُنَّ قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا، وَإِنِّي (5) وَاللهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا، فَالْتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيهِ إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَال:{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} وَأُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَاعَتِهِ فَسَكَتْنَا، فَرُفِعَ عَنْهُ وَإِنِّي لأَتَبَيَّنُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ وَهُوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ وَيَقُولُ:(أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ بَرَاءَتَكِ). قَالتْ: وَكُنْتُ أَشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَبًا، فَقَال لِي أَبَوَايَ: قُومِي إِلَيهِ، فَقُلْتُ: لا وَاللهِ لا أَقُومُ إِلَيهِ وَلا أَحْمَدُهُ وَلا أَحْمَدُكُمَا، وَلَكِنْ أَحْمَدُ اللهَ الَّذِي أَنْزَلَ

(1) في (أ): "إن".

(2)

في (أ): "فبماذا".

(3)

في (ك): "يعلمتم" وكتب فوقها "كذا".

(4)

في (أ): "فإن".

(5)

قوله: "وإني" ليس في (ك).

ص: 104

بَرَاءَتِي لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ وَلا غَيَّرْتُمُوهُ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: أَمَّا زَينَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَعَصَمَهَا اللهُ بِدِينِهَا فَلَمْ تَقُلْ إِلا خَيرًا، وَأَمَّا أُخْتُهَا حَمْنَةُ فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ حَسَّانُ وَمِسْطَحٌ بْنُ ثَابِتٍ وَالْمُنَافِقُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيهِ وَيَجْمَعُهُ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ هُوَ وَحَمْنَةُ. قَالتْ: فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لا يَنْفَعَ مِسْطَحًا (1) بِنَافِعَةٍ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ} يَعْنِي مِسْطَحًا إِلَى قَوْلِهِ:{أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، قَال أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللهِ يَا رَبَّنَا لَنُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا، وَعَادَ لَهُ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ (2). لم يذكر البخاري قول (3) ابْنِ المُبَارك فِي هَذِه الآية: هَذِهِ أَرْجَى آية فِي كِتَابِ اللهِ. وذَكَرَ الحديث فِي غير مَوضع من كِتابه، وقد أسند ذكر حسان وقول عائشة في صفوان: مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى، إلى آخره. وفي بعض طرقه: قَال عُرْوَةُ: لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ أَيضًا إِلَّا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فِي نَاسٍ آخَرِينَ لا عِلْمَ لِي بِهِمْ، غَيرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ كَمَا قَال اللهُ عز وجل. وَقَال (4) فِي طَرِيقٍ أُخْرَى: قَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ. ولم يقل مسلم: قَبْلَ ذَلِكَ.

4805 -

(4) وخرَّج البخاري أَيضًا، عَنْ أُمِّ رُومَانَ، وَهِيَ أُمُّ عَائِشَةَ قَالتْ: بَينَا أَنَا قَاعِدَةٌ أَنَا وَعَائِشَةُ، إِذْ وَلَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالتْ: فَعَلَ اللهُ بِفُلانٍ

(1) في (ك): "مسطح".

(2)

انظر الحديث رقم (1) في هذا الباب.

(3)

في (أ): "في قول".

(4)

قوله: "قال" ليس في (أ).

ص: 105

وَفَعَلَ، فَقَالتْ أُمُّ رُومَانَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالتِ: ابْنِي فِيمَنْ حَدَّثَ الْحَدِيثَ. قَالتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالتْ: كَذَا وَكَذَا. قَالتْ عَائِشَةُ: سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالتْ: نَعَمْ. قَالتْ: وَأَبُو بَكْرٍ؟ قَالتْ: نَعَمْ. قَالتْ: فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلَّا وَعَلَيهَا حُمَّى بِنَافِضٍ (1)، فَطَرَحْتُ (2) عَلَيهَا ثِيَابَهَا فَغَطَّيتُهَا، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَال:(مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ ). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَخَذَتْهَا الْحُمَّى بِنَافِضٍ (3). قَال: (فَلَعَلَّ فِي حَدِيثٍ تُحُدِّثَ)(4). قَالتْ: نَعَمْ. فَقَعَدَتْ عَائِشَةُ فَقَالتْ: وَاللهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لا تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنْ قُلْتُ لا تَعْذِرُونِي، مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوبَ وَبَنِيهِ {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] قَالتْ: فَانْصَرَفَ وَلَمْ يَقُلْ شَيئًا، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل عُذْرَهَا مِنَ السَّمَاءِ، قَالتْ: بِحَمْدِ اللهِ لا (5) بِحَمْدِ أَحَدٍ وَلا بِحَمْدِكَ (6).

