الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ اسْتِتَابَةِ الْمُرتَدِّينَ والْمُعَانِدِينَ وَقِتَالُهُم
وَقَال ابْنُ عُمَرَ وَالزُّهْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ: تُقْتَلُ المُرتَدَّةُ، {لا جَرَمَ} يَقُولُ: حَقًّا (1)(2).
وَقَال بَاب "قِتَالِ الْخَوَارِج وَالْمُلْحِدِينَ بَعدَ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيهِم، وَقَوْلِ الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} (3) ": وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَاهُم شِرَارَ خَلْقِ الله، وَقَال: إِنهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آياتٍ نزَلَتْ فِي الْكُفارِ فَجَعَلُوها عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (4).
كِتَابُ الإِكْرَاه
وَقَوْلِ الله عز وجل: {إلا مَنْ أُكْرِه وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} (5) الآية: وَقَال: {إلا أَنْ تَتقُوا مِنْهُم تُقَاةً} (6): وَهِيَ تَقِيَّة، وَقَال:{إِنَّ الذِينَ تَوَفاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِم قَالُوا فِيمَ كُنْتُم قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرضِ قَالُوا أَلِم تَكُنْ أَرضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها} (7) إِلَى قَوْلِهِ: {عَفُوًّا غَفُورًا (8)} ، وَقَال عز وجل:{وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْولْدَانِ الذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هذِهِ الْقَريَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} (9): فَعَذَرَ الله الْمُسْتَضْعَفِينَ الذِينَ لا يَمتَنِعُونَ (10) مِنْ تَركِ
(1) في النسخ: "يقتل المرتد لا جرم. يقول تقتل المرتدة حقًّا"، والمثبت من "صحيح البخاري".
(2)
البخاري (12/ 267).
(3)
سورة التوبة، آية (115).
(4)
البخاري (12/ 282).
(5)
سورة النحل، آية (106).
(6)
سورة آل عمران، آية (30).
(7)
سورة النساء، آية (97).
(8)
في النسخ: "غفورا رحيما"، وهو تصحيف.
(9)
سورة النساء، آية (75).
(10)
في (أ): "يمتيعون".
مَا أَمَرَهُمُ الله بِهِ، وَالْمُكْرَهُ لا يَكُونُ إلا مُسْتَضْعَفًا غَيرَ مُمتَنِع مِنْ فِعلِ مَا أُمِرَ بِهِ. وَقَال الْحَسَنُ: التَّقِيَّةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَنْ تُكْرِهُهُ اللُّصُوصُ فَيُطَلِّقُ: لَيسَ بِشَيءٍ، وَبِهِ قَال ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيرِ، وَالشَّعبِيُّ، وَالْحَسَنُ. وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(الأَعمَالُ بِالنِّيَّةِ)(1). وَهذَا الحَدِيث قَدْ تَقَدَّمَ مُسْنَدًا.
وَقَال فِي بَاب "إِذَا أُكْرِه حَتى وَهبَ عَبْدًا أَوْ بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ": وَبِهِ قَال بَعض الناسِ: فَإِنْ نَذَرَ الْمُشْتَرِي فِيهِ (2) نَذْرًا فَهُوَ جَائِزٌ بِزَعمِهِ (3)، وَكَذَلِكَ إِنْ دَبَّرَهُ. {كُرهًا} وَ {كَرهًا} وَاحِدٌ (4).
وَقَال فِي بَاب "إِذَا اسْتُكْرِهتِ الْمَرأَةُ عَلَى الزِّنَا فَلا حَدَّ عَلَيها": وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيدٍ، أنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الإِمَارَةِ وَقَعَ عَلَى وَلِيدَةٍ مِنَ الْخُمُسِ فَاسْتَكْرَهها حَتى افْتَضَّها (5)، فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ وَنَفَاهُ، وَلَم يَجْلِدِ الْوَلِيدَةَ مِنْ أَجْلِ أَنهُ استكْرهها. وَقَال الزُّهْرِيُّ فِي الأَمَةِ الْبِكْرِ [يَفترِعُها] (6) الْحُرُّ: يُقَوِّمُ ذَلِكَ الْحَكَمُ مِنَ الأَمَةِ الْعَذْرَاءِ بِقَدرِ ثَمَنِها ويجْلَدُ، وَلَيسَ فِي الأَمَةِ الثَّيِّبِ فِي قَضَاءِ الأَئِمَّةِ غُرمٌ وَلَكنهُ عَلَيهِ الْحَدُّ (7).
