الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتابُ الأَدَبِ
قال يَهْمِزُ وَيَلْمِزُ وَيَعِيبُ وَاحِدٌ (1). وَقال فِي بَاب "الانْبِساطِ إِلَى النَّاسِ، وَقال ابْنُ مَسْعُودٍ: خالِطِ النَّاسَ وَدِينَكَ لا تَكْلِمَنَّهُ، والدُّعابَةِ مَعَ الأَهْلِ"(2).
وَقال فِي بَاب "الْمُداراةِ مَعَ النَّاسِ": وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي الدَّرْداءِ إِنَّا لَنَكْشِرُ (3) فِي وُجُوهِ أَقْوامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنا لَتَلْعَنُهُمْ (4). وَفِي بَاب "لا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَينِ": وَقال مُعاويَةُ لا حِلْمَ إلا بِتَجْرِبَةٍ (5). وَعَنْ عَوْفُ بْنُ الطُّفَيلِ، أَنَّ عائِشَةَ حُدِّثتْ أَنَّ عَبْد اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قال فِي بَيعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عائِشَةُ: واللهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عائِشَةُ أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيها، فَقالتْ: أَهُوَ قال هَذا؟ قالُوا: نَعَمْ. قالتْ: هُوَ لِلّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبيرِ أَبَدا فاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيرِ إِلَيها حَتى طالتِ الْهِجْرَةُ، فَقالتْ: لا واللهِ لا أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا وَلا أَتَحَنثُ إِلَى نَذْرِي، فَلَمّا طال ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيرِ كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَهُما مِنْ بَنِي زُهْرَةَ، وَقال لَهُما: أَنْشُدُكُما بِاللهِ لَمّا أَدْخَلْتُمانِي عَلَى عائِشَةَ، فَإِنهُ لا يَحِلُّ لَها أَنْ تَنْذِرَ قَطعَتِي، فَأَقْبَلَ بِهِ الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُشْتَمِلَينِ بِأَرْدِيَتِهِما حَتى اسْتأذَنَا عَلَى عائِشَةَ فَقالا: السَّلامُ عَلَيكِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ أَنَدْخُلُ؟ قالتْ عائِشَةُ: ادْخُلُوا. قالُوا: كُلُّنَا؟ قالتْ: نَعَم ادْخُلُوا (6) كُلُّكُمْ. وَلا تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُما ابْنَ الزُّبَيرِ، فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبيرِ الْحِجابَ فاعْتَنَقَ عائِشَةَ فَطَفِقَ يُناشِدُها وَيَبْكِي، وَطَفِقَ (7)
(1) البخاري (10/ 472).
(2)
البخاري (10/ 526).
(3)
الكشر: ظهور الأسنان، والمراد هنا التبسم.
(4)
البخاري (10/ 527).
(5)
البخاري (10/ 529).
(6)
قوله: "ادخلوا" ليس في (ك).
(7)
في (أ): "فطفق".
الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يُناشِدَانِها إِلَّا ما كَلَّمَتْ وَقَبِلَتْ مِنْهُ، وَيَقُولانِ: إِنَّ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَمّا قَدْ عَلِمْتِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَإِنهُ لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيالٍ، فَلَمّا أَكْثَرُوا عَلَى عائِشَةَ مِنَ التَّذْكِرَةِ والتخرِيج طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُما وَتَبْكِي، وَتَقُولُ: إِنِّي نَذَرْتُ والنذْرُ شَدِيدٌ، فَلَمْ يَزالا بِها حَتى كَلمَتِ ابْنَ الزُّبَيرِ، وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِها ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَة، وَكانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَها بَعْدَ ذَلِكَ فَتَبْكِي حَتى تبلَّ دُمُوعُها خِمارَها (1).
وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ قال: كانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيرِ أَحَبَّ الْبَشرِ إِلَى عائِشَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، وَكانَ أَبَرَّ النَّاسِ بها، وَكانَتْ لا تُمْسِكُ شَيئا مِمّا جَاءَهَا مِنْ رِزْقِ اللهِ تَصَدَّقَتْ، فَقال ابْنُ الزُّبَيرِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ عَلَى يَدَيها، فَقالتْ: أيؤْخَذُ عَلَى يَدَيَّ، عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ، فاسْتَشْفَعَ إِلَيها بِرِجالٍ مِنْ قُرَيشٍ وَبِأَخْوالِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَال فِي آخِرِه: فَأَرْسَلَ إِلَيها بِعَشْرِ رِقابٍ فَأَعْتَقَتْهُمْ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تُعْتِقُهُمْ حَتى بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ، وَقالتْ وَدِدْتُ أَنِّي جَعَلْتُ حِينَ حَلَفْتُ عَمَلًا أَعْمَلُهُ فَأَفْرُغُ مِنْهُ (2). ذَكَرَ هَذا في "مَناقبِ قُرَيشٍ"(3).
وَفِي بَاب "إِكْرامِ الضَّيفِ": يُقالُ: هُوَ زَوْرٌ، وَهَؤُلاءِ زَوْرٌ، وَضَيف وَمَعْناهُ أَضْيافُهُ وَزُوّارُهُ؛ لأَنها مَصْدَرٌ، مِثْلُ: قَوْمٍ رِضًا وَعَدْلٍ، يُقالُ: ماءٌ غَوْرٌ، وَبِئْرٌ غَوْرٌ، وَماءانِ غَوْرٌ، وَمِياهٌ غَوْرٌ، وَيُقالُ: الْغَوْرُ: الْغائِرُ لا يَنالُهُ الدِّلاءُ، كُلَّ شَيءٍ [غُرْتَ](4) فِيهِ فَهُوَ مَغارَة، {تَزَّاوَرُ}: تَمِيلُ مِنَ الزَّوَرِ، والأَزْوَرُ: الأَمْيَلُ (5).
(1) البخاري (10/ 491 - 492 رقم 6073)، وانظر (3503، 3505).
(2)
تمنت أن تكون نذرت نذرًا معلومًا. وهذا منها من تمام الحيطة والاجتهاد في براءة الذمة.
(3)
البخاري (6/ 533 - 534 رقم 3505).
(4)
في النسخ: "عزب"، والمثبت من "صحيح البخاري".
(5)
البخاري (10/ 531).