4806 -

(5) وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ قَال: لَمَّا أُخْبِرَتْ عَائِشَةُ بِالأَمْرِ قَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَنْطَلِقَ إِلَى أَهْلِي قَال (7): فَأَذِنَ لَهَا وَأَرْسَلَ (8) مَعَهَا الْغُلامَ، قَال رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: سُبْحَانَكَ {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} (6)[النور: 16].

4807 -

(6) وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَال: قَال لِيَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ؟ قُلْتُ: لا، وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلانِ مِنْ قَوْمِكَ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ،

(1)"الحمى بنافض" أي: برعدة شديدة كأنها تنفضها. وفي (أ): "تناقض"، وفي (ك):"تنافض"، والمثبت من "البخاري".

(2)

في (ك): "وطرحت".

(3)

في (ك): "تنافض".

(4)

في (أ): "حدث".

(5)

في (أ): "ولا".

(6)

انظر الحديث رقم (1) في هذا الباب.

(7)

قوله: "قال" ليس في (ك).

(8)

في (ك): "فأرسل".

ص: 106

أَنَّ عَائِشَةَ قَالتْ لَهُمَا: كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا (1)، فَرَاجَعُوهُ فَلَمْ يَرْجِعْ (2).

4808 -

(7) وَعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكَةَ قَال: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقْرَأُ {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} [النور: 15]، [وَتَقُولُ] (3): الْوَلْقُ الْكَذِبُ. قَال ابْنُ أَبِي مُلَيكَةَ: وَكَانَتْ أَعْلَمَ مِنْ غَيرِهَا بِذَلِكَ لأَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا (4).

4809 -

(8) مسلم. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ وَلَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ:(اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ). فَأَتَاهُ عَلِيٌّ فَإِذَا هُوَ فِي رَكِيٍّ (5) يَتَبَرَّدُ فِيهَا، فَقَال لَهُ عَلِيٌّ: اخْرُجْ فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ، فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ (6) لَيسَ لَهُ ذَكَرٌ، فَكَفَّ عَلِيٌّ عَنْهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ لَمَجْبُوبٌ مَا لَهُ ذَكَرٌ (7). لم يخرج البخاري هذا الحديث.

4810 -

(9) مسلم. عَنْ زَيدِ بْنِ أَرْقَمَ قَال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ أَصَابَتِ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ، فَقَال عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ لأَصْحَابِهِ {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} مِنْ حَوْلِهِ. قَال زُهَيرٌ: وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ مَنْ خَفَضَ (8)"حَوْلَهُ"، وَقَال:{لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} (9) قَال: فَأَتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَى

(1) في (ك): "مسيئًا في شأني"، وفي حاشية (أ):"مسيئًا" وعليها "خ". وهو الراجح من حيث الرواية، وإنما نسبته إلى الإساءة لأنه قال: النساء غيرها كثير، ولم يقل كما قال أسامة.

(2)

البخاري (7/ 435 رقم 4142).

(3)

ما بين المعكوفين ليس في (أ) و (ك)، والمثبت من "البخاري".

(4)

البخاري (7/ 436 رقم 4144)، وانظر (4752).

(5)

"ركي": أي بئر غير مطوي.

(6)

"مجبوب" أي مقطوع الذكر.

(7)

مسلم (4/ 2139 رقم 2771).

(8)

"من خفض: حوله" يعني قراءة من يقرأ "مِن حولِه" بكسر ميم من وكسر لام حوله، واحترز به عن القراءة الشاذة "مَنْ حولَه" بفتح الميم واللام.

(9)

سورة المنافقون، آية (7 و 8).

