المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ التفْسِيرِ 5204 - (1) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرةَ، عَنْ رَسُولِ - الجمع بين الصحيحين لعبد الحق - جـ ٤

[عبد الحق الإشبيلي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ القَدَرِ

- ‌كتَابُ العِلْمِ

- ‌كِتَابُ الذِّكْرِ والدُّعَاءِ

- ‌حَدِيثُ الغَارِ

- ‌بَابٌ في التَّوْبَةِ

- ‌بَابٌ في سَعَةِ رَحْمَةِ الله عز وجل

- ‌ باب

- ‌حَدِيثُ الثلَاثةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا

- ‌حَدِيثُ الإِفْكِ وكَانَ فِي غَزْوَةِ الْمَرَيسِيعِ، والْمَرَيسِيعُ مَاءٌ لِبَنِي الْمُصْطَلَقِ

- ‌بَابٌ

- ‌بِابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌ باب

- ‌[بَابُ الْخَلْقِ الأَوَّلِ مِنْ آدم]

- ‌بَابٌ

- ‌بَّابَ

- ‌بَابٌ فِي عَذَابِ القَبْرِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌كِتَابُ الفِتَنِ والأَشْرَاطِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ ابْنِ صَيَّادٍ

- ‌بَابٌ

- ‌كِتَابُ الزُّهْدِ

- ‌بَابٌ

- ‌ باب

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌بابٌ

- ‌بابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌كِتَابُ التفْسِيرِ

- ‌[كِتَابُ الْجَمْع بَينَ الصَّحِيحَينِ أَيضًاعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي صَدْرِ الكتَابِ

- ‌كَيفَ كَان بَدْءُ الوَحْي

- ‌كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌كِتَابُ العِلْمِ

- ‌كتَابُ الوُضُوءِ

- ‌كتَابُ الصَّلاةِ

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌كتَابُ الزَكَاةِ

- ‌كِتَابُ الحَجِّ

- ‌كِتَابُ الصِّيامِ

- ‌كِتَابُ البُيُوعِ

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌كِتَابُ الإِجَارةِ

- ‌كِتَابُ الحَوَالاتِ

- ‌كِتَابُ الوَكَالةِ

- ‌كِتَابُ الْحَرْثِ

- ‌كِتَابُ الشُّرْبِ

- ‌كِتَابُ الاسْتِقْرَاضِ

- ‌كِتَابُ الْخُصُومَاتِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌كِتَابُ الْمَظَالِمِ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ العِتْقِ

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الشَّرُوطِ

- ‌كِتَابُ الوَصَايَا

- ‌كِتَابُ الجِهَادِ

- ‌كِتابُ بدْءِ الخَلْقِ

- ‌كِتابُ الْمَغازِي

- ‌كِتابُ التفْسِيرِ

- ‌وَفِي سُورَة البَقَرَةِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَان

- ‌وَمِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ

- ‌وَمنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ

- ‌وَمنْ سُورَةِ الأنْعَامِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الأعْرَافِ

- ‌وَمِنْ سورَةِ الأنْفَال

- ‌ومِنْ سورَةِ بَراءَة

- ‌مِنْ سُورَةِ يُونُسَ عليه السلام

- ‌وَمِنْ سُورَةِ هُودٍ عليه السلام

- ‌وَمِن سُورَةِ يُوسُفَ عليه السلام

- ‌وَمِنْ سورَةِ الرَّعْدِ

- ‌مِنْ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الحِجْرِ

- ‌مِنْ سُورَةِ الْنحْلِ

- ‌وَمِن سُورَةِ بَنِي إِسرَائِيل

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْكهْفِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ {كهيعص}

- ‌وَمِنْ سُورَةِ طه

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الأَنْبِيَاءِ

- ‌وَمِنْ سورَةِ الْحَجِّ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ النُّورِ

- ‌وَمِنْ سورَةِ الْفُرْقَانِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الشُّعَرَاءِ

- ‌وَمِنْ سورَةِ النَّمْلِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْقَصَصِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الرُّومِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ تَنْزِيل السَّجْدَةِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الأحْزَابِ وَسُورَةِ سَبَإِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْمَلائكَةِ ويس وَالصَّافاتِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ ص وَسورَةِ الزُّمَرِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْمُؤْمِنِ وَحم السَّجْدَةِ

- ‌وَمِنْ سورَةِ {حم عسق} وَحم الزُّخْرُفِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الدُّخَانِ وَالْجَاثِيَة وَالأحْقَافِ {وَالَّذِينَ كَفَرُوا}

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ وَالْحُجُرَاتِ وَق

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الذَّارِيَاتِ وَالطُّورِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ وَالنَّجْمِ وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ {الرَّحْمَن} جل جلاله

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْوَاقِعَةِ وَالحَدِيدِ وَالُمجَادَلَةِ والحَشْرِ والمُمْتَحِنَةِ وَالصَّفِّ وَالمُنَافِقِينَ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ التَّغَابُنِ وَالطَّلاقِ والتَّحْرِيمِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْمُلْكِ وَ {ن وَالْقَلَمِ}

- ‌ومِنْ سُورَةِ الْحَاقَّةِ وَ {سَأَلَ سَائِلٌ} وَسُورَةِ نُوحٍ عليه السلام

- ‌وَمِنْ سُورَةِ {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} وَالْمُزَّمِّلِ وَالْمُدَّثِّرِ وَالقِيَامَةِ وَ {هَلْ أَتَى} وَالمُرْسَلاتِ وَ {عَمَّ يَتَسَاءَلُون} وَالنَّازِعَاتِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ عَبَسَ وَ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الإِنْفِطَارِ والمُطَفِّفِينَ وَالإِنْشِقَاقِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْبُرُوجِ وَالطَّارِقِ والغَاشِيَةِ والفَجْرِ وَالبَلَدِ إِلَى آخِرِ القُرْآنِ

- ‌كِتَابُ فَضَائِلِ القُرْآنِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌كتَابُ الطَّلاقِ

- ‌كِتَابُ النَّفَقَاتِ

- ‌كِتَابُ الأَطْعِمَةِ

- ‌كتَابُ العَقِيقَةِ وَكِتَابُ الذَّبَائح وَالصَّيدِ

- ‌كِتَابُ الأَضَاحِي

- ‌كِتَابُ الأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ المَرْضَى

- ‌كِتابُ الطِّبِ

- ‌كِتابُ الْلِّباسِ

- ‌كِتابُ الأَدَبِ

- ‌كِتَابُ الاسْتِئْذانِ

- ‌كِتابُ الدَّعَواتِ

- ‌كِتاب الرِّقَاقِ

- ‌كتابُ القَدَرِ

- ‌كِتابُ الأَيمانِ والنُّذُورِ

- ‌كِتابُ الكَفاراتِ

- ‌كِتَابُ الفَرَائِضِ

- ‌كِتَابُ الحُدُودِ

- ‌كِتَابُ المُحَارِبِينَ

- ‌كِتَابُ الدَّيِّاتِ

- ‌كِتَابُ اسْتِتَابَةِ الْمُرتَدِّينَ والْمُعَانِدِينَ وَقِتَالُهُم

- ‌كِتَابُ الإِكْرَاه

- ‌كِتَابُ الحِيَلِ

- ‌كتَابُ الرؤْيَا

- ‌كِتَابُ الفِتَنِ

- ‌كِتَابُ الأحكام

- ‌كِتَابُ التَّمَنِّي

- ‌كِتَابُ إِجَازَةِ خَبَرِ الوَاحِدِ

- ‌كتَابُ الاعتِصَامِ

- ‌كِتَابُ التَّوحِيدِ

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ التفْسِيرِ 5204 - (1) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرةَ، عَنْ رَسُولِ

‌كِتَابُ التفْسِيرِ

5204 -

(1) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرةَ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَال:(قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطة (1)(2) يُغْفَرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ، فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا الْبَابَ يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ وَقَالُوا: حَبَّة فِي شَعَرَةٍ) (3).

وقال البخاري: (فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ). وفي طَرِيق آخَر: "وَقَالُوا: حِطة حبة فِي شَعَرَة".

5205 -

(2) مسلم. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك، أَنَّ اللهَ عز وجل تَابَعَ الْوَحي عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَبْلَ وَفَاتهِ حَتى تُوُفِّيَ، وَأَكْثَرُ مَا كَانَ الْوَحْيُ يَوْمَ تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم (4).

5206 -

(3) وَعَنْ طَارِق بْنِ شِهَابٍ قَال: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى عُمَرَ، فَقَال: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيةَ فِي كِتَابكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَينَا نَزَلَتْ مَعْشَرَ الْيَهُودِ لاتخَذنا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا قَال: وَأيُّ آيةٍ؟ قَال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا} (5). فَقَال عُمَرُ: إِني لأَعْلَمُ الْيَوْمَ الذي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْمَكَانَ الذي نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ (6) عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَات فِي (7) يَوْمِ جُمُعَةٍ (8). وَفِي لَفظِ آخَر: قَال عُمَرُ: فَقَدْ عَلِمتُ الْيَوْمَ الذي أُنْزِلَتْ فِيهِ وَالسَّاعَةَ، وَأَينَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حِينَ نَزَلَتْ، نَزَلَتْ لَيلَةَ

(1)"وقولوا حطة": أي مسألتنا حطة وهي أن يحط عنا خطايانا.

(2)

في (أ): "حنطة".

(3)

مسلم (4/ 2312 رقم 3015)، البخاري (6/ 436 رقم 3403)، وانظر (4479، 4641).

(4)

مسلم (4/ 2312 رقم 3017)، البخاري (9/ 3 رقم 4982).

(5)

سورة المائدة، آية (3).

(6)

قوله: "نزلت" ليس في (أ).

(7)

في (أ): "من"، وفي الحاشية عن نسخة أخرى:"في".

(8)

مسلم (4/ 2312 رقم 3017)، البخاري (1/ 105 رقم 45)، وانظر (4407، 4606، 7268).

ص: 301

جَمْع وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَاتٍ. وفي بعض طرق البخاري: نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الجُمُعَة. خرَّجه في "الإيمان" وترجم عليه باب "زيادة الإيمان ونقصانه، وقول (1) الله عز وجل {وَزِدْنَاهُمْ هُدَى} (2) {وَيَزْدَادَ الذِينَ آمَنُوا إيمَانًا} (3)، وقَال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فَإِذا تَرَكَ شيئًا من الكمالِ فهُو ناقص. وفي بعض طرقه: أَنَّ نَاسًا مِن اليَهُودِ قَالُوا: لَوْ نَزَلَتْ فِينَا هَذِهِ الآية. ذكره في "حجة الوداع" وليس في كتابه: والسَّاعَةَ.

5207 -

(4) مسلم. عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزبيرِ، أنهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ الله عز وجل:{وَإن خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاث وَرُبَاعَ} (4) قَالتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي هِيَ الْيتِيمَةُ تَكُونُ فِي (5) حَجْرِ وَلِيِّهَا تُشَارِكُهُ فِي مَالِهِ، فيعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيرِ أَنْ يُقْسِطَ (6) فِي صَدَاقِهَا فيعْطيهَا مِثْلَ مَا يُعْطيهَا غَيرُهُ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلا أَنْ يُقْسِطوا (7) لَهُنَّ وَيَبلُغُوا بهِنَّ (8) أَعْلَى سُنتِهِنَّ (9) مِنَ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ. قَال عُرْوَةُ: قَالتْ عَائِشةُ: ثُمَّ (10) إِنَّ الناسَ اسْتَفتوْا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعْدَ هَذِهِ الآيةِ فِيهِنَّ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل {يَسْتَفْتُونَكَ (11) فِي النِّسَاءِ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاتي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} (12)

(1) في (أ): "قول".

(2)

سورة الكهف، آية (13).

(3)

سورة المدثر، آية (31).

(4)

سورة النساء، آية (3).

(5)

في (أ): "تحت".

(6)

"يقسط" أي: يعدل.

(7)

في (أ): "يعطوا"، وفي الحاشية:"يقسطوا".

