الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الوَصَايَا
{جَنَفًا} (1): مَيلًا، مُتَجَانِفٌ: مَائِلٌ (2).
وَقَال فِي بَاب "الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ": وَقَال الْحَسَنُ: لا يَجُوزُ لِلذِّمِّيِّ وَصِيَّةٌ إِلَّا الثُّلُثَ وَقَال اللهُ عز وجل: {وَأَنِ احْكُمْ بَينَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (3)(4).
وَفِي بَاب "قَوْلِ الله عز وجل: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَينٍ} (5) ": ويذْكَرُ أَنَّ شُرَيحًا، وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَطَاءً، وَطَاوُسًا، وَابْنَ أُذَينَةَ أَجَازُوا إِقْرَارَ الْمَرِيضِ بِدَينٍ، وَقَال الْحَسَنُ: أحَقُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ الرَّجُلُ آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ، وَقَال إِبْرَاهِيم وَالْحَكَمُ: إِذَا أَبْرَأَ (6) الْوَارِثَ مِنَ الدَّينِ بَرِئَ، وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنْ لا تُكْشَفَ امْرَأتُهُ الْفَزَارِيَّةُ عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيهِ بَابُهَا، وَقَال الْحَسَنُ: إِذَا قَال لِمَمْلُوكِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ جَازَ، وَقَال الشَّعْبِيُّ: إِذَا قَالتِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَوْتِهَا: إِنَّ زَوْجِي قَضَانِي وَقَبَضْتُ (7) مِنْه جَازَ، وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: لا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرَثَةِ ثُمَّ اسْتَحْسَنَ فَقَال: يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ). وَلا يَحِلُّ مَالُ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (آيةُ الْمُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ). وَقَال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (8). وَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلا غَيرَهُ (9). وَحَدِيثُ: "إِيَّاكُمْ والظَّنَّ" و"آيَةُ المُنَافِقِ" قَدْ تَقَدَّمَا مُسْنَدَينِ.
(1) سورة البقرة، آية (182).
(2)
البخاري (5/ 355).
(3)
سورة المائدة، آية (49).
(4)
البخاري (5/ 369).
(5)
سورة النساء، آية (11).
(6)
"إذا أبرأ": أي المريض.
(7)
في (ك): "وقضيت".
(8)
سورة النساء، آية (58).
(9)
البخاري (5/ 374 - 375).
وَقَال فِي بَابِ "تَأْويلِ قَوْلِهِ عز وجل: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَينٍ}: وَيُذْكَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالدَّينِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَقَوْلِ اللهِ عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}: فَأَدَاءُ الأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ تَطَوُّع الْوَصِيَّةِ، وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنَّى). وَقَال ابْنُ عَبَّاس: لا يُوصِي الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهِ، وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ) (1). وقَدْ تَقَدَّمَ هَذَانِ الحَدِيثَانِ مُسْنَدَينِ.، وَحَدِيثُ "قَضَى بالدَّينِ قَبْل الوَصِيَّةِ" ذَكَرَهُ التَّرْمِذِيُّ (2).
وَقَال فِي بَابِ "إِذَا أَوْقَفَ أَوْ أَوْصَى لأَقَارِبِهِ": وَقال بَعْضُهُمْ: إِذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ فَهُوَ إِلَى آبَائِهِ فِي الإسْلامِ (3).
وَقَال فِي بَاب "هَلْ يَنْتَفِعُ الْوَاقِفُ بِوَقْفِهِ": وَقَدِ اشْتَرَطَ عُمَرُ لا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَقَدْ يَلَي الْوَاقِفُ وَغَيرُهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ جَعَلَ بَدَنَةً أَوْ شَيئًا للهِ تَعَالى فَلَهُ أَن يَنْتَفِعَ بِهَا كَمَا يَنْتَفِعُ غَيرُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ (4).
وَفِي بَاب "إِذَا قال دَارِي صَدَقَة للهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ غَيرِهِمْ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَضَعُهَا فِي الأَقْرَبِينَ أَوْ حَيثُ أرَادَ" قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِي طَلْحَةَ حِينَ قَال: أَحَبُّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيرُحَاءَ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ للهِ فَأَجَازَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. وَقَال بَعْضُهُمْ: لا يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَنْ وَالأَوَّلُ أَصَحُّ (5). وقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أبِي طَلْحَةَ مُسْنَدًا.
