الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صفة الحج والعمرة
يسن الغسل لدخول مكة، وأن يدخلها نهارًا من ثنية كداء بأعلاها، ويخرج من ثنية كدى بأسفلها، ويدخل المسجد من باب بني شيبة، فإذا رأى البيت رفع يديه وكبر وقال جهرًا: اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام، اللهم زد هذا البيت عظيمًا وتشريفًا وتكريمًا ومهابةً وبرًا، وزد من عظمه وشرفه ممن حجه واعتمره تعظيمًا وتشريفًا وتكريمًا ومهابةً وبرًا، الحمد لله رب العالمين كثيرًا كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، والحمد لله الذي بلغني بيته ورآني لذلك أهلًا، والحمد لله على كل حالٍ، اللهم
إنك دعوت إلى حج بيتك وقد جئناك لذلك اللهم تقبل مني واعف عني وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت.
ثم يجعل وسط ردائه تحت كتفه الأيمن وطرفيه فوق الأيسر.
ويطوف القارن والمفرد للقدوم، والمتمتع للعمرة يبدأ بالحجر الأسود فيستلمه ويقبله- وقيل: يقبل يده كما لو شق تقبيله- فإن عسر لمسه أشار إليه، وقام نحوه، وفي استقباله بوجهه وجهان، ويجاذيه بكله أو ببعضه، ويجعل البيت عن يساره، ويطوف سبعًا، ويقول عند استلام الحجر في طوافه: بسم الله والله أكبر إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعًا لسنة نبيك محمد.
ويرمل في الثلاثة الأولى فيسرع المشي ويقارب الخطى بلا وثبٍ، ويمشي في الأربعة، ويستلم الحجر الأسود والركن اليماني كل مرة.
وقيل: الركن فقط.
ويقبل يده.
وقيل: يقبله.
وإن شاء أشار إليهما.
ويقول في رمله كلما حاذى الحجر الأسود: الله أكبر ولا إله إلا الله، وفي بقية رمله: اللهم اجعله حجًا مبرورًا وسعيًا مشكورًا وذنبًا مغفورًا. وفي الأربعة: رب اغفر وارحم واعف عما تعلم وأنت الأعز الأكرم، وفي آخره بين الركنين {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} . ويدعو فيه بما أحب. وله القراءة.
وعنه: تكره.
ولا يسن اضطباع ولا رملٍ في غيره ولا لمكي ولا امرأةٍ، أو حامل المعذور، ولا يقضي الرمل.
ويجزيء طواف الراكب وسعيه والمحمول مع نية لعذرٍ.
وعنه: مطلقًا.
ولا يجزيء من حمله مطلقًا.
ومن طاف أو سعى محدثًا أو نجسًا أو مكشوف العورة لم يجزئه.
وعنه: بلى مع دمٍ للطواف.
وقيل: الجنب كالمحدث.
قلت: والحائض كالمحدث.
ومن أحدث في طوافٍ أو سعيٍ أو قطعه بفصلٍ طويلٍ استأنف.
وقيل: يبني كما لو كان يسيرًا، أو أقيمت الصلاة، أو حضرت جنازةٌ فصلى.
وإن طاف منكسًا، أو على جدار الحجر، أو شاذروان البيت، أو وراء حائلٍ، أو ترك بعض طوافه، أو لم ينوه؛ لم يجزئه.
وقيل: يجزيء من وراء حائلٍ؛ لكن في المسجد.
ومن شك في عدد ما طاف أخذ بالأقل.
وقيل: بظنه.
وإن أخبره اثنان ما طاف رجع إليهما، نص عليه.
وقيل: لا.
ثم يصلي نفلًا ركعتين خلف المقام، الأولى بالحمد والكافرون والثانية بالحمد والإخلاص.