(8)

قوله: "يبلغوا بهن" ليس في (أ).

(9)

"أعلى سنتهن" أي: أعلى عادتهن في مهورهن ومهورًا مثالهن.

(10)

قوله: "ثم" ليس في (أ).

(11)

زاد في (ك): "و" قبل "يستفتونك" وليس من الآية.

(12)

سورة النساء، آية (127).

ص: 302

قَالتْ: وَالذِي ذَكَرَ الله عز وجل أَنهُ {يُتْلَى عَلَيكُمْ فِي الْكِتَابِ} الآيةُ الأُولَى التِي قَال الله عز وجل فِيهَا {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} قَالتْ عَائِشَةُ: وَقَوْلُ الله عز وجل فِي الآيةِ الأُخْرَى (1){وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} رَغْبَةَ أحَدِكُمْ عَنِ يتيمَتِهِ التِي تَكُونُ فِي حَجْرِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا رَغِبُوا فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ إلا بِالْقِسْطِ مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُن (2). وقال في طريق أخرى: مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ إِذَا كُنَّ قَلِيلاتِ المَالِ وَالجَمَالِ (3).

5208 -

(5) وَعَنْ عَائشَةَ أَيضًا فِي هَذِهِ الآيةِ قَوْلهُ عز وجل: {وَإنْ خفتمْ ألا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامَى} قَالتْ: أنْزِلَتْ فِي الرَّجُلِ تكُونُ لَهُ اليتيمَة وَهُوَ وَليُّهَا وَوَارِثُهَا وَلَهَا مَال وَلَيسَ لَهَاَ أحَد يُخَاصِمُ دُونَهَا، فَلا يُتْكِحُهَا لِمَالِهَا فَيَضُر بِهَا ويسِيءُ صُحْبَتَهَا، فَقَال:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} ويَقُولُ: مَا أَحْلَلْتُ (4) لَكُم وَدَعْ هَذِهِ التي تَضُر بِهَا (5).

5209 -

(6) وَعَنْهَا، فِي قوْلهِ عز وجل:{وَمَا يُتْلَى عَلَيكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} ، قَالتْ: أُنْزِلَتْ فِي الْيَتيمَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَتشْرَكُهُ في مَالِهِ فَيَرْغَبُ عَنْهَا أنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا (6) غَيرَهُ فَيَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ، فَيَعضِلُهَا (7) فَلا

(1) في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: "الآخرة".

(2)

مسلم (4/ 2313 - 2314 رقم 3018)، البخاري (5/ 133 رقم 2494)، وانظر (2763، 4573، 4574، 4600، 5064، 5092، 5098، 5128، 5131، 5140، 6965).

(3)

بعد هذا في (أ): "وعنها آخر: من أجل

" ثم ذكر الرواية المتقدمة في طريق أخرى.

(4)

في (ك): "أحللتم".

(5)

انظر الحديث الذي قبله.

(6)

في (ك): "يتزوجها".

(7)

"فيعضلها" أي: يمنعها الزواج.

ص: 303

يَتَزَوَّجُهَا وَلا يُزَوِّجُهَا غَيرَهُ (1).

5210 -

(7) وَعنهَا، {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} ، قَالتْ: هِيَ الْيَتيمَةُ التِي تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ لَعَلهَا أَنْ تَكُونَ قَدْ شَرِكَتْهُ فِي مَالِهِ (2) حَتى فِي الْعَذْقِ (3)، فَيَرْغَبُ (4) أَنْ يَنْكِحَهَا وَيَكْرَهُ أنْ يُنْكِحَهَا رَجُلًا فَيَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ فَيَعْضِلُهَا (1).

5211 -

(8) البخاري. عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ (5) لَهُ يتيمَة فَنَكَحَهَا (6)، وَكَانَ لَهَا (7) عَذْق وَكَانَ (8) يُمْسِكُهَا عَلَيهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ شَيء فَنَزَلَت فِيهِ {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} أَحْسبُهُ قَالتْ: كَانَتْ شَرِيكَتَهُ فِي ذَلِكَ الْعَذْقِ وَفِي مَالِهِ. هذا من بعض ألفاظه. وَفِي لَفظِ آخَر: أَنَّ الْيَتيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ وجَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا وَنَسَبِهَا فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِي قِلةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ تَرَكُوهَا وَأَخَذُوا غَيرَهَا مِنَ النِّسَاءِ، قَالتْ (9): فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغبونَ عَنْهَا فَلَيسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إذَا رَغِبُوا فِيهَا، إِلا أَنْ يُقْسِطوا لَهَا ويعْطوهَا حَقهَا الأَوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ.

5212 -

(9) مسلم. عَنْ عَائشَةَ فِي قَوْلِ اللهِ (10) عز وجل: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} (11)، قَالتْ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيةُ

(1) انظر الحديث رقم (4) في هذا الباب.

(2)

في (أ): "في ماله فيعضلها".

(3)

"العذق": هو النخلة.

(4)

"فيرغب أن ينكحها": أي عن نكاحها. وفي (أ): "يعني فيرغب".

(5)

في (ك): "كان".

(6)

في (ك): "فبكحها".

(7)

في (ك): "له".

(8)

قوله: "وكان" ليس في (ك).

(9)

قوله: "من النساء قالت" ليس في (ك).

(10)

في (ك): "قوله".

(11)

سورة النساء، آية (6).

ص: 304

فِي وَلِيِّ (1) الْيَتيمِ أَنْ يُصِيبَ مِنْ مَالِهِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا بِقَدْرِ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ (2).

وَفي رِوَايَة: وَالِي مَالِ الْيَتيمِ الذي يَقُومُ عَلَيهِ ويصلِحُهُ.

5213 -

(10) وَعَنْ عَائشَةَ أَيضًا فِي قَوْلِهِ عز وجل {إذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} (3) قَالتْ: كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ (4).

5214 -

(11) وَعنهَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالى (وَإِنِ امْرَأةْ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} (5) الآيةَ. قَالتْ: أُنْزِلَتْ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَتَطُولُ صُحْبَتُهَا فيرِيدُ طَلاقَهَا فَتَقُولُ: لا تُطَلِّقنِي وَأمْسِكْنِي وَأَنْتَ فِي حِلّ مِنِّي فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيةَ (6).

وَفِي لَفظٍ آخَر: نَزَلَتْ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَلَعَلهُ أَنْ لا يَسْتَكْثِرَ مِنْهَا وَتَكُونُ لَهَا (7) صُحْبَةْ وَوَلَد فَتَكْرَهُ (8) أَنْ يُفَارِقَهَا فَتَقُولُ لَهُ: أَنْتَ فِي حِل مِنْ شَأنِي. وفي بعض ألفاظ البخاري: فَيُرِيدُ طَلاقَهَا وَيَتَزَوَّجُ (9) غَيرَهَا. وفيه: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنَ النفَقَةِ علَيَّ وَالْقِسْمَةِ لِي. ذكره في "النكاح"، وزاد في طريق آخر، عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: فَلا (10) بَأسَ إِذَا تَرَاضَيا، ولم يذكر النفقة

(1) كذا في "مسلم"، وفي (ك):"والي"، وفي (أ):"أول مال اليتيم".

(2)

مسلم (4/ 2315 رقم 3019)، البخاري (4/ 406 رقم 2212)، وانظر (2765، 4575).

(3)

سورة الأحزاب، آية (10).

(4)

مسلم (4/ 2316 رقم 3020)، البخاري (7/ 399 رقم 4103).

(5)

سورة النساء، آية (128).

(6)

مسلم (4/ 2316 رقم 3021)، البخاري (9/ 304 رقم 5206)، وانظر (2450، 2694، 4601).

(7)

في (أ): "له".

(8)

في (أ): "فيكره".

(9)

في (أ): "تزويج".

(10)

في (ك): "لا".

ص: 305

في هذا، [وقال فيه: فَتَقُولُ: أمْسِكْنِي واقْسِمْ لِي مَا شِئْت] (1).

5215 -

(12) مسلم. عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبِيرِ قَال: قَالتْ لِي عَائِشَةُ يَا ابْنَ أُخْتِي أُمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لأَصْحَابِ النبِيّ صلى الله عليه وسلم فَسَبُّوهُمْ (2). لم يخرج البخاري هذا الحديث.

5216 -

(13) مسلم. عَنْ سعيدِ بْنِ جُبَيرٍ قَال: اختلَف أَهْلُ الْكُوفَةِ فِي هَذِهِ الآيةِ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} (3)، فَرَحَلْتُ (4) إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا؟ فَقَال: لَقَدْ أُنْزِلَتْ (5) آخِرَ مَا أُنْزِلَ ثُمَّ مَا نَسَخَهَا شَيء (6).

5217 -

(14) وَعَنْ سعيدِ بْنِ جُبَيرٍ قَال: أَمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَاتَينِ الآيتَينِ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا (7)} فَسَأَلْتُهُ فَقَال: لَمْ يَنْسَخْهَا شَيء. وَعَنْ هَذِهِ الآيةِ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالْحَقِّ} قَال (8): نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ (9).

5218 -

(15) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: نَزَلَتْ هَذِهِ الآية بِمَكةَ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} (10) إلَى قَوْله: {مُهَانًا} ، فَقَال الْمُشْرِكُونَ: وَمَا يُغْنِي عَنا الإِسْلامُ وَقَدْ عَدَلْنَا بِاللهِ، وَقَدْ قَتلنا النفْسَ التِى حَرَّمَ الله، وَأَتَينَا الْفَوَاحِشَ،

(1) ما بين المعكوفين ليس في (ك).

(2)

مسلم (4/ 2317 رقم 3022).

(3)

سورة النساء، آية (93).

(4)

في (ك): "فدخلت".

(5)

في (ك): "نزلت".

(6)

مسلم (4/ 2317 رقم 3023)، البخاري (7/ 165 رقم 3855)، وانظر (4590، 4762، 4763، 4766، 4765، 4764).

(7)

قوله تعالى: " {خالدين فيها} " ليس في (ك).

(8)

قوله: "قال" ليس في (أ).

(9)

انظر الحديث الذي قبله.

(10)

سورة الفرقان، الآيتان (68 و 69).

ص: 306

فَأَنْزَلَ الله عز وجل {إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} (1) إِلَى آخِرِ الآيةِ، قَال (2): فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ فِي الإِسْلامِ وَعَقَلَهُ (3) ثُمَّ قَتَلَ فَلا تَوبةَ لَهُ (4)(5).

5219 -

(16) وَعنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ قَال: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: أَلِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمّدًا مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَال: لا. فَتَلَوْتُ (6) عَلَيهِ هَذِهِ الآيةَ التِي فِي الْفُرْقَانِ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالْحَقِّ} إِلَى آخِرِ الآيةِ، قَال: هَذِهِ آيةٌ مَكيَّةٌ نَسَخَتْهَا آية مَدَنِيةٌ {وَمَنْ (7) يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا} . وَفِي رِوَايَةِ: فَتَلَوْتُ عَلَيهِ (8) هَذِهِ الآيةَ التِي فِي الْفُرْقَانِ {إِلا مَنْ تَابَ} (1). وزاد (9) البخاري عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُجَاهِدٍ فَقَال: إلا مَنْ نَدِمَ. [وفي بعض ألفاظه: وَامَّا التِي فِي النِّسَاءِ: الرَّجُلُ إِذَا عَرَفَ الإِسْلامَ، .وَشَرَائعَهُ ثُمَّ قَتَلَ، فَجَزَاوهُ جَهَنمُ](10).

5220 -

(17) مسلم. عَنْ عُبَيدِ الله (11) بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُتْبَةَ قَال: قَال لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: تَعْلَمُ (12) آخِرَ سُورَة مِنَ الْقُرْآنِ نَزَلَتْ جَمِيعًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْحُ} ، قَال: صَدَقْتَ. وَفِي رِوَايَةِ: أَيُّ سُورَةٍ، لَمْ يَقُلْ: آخِرَ (13). لم يخرج البخاري هذا الحديث.