ص: 107

عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ فَسَأَلَهُ فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ، فَقَالوا (1): كَذَبَ زَيدٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَال: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِمَّا قَالُوهُ (2) شِدَّةٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عز وجل تَصْدِيقِي {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ [قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ] (3)} [المنافقون: 1] قَال: ثُمَّ دَعَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ، قَال: فَلَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وقَوْله {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} (4)[المنافقون: 4] قَال: كَانُوا رِجَالًا أَجْمَلَ شَيءٍ (5). في بعض طرق البخاري: عَنْ زَيدِ بْنِ أَرْقَمَ أَيضًا قَال: كُنْتُ مَعَ عَمِّي فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ يَقُولُ (6): {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ (7) اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} [المنافقون: 7]، {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: 8]، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي، فَذَكَرَ عَمِّي لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَانِي فَحَدَّثْتُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، وَكَذَّبَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَصَدَّقَهُمْ، فَأَصَابَنِي غَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ، فَجَلَسْتُ فِي بَيتِي، وَقَال عَمِّي: مَا أَرَدْتَ إِلَّا أَنْ كَذَّبَكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَمَقَتَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: 1]، وَأَرْسَلَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَهَا، وَقَال:(إِنَّ اللهَ قَدْ صَدَّقَكَ). وزاد في طريق أخرى (8): فَلامَنِي الأَنْصَارُ، يَعْنِي عَلَى قَوْله في عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ.

4811 -

(10) مسلم. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال: أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ فَأَخْرَجَهُ مِنْ قَبْرِهِ فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيهِ، وَنَفَثَ عَلَيهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ

(1) في (أ): "فقال".

(2)

في (أ): "قالوا".

(3)

ما بين المعكوفين ليس في (ك).

(4)

سورة المنافقون، الآيات (1 - 8).

(5)

مسلم (4/ 2140 رقم 2772)، البخاري (8/ 644 رقم 4900)، وانظر (4901، 4902، 4903، 4904).

(6)

في حاشية (ك): "بلغ مقابلة".

(7)

قوله: "رسول" ليس في (أ)، وقوله:"عند" ليس في (ك).

(8)

في (ك): "آخر".

ص: 108

قَمِيصَهُ، فَاللهُ أَعْلَمُ (1). زاد البخاري: فَكَانَ (2) كَسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا.

4812 -

(11) وذكر في باب "الكسوة للأسارى" من كتاب "الجهاد"، عَنْ جَابِرَ أَيضًا قَال: لَمَّا كَانَ (3) يَوْمَ بَدْرٍ أُتِيَ بِأُسَارَى، وَأُتِيَ بِالْعَبَّاسِ (4) وَلَمْ يَكُنْ عَلَيهِ ثَوْبٌ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهُ قَمِيصًا فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ يَقْدُرُ عَلَيهِ، فَكَسَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ، فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَهُ الَّذِي أَلْبَسَهُ. قَال ابْنُ عُيَينَةَ: كَانَتْ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يُكَافِئَهُ (5).

4813 -

(12) مسلم. عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيهِ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ عَلَيهِ، فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللهِ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ أَتُصَلِّي عَلَيهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيهِ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللهُ فَقَال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] وَسَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ). قَال: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَصَلَّى عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (6) [التوبة: 84]. زاد في طريق أخرى: فَتَرَكَ الصَّلاةَ عَلَيهِمْ.

4814 -

(13) وقال البخاري عَنْ أَبِي هَارُونَ (7) أَنَّ ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ

(1) مسلم (4/ 2140 رقم 2773)، البخاري (3/ 138 رقم 1270)، وانظر (1350، 3008، 5795).

(2)

في (ك): "وكان".

(3)

في (ك): "قدم".

(4)

في (أ): "العباس".

(5)

البخاري (6/ 144 رقم 3008).

(6)

مسلم (4/ 2141 رقم 2774)، البخاري (3/ 138 رقم 1269)، وانظر (4670، 4672، 5796).

(7)

في (أ): "أبي هريرة"، وهو خطأ وقع في بعض روايات الصحيح، انظر فتح الباري (3/ 215).