وَقَال: {حَسِيبًا} (6): كَافِيًا (7). قَال وَلِلْمُوصَى أَنْ يَعْمَلَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ
(1) البخاري (5/ 377).
(2)
في "سننه"(4/ 362 - 363 رقم 2094، 2095) في كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الإخوة من الأب والأم، و (4/ 378 رقم 2122) في الوصايا، باب ما جاء يبدأ بالدين قبل الوصية.
(3)
البخاري (5/ 379).
(4)
البخاري (5/ 383).
(5)
البخاري (5/ 385).
(6)
سورة النساء، آية (6).
(7)
البخاري (5/ 391).
وَمَا يَأْكُلُ مِنْهُ بِقَدْرِ عُمَالتِهِ (1).
وَقَال في بَاب " {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} (2) إِلَى آخِرِ الآيَةِ: {لَأَعْنَتَكُمْ} : لأَحْرَجَكُمْ (3) وَضَيَّقَ، {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ} (4): خَضَعَتْ. وَعَنْ نَافِعٍ قَال: مَا رَدَّ ابْنُ عُمَرَ عَلَى أَحَدٍ وَصِيَّةً، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ أَحَبَّ الأَشْيَاءِ إِلَيهِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ أَنْ يَجْتَمِعَ نُصَحَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ فَيَنْظُرُوا الَّذِي هُوَ خَيرٌ لَهُ، وَكَانَ طَاوُسٌ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيءٍ مِنْ أَمْرِ الْيَتَامَى قَرَأَ:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} (2). وَقَال عَطَاءٌ فِي يَتَامَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ (5): يُنْفِقُ الْوَلِيُّ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ بِقَدْرِهِ مِنْ حِصَّتِهِ (6).
وَقَال فِي بَاب "وَقْفِ الْكُرَاعِ وَالدَّوَابِّ وَالْعُرُوضِ وَالصَّامِتِ": وَقَال الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ جَعَلَ أَلْفَ دِينَارٍ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدَفَعَهَا إِلَى غُلامٍ لَهُ تَاجِرٍ يَتَّجِرُ بِهَا وَجَعَلَ رِبْحَهُ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ وَالأَقْرَبِينَ هَلْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ رِبْحِ تِلْكَ الأَلْفِ شَيئًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَعَلَ رِبْحَهَا صَدَقَةً فِي الْمَسَاكِينِ؛ قال: لَيسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا (7).
وَقَال بَاب "إِذَا أَوْقَفَ أَرْضًا أَوْ بِئْرًا أَوْ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ دِلاءِ الْمُسْلِمِينَ": وَأَوْقَفَ أَنَسٌ دَارًا فَكَانَ إِذَا قَدِمَهَا نَزَلَهَا، وَتَصَدَّقَ الزُّبَيرُ بِدُورِهِ وَقَال لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ غَيرَ مُضِرَّةٍ وَلا مُضَرِّ بِهَا، فَإِنِ اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَيسَ لَهَا حَقٌّ وَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ نَصِيبَهُ مِنْ دَارِ عُمَرَ سُكْنَى لِذَوي الْحَاجَاتِ
(1) البخاري (5/ 392).
(2)
سورة البقرة، آية (220).
(3)
في (أ): "لأخرجكم".
(4)
سورة طه، آية (111).
(5)
"الصغير والكبير" أي: يلي أيتام وفيهم الصغير والكبير، ومالهم جميع لم يقسم، فينفق على كل إنسان منهم من ماله على قدره.
(6)
البخاري (5/ 394).
(7)
البخاري (5/ 405).
مِنْ آلِ عَبْدِ اللهِ (1).
وَعَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أنَّ عُثْمَانَ حِينَ حُوصِرَ أَشْرَفَ عَلَيهِمْ وَقَال: أنْشُدُكُمُ اللهَ وَلا أَنْشُدُ إِلَّا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ). فَحَفَرْتُهَا أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَال: (مَنْ جَهَّزَ جَيشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ). فَجَهَّزْتُهُمْ. قَال فَصَدَّقُوهُ بِمَا قَال.
وَقَال عُمَرُ فِي وَقْفِهِ: لا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أنْ يَأْكُلَ وَقَدْ يَلِيهِ الْوَاقِفُ وَغَيرُهُ فَهُوَ وَاسِعٌ لِلكُلِّ (2).
(1) البخاري (5/ 406).
(2)
البخاري (5/ 406 - 407).