(1) سورة الفرقان، آية (70).

(2)

قوله: "قال" ليس في (أ).

(3)

"وعقله" أي: علم أحكام الإسلام وتحريم القتل.

(4)

"فلا توبة له": وهذا القول مشهور عن ابن عباس، لكن جمهور السلف حملوا ما ورد من ذلك على التغليظ، وصححوا توبة القاتل كغيره، وتمسكوا بقوله تعالى:{إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} .

(5)

انظر الحديث رقم (13) في هذا الباب.

(6)

في (ك): "وتلوت".

(7)

في (ك): "من".

(8)

قوله: "عليه" ليس في (ك).

(9)

في (ك): "زاد".

(10)

ما بين المعكوفين ليس في (ك).

(11)

في (أ): "عبد الله".

(12)

في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: "تدري".

(13)

مسلم (4/ 2318 رقم 3024).

ص: 307

5221 -

(18) مسلم. عَنِ ابْنِ عبَاسٍ قَال: لَقِيَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا فِي غُنَيمَةٍ لَهُ فَقَال: السَّلامُ عَلَيكُمْ، فَأَخَذُوهُ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا تِلْكَ الْغُنَيمَةَ فَنَزَلَتْ {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيكُمُ السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا (1)} (2)، وَقَرَأَهَا ابْنُ عبَاسٍ {السَّلامَ} (3). وقال البخاري: إِلى قَوْلِهِ: {عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} : تِلْكَ الْغُنَيمَةُ.

5222 -

(19) مسلم. عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَال: كَانَتِ الأَنْصَارُ إذَا حَجُّوا فَرَجَعُوا لَمْ يَدْخُلُوا الْبُيُوتَ إِلا مِنْ ظُهُورِهَا، قَال: فَجَاءَ رَجل مِنَ الأَنْصَارِ فَدَخَلَ مِنْ بَابِهِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيةَ {وَلَيسَ الْبِرُّ بِأَنْ (4) تَأتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتقَى} (5) (6). وقال البخاري: فَدَخَلَ مِنْ بَابِهِ فَعُيِّرَ بِذَلِكَ. وفي بعض ألفاظه: كَانُوا إِذَا أَحْرَمُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أتَوُا الْبَيتَ مِنْ ظَهْرِهِ فَأَنْزَلَ الله عز وجل {لَيسَ الْبِرُّ بِأَنْ (7) تَأتُوا (8)} إِلَى {أَبْوَابِهَا} .

5223 -

(20) وخرج عَنْ نَافِع، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، أَتَاهُ رَجُلان فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزبيرِ فَقَالا: إِنَّ الناسَ صَنعُوا (9) وَأَنْتَ ابْن عمَرَ وَصَاحِب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ؟ قَال: يَمْنَعُنِي أَنَّ اللهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِي. قَالا: أَلَمْ يَقُلِ الله {وَقَاتِلُوهُمْ حَتى لا تَكُونَ فِتْنَة وَيَكونَ الدِّينُ للهِ} (10)؟ قَال: قَدْ قَاتَلْنَا

(1) قوله: " {لست مؤمنًا} " ليس في (أ).

(2)

سورة النساء، آية (94).

(3)

مسلم (4/ 2319 رقم 3025)، البخاري (8/ 258 رقم 4591).

(4)

في (ك): "أن".

(5)

سورة النساء، آية (189).

(6)

مسلم (4/ 2319 رقم 3026)، البخاري (3/ 621 رقم 1803)، وانظر (4512).

(7)

في (أ): "أن".

(8)

قوله: "بأن تأتوا" ليس في (ك).

(9)

في (ك): "قد ضيعوا".

(10)

سورة البقرة، آية (193).

ص: 308

حَتى لَمْ (1) تَكُنْ فِتنةٌ وَكَانَ الدِّينُ لِلهِ، وَأَنْتمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتى تَكُونَ فِتنةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيرِ الله (2).

5224 -

(21) وَعَنْه، أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابنَ عُمَرَ فَقَال: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَامًا وَتَعْتَمِرَ عَامًا وَتَتْرُكَ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ الله عز وجل وَقَدْ عَلِمْتَ مَا رَغبَ الله فِيهِ؟ قَال: يَا ابْنَ أَخِي بنيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: إيمانٍ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَالصَّلاةِ (3) الْخَمْس، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَأَداءِ الزَّكَاةِ، وَحَجّ الْبَيتِ. قَال: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلا تَسْمَعُ (4) مَا ذَكَرَ الله فِي كِتَابِهِ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَينَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا التِي تَبْغِي حَتى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ الله} (5)، وقَال:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتى لا تَكُونَ فِتْنَة} (6)؟ قَال: قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ الإِسْلامُ قَلِيلًا، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي (7) دِينهِ إِمَّا قَتَلُوهُ أوْ يُعَذَبونَهُ حَتى كَثُرَ الإسْلامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَة. قَال: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِي وَعُثْمَانَ؟ قَال: أَمَّا عُثْمَانُ فَكَأنَّ اللهَ عَفَا عَنْهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَكَرِهْتُمْ أَنْ تَعْفُوا عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِيّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَخَتَنُهُ (8) وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقَال: هَذَا بَيتُهُ حَيثُ تَرَوْنَ (9). لم يصل سنده بهذا. وَفِي لَفظ آخَر: فَلَمَّا رَأَى أَنهُ لا يُوَافِقُهُ فِيمَا يُرِيدُ قَال فَمَا قَوْلُكَ

(1) في (أ): "لا".

(2)

البخاري (8/ 183 رقم 4513)، وانظر (3130، 3698، 3704، 4066، 4514، 4650، 4651، 7095).

(3)

في (ك): "الصلوات".

(4)

في (أ): "يسمع".

(5)

سورة الحجرات، آية (9).

(6)

سورة البقرة، آية (193).

(7)

في (ك): "عن".

(8)

الأختان من قبل المرأة، والأحماء من قبل الزوج.

(9)

البخاري (8/ 183 - 184 رقم 4514)، وانظر الذي قبله.

ص: 309

فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؟ وفي آخر: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ ابْنَ عُمَرَ فَقَال: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلا تَسْمَعُ مَا ذَكر الله فِي كِتَابِهِ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} إِلَى آخِرِ الآيةِ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ لا تُقَاتِلَ كَمَا ذَكَرَ الله فِي كِتَابِهِ؟ فَقَال: يَا ابْنَ أخِي أغترُّ (1) بِهَذِهِ الآيةِ، وَلا أُقَاتِلُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغترَّ بِالآيةِ التِي يَقُولُ الله عز وجل:{وَمَنْ يَقتلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمّدًا} إِلَى آخِرِهَا. قَال: فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {وَقاتِلُوهُمْ حَتي لا تَكُونَ فِتنة} ، قَال ابْنُ عُمَرَ: قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث. وقال فِي لفظ آخر: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ (2) إِنمَا كَانَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ الدُّخُولُ فِي دِينهِمْ فِتْنَةً، وَلَيسَ بِقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْك. تقدم لمسلم في كتاب "الإيمان" الكلام في هذه الآية {وَقَاتِلُوهُمْ حَتى لا تَكُونَ فِتْنَة} ، والمسؤول هناك (3) سعد بن أبي وقاص.

5225 -

(22) مسلم. عَنِ ابْنِ (4) مَسْعُودٍ قَال: مَا كَانَ بَينَ إِسْلامِنَا وَبَينَ أَنْ عَاتَبَنَا الله بِهَذِهِ الآيةِ {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} (5) إِلا أَرْبَعُ سِنِينَ (6). لَمْ يُخْرِج الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيث.

5226 -

(23) مسلم. عَنِ ابْنِ عبَاسٍ قَال: كَانَتِ الْمَرْأةُ تَطُوفُ بِالْبَيتِ وَهِيَ عُرْيَانَة فَتَقُولُ: مَنْ يُعِيرُنِي (7) تِطْوَافًا (8) تَجْعَلُهُ عَلَى فَرْجِهَا، وَتَقُولُ:

الْيَوْمَ يبدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ

فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلا (9) أُحِلُّهُ

(1)"أغتر": قال ابن الأثر: المعنى أن أخاطر بتركي مقتضى الأمر بالأولى أحبّ إلي من أن أخاطر بالدخول تحت الآية الأخرى.

(2)

قوله: "ثكلتك أمك" ليس في (ك).

(3)

في (أ): "هنا".

(4)

قوله: "ابن" ليس في (أ).

(5)

سورة الحديد، آية (16).

(6)

مسلم (4/ 2319 رقم 3027).

(7)

في (ك): "يعرني".

(8)

"تطوافا": هو ثوب تلبسه المرأة تطوف به.

(9)

في (أ): "ولا".

ص: 310

فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلّ مَسْجِدٍ} (1)(2). لم يخرج البخاري هذا الحديث.

5227 -

(24) مسلم. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ جَارِيَة لِعَبْدِ الله بْنِ أُبَي ابْنِ سَلُولَ يُقَالُ لَهَا: مُسيكَةُ، وَأُخْرَى يُقَالُ لَهَا: أُمَيمَةُ وَكَانَ (3) يُرِيدُهُمَا عَلَى الزِّنَى، فَشَكَتَا ذَلِكَ إِلَى النبِي صلى الله عليه وسلم فَأنزَلَ الله عز وجل {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصنًا} (4) إِلَى قَوْلهِ:{غَفُورٌ رَحِيمٌ} (5). لَمْ يُخْرِج الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيث.

5228 -

(25) مسلم. عَنْ عَبْدِ الله بنِ مَسعُود فَي قَوْلِهِ عز وجل {أُولَئِكَ الذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبّهِمُ الْوَسِيلَةَ} (6)، قال: نَزَلَتْ فِي نَفَرٍ مِنْ الْعَرَبِ كَانُوا يَعبدُونَ نَفَرًا (7) مِنْ الْجِنّ، فَأَسْلَمَ الْجِنيّونَ وَالإِنْسُ الذِينَ كَانُوا يَعبدُونَهُمْ لا يَشْعُرُونَ، فَنَزَلَتْ {أُولَئِكَ الذِينَ يَدْعُونَ يبتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} (8).

وَفِي لَفظٍ آخَر: فَبَقِيَ الذِينَ كَانُوا (9) يَعبدُونَ عَلَى عِبَادَتِهِمْ وَقَدْ أَسْلَمَ النفَرُ مِنَ الْجِنّ.

5229 -

(26) وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ قَال: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاس: سُورَةُ التوْبَةِ، قَال: التوْبَةِ؟ ! بَلْ هِيَ الْفَاضِحَةُ، مَا زَالتْ تَنْزِلُ "وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ" حَتى ظَنُّوا أَنهَا لا تُبْقِي مِنا أَحَدًا إِلا ذُكِرَ فِيهَا، قَال: قُلْتُ سُورَةُ الأَنْفَالِ، قَال: تِلْكَ

(1) سورة الأعراف، آية (31).

(2)

مسلم (4/ 2320 رقم 3028).

(3)

في (ك): "كان".

(4)

سورة النور، آية (33).

(5)

مسلم (4/ 2320 رقم 3029).

(6)

سورة الإسراء، آية (57).

(7)

في (أ): "نفر".

(8)

مسلم (4/ 1321 رقم 3030)، البخاري (8/ 397 رقم 4714)، وانظر (4715).

(9)

قوله: "كانوا" ليس في (أ).

ص: 311

سُورَةُ بَدْرٍ؟ قَال: قُلْتُ: فَالْحَشْرُ؟ قَال: نَزَلَتْ فِي بَنِي النضِيرِ (1).

[البخاري. عَنْ سَعِيدٍ قَال: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الحَشرِ؟ قَال: قُلْتُ: سُورَةُ بَنِي النضِيرِ](2).