ص: 109

سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَهُ الَّذِي يَلِي جِلْدهُ (1).

4815 -

(14) وخرَّج البخاري أَيضًا هَذَا الحَدِيثَ فِي كِتَابِ "الجَنَائِزِ"، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَال: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ عَلَيهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَثَبْتُ إِلَيهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَقَدْ قَال يَوْمَ كَذَا وَكَذا: كَذَا وَكَذَا، أُعَدِّدُ عَلَيهِ قَوْلَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَال:(أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ). فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيهِ قَال: (إِنِّي قَدْ خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرْ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيهَا). قَال: فَصَلَّى عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةَ {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ [عَلَى قَبْرِهِ] (2)} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالى:{وَهُمْ فَاسِقُونَ} (3) قَال: فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي (4) عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ، وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ (5). وفي طريق: فَصَلَّى عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَلَّينَا مَعَهُ. وفي آخر: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذْ سَأَلَهُ ابْنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أُبَيٍّ أَنْ يُصَلِّي (6) عَلَى أَبِيهِ، قَال: آذِنِّي أُصَلِّي عَلَيهِ فَآذَنَهُ. وَقَال فِيهِ: (أَنَا بَينَ خِيَرَتَينِ {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80]. ذكره والذي قبله في "الجنائز"، وفي "التفسير" وخرجهما جميعًا من حديث عبد الله بن عمر. وقال في آخر: إِذَا فَرَغَتَ فَآذنِّي (7).

(1) البخاري (3/ 214 بعد رقم 1350).

(2)

ما بين المعكوفين ليس في (ك).

(3)

سورة التوبة، آية (84).

(4)

"من جرأتي" من إقدامي عليه.

(5)

البخاري (3/ 228 رقم 1366)، وانظر (4671).

(6)

في حاشية (أ): "أصلي" وعليها "خ".

(7)

في حاشية (أ): "فآذنا فلما فرغ آذنه".

ص: 110

4816 -

(15) مسلم. عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَال: اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيتِ ثَلاثَةُ نَفَرٍ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ، قَلِيلٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ، كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ فَقَال أَحَدُهُمْ: أَتُرَوْنَ اللهَ (1) يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ وَقَال الآخَرُ: يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا، وَلا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَينَا، وَقَال الآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَهُوَ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَينَا، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} (2) [فصلت: 22] الآيَةَ (3). في بعض طرق البخاري قَال: رَجُلانِ مِنْ قُرَيشٍ وَخَتَنٌ (4) لَهُمَا مِنْ ثَقِيفَ، أَوْ رَجُلانِ مِنْ ثَقِيفَ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ قُرَيشٍ فِي بَيتٍ، فَقَال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَتُرَوْنَ أَنَّ اللهَ يَسْمَعُ حَدِيثَنَا؟ قَال بَعْضُهُمْ: يَسْمَعُ بَعْضَهُ، وَقَال بَعْضُهُمْ: لَئِنْ كَانَ يَسْمَعُ بَعْضَهُ لَقَدْ يَسْمَعُ (5) كُلَّهُ، فَأُنْزِلَتْ {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ} الآيَةَ. ذكره في "التفسير".

4817 -

(16) مسلم. عَنْ زَيدِ بْنِ ثَابِتٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ إِلى أُحُدٍ، فَرَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ فَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ فِرْقَتَينِ، قَال بَعْضُهُمْ: نَقْتُلُهُمْ، وَقَال بَعْضُهُمْ: لا، فَنَزَلَتْ {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَينِ} [النساء: 88] (6)(7).

في بعض طرق البخاري: نُقَاتِلُهُم في الموضعين (8)، بَدَل نَقْتُلُهم.

4818 -

(17) مسلم. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رِجَالًا مِنَ المُنَافِقِينَ

(1) في (أ): "أن الله".

(2)

سورة فصلت، آية (22).

(3)

مسلم (4/ 2141 رقم 2775)، البخاري (8/ 561 رقم 4816)، وانظر (4817، 7521).

(4)

الختن: كل من كان من قبل المرأة مثل الأب والأخ وهم الأختان.