وَقَال بَاب "يَمِينِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ إِنهُ أَخُوهُ إِذَا خَافَ عَلَيهِ الْقَتْلَ أَوْ نَحوَهُ": وَكَذَلِكَ كُلُّ مُكْرَهٍ (8) يَخَافُ فَإِنهُ يَذُبُّ عَنْهُ الْمَظَالِمَ ويقَاتِلُ دُونَهُ وَلا
(1) البخاري (12/ 311).
(2)
قوله: "فيه" ليس في (أ).
(3)
أي ما في عليه ويصح البيع المصادر مع الإكراه وكذلك الهبة.
(4)
البخاري (12/ 319 - 320).
(5)
في النسخ: "اقتضها"، والمثبت من "الصحيح".
(6)
في النسخ: "يقترعها"، والمثبت من "صحيح البخاري".
(7)
البخاري (12/ 321).
(8)
في (أ): "مكروه".
يَخْذُلُهُ فَإِنْ خَافَ عَلَيهِ القَتْلَ قَاتَلَ دُونَ الْمَظْلُومِ فَلا قَوَدَ عَلَيهِ وَلا قِصَاصَ، وَإِنْ قِيلَ لَهُ لَتَشْرَبَنَّ الْخَمرَ أَوْ لَتَأكُلَنَّ الْمَيتَةَ أَوْ لَتَبِيعَنَّ (1) عَبْدَكَ أَوْ تُقِرُّ بِدَينٍ أَوْ تَهبُ هِبَةً وَتَحُلُّ عُقْدَةً (2) أَوْ لَنَقْتُلَنَّ أَبَاكَ أَوْ أَخَاكَ فِي الإِسْلامِ وَسِعَهُ ذَلِكَ، لِقَوْلِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ). وَقَال بَعضُ النَّاسِ: لَوْ قِيلَ لَهُ لَتَشْرَبَنَّ الْخمرَ أَوْ لَتَأكُلَنَّ الْمَيتَةَ أَوْ لَنَقْتُلَنَّ ابْنَكَ أَوْ أَبَاكَ أَوْ ذَا رَحِمٍ لَمْ يَسَعهُ؛ لأَنَّ هذَا لَيسَ بِمُضْطَر، ثُمَّ نَاقَضَ فَقَال: إِنْ قِيلَ لَهُ لَنَقتلَنَّ أَبَاكَ أَو ابْنَكَ أَوْ لَتَبِيعَنَّ هذَا الْعَبْدَ أَوْ تُقِرُّ بِدَينٍ أَوْ تَهبُ هِبَةً يَلْزَمُهُ فِي الْقِيَاسِ، وَلَكِنا نَسْتَحسِنُ وَنَقُولُ: الْبَيعُ وَالْهِبَةُ وَكُلُّ عَقْدٍ فِي ذَلِكَ بَاطِل، فَرَّقُوا بَينَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ] (3) مُحَرَّمٍ وَغَيرِهِ بِغَيرِ كِتَابٍ وَلا سُنةٍ (4). وَقَال النبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(قَال إِبْرَاهِيمُ لامرَأَتِهِ هذِهِ أُخْتِي وَذَلِكَ فِي الله). وَقَال النخَعِيُّ: إِذَا كَانَ الْمُسْتَحلِفُ ظَالِمًا فَنِيَّةُ الْحَالِفِ، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَنِيَّةُ الْمُسْتَخلِف (5).
قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ)، وَقَوْلُ إِبْرَاهِيمَ:"هذِهِ أُخْتِي" قَدْ تَقَدَّمَا (6) مُسْنَدَينِ.
(1) في (ك): "ليبتعن"، والمثبت من "صحيح البخاري".
(2)
في (أ): "عقد".
(3)
ما بين المعكوفين ليس في النسخ، والمثبت من "الصحيح".
(4)
والحاصل أن مذهب الحنفية -الذي عبر عنه البخاري ببعض الناس- التفريق في الإكراه بين ذي الرحم والأجنبي، فلو قيل لرجل: لتقتلن هذا الرجل الأجنبي أو لتبيعن كذا ففعل لينجيه من القتل لزمه البيع، ولو قيل له في ذي رحمه لم يلزمه ما عقده، ورأى البخاري أنه لا فرق بين القريب والأجنبي لحديث:(المسلم أخو المسلم).
(5)
البخاري (12/ 323).
(6)
في (أ): "تقدم".