5230 -

(27) مسلم. عَنِ (3) ابْنِ عُمَرَ قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطابِ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولَ (4): أَمَّا بَعْدُ أيهَا الناسُ فَإِنه نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ: مِنَ الْعِنَبِ، وَالتمْرِ، وَالْعَسَلِ، وَالْحِنطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْخَمْرُ، مَا خَامَرَ الْعَقْلَ، وَثَلاث أيُّهَا الناسُ (5) وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ عَهِدَ إِلَينا فِيهِنَّ عَهْدًا نَنتهِي إلَيهِ: الْجَدُّ، وَالْكَلالةُ، وَأَبْوَاب مِنْ أَبْوَابِ الربا (6). وَفِي لَفظِ آخر:"الزَّبِيب (7) " بَدَل "العِنَب".

5231 -

(28) وَعَنْ قَيسِ بْنِ عُبَادٍ قَال: سَمِعْتُ أبَا ذَر يُقْسِمُ قَسَمًا إِنَّ {هَذَانِ خَصْمَانِ اختصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} (8) إنهَا نَزَلَتْ فِي الذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ وَعُبَيدَةُ بْنُ الْحَارِثِ رضي الله عنهم، وَعُتْبَةُ وَشَيبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ وَالْوَليدُ بْنُ عُتْبَةَ (9).

5232 -

(29) البخاري. عَنْ قَيسٍ أَيضًا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أنهُ قَال:

(1) مسلم (4/ 2322 رقم 3031)، البخاري (7/ 329 رقم 4029)، وانظر (4645، 882، 4883).

(2)

ما بين المعكوفين ليس في (ك).

(3)

في (ك): "وعن".

(4)

في (ك): "فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال".

(5)

قوله: "أيها الناس" ليس في (ك).

(6)

مسلم (4/ 2322 رقم 3032)، البخاري (8/ 277 رقم 4619)، وانظر (5581، 5588، 7337، 5589).

(7)

في (أ) و (ك): "والزبيب".

(8)

سورة الحج، آية (19).

(9)

مسلم (4/ 2323 رقم 3033)، البخاري (7/ 296 رقم 3966)، وانظر (3968، 3969، 4743).

ص: 312

أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُوا بَينَ يَدَي الرَّحْمَنِ لِلخُصُومَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ. قَال قَيس: وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ .. وذكر الحديث (1).

5233 -

(30) وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَال: فِينا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} . وقد تقدم له عن أبي ذر كما خرجه مسلم رحمه الله.

5234 -

(31) وذكر البخاري أَيضًا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (يُدْعَى نُوح يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: لبَّيكَ وَسَعْدَيكَ يَا رَبّ، فَيَقُولُ: هَلْ بَلغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فيقَالُ لأُمَّتهِ: هَلْ بَلغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أتَانَا مِنْ نَذِيرٍ. فَيَقُولُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمد وَأُمَّتهُ. فَتَشْهَدُونَ أَنهُ قَدْ بَلغَ {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُمْ شَهِيدًا} (2)، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّه وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى الناسِ} (2). وَالْوَسَطُ: الْعَدْلُ (3).

وفي أخرى (4): ثُمَّ قَرَأ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} ، قَال: عَدْلًا، إِلى قوله {شَهِيدًا} . ذكره في "الاعتصام".

5235 -

(32) وَعَنِ ابْنِ عباسٍ قَال: كَانَ فِي بَنِي إِسرَائِيلَ الْقِصَاصُ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمُ الديةُ، فَقَال الله عز وجل لِهذِهِ الأُمَّةِ:{كُتِبَ عَلَيكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأنْثَى بِالأنثى فَمَنْ عُفيَ لَهُ مِنْ أخِيهِ شَيء} ، فَالْعَفْوُ: أَنْ يَقْبَلَ الدِّيةَ فِي الْعَمْدِ {فَاتِّبَاعٌ (5) بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ (6) إِلَيهِ بِإِحْسَانٍ}

(1) البخاري (7/ 296 رقم 3965)، وانظر (3967، 4744).

(2)

سورة البقرة، آية (143).

(3)

البخاري (8/ 171 - 172 رقم 4487)، وانظر (3339، 7349).

(4)

في (ك): "آخر".

(5)

في (ك): "واتباع".

(6)

في (أ): "وإذا".

ص: 313

يَتَّبِعُ بِمَعْرُوفٍ (1) ويؤَدي بِإِحْسَانٍ {ذَلِكَ تَخْفِيف مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَة} مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ {فَمَنِ اعْتدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (2) قَتَلَ (3) بَعْدَ قبولِ الدِّيةِ (4). وفي أخرى (5): يَطْلُبَ بِمَعْرُوفٍ.

5236 -

(33) وَعَنْ عَطَاءٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ {وَعَلَى الذِينَ يُطيقُونَهُ (6) فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (7) قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، هُوَ لِلشَيخ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ لا يَسْتطعَانِ أَنْ يَصُومَا فيطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا (8).

5237 -

(34) وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: هِيَ مَنْسُوخَةٌ (9).

5238 -

(35) وَقَال في كتاب (10)"الصيام" معلقًا بترحمة، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَع: نسَخَهَا (11){شَهْرُ رَمَضَانَ} إلى (12) قوله: {عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلكُمْ تَشْكُرُونَ} (13)(14).

5239 -

(36) وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَال: لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ كَانُوا لا يَقْربونَ النِّسَاءَ رَمَضَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ رِجَال يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ، فَأَنْزَلَ الله عز وجل {عَلِمَ الله أَنَّكُمْ كُنتمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيكُمْ (15)} (16) الآية (17).

(1) في حاشية (أ): "بالمعروف".

(2)

سورة البقرة، آية (178).

(3)

في (أ): "قيل".

(4)

البخاري (8/ 176 - 177 رقم 4498)، وانظر (6881).

(5)

في (ك): "آخر".

(6)

في (أ): "يطوقونه".

(7)

سورة البقرة، آية (184).

(8)

البخاري (8/ 179 رقم 4505).

(9)

البخاري (8/ 180 - 181 رقم 4506)، وانظر (1949).

(10)

قوله: "كتاب" ليس فِي (ك).

(11)

في (ك): "نسختها".

(12)

قوله: "إلى" ليس في (ك).

(13)

سورة البقرة، آية (185).

(14)

البخاري (4/ 187).

(15)

سورة البقرة، آية (187).

(16)

قوله: "فتاب عليكم" ليس في (أ).

(17)

البخاري (8/ 181 رقم 4508)، وانظر (1915).

ص: 314

5240 -

(37) وَعَنْ حُذَيفَةَ {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ الله وَلا تُلْقُوا بِأَيدِيكُمْ إِلَى التهْلُكَةِ} (1) قَال: نَزَلَتْ فِي النفَقَةِ (2).

5241 -

(38) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلا يَتَزَوَّدُونَ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الْمُتَوَكلونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكةَ سَأَلُوا الناسَ، فَأَنْزَلَ الله تَعَالى {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيرَ الزَّادِ التقْوَى} (3)(4). خرَّجه في كتاب "الحج".

5242 -

(39) ولَه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيضًا قال: كَانَتْ عُكَاظ وَمَجَنةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا (5) فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَتَأَثمُوا أنْ يَتجِرُوا فِي الْمَوَاسِمِ (6)، فَنَزَلَتْ {لَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاح أَنْ تَبْتغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (7) فِي مَوَاسِمِ الْحَجّ (8).

وزاد في طريق أخرى: قَرَأَ ابْنُ عبَاسٍ كَذَا. ذكر هذه الزيادة في "البيوع".

5243 -

(40) ولَهُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكَةَ قال: قال ابْنُ عَبَّاسٍ {حَتى إِذَا اسْتَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنهُمْ قدْ كُذِبُوا} (9) خَفِيفَةً، قَال: ذَهَبَ بِهَا هُنَاكَ (10)، وَتَلا {حَتى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالذينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ الله أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قريب} (11)، فَلَقِيتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيرِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَال: قَالتْ عَائِشَةُ: مَعَاذَ الله، والله مَا وَعَدَ الله رَسُولَهُ مِنْ شَيءٍ قَط إِلا عَلِمَ أَنهُ كَائِن قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَلَكِنْ لَمْ يَزَلِ (12) الْبَلاءُ بِالرُّسُلِ حَتى خَافُوا أَنْ لَكُونَ مَنْ مَعَهُمْ

(1) سورة البقرة، آية (195).

(2)

البخاري (8/ 185 رقم 4516).

(3)

سورة البقرة، آية (197).

(4)

البخاري (3/ 383 - 384 رقم 1523).

(5)

في (ك): "أسواقنا".

(6)

في (أ): "الموسم".

(7)

سورة البقرة، آية (198).

(8)

البخاري (4/ 288 رقم 2050)، وانظر (1770، 2098، 4519).

(9)

سورة يوسف، آية (110).

(10)

"قال: ذهبوا بها هناك": هذا من كلام ابن أبي مليكة؛ ومعناه: فهم منها ابن عباس ما فهمه من آية البقرة من الاستبطاء لنصر الله. وفي (ك): "بها ما هنالك".

(11)

سورة البقرة، آية (214).

(12)

في (ك): "ينزل".

ص: 315

يُكَذبونَهُمْ، وَكَانت تَقْرَؤُهَا {وَظَنُّوا أَنهُمْ قَدْ كُذبوا} مُثَقلَةً (1).

5244 -

(41) وَعنْ عُبَيدِ (2) بْنِ عُمَيرٍ قَال: قَال عُمَرُ رضي الله عنه يَوْمًا لأَصْحَابِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فِيمَ تَرَوْنَ هَذِهِ الآيةَ نَزَلَتْ {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنة} (3)؟ قَالُوا: الله أَعْلَمُ. فَغَضِبَ عُمَرُ فَقَال: قُولُوا نَعْلَمُ، أَوْ لا نَعْلَمُ، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيء يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَال عُمَرُ: قُلْ يَا ابْنَ أَخِي وَلا (4) تَحْقِرْ نَفْسَكَ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: ضُرِبَتْ مَثَلًا لِعَمَلٍ، قَال عُمَرُ: أَيُّ عَمَلٍ؟ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: لِعَمَلٍ، قَال عُمَرُ: لِرَجُلٍ غَنِي يَعْمَلُ بطَاعَةِ الله، ثُمَّ بَعَثَ الله لَهُ الشَّيطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتى أَغْرَقَ (5) أَعْمَالهُ (6).

5245 -

(42) وَعنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتذْهبوا بِبَعْضِ مَا أتَيتُمُوهُنَّ} (7) قَال: كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا، فَهُمْ أحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ فِي ذَلِكَ (8).

5246 -

(43) وَعَنْ مِقْسَمٍ، أَنهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاس يَقُولُ:{لا يَسْتَوي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (9) عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ (10).

5247 -

(44) وَعنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ تَلا: {إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ

(1) البخاري (8/ 188 - 189 رقم 4524)، وانظر (3389، 4695، 4696).

(2)

في (أ): "عبيدة".

(3)

سورة البقرة، آية (266).

(4)

في (ك): "قل ولا".

(5)

في (ك): "أحرق".

(6)

البخاري (8/ 201 - 202 رقم 4538).

(7)

سورة النساء، آية (19).

(8)

البخاري (8/ 245 رقم 4579)، وانظر (6948).

(9)

سورة النساء، آية (95).

(10)

البخاري (7/ 290 رقم 3954)، وانظر (4595).

ص: 316

الرجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْولْدَانِ} (1) قَال: كُنْت أَنَا وَأُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ الله (2).

وزاد في آخر: أَنَا مِنَ الْولْدَانِ وَأُمِّي مِنَ النسَاءِ.

5248 -

(45) وَعَنْ أَبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَال: قُطِعَ عَلَى (3) أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ (4) فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرْتُهُ فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ أَشَد النهْي، ثُمَّ قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، يَأتِي السَّهْمُ فيرْمَي بِهِ فيصِيبُ (5) أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ، فَأَنْزَلَ الله عز وجل {إِنَّ الذِينَ تَوَفاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} (6) الآية (7).

5249 -

(46) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرضَى} (8) قَال: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَكَانَ جَرِيحًا (9).