(5)

كذا في "البخاري"، وفي (أ) و (ك):"سمع".

(6)

سورة النساء، آية (88).

(7)

مسلم (4/ 2142 رقم 2776)، البخاري (4/ 96 - 97 رقم 1884)، وانظر (4050، 4589).

(8)

مراده ما وقع عند البخاري: . . . فرقة تقول: نقاتلهم، وفرقة تقول: لا نقاتلهم. . . الحديث.

ص: 111

تَخَلَّفُوا فِي (1) عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ إِذَا خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْغَزْو تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اعْتَذَرُوا إِلَيهِ وَحَلَفُوا وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ {لَا (2) تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ (3) بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} (4)(5).

4819 -

(18) وَعَنْ حُمَيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ مَرْوَانَ يعْنِي ابْن الحَكَم قَال: اذْهَبْ يَا رَافِعُ لِبَوَّابِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ (6): لَئِنْ كَانَ (7) كُلُّ امْرِئٍ مِنَّا فَرِحَ بِمَا أَتَى وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفعَلْ مُعَذَّبًا لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ، فَقَال (8) ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ الآيَةِ، إِنَّمَا أُنْزِلَتْ (9) هَذِهِ الآيَةُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ تَلا ابْنُ عَبَّاسٍ:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (10) هَذِهِ الآيَةَ، وَتَلا ابْنُ عَبَّاسٍ {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} ، وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: سَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ، وَأَخْبَرُوهُ بِغَيرِهِ فَخَرَجُوا قَدْ أَرَوْهُ أَنْ قَدْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ، وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيهِ، وَفَرِحُوا بِمَا أَتَوْا (11) مِنْ كِتْمَانِهِمْ إِيَّاهُ مَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ (12).

(1) في (أ): "على".

(2)

في (أ) و (ك): "ولا"، والمثبت هو الصواب.

(3)

في (ك): "يحسبنهم"، وفي (أ):"يحبسنهم".

(4)

سورة آل عمران، آية (188).

(5)

مسلم (4/ 2142 رقم 2777)، البخاري (8/ 233 رقم 4567).

(6)

في (ك): "فقال".

(7)

قوله: "كان" ليس في (أ).

(8)

في (أ): "قال".

(9)

في (أ): "نزلت".

(10)

سورة آل عمران، آية (187).

(11)

في (أ): "أوتوا".

(12)

مسلم (4/ 2143 رقم 2778)، البخاري (8/ 233 رقم 4568).

ص: 112

4820 -

(19) وَعَنْ قَيسِ بْنِ عُبَادٍ قَال: قُلْتُ لِعَمَّارٍ: أَرَأَيتُمْ صَنِيعَكُمْ هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ فِي أَمْرِ عَلِيٍّ أَرَأْيٌ رَأَيتُمُوهُ، أَوْ شَيءٌ عَهِدَهُ إِلَيكُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال: مَا عَهِدَ إِلَينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَلَكِنْ حُذَيفَةُ أَخْبَرَنِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال (1): قَال (2) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فِي أَصْحَابِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا فِيهِمْ ثَمَانِيَةٌ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ثَمَانِيَةٌ فِيهِمْ [تَكْفِيكَهُمُ] (3) الدُّبَيلَةُ). وَأَرْبَعَةٌ قَال الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ: لَمْ أَحْفَظْ مَا قَال شُعْبَةُ فِيهِمْ (4). وَفِي لَفظٍ آخَر: عَنْ قَيسٍ أَيضًا قَال: قُلْنَا لِعَمَّارٍ: أَرَأَيتَ قِتَالكُمْ أَرَأْيٌ رَأَيتُمُوهُ فَإِنَّ الرَّأْيَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، أَوْ عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيكُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال: مَا عَهِدَ إِلَينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَقَال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (إِنَّ فِي أُمَّتِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدُونَ رِيحَهَا حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ، ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ (5) الدُّبَيلَةُ سِرَاجٌ مِنَ النَّارِ يَظْهَرُ فِي أَكْتَافِهِمْ حَتَّى يَنْجُمَ (6) مِنْ صُدُورِهِمْ). شك شعبة في هذا الحديث هل هو عَنْ عمَّارٍ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَوْ عَنْ عمَّارٍ عَنْ حُذَيفَة عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. ولم يخرج البخاري هذا الحديث.