فصل:
ثم يستلم الركن الأسود، ويخرج إلى الصفا من بابه، فيرقاه لير البيت، ويرفع يديه، ويكبر نحوه ثلاثًا، ويقول: الحمد لله على ما هدانا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حيٌ لا يموت بيده الخير وهو على كل شيءٍ قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. ثم يلبي ويدعو بما أحب، وكذا ثانيًا وثالثًا، ثم ينزل، ويمشي إلى العلم، ثم يسعى سعيًا شديدًا- وقيل: يرمل إلى العلم الآخر- ثم يمشي فيرقى على المروة، ويقول ما قال على الصفا، ثم ينزل، يمشي موضع مشيه ويسعى موضع سعيه، حتى يأتي الصفا، يفعل ذلك سبعًا ذهابه سعيةٌ ورجوعه سعية، وإن بدأ بالمروة لم تحتسب تلك المرة.
ولا تسعى امرأةٌ بسرعةٍ، ولا ترقى الصفا والمروة والمشعر الحرام.
ولا يصح سعي قبل طواف- وعنه: يصح جهلًا وسهوًا- ولا يجزيء في حجٍ قبل أشهره.
فإذا سعى فإن كان حاجًا بقي محرمًا حتى يفرغه، وإن كان معتمرًا أو متمتعًا لا هدي معه حلق أو قصر وحل منها، وإن كان مع المتمتع هديٌ لم يحلق ويحل حتى يفرغ حجه، فيحرم به هو.
ومن حل قبل الزوال من مكة أو بقية الحرم يوم التروية أو عرفة فإن عبره لزمه دم.
ويخرج إلى منى يصلي بها الظهر والعصر والعشاءين والصبح، فإذا طلعت الشمس بثبير سار للوقوف، واغتسل له، وأقام بنمرةٍ- وقيل: بعرفة- إلى الزوال، ويخطب الإمام بعده خطبةً واحدة: يفتتحها بالتكبير، ويعلم الناس مناسكهم، ثم يصلي بهم الظهر والعصر جمعًا إن جاز له بإقامتين، ومن شق عليه ففرادى.
ثم يأتي عرفة وكلها موقف وليس منه عرنة ونمرة والسوق ومسجده.
ويسن أن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة قرب الإمام قبل القبلة راكبًا.
وقيل: الراجل أفضل.
وخرجت التسوية.
ويفطر، ويدعو، ويكثر قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، ويسر لي أمري.
فمن وقف به لحظةً من فجر يوم عرفة إلى فجر يوم النحر أهلًا له صح حجه، وإلا فلا.
ولا يصح مع سكرٍ أو إغماءٍ، وفي النوم والجهل بها وجهان.
وقيل: لا يجزيء قبل الزوال.
ومن وقف نهارًا، ودفع قبل الغروب، ولم يعد قبله؛ لزمه دم. وإن دفع بعده قبل الإمام فروايتان.
وإن وقف ليلًا فلا شيء عليه.
ثم يدفع بعد الغروب إلى مزدلفة على طريق المأزمين بسكينةٍ ووقارٍ، ويكبر ويذكر، فإن وجد فرجة أسرع.
ويجمع بها العشاءين بآذانٍ وإقامتين أو إقامة، جماعة أو فرادى قبل حط رحله، وإن صلى المغرب بطريقة جاز.
ويبيت بها إلى الفجر مغتسلًا.
ويأخذ حصى الجمار منها أو من غيرها وهو على الأشهر سبعون بين الحمص والبندق، ويسن غسله.
وعنه: لا.
وله الرمي بنجسٍ.
وقيل: لا.
وله الدفع بعد نصف الليل، وقبله فيه دم، نص عليه.
وعنه: لا، كما لو أتاها بعده، وكأهل السقيا والرعي.
وإن جاء بعد الفجر لزمه دم.
وهي: ما بين المأزمين ووادي محسرٍ، ويصلي بها الصبح بغلسٍ.
ثم يأتي المشعر الحرام فيرقاه، فإن شق وقف عنده، ويحمد الله ويهلله ويكبر ويقول: اللهم كما وفقتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق {فإذا أفضتم من عرفات} إلى {غفور رحيم} الآيتين، ويدعو حتى يسفر.