5250 -

(47) وَعَنِ الأسْوَدِ هُوَ ابْن يَزِيدٍ قَال: كُنا فِي حَلْقَةِ عَبْدِ اللهِ، فَجَاءَ حُذَيفَةُ حَتى قَامَ عَلَينَا فَسَلمَ ثُمَّ قَال: لَقَدْ أُنْزِلَ النفَاقُ عَلَى قَوْمٍ خَيرٍ مِنْكُمْ، قَال (10) الأَسْوَدُ: سُبْحَانَ الله، إِن اللهَ يَقُولُ:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النارِ} (11)، فَتَبَسَّمَ عَبْدُ اللهِ، وَجَلَسَ حُذَيفَةُ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَامَ عَبْدُ اللهِ وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، فَرَمَانِي بِالْحَصَا فَأَتَيتُهُ، فَقَال حُذَيفَةُ:

(1) سورة النساء، آية (98).

(2)

البخاري (8/ 255 رقم 4588)، وانظر (1357، 4587، 4597).

(3)

قوله: "على" ليس في (أ).

(4)

"بعث" أي: جيش، والمعنى أنهم ألزموا بإخراج جيش لقتال أهل الشام، وكان ذلك في خلافة عبد الله بن الزبير على مكة.

(5)

في (أ): "فيصيب به".

(6)

سورة النساء، آية (97).

(7)

البخاري (8/ 262 رقم 4596)، وانظر (7085).

(8)

سورة النساء، آية (102).

(9)

البخاري (8/ 264 رقم 4599).

(10)

في (ك): "فقال".

(11)

سورة النساء، آية (145).

ص: 317

عَجِبْتُ مِنْ ضَحِكِهِ وَقَدْ عَرَفَ مَا قُلْتُ: لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ كَانُوا خَيرًا مِنْكُمْ، ثُمَّ تَابُوا (1) فَتَابَ الله عَلَيهِمْ (2).

5251 -

(48) وَعنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال: لَما نَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (أَعُوذُ بِوَجْهِكَ). {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَال: (أَعُوذُ بِوَجْهِكَ). {أوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا ويذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأسَ بَعْضٍ} (3) قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (هَذَا أَهْوَنُ -أَوْ قَال- هَذَا أَيسَرُ)(4).

5252 -

(49) وَعنِ ابْنِ عَباسٍ {إِن شَر الدَّوَابِّ عِنْدَ الله الصمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} (5) قَال: هُمْ نَفَر مِنْ بَنِي عَبْدِ الدارِ (6).

5253 -

(50) وَعَنْهُ قَال: لَما نَزَلَتْ {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَينِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ (7) مِائَة} (8) فَكُتِبَ عَلَيهِمْ أَنْ لا يَفِر (9) وَاحِد مِنْ عَشَرَةٍ. قَال سُفْيَانُ غَيرَ مَرةٍ: أَنْ (10) لا يَفِر عِشْرُونَ مِنْ مِائَتَينِ، ثُمَّ نَزَلَتْ {الآنَ خَففَ الله عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَن فِيكُمْ ضَعَفًا (11)} الآيةَ، فَكَتَبَ أَنْ لا يَفِر مِائَةٌ مِنْ مِائَتَينِ. وَزَادَ سُفْيَانُ -هُوَ ابْنُ عُيَينَةَ- مَرةً: ثُمَّ (12) نَزَلَتْ {حَرضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} قَال سُفْيَانُ: وَقَال

(1)"ثم تابوا" أي: رجعوا عن النفاق.

(2)

البخاري (8/ 266 رقم 4602).

(3)

سورة الأنعام، آية (65).

(4)

البخاري (8/ 291 رقم 4628)، وانظر (7313، 7406).

(5)

سورة الآنفال، آية (22).

(6)

البخاري (8/ 307 رقم 4646).

(7)

قوله: "منكم" ليس في (أ).

(8)

سورة الأنفال، الآيتان (65 - 66).

(9)

في (أ): "يقر".

(10)

قوله: "أن" ليس في (أ).

(11)

قوله: " {أن فيكم ضعفا} " ليس في (ك).

(12)

قوله: "مرة ثم" ليس في (ك).

ص: 318

ابْنُ شُبْرُمَةَ: وَأُرَى الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ مِثْلَ هَذَا (1).

5254 -

(51) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيضًا: لَمَّا نَزَلَتْ {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَينِ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حِينَ فُرِضَ (2) عَلَيهِمْ أَنْ لا يَفِرَّ وَاحِد مِنْ عَشرةٍ، فَجَاءَ التخْفِيفُ:{الآنَ خَففَ الله عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَة صَابِرَة يَغْلِبُوا مِائَتَينِ} قَال: فَلَمَّا خَفف الله عَنْهُمْ مِنَ الْعِدَّةِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ (3).

5255 -

(52) وَعَنْ حُذَيفَةَ قَال: مَا بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الآيةِ إِلا ثَلاثَة -يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالى: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنهُمْ لا أَيمَانَ لَهُمْ} (4) -، وَلا مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلا أَرْبَعَة، فَقَال أَعْرَابِي: إِنكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم تُخْبِرُونَنَا بِمَا (5) لا نَدْرِي، فَمَا بَالُ هَؤُلاءِ الذِينَ يَبْقُرُونَ (6) بُيُوتَنَا وَيَسْرِقُونَ أَعْلاقَنَا (7)، قَال: أُولَئِكَ الْفُسَّاقُ. أَجَلْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلا أَرْبَعَة أَحَدُهُمْ شَيخٌ كَبِير، لَوْ شَرِبَ الْمَاءَ الْبَارِدَ لَمَا وَجَدَ بَرْدَهُ (8).

5256 -

(53) وَعَنْ زَيدِ بْنِ وَهْبٍ قَال: مَرَرْتُ بِالربذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبي ذَر فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلِكَ هَذَا (9)؟ قَال: كُنْتُ بِالشَّامِ فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاويَةُ فِي {الذِينَ يَكْنِزُونَ الذهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله} (10)، قَال مُعَاويَةُ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقُلْتُ: نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ، وَكَانَ بَيني وَبَينَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ يَشْكُونِي، فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ أَنِ أقْدَمِ الْمَدِينَةَ،

(1) البخاري (8/ 311 رقم 4652)، وانظر (4653).

(2)

في (أ): "فرض الله".

(3)

انظر الحديث الذي قبله.

(4)

سورة التوبة، آية (13).

(5)

قوله: "بما" ليس في (ك).

(6)

"يبقرون" أي: ينقبون.

(7)

"أعلاقنا" أي: نفائس أموالنا.

(8)

البخاري (8/ 322 رقم 4658).

(9)

في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: "بهذه الأرض".

(10)

سورة التوبة، آية (24).

ص: 319

فَقَدِمْتهَا فَكَثُرَ عَلَيَّ الناسُ حَتى كَأَنهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ لِعُثْمَانَ فَقَال لِي: إِنْ شِئْتَ تَنَحيتَ فَكُنْتَ قَرِيبا، فَذَاكَ (1) أَنْزَلَنِي هَذَا الْمَنْزِلَ، وَلَوْ أَمَّروا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ (2).

5257 -

(54) وَعنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: نَزَلَتْ (3) هَذِهِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا طَهُورًا لِلأمْوَالِ (4).

5258 -

(55) وَعنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَر، أنهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاس يَقْرَأُ {أَلا إِنهُمْ يَثْنَوْنَ صُدُورُهُمْ} (5) قَال: سَأَلْنَا (6) عَنْهَا؟ فَقَال (7): أُنَاس كَانوا يَسْتَحيونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا (8) فيفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ (9).

5259 -

(56) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيضا {يَسْتَغْشُونَ} (5): يُغَطُّونَ رُءُوسَهُمْ (10). وهذا في رواية منقطعة.

5260 -

(57) وَعنْ عُرْوَةَ بْنِ الزبيرِ، عَنْ عَائِشةَ قَالتْ وَهُوَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ الله عز وجل:{حَتى إِذَا اسْتَيئَسَ الرُّسُلُ} (11) قَال: قُلْتُ: أَكُذِبُوا أمْ كُذِّبُوا؟ قَالتْ عَائِشَةُ: كُذِّبُوا. قُلْتُ: فَقَدِ اسْتَيقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذبُوهُمْ، فَمَا هُوَ بِالظنِّ؟ قَالتْ: أَجَلْ نَعَمْ لَعَمْرِي لَقَدِ اسْتَيقَنُوا بِذَلِكَ. فَقُلْتُ لَهَا:

(1) في (أ): "فذلك".

(2)

البخاري (3/ 271 رقم 1406)، وانظر (4660).

(3)

قوله: "نزلت" ليس في (ك).

(4)

البخاري (8/ 324 رقم 4661)، وانظر (1404).

(5)

سورة هود، آية (5).

(6)

في حاشية (ك) عن نسخة أخرى: "سألته".

(7)

في (ك): "قال".

(8)

"يتخلوا": يقضوا الحاجة في الخلاء وهم عراة.

(9)

البخاري (8/ 249 رقم 4681)، وانظر (4682، 4683).

(10)

البخاري (8/ 350).

(11)

سورة يوسف، آية (110).

ص: 320

وَظَنُّوا أَنهُمْ قَدْ كُذِبُوا (1)؟ قَالتْ: مَعَاذَ الله لَمْ تَكُنِ الرُّسُل تَظنُّ ذَلِكَ بِربِّهَا. قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الآية؟ قَالتْ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الذِينَ (2) آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ وَطَال عَلَيهِمُ الْبَلاءُ، وَاسْتَأخَرَ عَنْهُمُ النصْرُ حَتى إِذَا اسْتَيأَسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ كَذبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَظنَّتِ الرُّسُلُ أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ قَدْ كَذبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ الله عِنْدَ ذَلِكَ (3) اسْتَيئَسُوا: افْتَعَلُوا (4) مِنْ يئسْتُ.

5261 -

(58) وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (مَفَاتِيحُ الْغَيبِ خَمس لا يَعْلَمُها إِلا الله: لا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلا الله، وَلا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ (5) الأَرْحَامُ إِلا الله، وَلا يَعْلَمُ مَتَى يَأتِي الْمَطَرُ أَحَد إِلا الله، وَلا تَدْرِي نَفْس بِأيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلا الله (6)، وَلا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا الله ((7).

5262 -

(59) وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزبيرِ فِي قَوْلِهِ عز وجل {خُذِ الْعَفْوَ} (8) قَال: أَمَرَ الله نَبِيَّهُ أَنْ يَأخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلاقِ الناسِ أَوْ كَمَا قَال (9).

5263 -

(60) وَعَنْهُ فِي هَذَا قَال (10): مَا أَنْزَلَ الله إِلا فِي أخْلاقِ الناسِ.

5264 -

(61) وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ (11) عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {الذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ الله كُفْرًا} (12) قَال: هُمْ والله كُفارُ قُرَيشٍ (13).

(1) في (أ) بتشديد الذال.

(2)

قوله: "الذين" ليس في (ك).

(3)

البخاري (8/ 367 رقم 4695)، وانظر (3389، 4525، 4695، 4696).

(4)

في (ك): "فتعلوا".

(5)

"تغيض" أي: تنقص.

(6)

قوله: "إلا الله" ليس في (ك).

(7)

البخاري (8/ 375 رقم 4697)، وانظر (1039، 4627، 4778، 7379).

(8)

سورة الأعراف، آية (199).

(9)

البخاري (8/ 305 رقم 4644)، وانظر (4643).

(10)

قوله: "قال" ليس في (أ).

(11)

في (أ): "وعن".

(12)

سورة إبراهيم، آية (28).

(13)

البخاري (7/ 301 رقم 3977)، وانظر (4700).

ص: 321

قَال عَمْرٌ وبْنُ دِينَارٍ: هُمْ قُرَيشٌ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم نِعْمَةُ الله {وَأَحَلُّوا قَوْمَهمْ دَارَ الْبَوَارِ} (1) قَال: النارَ يَوْمَ بَدْرٍ. خرَّجه في "المغازي".