4821 -

(20) مسلم. عَنْ أَبِي الطُّفَيلِ قَال: كَانَ بَينَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ (7) وَبَينَ حُذَيفَةَ بَعْضُ (8) مَا يَكُونُ بَينَ النَّاسِ، فَقَال: أَنْشُدُكَ بِاللهِ كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ (7)؟ فَقَال لَهُ الْقَوْمُ: أَخْبِرْهُ إِذْ سَأَلَكَ، قَال: كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ

(1) أي قال حذيفة.

(2)

في (أ) و (ك): "وقال".

(3)

ما بين المعكوفين من "صحيح مسلم".

(4)

مسلم (4/ 2143 رقم 2779).

(5)

في (أ): "تكفلهم".

(6)

"ينجم": يظهر ويعلو.

(7)

هي عقبة بطريق تبوك وقف فيها قوم من المنافقين لرسول الله صلى الله عليه وسلم لينفروا به راحلته فيطرحوه. كما أوضحت ذلك رواية الإمام أحمد في مسنده (5/ 453).

(8)

في (ك): "بغض".

ص: 113

أَرْبَعَةَ عَشَرَ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَشْهَدُ بِاللهِ أَنَّ اثْنَي عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ للهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ، وَعَذَرَ ثَلاثَةً قَالُوا: مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلا عَلِمْنَا بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ، وَقَدْ كَانَ فِي حَرَّةٍ، فَمَشَى فَقَال:(إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ فَلا يَسْبِقْنِي إِلَيهِ أَحَدٌ). فَوَجَدَ قَوْمًا قَدْ سَبَقُوهُ فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ (1). لم يخرج البخاري هذا الحديث.

4822 -

(21) مسلم. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يَصْعَدُ الَّثنِيَّةَ (2) ثَنِيَّةَ الْمُرَارِ (3)، فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مَا حُطَّ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ). قَال: فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَهَا خَيلُنَا خَيلُ بَنِي الْخَزْرَجِ، ثُمَّ تَتَامَّ النَّاسُ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(وَكُلُّكُمْ مَغْفُورٌ لَهُ إِلَّا صَاحِبَ الْجَمَلِ الأَحْمَرِ). فَأَتَينَاهُ فَقُلْنَا: تَعَال يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَال: وَاللهِ لأَنْ أَجِدَ ضَالَّتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي صَاحِبُكُمْ. قَال: وَكَانَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضالَّةً (4) لَهُ (5). وَفِي رِوَايَةٍ: وَإِذَا (6) هُوَ أَعْرَابِيٌّ جَاءَ يَنْشُدُ ضَالَّةً لَهُ. وهَذَا الحَدِيثُ لم يخرجه البخاري.

4823 -

(22) مسلم. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: كَانَ مِنَّا رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، قَال: فَرَفَعُوهُ (7)، قَالُوا: هَذَا كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ، فَأُعْجِبُوا بِهِ، فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللهُ عُنُقَهُ (8) فِيهِمْ، فَحَفَرُوا لَهُ

(1) مسلم (4/ 2144 رقم 2779/ 11).

(2)

أصل الثنية: الطريق بين جبلين، وهذه الثنية عند الحديبية.

(3)

في (أ): "المراد".

(4)

"ينشد ضالة" يسأل عنها.

(5)

مسلم (4/ 2144 - 2145 رقم 2780).

(6)

في (ك): "إذا".

(7)

في (أ): "فعرفوه"، وكتب في الحاشية المثبت وعليه "خ".

(8)

"قصم الله عنقه" أي: أهلكه.

ص: 114

فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ (1) عَلَى وَجْهِهَا، ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، [ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا](2) فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا (3).

لفظ البخاري في (4) هذا الحديث: عَنْ أَنَسٍ أَيضًا قَال: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، وَكَانَ يَكْتُبُ لِنَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ، فَأَمَاتَهُ اللهُ فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ.