ثم يدفع إلى منى قبل طلوع الشمس، فإذا بلغ محسرًا سعى راجلًا وحرك راكبًا رمية حجرٍ. فإذا وصل منى وهي: من جمرة العقبة إلى واد محسر، رمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس ماشيًا سبع حصيات متعاقبات، يكبر مع كل
حصاة، ويقول: أرضي الرحمن وأسخط الشيطان. ويرفع يده حتى يرى بياض إبطه، ويعلم حصولها في المرمى، ولا يقف، ولا يجزيء الرمي بغيرها، ولا بما رمي به.
ويجزيء رميه بعد نصف ليلة النحر.
وعنه: بل بعد فجره.
والمعذور يرمي عنه غيره بإذنه.
ثم ينحر هديًا إن كان معه، ويحلق شعر رأسه أو يقصر.
وعنه: أو بعضه.
ويسن لمن لا شعر له أن يمر الموسى عليه، وتقصر المرأة قدر أنملة ولا تحلق والحلق والتقصير نسك.
وعنه: إطلاق من محظور لا شيء في تركه.
فإن حلق قبل الرمي أو النحر فلا دم عليه.
وعنه: يلزم العامد.
وإن حلق بعد أيام منى فروايتان.
وقيل: إن جعل نسكًا.
ثم يخطب الإمام بها يوم النحر على الأصح ويذكره والإفاضة والرمي.
ثم يأتي مكة فيغتسل، ويطوف القارن والمفرد الفرض يعينه بنيته بعد نصف ليلة النحر، ويسن في يومه، فإن أخره عنه وعن أيام منى جاز، نص عليه. فإن كان سعى مع طواف القدوم وإلا سعر، ثم يصلي ركعتين، وقد حل له كل شيء.
والمتمتع يطوف لقدومه لعمرته، ثم يسعى، ثم يطوف ثانيًا طواف الفرض، ثم يأتي منى.
ويحصل التحلل الأول باثنين من الرمي والحلق والطواف، والثاني بالثالث. وإن لم نقل: الحلق نسك حصل الأول بالرمي أو الطواف، والثاني بالآخر.
ويباح بالأول غير النساء.
وعنه: غير وطئهن في الفرج.
ووقت التحلل بعد نصف ليلة النحر، ويومه أفضل.
ثم يسمي، ويشرب من زمزم لما أحب، ويتضلع ويقول: اللهم اجعله لنا علمًا نافعًا ورزقًا واسعًا وريًا وشبعًا وشفاءً من كل داءٍ واغسل به قلبي واملأه من خشيتك.
ثم يرجع فيبيت بمنى ثلاث ليالٍ، وله أن يتعجل في يومين، ويغتسل، ويرمي في غد بعد الزوال إلى المغرب الجمرة الأولى وتلي مسجد الخيف، ويقف حيث لا يصله الحصى ويدعو قدر جزئين، ثم الوسطى ويقف كالأولى، ثم جمرة العقبة ويستبطن الوادي ولا يقف. فإن نكس لم يجزئه.
وعنه: بلى إن جهل.
ويستقبل القبلة برميه، ويجعل الأولى عن يساره، والأخريين عن يمينه كل جمرةٍ بسبع حصيات كل يومٍ.
وعنه: بستٍ.
وعنه: بخمسٍ.
فإن ترك حصاة من الأولى لم يصح رمي الثانية قبلها، وإن جهل محلها بنى على اليقين، وإن رماه كله معًا أجزأ عن حصاةٍ واحدة، ويرمي في اليوم الثاني كذلك.
ويكره ترك الوقوف والدعاء، ورمي اليوم الأول في الثاني، أو كله في الثالث، ولا دم عليه، ويرتبه بنيته.
وإن رمى بعد أيام منى، وهي: يوم النحر وثلاثة بعده؛ لزم دمٌ، وكذا في ترك حصاةٍ.
وعنه: مد.
وفي حصاتين مدان وفي ثلاثٍ دم.