5265 -

(62) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: أَوَّلَ مَا اتخَذَ النِّسَاءُ (2) الْمِنْطَقَ (3) مِنْ قِبَلِ أُمِّ إسْمَاعِيلَ، اتخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ حَتى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ (4) فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ، وَلَيسَ بِمَكةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ وَلَيسَ بهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْر وَسِقَاءً فِيهِ مَاء، ثُمَّ قفى (5) إبْرَاهِيمُ مُنطَلِقًا فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَينَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الذي لَيسَ فِيهِ أَنِيسٌ وَلا شَيءٌ؟ فَقَالتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لا يَلْتَفِتُ إلَيهَا، فَقَالتْ لَهُ: آللهُ الذي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَال: نَعَمْ. قَالتْ: إِذَنْ لا يُضيعنا. ثُمَّ رَجَعَتْ فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثنِيَّةِ (6) حَيثُ لا يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيتَ ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاءِ الْدَّعَواتِ وَرَفَعَ يَدَيهِ فَقَال: رَبِّ {إِنِّي أَسكَنْتُ مِنْ ذُرَيّتِي بِوَادٍ غَيرِ ذِي زَرْعِ عِنْدَ بَيتكَ الْمُحَرَّمِ (7)} حَتى بَلَغَ {يَشْكُرُونَ} (8)، وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِك الْمَاءِ حَتى إِذَا (9) نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشتْ (10) وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيهِ يَتَلَوَّى، أَوْ قَال يَتَلَبَّطُ (11)

(1) سورة إبراهيم، آية (28).

(2)

في (ك): "الناس".

(3)

"المنطق": ما يشد به الوسط، اتخذته أم إسماعيل وجرّت ذيلها لتعفي أثرها عن سارة لأنها غارت منها.

(4)

"دوحة": الشجرة الكبيرة.

(5)

"ثم قفى" أي: ولى راجعًا إلى الشام.

(6)

"الثنية": هو في الجبل كالعقبة، وقيل: هو الطريق العالي فيه. وهي هنا التي بأعلى مكة. وفي (ك): "البيت".

(7)

قوله تعالى: " {عند بيتك المحرم} " ليس في (ك).

(8)

سورة إبراهيم، آية (37).

(9)

قوله: "إذا" ليس في (أ).

(10)

في (أ): "وعطشت".

(11)

"يتلبط": يتمرغ ويضرب بنفسه الأرض.

ص: 322

فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظرَ إلَيهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَليهَا فَقَامَتْ عَلَيهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ (1) حَتى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ، ثُمَّ أتَتِ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيهَا فَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا (2)؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال النبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فَلِذَلِكَ سَعَى الناسُ بَينَهُمَا). فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالتْ: صَهٍ. تُرِيدُ نَفْسَهَا، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيضًا، فَقَالتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاث (3)، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعٍ زَمْزَمَ فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، أَوْ قَال بِجَنَاحِهِ حَتى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ (4) وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال النبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (يَرْحَمُ الله أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ، أَوْ قَال: لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ لَكَانَ (5) عَينًا مَعِينًا) (6). قَال: فَشرَبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَال لَهَا الْمَلَكُ: لا تَخَافُوا الضَّيعَةَ (7) فَإِنَّ هَا هُنَا بَيتَ الله يَبْنِي هَذَا الْغُلامُ وَأسبوهُ، وَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَهْلَهُ. وَكَانَ الْبَيتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ تَأتِيهِ السُّيُولُ فَتَأخُذُ (8) عَنْ يَمِينهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانت (9)

(1)"سعي الإنسان المجهود" أي: الذي أصابه الجهد والمشقة.

(2)

قوله: "فلم تر أحدًا" ليس في (ك).

(3)

"غواث" بضم الغين وكسرها أي: إغاثة.

(4)

"تحوضه" أي: تجعله مثل الحوض.

(5)

في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: "لكانت زمزم".

(6)

عينًا معينًا" أي: ظاهرا جاريًا على وجه الأرض.

(7)

"الضيعة" أي: الهلاك.

(8)

في (أ): "فتأخذه".

(9)

في (أ): "وكانت".

ص: 323

كَذَلِكَ حَتى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَة (1) مِنْ جُرْهُمَ أَوْ أَهْلُ بَيتٍ مِنْ جُرْهُمَ مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ (2)، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكةَ فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا (3) فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطائِرَ لَيَدُورُ (4) حَوْلَ مَاءٍ لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاء، فَأَرْسَلُوا جَريا (5) أَوْ جَرِيَّينِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا. وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ، فَقَالُوا: أَتَأذَنِينَ (6) لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ قَالتْ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ، قَالُوا: نَعَمْ. قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال النبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فَأَلْفَى (7) ذَلِك أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الإِنْسَ). فَنَزَلُوا وَأرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلامُ وَتَعَلمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَنْفَسَهُمْ (8) وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ (9) فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيشِهِمْ وَهَيئَتهِمْ فَقَالتْ: نَحْنُ بِشَر نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ فَشَكَتْ (10) إِلَيهِ، قَال: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عليه السلام وَقُولِي لَهُ يُغيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ (11)، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيل كَأَنهُ آنَسَ شَيئًا، فَقَال: هَلْ (12) جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالتْ: نَعَمْ جَاءَنَا شَيخ

(1)"رفقة": هم الجماعة المختلطون سواء كانوا في سفر أم لا.

(2)

في (أ): "كذا".

(3)

"عائفًا": هو الذي يحوم على الماء ويتردد ولا يمضي عنه.

(4)

في (ك): "يدور".

(5)

"جريا" أي: رسولًا.

(6)

في (ك): "فقالو: أتأذنين".

(7)

في (أ): "فألقى"، و"فألقى" أي: وجد.

(8)

"وأنفَسهم" من النفاسة، أي: كثرت رغبتهم فيه.

(9)

"يطالع تركته" أي: يتفقد حال ما تركه هناك.

(10)

في (أ): "وشكت".

(11)

"عتبة بابه" كناية عن المرأة.

(12)

قوله: "هل" ليس في (أ).

ص: 324

كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيفَ عَيشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنا فِي جَهْدٍ وَشِدَّهٍ (1)، قَال: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيءٍ؟ قَالتْ: نَعَمْ أَمَرَنِي أَنْ أَقرَأَ عَلَيكَ السَّلامَ وَيَقُولُ: غيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَال: ذَاكِ أَبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ الْحَقِي بِأَهْلِكِ، فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَمَكَثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ الله، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ وَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالتْ: خَرَجَ يبتَغِي لَنَا، قَال: كَيفَ أَنْتُمْ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيشِهِمْ وَهَيئَتِهِمْ؟ فَقَالتْ: نَحْنُ بِخَيرٍ وَسَعَةٍ وَأَثْنَتْ عَلَى الله تَعَالى. قَال: فَمَا طَعَامُكُمْ؟ قَالتِ: اللّحْمُ. قَال: فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالتِ: الْمَاءُ. قَال: اللهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي الفحْمِ وَالْمَاءِ. قَال النبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا (2) لَهُمْ فِيهِ). قَال: فَهُمَا لا يَخْلُو عَلَيهِمَا أَحَدٌ بِغَيرِ مَكةَ إلا لَمْ يُوَافِقَاهُ، قَال: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئي عليه السلام وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَال: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالتْ: نَعَمْ أَتَانَا شَيخٌ حَسَنُ الْهَيئَةِ، وَأَثنتْ عَلَيهِ فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيفَ عَيشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنا بِخَيرٍ. قَال: فَأَوْصَاكِ بِشَيءٍ؟ قَالتْ: نَعَمْ. هُوَ يَقْرَأُ عَلَيكَ السَّلامَ وَيَأمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَال: ذَلِكِ أَبِي وَأَنتِ الْعَتَبَةُ أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ، ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ الله، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا (3) لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيهِ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ، ثُمَّ قَال: يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ الله أَمَرَنِي بِأَمْرٍ، قَال: فَاصْنعْ (4) مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ، قَال: وَتُعِينُنِي؟ قَال: وَأُعِينُكَ.

(1) في حاشية (ك): "بلغ مقابلة".

(2)

في (أ): "لدعا".

(3)

النبل: السهم قبل أن يركب فيه نصله وريشه.

(4)

في (أ): "اصنع".

ص: 325

قَال: فَإِنَّ الله أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيتَا وَأَشَارَ إلى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا، قَال: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأتِي بِالْحِجَارَةِ، وَإِبْرَاهِيمُ يبنِي حَتى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ (1) جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيهِ وَهُوَ يبنِي، وَإسْمَاعِيلُ يُنَاولُهُ الْحِجَارَةَ وَهُمَا يَقُولانِ:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (2) قَال: فَجَعَلا يَبْنِيَانِ حَتى يَدُورَا (3) حَوْلَ الْبَيتِ وَهُمَا يَقُولانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (4)(5).

5266 -

(63) وَعَنْهُ قَال: لَمَّا كَانَ بَينَ إبْرَاهِيمَ وَبَينَ (6) أَهْلِهِ مَا كَانَ خَرَجَ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّ إسْمَاعِيلَ وَمَعَهُمْ شَنةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ فَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا حَتى قَدِمَ مَكةَ، فَوَضَعَهَا تَحْتَ دَوْحَةٍ ثم رَجَعَ إبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ، فَاتبَعَتْهُ أُمُّ إسْمَاعِيلَ حَتى لَمَّا بَلَغُوا كَدَاءً نَادَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ: يَا إبْرَاهِيمُ إلى مَنْ تَتْرُكُنَا؟ قَال: إِلَى الله. قَالتْ: رَضِيتُ بالله. قَال: فَرجعَتَ فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنةِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيّهَا حَتى لَمَّا فَنِيَ الْمَاءُ قَالتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظرتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أحَدًا، فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا فَنَظرتْ وَنَظرتْ هَلْ تُحِسُّ أَحَدًا؟ فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا. فَلَمَّا بَلَغَتِ الْوَادِيَ سَعَتْ حَتى (7) أَتَتِ الْمَرْوَةَ فَفَعَلَتْ (8) ذَلِكَ أشْوَاطًا، ثُمَّ قَالتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظرتُ مَا فَعَلَ تَعْنِي الصَّبِيَّ فَذَهَبَتْ فَنَظرتْ فَإِذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ كَأَنهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ (9)،

(1) في (ك): "البيت".

(2)

سورة البقرة، آية (127).

(3)

في (ك): "تدورا"، في (أ):"يذورا".

(4)

قوله: "بين" ليس في (ك).

(5)

البخاري (6/ 396 - 398 رقم 3364)، وانظر (2368، 2362، 3363، 3365).

(6)

قوله: "بين" ليس في (ك).

(7)

قوله: "حتى" ليس في (ك).

(8)

في (ك): "وفعلت".

(9)

"ينشغ للموت" أي: يشهق ويعلو صوته وينخفض كالذي ينازع.

ص: 326

فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا، فَقَالتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا، فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، حَتى أَتَمَّتْ سَبْعًا، ثُمَّ قَالتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ؟ فَإِذَا هِيَ بِصَوْتٍ فَقَالتْ: أَغِثْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ خَيرٌ، فَإِذَا بِجِبْرِيلُ، قَال: فَقَال بِعَقِبِهِ هَكَذَا وَغَمَزَ عَقِبَهُ عَلَى الأَرْضِ، قَال: فَانْبَثَقَ (1) الْمَاءُ فَدَهَشَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ فَجَعَلَتْ تَحْفِزُ (2)، قَال: فَقَال أَبو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ تَرَكَتْهُ كَانَ الْمَاءُ ظَاهِرًا). قَال (3): فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ (4) الْمَاءِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، قَال: فَمَرَّ نَاسٌ مِنْ جُرْهُمَ بِبَطْنِ الْوَادِي فَإِذَا هُمْ بِطرٍ .. وذكر الحديث. وفيه: أنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام إِذْ جَاءَ فِي الْمَرَّةِ (5) الثَانِيَةِ قَال: أَينَ إِسْمَاعِيلُ؟ قَالتِ امْرَأَتُهُ: ذَهَبَ يَصِيدُ. فَقَالتْ: أَلا تَنْزِلُ فَتَطْعَمَ وَتَشْرَبَ، فَقَال: وَمَا طَعَامُكُمْ، وَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالتْ: طَعَامُنَا اللّحْمُ، وَشَرَابنَا الْمَاءُ. قَال: اللهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ. قَال: فَقَال أبو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: (بَرَكَة بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ). الحديث. وَقَال فِيهِ: يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَني أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيتًا، قَال: أَطِعْ رَبَّكَ. قَال: إِنهُ (6) قَدْ أمَرَنِي أنْ تُعِينَنِي عَلَيهِ، قَال: إذَنْ أَفْعَلَ، أَوْ كَمَا قَال. وَقَال: حَتى ارْتَفَعَ البِنَاءُ وَضَعُفَ الشَّيخُ عَلَى نَقْلِ الْحِجَارَةِ، فَقَامَ عَلَى حَجَرِ الْمَقَامِ (7). خرَّجهمَا (8) في "ذِكر الأَنبياء" من كتاب "بدء الخلق".