4824 -

(23) مسلم. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَلَمَّا كَانَ قُرْبَ (5) الْمَدِينَةِ هَاجَتْ رِيحٌ تَكَادُ أَنْ (6) تَدْفِنَ الرَّاكِبَ، فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:(بُعِثَثْ هَذِهِ الرِّيحُ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ)، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَإِذَا مُنَافِقٌ عَظِيمٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ قَدْ مَاتَ (7). لم يخرج البخاري هذا الحديث.

4825 -

(24) مسلم. عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَال: عُدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(1)"نبذته" أي: طرحته على وجهها عبرة للناظرين.

(2)

ما بين المعكوفين ليس في (أ).

(3)

مسلم (4/ 2145 رقم 2781)، البخاري (6/ 624 رقم 3617).

(4)

في (أ): "و".

(5)

في (ك): "من قرب".

(6)

قوله: "أن" ليس في (ك).

(7)

مسلم (4/ 2145 - 2146 رقم 2782).

ص: 115

رَجُلًا مَوْعُوكًا (1)، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيهِ فَقُلْتُ: وَاللهِ مَا رَأَيتُ كَالْيَوْمِ رَجُلًا أَشَدَّ حَرًّا، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَشَدَّ حَرًّا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَينِكَ الرَّجُلَينِ الرَّاكِبَينِ الْمُقَفِّيَينِ)(2) لِرَجُلَينِ حِينَئِذٍ مِنْ أَصْحَابِهِ (3). لم يخرج البخاري هذا الحديث.

4826 -

(25) مسلم. عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:(مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ (4) بَينَ الْغَنَمَينِ تَعِيرُ إِلَى هَذِهِ مَرَّةً وَإِلَى هَذِهِ مَرَّةً) (5). وفي رواية: "تَكِرُّ فِي هَذِهِ مَرَّةً وَفِي هَذِهِ مَرَّةً". ولا أخرج البخاري أَيضًا هذا الحديث (6).

4827 -

(26) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:(إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا})(7)(8).

4828 -

(27) وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَال: جَاءَ حَبْرٌ (9) إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا مُحَمَّدُ أَوْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ اللهَ تَعَالى يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَال وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ

(1) الوعك: الحمى، وقيل: ألمها.

(2)

"المقفيين" المولَّيين أقفيتهما منصرفين.

(3)

مسلم (4/ 2146 رقم 2783).

(4)

في (أ): "الغائرة". و"الشاة العائرة": المترددة الحائرة.

(5)

مسلم (4/ 2146 رقم 2784).

(6)

قوله: "الحديث" ليس في (ك).

(7)

سورة الكهف، آية (105).

(8)

مسلم (4/ 2147 رقم 2785)، البخاري (8/ 426 رقم 4729).

(9)

"حبر": عالم.

ص: 116

وَالثَّرَى (1) عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَعَجُّبًا مِمَّا قَال الْحَبْرُ تَصْدِيقًا لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ:[{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْويَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (2)](3). وَفِي لَفظٍ آخَر: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرْضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ، قَال: فَرَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَال: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} . وَفِي رِوَايَةٍ: وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ. وفِي أخرى: وَالْجِبَال عَلَى إِصْبَعٍ. وفي أخرى: جَاء حَبْرٌ مِنْ اليَهُودِ. وقال (4) البخاري في بعض طرقه: وَالشَّجَرَ والأَنْهَارَ عَلَى إِصْبَعٍ. وقال: ثُمَّ يَقُولُ بِيَدِهِ أَنَا الْمَلِكُ. ذكره في كتاب "التوحيد" وفي أخرى: يَا مُحَمَّدُ إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللهَ تَعَالى يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ. . . الحديث (5).

4829 -

(28) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَقْبِضُ اللهُ عز وجل الأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَطْوي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَينَ مُلُوكُ الأَرْضِ)(6).

(1) الثرى: التراب.

(2)

سورة الزمر، آية (67).

(3)

مسلم (4/ 2147 رقم 2786)، البخاري (8/ 550 - 551 رقم 4811)، وانظر (4714، 7415، 7451، 7513).

(4)

في (أ): "قال".

