الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الشّركة
وهي: إما في ملكٍ، فلا يتصرّف فيه بلا إذن شريكه، فإن تصرف نفذ في حصّته، نصّ عليه.
وعنه: لا.
وإما ف عقدٍ.
وتصحّ بين من يصحّ تصرّفهم من الأحرار والمكاتبين المسلمين والكفار.
فإن اشترك مسلمٌ وذميٌّ كره، وإن باشر المسلم التصرّف فلا.
فصل:
فمنها شركة العنان وهي: بدنان بما ليهما الحاضرين المعلومين لهما من النقد، وإن اختلفا جنسًا وقدرًا.
وفي المغشوشة والفلوس النافقة وجهان.
وعنه: تصح بعرضٍ، ويكون رأس المال قيمته وقت العقد.
وكذا حكم المضاربة.
وإن نما أحدهما قبل الخلط فلهما، وإن خسر أو تلف بعد التصرف فمنهما.
وإن عمل أحدهما وحده فيهما وشرط له من الربح فوق ربح ماله صحّ، وإلّا فلا.
فصل:
والربح بَعْدُ كما شرطا.
ولابدّ من تعيين ما لكل واحدٍ منه، فإن قال: هو بيننا، استويا.
وإن أهملاه، أو شرطا لأحدهما أو غيرهما جزءًا مجهولًا أو معلومًا أو دراهم معلومةً وباقية لهما، أو ربح أحد الثوبين، بطل.
وكذا المضاربة والمساقاة والمزارعة.
والوضيعة بقدر المالين. وإن شرطا تساويهما فيها مع تفاوت المال بطل الشرط، وصحّ العقد.
وقيل: يبطل.
وكذا كل شرط فاسد، فيقسم الربح إذن على المالين.
وعنه: على ما شرط.
ويرجع كل منهما على الآخر بأجرة عمله.
وعنه: لا.
ومع الصحّة لكلّ منهما أن يبيع ويشتري، ويَقْبض ويُقبّض، ويطالب بالدين ويخاصم فيه، ويحيل ويحتال، ويردّ بالعيب ويقرّ به على الشركة، ويفعل ما هو مصلحة تجارتهما بمطلق الشركة.
وليس له أن يزوّج رقيقًا ولا يكاتبه ولا يعتقه بمال، ولا يهب، ولا يقرض، ولا يحابي، ولا يضارب، ولا يشارك بمال الشركة، ولا يأخذ ولا يعطي سفتجة بلا إذن شريكه.
وفي إيداعه، وسفره به، وبيعه نساءً، وإبضاعه، وتوكيله فيما يباشره مثله، ورهنه وارتهانه، ومقايلته: وجهان إن لم يقل: اعمل برأيك.
وإن فعل ما لا يفعله مثله ليأخذ أجرته فروايتان.
وإن استأجر من يفعل ما يلزمه غرم أجرته، وما لا فلا.
وكلّ منهما أمين الآخر ووكيله، فيقبل قوله في الدّفع.
فإن قال: هذا لي أو لنا، قُبِلَ. وإن قال: صار لي بالقسمة؛ قبل قول منكرها.
ويقدّم قول ذي اليد مطلقًا.
وإن أبرأ أحدهما من ثمن مبيع، أو أجله في مدّة الخيار، أو أخَّر دينًا غيره، أو أقرّ به؛ فمن حقّه.
وقيل: يقبل إقراره على مال الشّركة.
وليس له أن يَدَّان على المال، وهو من ضمانه وربحه له. وإن أذن شريكه فعليهما وربحه لهما، نصّ عليه.
وإن قبض أحدهما شيئٍا من دين الشركة لنفسه سلّم له.
وقيل: لا.
وإن صار مالهما دينًا فتقاسماه في الذمم صحّ.
وعنه: لا.
وإن عزل أحدهما الآخر صحّ.
وإن قال: فسختها؛ انعزلا.
وإن اشترى أحدهما مال الشركة أو منه؛ بطل في قدر حقّه، وفي حقّ شريكه وجهان.
وخُرِّجت صحّتهما.
فصل:
ومنها شركة وجوهٍ: بأن يشتركا في ربح ما يشتريان في ذمتهما بجاههما لا بمالٍ حاضرٍ.
فكل واحد منهما كفيل الآخر بالثمن ووكيله، سواٌ عيّنا المُشْتَرَى بنوعٍ أو وقتٍ أو قسطٍ أو أطلقا، أو قال كل منهما: ما اشتريت من شيءٍ فبيننا، فإذا باعا فوفيا دينهما فنما الربح على ما شرطا.
وقيل: بقدر ملكيهما في المُشْتَرَى، كالوضيعة.