(1) في (أ): "فانشق"، و"فانبثق" أي: تفجر.

(2)

"تحفز" الحفز: الحث والإعجال.

(3)

في (أ): "قالت".

(4)

قوله: "من" ليس في (أ).

(5)

قوله: "المرة" ليس في (أ).

(6)

في (أ): "فإنه".

(7)

انظر الحديث الذي قبله.

(8)

في (أ): "خرجه".

ص: 327

5267 -

(64) وَخَرَّجَ عَنِ ابْنِ عبَاسٍ [{كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ} (1) قَال: آمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ الْيَهُودُ وَالنصَارَى (2).

5268 -

(65) وَعَنهُ] (3){جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} (4)، قال: هُمْ أهْلُ الْكِتَابِ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ (5).

5269 -

(65) وَعنْهُ (6){وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَينَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} (7)، قَال: هِيَ رُؤْيَا عَينٍ أُرِيَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيتِ (8) الْمَقْدسِ {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} (7): قَال (9): هِيَ شَجَرَةُ الزَّقومِ (10).

5270 -

(66) وَعَنِ ابْنَ عُمَرَ قَال: إِنَّ الناس يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثًا (11) كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبيَّهَا يَقُولُونَ: يَا فُلانُ اشْفَعْ، يَا فُلانُ اشْفَعْ، حَتى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَلِكَ يَوْمَ (12) يَبْعَثُهُ الله الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ (13). قال البخاري (14): وَرَوَاهُ حَمْزَةُ بْنُ عبد الله بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

5271 -

(67) وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سعدٍ (15) قَال: سَأَلْتُ أَبِي (16) {قُلْ هلْ

(1) سورة الحجر، آية (90).

(2)

البخاري (8/ 382 رقم 4706)، وانظر (3945، 4705).

(3)

ما بين المعكوفين ليس في (ك).

(4)

سورة الحجر، آية (91).

(5)

انظر الحديث الذي قبله.

(6)

في (أ): "وعنه قال".

(7)

سورة الإسراء، آية (60).

(8)

في (ك): "البيت".

(9)

قوله: "قال" ليس في (أ).

(10)

البخاري (8/ 398 رقم 4716)، وانظر (3888، 6613).

(11)

"جثا": هو الذي يجلس على ركبتيه.

(12)

في (ك): "اليوم".

(13)

البخاري (8/ 399 رقم 4718)، وانظر (1475).

(14)

قوله: "البخاري" ليس في (ك).

(15)

في (أ): "سعيد".

(16)

في (أ): "أبيًّا".

ص: 328

ننبئُكُمْ (1) بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} (2) هُمُ (3) الْحَرُورِيَّةُ؟ قَال: لا هُمُ الْيَهُودُ وَالنصَارَى، أَمَّا الْيَهُودُ فَكَذبُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا (4) النَّصَارَى فَكَفَرُوا (5) بِالْجَنةِ، وَقَالُوا: لا طَعَامَ فِيهَا وَلا شَرَابَ، وَالْحَرُورِيَّةُ {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} (6)، وَكَانَ سَعْدٌ يُسَمِّيهِمْ: الْفَاسِقِينَ (7).

5272 -

(68) وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِجِبْرِيلَ: (أَلا تَزُورُنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا). قَال: فَنَزَلَتْ {وَمَا نَتَنَزَّلُ إلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَينَ أَيدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَينَ ذَلِكَ (8)} (9) الآية (10). وفي لفظ آخر (11): (يَا جِبْرِيلُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا) .. الحديث. زاد فيه: كَانَ هَذَا الْجَوَابُ لِمحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. خرَّجه (12) في كتاب "التوحيد".

5273 -

(69) وَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:(يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ (13) وَغَبَرَةٌ (14)، فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: ألَمْ أَقُلْ لَكَ لا تَعْصِنِي (15)، فَيَقُولُ أبوهُ فَالْيَوْمَ لا أَعْصِيكَ، فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ إِنكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لا تُخْزِيَنِي (16) يَوْمَ يُبْعَثُونَ، وَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الأَبْعَدِ (17)،

(1) في (أ) و (ك): "هل أنبئكم".

(2)

سورة الكهف، آية (103).

(3)

في (أ): "أهم".

(4)

قوله: "أما" ليس في (ك).

(5)

في (ك): "كفروا".

(6)

سورة البقرة، آية (27)، والرعد، آية (25).

(7)

البخاري (8/ 425 رقم 4728).

(8)

قوله: "وما بين ذلك" ليس في (أ).

(9)

سورة مريم، آية (64).

(10)

البخاري (8/ 428 - 429 رقم 4731)، وانظر (3218، 7455).

(11)

في حاشية (أ): "بلغ".

(12)

في (ك): "ذكره".

(13)

القترة: ما يغشى الوجه من الكرب بحيث يسود الوجه، وقيل غير ذلك.

(14)

الغبرة: ما يعلو الوجه من الغبار.

(15)

في (ك): "تعصيني".

(16)

في (ك): "تخزني".

(17)

"الأبعد": أي أنه شديد البعد من رحمة الله.

ص: 329

فَيَقُولُ الله: إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنةَ عَلَى الْكَافِرِينَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيكَ؟ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ (1) مُلْتَطِخٍ (2) فيؤْخَذُ بِقَوَائمِهِ فَيُلْقَى فِي النارِ (3).

5274 -

(70) وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ قَال: سَأَلَنِي يَهُودِي مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ (4): أَيَّ الأَجَلَينِ قَضَى مُوسَى؟ قُلْتُ: لا أَدْرِي حَتى أَقْدَمَ عَلَى حَبْرِ (5) الْعَرَبِ فَأَسْأَلَهُ، فَقَدِمْتُ فَسَأَلْتُ (6) ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَال: قَضَى أَكْثَرَهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا، إنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم إذَا قَال فَعَلَ (7).

5275 -

(71) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (8){وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} (9) قَال: كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْمَدِينَةَ فَإِنْ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلامًا وَنُتِجَتْ خَيلُهُ قَال: هَذَا دِينٌ صَالِحٌ، وَإِنْ لَمْ تَلِدِ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُنْتَجْ خَيلُهُ قَال: هَذَا دِينُ سُوءٍ (10).

5276 -

(72) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (8){لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} (11) قَال: إِلَى مَكةَ (12).

5277 -

(73) وَعَنْ أَنَسٍ قَال (13): هَذِهِ الآية {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ (14)} (15) نَزَلَتْ (16) فِي شَأنِ زَينَبَ بِنْت جَحْشٍ وَزَيدِ بْنِ حَارِثَةَ (17)(18).

(1)"بذيخ": هو ذكر الضباع.

(2)

"ملتطخ" أي: متنجس ومتقذر. وفي (ك): "متلطخ".

(3)

البخاري (6/ 387 رقم 3350)، وانظر (4768، 4769).

(4)

في (ك): "الخبرة".

(5)

في (أ): "خير".

(6)

في (أ): "على" بدل "فسألت".

(7)

البخاري (5/ 289 - 290 رقم 2684).

(8)

زاد في (أ): "قال".

(9)

سورة الحج، آية (11).

(10)

البخاري (8/ 442 رقم 4742).

(11)

سورة القصص، آية (85).

(12)

البخاري (8/ 509 - 510 رقم 4773).

(13)

في (ك): "أن" بدل "قال".

(14)

قوله تعالى: " {وتخشى الناس} " ليس في (ك).

(15)

سورة الأحزاب، آية (37).

(16)

قوله: "نزلت" ليس في (أ).

(17)

في (ك): "الحارثة".

(18)

البخاري (8/ 523 رقم 4787)، وانظر (7420).

ص: 330

5278 -

(74)[وَعَنْ عَائِشَةَ {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} (1) قَالتْ: عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبيّ بْنِ سَلُولَ](2)(3).

5279 -

(75) وَعَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ قَال: قَال رَجُلٌ لابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ، قَال:{فَلَا أَنْسَابَ بَينَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} (4){وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} (5){وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} (6){رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} (7) فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الآيةِ، وَقَال:(أَمِ (8) السَّمَاءُ بَنَاهَا} إِلَى قَوْلِهِ: {دَحَاهَا} (9)، فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الأَرْضِ، ثُمَّ قَال:{أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَينِ} إِلَى {طَائِعِينَ} (10)، فَذَكَرَ فِي هَذِهِ خَلْقَ الأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ وَقَال:{وَكَانَ الله غَفُورًا رَحِيمًا} {عَزِيزًا حَكِيمًا} {سَمِيعًا بَصِيرًا} ، فَكَأَنهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى. فَقَال:{فَلا (11) أَنْسَابَ بَينَهُمْ} : فِي النفْخَةِ الأُولَى، يُنْفَخُ فِي الصُّورِ {فَصَعِقَ (12) مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إلا مَنْ شَاءَ الله} (13) فَلا أَنْسَابَ بَينَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَلا يَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ

(1) سورة النور، آية (11).

(2)

ما بين المعكوفين ليس في (ك).

(3)

البخاري (8/ 451 رقم 4749)، وانظر (2593، 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545).

(4)

سورة المؤمنون، آية (101).

(5)

سورة الصافات، آية (27).

(6)

سورة النساء، آية (42).

(7)

سورة الأنعام، آية (23).

(8)

في (ك): "و".

(9)

سورة النازعات، آية (30).

(10)

سورة فصلت، آية (11).

(11)

في (أ): "لا".

(12)

في (أ): "فيصعق"، وفي الحاشية عن نسخة أخرى:"فصعق".

(13)

سورة الزمر، آية (68).

ص: 331

فِي النفْخَةِ الآخرة {أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} ، وَأَمَّا قَوْلُهُ:{مَا (1) كُنَّا مُشْرِكِينَ} {وَلا يَكْتُمُونَ الله حَدِيثًا} فَإِنَّ الله يَغْفِرُ لأَهْلِ الإِخْلاصِ ذُنُوبَهُمْ، وَقَال الْمُشْرِكُونَ: تَعَالوْا نَقُولُ (2): لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ، فيخْتَمُ (3) عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيدِيهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ (4) أَنَّ الله لا يُكْتَمُ حَدِيثًا، وَعِنْدَهُ {يَوَدُّ الذين كَفَرُوا} الآيةَ. وَخَلَقَ (5) الأَرْضَ فِي يَوْمَينِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَينِ آخَرَينِ، ثُمَّ دَحَا الأَرْضَ (6)، وَدَحَاهَا: أَي أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى وَخَلَقَ الْجِبَال وَالآكَامَ (7) وَمَا بَينَهُمَا فِي يَوْمَينِ آخَرَينِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{دَحَاهَا} ، وَقَوْلُهُ:{خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَينِ} ، فَجُعِلَتِ (8) الأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيءٍ فِي أَرْبَعَةِ أيَّامٍ، وَخُلِقَتِ السَّمَوَاتُ فِي يَوْمَينِ. وَقَوْلُهُ (9):{وَكَانَ الله غَفُورًا رَحِيمًا} : سَمَّى نَفْسَهُ بِذَلِكَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ أَي لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ فَإِنَّ الله تَعَالى لَمْ يُرِدْ شَيئًا إلا أَصَابَ بِهِ الذي أَرَادَ، فَلا يَخْتَلِفْ عَلَيكَ الْقُرْآنُ، فَإِنَّ كُلا مِنْ عِنْدِ الله (10).