(5)

قوله: "الحديث" ليس في (أ).

(6)

مسلم (4/ 2148 رقم 2787)، البخاري (8/ 551 رقم 4812)، وانظر (6519، 7382، 7413).

ص: 117

4830 -

(29) وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَطْوي اللهُ عز وجل السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَينَ الْجَبَّارُونَ، أَينَ الْمُتَكَبِّرُونَ، ثُمَّ يَطْوي الأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَينَ الْجَبَّارُونَ، أَينَ الْمُتَكَبِّرُونَ)(1).

4831 -

(30) وَعَنْ عُبَيدِ (2) اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ فِي هَذَا الحَدِيثِ، أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ كَيفَ يَحْكِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:(يَأْخُذُ اللهُ عز وجل سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدَيهِ (3) وَيَقُولُ: أَنَا اللهُ وَيَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا أَنَا الْمَلِكُ). حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيءٍ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لأَقُولُ أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (4). وَفِي رِوَايَةٍ:(يَأْخُذُ الْجَبَّارُ عز وجل سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدِهِ). لفظ البخاري في حديث ابن عمر هذا لفظ مختصر رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قَال: (إِنَّ الله يَقْبِضُ يَوْمَ القِيَامَةِ الأَرْضَ (5) وَتَكُونُ السَّمَوَاتُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ).

4832 -

(31) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي فَقَال: (خَلَقَ اللهُ عز وجل التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَال يَوْمَ الأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الإِثْنَينِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ (6) فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ

(1) مسلم (4/ 2148 رقم 2788)، البخاري (13/ 393 رقم 7412).

(2)

في (أ): "عبد".

(3)

في (ك): "بيده".

(4)

انظر الحديث الذي قبله.

(5)

في (أ): "الأرضين"، وفي الحاشية عن نسخة أخرى:"أهل الأرض".

(6)

في (ك): "وبعث".

ص: 118

الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ، فِيمَا بَينَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيلِ (1) " (2). لم يخرج البخاري هذا الحديث.

4833 -

(32) وخرَّج عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ قَال: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَقَلْتُ (3) نَاقَتِي بِالْبَابِ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ (4) فَقَال:(اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ). قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا -مَرَّتَينِ-، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيهِ نَاسٌ مِنْ الْيَمَنِ فَقَال:(اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ (5) لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ). قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالُوا: جِئْنَا لِنَسْأَلَكَ (6) عَنْ هَذَا الأَمْرِ؟ قَال: (كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيءٌ غَيرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيءٍ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ). فَنَادَى مُنَادٍ ذَهَبَتْ نَاقَتُكَ يَا ابْنَ الْحُصَينِ، فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا هِيَ يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ (7)، فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا (8). خرَّجه في أول كتاب "بدء الخلق". وَفِي لَفظٍ آخَر: "جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ، وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ مَا كَانَ؟ قَال] (9): (كَانَ اللهُ وَلَمْ

(1) قال ابن تيمية عن هذا الحديث: طعن فيه من هو أعلم من مسلم؛ كابن معين والبخاري. وذكر البخاري أن هذا من كلام كعب الأحبار، لأنه ثبت بالتواتر أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وثبت أن آخر الخلق كان يوم الجمعة، فيلزم أن يكون أول الخلق يوم الأحد. ا. هـ. مختصرًا من "الفتاوى"(18/ 18).

(2)

مسلم (4/ 2149 - 2150 رقم 2789).

(3)

في (أ): "وعقلت"، والمثبت من الحاشية عن نسخة.

(4)

زاد في (أ): "من اليمن".

(5)

في (ك): "إن".

(6)

في (أ): "نسألك"، وكتب في الحاشية عن نسخة أخرى:"جئناك لنسألك".

(7)

"يقطع دونها السراب" أي: يحول بيني وبين رؤيتها، والسراب: هو ما يرى نهارًا في الفلاة كأنه ماء.

(8)

البخاري (6/ 286 رقم 3190)، وانظر (3191، 4365، 4386، 7418).

(9)

ما بين المعكوفين ليس في (ك).

ص: 119