وهما في كل التصرف كشريكي عنان.
وإن فسدت فالربح بقدر ملكيهما.
فصل:
ومنها شركة أبدان: بأن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما فيصحّ، وما يقبله كلّ واحد من العمل ففي ضمانهما ويلزمهما عمله.
وتصحّ مع اتفاق الصنعة، وإن اختلفت فوجهان.
وربحهما على ما شرطا، وإن أطلقا فبالسويّة.
وإن مرض أحدهما فعمل الآخر لهما، وله مطالبته بمن يعمل بدله.
ويصحّ في ملك المباح والتلصص على دار الحرب.
وإن اشتركا بدابتين ليحملا عليهما ما يقبلا في الذمة حمله فحملاه عليهما صحّ والأجرة كما شرطا. وإن أطلقا فبالسويّة.
وإن أجّرا عين دابتيهما أو نفسيهما إجازةً خاصةً فلا شركة. وإن اشتركا على ذلك فوجهان.
وإن فسدت فأجرة ما تقبلاه بالسويّة. وهل يرجع كلّ واحدٍ بأجرة نصف عمله؟
فيه وجهان.
وقيل: إن فسدت لا بجهل الربح وجب المسمّى.
ولا يصحّ شركة الدلالين.
وقيل: يصح إن جاز للوكيل التوكيل.
فصل:
ومنها شركة مفاوضة: بأن يفوّض كل واحد منهما إلى الآخر كل تصرفٍ ماليٍ وبدنيٍ من أنواع الشركة في كل وقت ومكان على ما يرى، والربح على ما شرطا والوضيعة بقدر المال.
فإن أدخلا فيها كسبًا أو غرامة نادرين كلقطة وركاز وإرث وغضب وبيع فاسد وضمان مال وأرش جناية لم تصحّ، ويحتص كل منهما بما له عليه.
وقيل: إن اشتركا في كل ما يثبت لهما وعليهما، صحّ العقد فقط، نصّ عليه. وخُرِّج فساده.
فصل:
ومنها المضاربة: وهي أن يعطي ماله لمن يتّجر به بجزءٍ من ربحه.
وهي أمانة ووكالة، فإذا ربح فشركةٌ، وإذا فسدت فإجازةٌ، وإن تعدّى فغضبٌ.
وربح الصحيحة على ما شرطا، والوضيعة على المال.
وإن قال: خذه مضاربة والربح بيننا؛ كان نصفين.
وإن قال: ولك ثلثه؛ صحّ، والباقي للمالك.
وإن قال: ولي ثلثه؛ فوجهان.
وإن قال: على الثلثين أو الثلث، واختلفا لمن الشروط؛ فهو للعامل.
وكذا المساقاة والمزارعة.
وإن شرط في الثلاثة أن يعمل معه المالك؛ بطلت.
وقيل: لا، كغلامه في الأصحّ.
وإن قال: خذه فاتّجر به وكلّ ربحه لي؛ فلا شيء للعامل.
وإن قال: وكلّ ربحه لك؛ فقرضٌ.
وإن قال: خذه مضاربةً والربح كله لي أو لك؛ فسدت، وينفد تصرّفه وله أجرة مثله ربح أو خسر.
وعنه: الأقل منهما أو ما شرط له، والباقي للمالك.
وإن ربح واختلفا فيما شرط للعامل قبل قول المالك.
وعنه: العامل.
فإن عبر أجرة مثله ردّ إليها. وتقدّم بيّنته.
وإن شرط على المضارب ضمان المال، أو بعض الوضيعة، أو أن يولّيه ما يختار من السلع، أو يرتفق بها، أو شرط أن لا يعزله مدةً معينةً؛ بطل الشرط.
وعنه: والعقد.
فإن شرط أن لا يتّجر إلا في بلدٍ عيّنه، أو نوع معين، أو لا يبيع إلا لفلان، أو لا يسافر بالمال؛ صحّ.
ويصحّ تعليقها بشرطٍ، فإن وقّتها فسدت.
وعنه: لا.
فإن قال: بع هذا وضارب بثمنه، أو اقتض ديني أو وديعتي من فلان وضارب بهما، أو ضارب بوديعتي التي عندك، أو إذا قدم الحاج فضارب بهذا؛ صحّ.
وإن قال: ضارب بالدّين الذي لي عليك؛ فلا.
وللمضارب وعليه فعل وترك ما لشريكي العنان، وعليهما فعله وتركه، وما لا فلا إلّا بإذن المالك.
ولا يملك خلط المال بغيره، ولا المضارة به، ولا أن يشتري بأكثر من ثمنه، أو بثمن ليس معه من جنسه بلا إذن.