5280 -

(76) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى {إلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (11)، فَقَال سَعيدُ بْنُ جُبَيرٍ: قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: عَجِلْتَ (12)، إِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ بَطْن مِنْ قُرَيشٍ إلا كَانَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَة، فَقَال:

(1) في (أ): "وما".

(2)

في (أ): "نقل".

(3)

في حاشية (أ): "فيختم الله".

(4)

في (أ): "عرفوا".

(5)

في (أ): "وقوله خلق".

(6)

"دحا الأرض" الدحو: البسط.

(7)

في (ك): "الأكمام". و"الآكام" جمع أكمة، وهي الرابية.

(8)

في حاشية (أ): "وخلقت".

(9)

قوله: "وقوله" ليس في (ك).

(10)

البخاري (8/ 555 - 556) مسندًا.

(11)

سورة الشورى، آية (23).

(12)

في (أ): "عجبت".

ص: 332

(إلا أَنْ تَصِلُوا مَا بيني وَبَينَكُمْ مِنَ القَرَابَة)(1).

5281 -

(77) وَعن أَنَسٍ (2): {إِنا فَتَحْنَا لَكَ} (3) قَال: الْحُدَيبيَةُ. قَال أَصْحَابُهُ: هَنِيئًا مَرِيئًا فَمَا لَنَا؟ فَأَنْزَلَ الله عز وجل: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ (4)} (5)(6). قوله: هَنِيئًا مَرِيئًا عَنْ عِكْرِمَةَ.

5282 -

(78) وَعَن نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكَةَ قَال (7): كَادَ الْخَيِّرَانِ يَهْلِكَان: أَبو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ عَلَيهِ رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ، فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَع بْنِ حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعِ، وَأَشَارَ الآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ. قَال (8) نَافِعٌ: لا أَحْفَظُ اسْمَهُ، فَقَال أبو بَكْرٍ لِعُمَرَ: مَا أَرَدْتَ إلا خِلافِي (9)، قَال: مَا أَرَدْتُ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} (10) الآية. فَقَال ابْنُ الزبيرِ: فَمَا كَانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعْدَ هَذِهِ الآيةِ حَتى يَسْتَفْهِمَهُ (11). وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ الصِّدِيق (12). وَفِي طَرِيقٍ آحرَ: [كَانَ عُمَرُ إِذَا حَدَّثَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثٍ حَدَّثَهُ كَأَخِي السِّرَارِ (13) لَمْ يُسْمِعْهُ حَتى يَسْتَفْهِمَهُ. وفي آخر](14): فَقَال أبو بَكْرٍ: أَمِّرِ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ،

(1) البخاري (8/ 564 رقم 4818)، وانظر (3497).

(2)

زاد في (أ): "قال".

(3)

سورة الفتح، آية (1).

(4)

قوله: "جنات" ليس في (ك).

(5)

سورة الفتح، آية (5).

(6)

البخاري (7/ 450 - 451 رقم 4172)، وانظر (4834).

(7)

قوله: "قال" ليس في (أ).

(8)

في (أ): "فقال".

(9)

زاد في (أ) بعد هذا: "ما أردت إلا خلاف".

(10)

سورة الحجرات، آية (2).

(11)

في (ك): "يستهفمه".

(12)

البخاري (8/ 590 رقم 4845)، وانظر (4367، 4847، 7302).

(13)

"كأخي السرار" أي: كالمناجي سرًّا.

(14)

ما بين المعكوفين ليس في (ك).

ص: 333

وَقَال عُمَرُ: أَمّرِ الأَقرَعَ بْنَ حَابِسٍ.

5283 -

(79) وَعَنِ ابْنِ عبَاسٍ قَال: أَمَرَهُ أَنْ يُسَبِّحَ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، يَعْنِي قَوْلَهُ:{وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} (1)(2).

5284 -

(80) وعنه (3) فِي قَوْلِهِ تَعَالى: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} (4) قَال: إِنمَا هُوَ شَرْط شَرَطَهُ الله لِلنِّسَاءِ (5).

5285 -

(81) وَعَنْ عبد الله بْنِ مَسْعُودٍ فِي امْرَأَةٍ تَنْفس يَعْنِي بَعَدَ (6) وَفَاةِ زَوْجِهَا قَال: أَتَجْعَلُونَ عَلَيهَا التغْلِيظَ وَلا تَجْعَلُونَ عَلَيهَا الرُّخْصَةَ أُنْزِلَتْ (7) سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى (8){وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (9)(10).

5286 -

(82) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (11) قَال: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} (12) قَال: رَجُلٌ مِنْ قُرَيشٍ لَهُ زَنَمَةٌ (13) مِثْلُ زَنَمَةِ الشَّاةِ (14).

5287 -

(83) وعنه {إِنهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصَرِ} (15) قَال: كنا نَرْفَعُ

(1) سورة ق، آية (40).

(2)

البخاري (8/ 597 رقم 4852).

(3)

في (ك): "وعن ابن عباس".

(4)

سورة الممتحنة، آية (12).

(5)

البخاري (8/ 637 رقم 4893).

(6)

في (ك): "يعني في المرأة تنفس بعد".

(7)

في (ك): "الرخصة وعنه نزلت".

(8)

"القصرى بعد الطولى" القصرى سورة الطلاق، والطولى سورة النساء.

(9)

سورة الطلاق، آية (4).

(10)

البخاري (8/ 193 رقم 4532)، وانظر (4910).

(11)

قوله: "عن ابن عباس" ليس في (ك).

(12)

سورة القلم، آية (13).

(13)

"زنمة": هي شيء يقطع من أذن الشاة ويترك معلقًا بها، وهي لحيمة مدلاة في حلق الشاة كالملحقة بها.

(14)

البخاري (8/ 662 رقم 4917).

(15)

سورة المرسلات، آية (32).

ص: 334

الْخَشَبَ بِقِصَرٍ (1) ثَلاثةَ أَذْرُعٍ أَوْ أَقَلَّ، فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ فَنُسَمِّيهِ الْقَصَرَ (2) (3). [وَفِي طريقٍ أخرى: فَوْقَ ذَلِكَ بَدَل: أَوْ أَقَلَّ] (4).

5288 -

(84) وَعنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ (5) يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (6).

5289 -

(85) وَعَنْ أبِي عُبَيدَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَال: سَأَلتهَا عَنْ قَوْلهِ تَعَالى {إِنَّا أَعْطَينَاكَ الْكَوْثَرَ} (7)؟ قَالتْ: نَهَر أُعْطِيهُ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم شَاطِئَاهُ عَلَيهِ دُرٌّ مُجَوّفٌ، آنِيَتُهُ كَعَدَدِ النُّجُومِ (8).

5290 -

(86) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنهُ قَال فِي الْكَوْثَرِ: هُوَ الخَيرُ الكَثِير الذِي أَعْطَاهُ الله إِيَّاهُ. قَال أبو بِشْرٍ: فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ: إِنَّ نَاسًا يزعُمُونَ أنهُ نَهَرٌ فِي الْجَنةِ، فَقَال سَعِيدٌ: النهَرُ الذي في الْجنةِ مِنَ الْخيرِ الذِى أعْطَاهُ الله إِيَّاهُ (9).

5291 -

(87) وَعَنْ أَنَسٍ، عَنِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:(بَينَمَا (10) أنَا أسيِرُ فِي الجَنةِ إِذْ أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبِرِيلُ؟ قَال: هَذَا

(1) يا حاشية (أ): "بقصره" وصحح عليه. و"بقصر": الغاية والقدر.

(2)

"القصر": يريد قصر النخل وهو ما غلظ من أسفلها أو أعناق الإبل.

(3)

البخاري (8/ 687 رقم 4932)، وانظر (4933).

(4)

ما بين المعكوفين ليس في (ك).

(5)

"مكوران" أي: يلفان ويجمعان ويلقيان فيها.

(6)

البخاري (66/ 297 رقم 3200).

(7)

سورة الكوثر، آية (1).

(8)

البخاري (8/ 731 رقم 4965).

(9)

البخاري (8/ 731 رقم 4966)، وانظر (6578).

(10)

في (ك): "بينا".

ص: 335

الْكَوْثَرُ الذي أَعْطَاكَ رَبكَ، فَإِذَا طِيبُهُ أَوْ طِينُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ) (1).

5292 -

(88) وَعَنْهُ قَال: لَمَّا عُرِجَ بِالنبِيّ صلى الله عليه وسلم قَال: (أَتَيتُ عَلَى نَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ)(2). ذكر الكوثر فد تقدم لمسلم في كتاب "الصلاة" من حديث أبي هريرة.

5293 -

(79) وللبخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخ بَدْرٍ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ فَقَال: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَال عُمَرُ: إِنهُ مَنْ عَلِمْتُمْ، فَدَعَا ذَاتَ يَوْمٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ فَأُرِيتُ (3) أَنهُ إِنمَا (4) دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إلا لِيُرِيَهُمْ، قَال (5): مَا تَقُولُونَ في قَوْلِ الله عز وجل: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (6)؟ فَقَال بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ (7) نَحْمَدَ الله وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا (8) وَفُتِحَ عَلَينَا، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيئًا، فَقَال لِي: أَكَذَلِكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لا. قَال: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَهُ لَهُ قَال: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} وَذَلِكَ (9) عَلامَةُ أَجَلِكَ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} . فَقَال عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إلا مَا تَقُولُ (10). وفي لفظ آخر: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} : فَتْحُ مَكةَ، فَذَلِكَ عَلامَةُ أَجَلِكَ. وفي آخر: فَقَال لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ وفي آخر: قَالُوا: فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ. قَال: مَا

(1) البخاري (11/ 464 رقم 6581)، وانظر (3570، 4964، 5610، 7517).

(2)

انظر الحديث الذي قبله.

(3)

في (أ): "فأرتيت".

(4)

قوله: "إنما" ليس "أ".

(5)

في (أ): "فقال".

(6)

سورة النصر.

(7)

قوله: "أن" ليس في (ك).

(8)

في (أ): "إذ جاء نصرنا".

(9)

في (أ): "فذلك".

(10)

البخاري (8/ 734 - 735 رقم 4970)، وانظر (3627، 4294، 4430، 4969).

ص: 336

تَقُولُ يَا ابْنَ عباسٍ؟ قَال: أَجَل، أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نُعِيَتْ (1) لَهُ (2) نَفْسُهُ.

5294 -

(90) وَعَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيشٍ قَال: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَينِ؟ فَقَال: سَأَلْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: (قِيلَ لِي فَقُلْتُ). فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم (3). كل ما أخرج البخاري من حديث أبي سعيد: "يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ القِيَامَةِ" إِلَى حَدِيث أُبِي بن كَعبٍ هَذَا فِي المعَوذتَينِ، فلم يخرجه مسلم رحمه الله [إلا ما نبهت عليه من ذكر الكوثر](4).

تَمَّ الكتَابُ والحَمْدُ للهِ حَق حَمْدِهِ، وَ (5) مُتَضَمَّنُهُ الجَمْعُ بَينَ الصَّحِيحَينِ للبُخَارِي (6) وَمُسلِمٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي (7) صَدْرِ الكِتَابِ، [وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيدِنَا مُحَمِّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّم تَسْلِيمًا كَثِيرًا](8)

* * *

(1) في (أ): "نعت".

(2)

قوله: "له" ليس في (ك).

(3)

البخاري (8/ 74 رقم 4976)، وانظر (4977).

(4)

ما بين المعكوفين ليس في (ك).

(5)

قوله: "حق حمده و" ليس في (ك).

(6)

في (ك): "البخاري".

(7)

في (ك): "من".

(8)

ما بين المعكوفين ليس في (ك).

ص: 337