وعنه: في حصاةٍ نصف درهم.
وعنه: لا شيء عليه.
وفي ترك مبيت ليال منى دم، وفي ليلةٍ واحدةٍ هذه الروايات.
وعنه: يتصدق بشيءٍ.
ولا يلزم سقاة الحاج ورعاة الإبل مبيت ليالي منى، ويرمون في يومٍ من أيام التشريق أو ليلًا، فإن أقاموا إلى المغرب لزم الرعاة فقط.
ثم يخطب الإمام ثاني أيام منى بعد الظهر يعرف الناس التعجيل والتأخير والتوديع. فمن نفر قبل المغرب دفن بقية الحصى في المرمى، وإن أقام إلى المغرب بات ورماهن في غده بعد الزوال.
ثم يأتي الأبطح وهو: المحصب، فيقيم به إلى الليل يهجع يسيرًا، ثم يأتي مكة، ويدخل البيت حافيًا يتنقل فيه، ويكثر الاعتمار والنظر إليه.
فإن قضى نسكه طاف للوداع وخرج، وإن تأخر لغير شد رحلٍ أو اتجر؛ أعاده، وإن اشترى حاجةً في طريقه فلا.
وإن خرج قبله رجع ففعله، فإن شق أو بعد لزمه دم.
ولا وداع على حائضٍ ونفساء، ولا نقف لها حتى تطهر إلا لطواف الفرض.
وقيل: لا يلزمنا.
ومن لم يطف للقدوم، أو الزيارة وهو: الفرض. فطافه لما خرج؛ أسقط طواف الوداع، نص عليه.
ومن ترك طواف الفرض رجع من بلده محرمًا فطافه، ولا يجزيء عنه غيره. والقارن كالمفرد فيما ذكرنا.
وإذا ودع وقف بالملتزم بين الركن والباب، وقال: اللهم هذا بيتك وأنا عبدك وابن عبدك وأمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك، وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك، وأعنتني على أداء نسكي، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضًا، وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري، هذا أوان انصرافي إن أذنت لي، غير مستبدلٍ بك ولا ببيتك، ولا راغبٍ عنك ولا عن بيتك، اللهم فأصحبني العافية في بدني، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك أبدًا ما أبقيتني، واجمع لي بين خير الدنيا والآخرة، إنك على كل شيءٍ قدير، ونحو ذلك. ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في أدعيته.
والمرأة كالرجل إلا ما ذكرنا، وتدعو الحائض بباب المسجد.
وتسن المجاورة بمكة، وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه- رضي الله عنهما.
فصل:
من أراد عمرة مفردة أحرم من ميقاتها كإحرام الحج، فإذا طاف وسعى وحلق أو قصر حل.
وتباح العمرة يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، وكل وقتٍ، وفي رمضان أفضل.
وعنه: تكره أيام التشريق.
فصل:
أركان الحج: الإحرام، والوقوف، وطواف الفرض، وكذا السعي.
وعنه: يجبره دم.
وعنه: أنه سنة.
وعنه: من وقف بعرفة وطاف يوم النحر صح حجه وعليه دم.
وواجباته: الإحرام من الميقات، والوقوف بعرفة إلى الغروب لمن وقف نهارًا، والمبيت بمزدلفة إلى بعد نصف الليل إن جاءها قبله، والرمي وترتيبه، وطواف الوداع، والنحر.
وفي الحلق أو التقصير، وفي وجوب الدفع مع الإمام، والمبيت بمنى من غير السقاة والرعاة: روايتان.
والمبيت بمنى ليلة عرفة، وباقي الأفعال والخطب والأذكار والأدعية سنن.
وأركان العمرة: الطواف، وفي الإحرام والسعي روايتان.
ويجب لها الإحرام من الميقات أو الحل، والحلق أو التقصير.
وعنه: يسن كباقيها.
فمن ترك ركنًا لم يتم نسكه، وإن ترك واجبًا صح ولزمه دم، وإن ترك سنة فلا شيء عليه.