وإن اشترى بذهب ومعه فضّة أو عكسه جاز.
فإن ضارب به بلا إذن فربح الثاني بعين المال بطل تصرفه وردّه، فإن تعذّر فالربح لرب المال.
وقيل: بل صدقةٌ.
وإن كان في ذمته فكله للعامل، ويضمن المال إن تعذّر ردّه.
وقيل: نصفه للمالك ونصفه للعاملين.
وإن علم الثاني أنه لثالث لم يأذن فهو كغاصب.
وقيل: كمضارب تعدّى.
وإن تعدّى المضارب الشرط ضمن المال، ولا أجرة له، وربحه لربه.
وعنه: له أجرة المثل.
وعنه: الأقل منها أوما سمّى له من الربح.
وعنه: يتصدقان به.
وإن اشترى من يعتق على ربّه صحّ وعتق وضمن ثمنه.
وعنه: قيمته.
وقيل: لا يضمن.
وقيل: إن على أنه يعتق ضمن، وإلا فلا.
ويحتمل أن لا يصح الشراء.
وإن اشترى زوجته صح وانفسخ نكاحه.
وإن اشترى من يعتق عليه هو صحّ مطلقًا.
فإن لم يظهر ربح لم يعتق.
وقيل: بلى.
وإن ظهر ربح وملكه بظهوره عتق نصيبه، وسرى، وغرم، وإلّا فلا عتق.
وقيل: لا عتق بحال.
ولا يضارب بمال آخر إن انضرّ ربّ الأول ولم يرض، فإن فعل ردّ حصته من ربحه في شركة الأول، وإن أذن أو لم ينضرّ جاز.
ولا يشتري المالك له شيئًا من مال المضاربة على الأصح.
ولا نفقة لمضارب بلا شرط حاضرًا كان أو مسافرًا، فإن شُرِطَت مطلقةً فله نفقة مثله عرفًا طعامًا وكسوةً.
وقيل: كإطعام الكفارة، وأقلّ ملبوسٍ مثله.
وإن شرط التسري من المال فاشترى لذلك أمة ملكها ولزمه ثمنها قرضًا، نصّ عليه، وخَرَج من المضاربة.
وإن تلف بعض المال قبل التصرّف فيه فرأس المال ما بقى، وإن تلف بعد التصرف أو بعضه أو خسر بمرض أو سعر أو فقد صفة؛ جبر من الربح قبل قسمته.
وقيل: وبعدها مع بقاء عقد المضاربة.
وإن اشترى سلعة في الذمة فتلف المال بعد التصرف فيها قبل نقد الثمن لزم رب المال، والمضاربة كما هي.
وكذا إن تلف قبل التصرف وتبقى المضاربة في قدر الثمن.
وإن تلف قبل الشراء فكشراء فضولي.
ويملك العامل حقه من الربح بظهوره كالمالك، ويستقر بالقسمة.
وقيل: يملك بها فقط.
وعنه: يستقر بالمحاسبة قبل القسمة والقبض.
فإن فسخا والمال عرض وأجبر العامل على البيع لم يستقر، وإن لم يجبر فوجهان.
ويورث حقه حتى قبل ملكه، ويضمنه من أتلف المال من مالكه وغيره.
ولا يطأ ربة أمة منه، وإن لم يظهر ربح حتى ينفصلا.
ومن الربح نتاج الماشية والأمة ومهرها، والثمن، والأجرة، وأرش عيب طرأ.
وليس له ربح حتى يستوفي رأس المال، فلا يقسم مع بقاء العقد، ولا يؤخذ بعضه إلا باتفاقهما.
ويقبل قوله في: أنه اشترى هذا لنفسه أو للمضاربة، ودعوى التلف، ونفي الخيانة، والجناية، والربح، ومخالفة أمر أو نهي أو شرط، وقدر أصل المال أو صفته.
وقول المالك في: دفعه، نصّ عليه.
وقيل: قول العامل.
وفي قدر الجزء المشروط روايتان إن ادّعى العامل أجرة المثل أو زيادة يتغابن الناس بمثلها، وإن زاد فله أجرة المثل.
ويقبل قله في: إذنه له في البيع نساءً والسفر بالمال، نصّ عليه. وكذا كل التصرفات.
وقيل: بل قول المالك في نفي السفر والبيع نساءً.
قلت: وكذا كل تصرفاته.
وليس له البيع لمن ترد شهادته له، ولا الشراء منه للمضاربة.
وإن أقر أنه ربح ألفًا، ثم قال: غلطت أو نسيت أو كذبت؛ لم يقبل على الأصحّ.
وخُرِّج أنه يقبل ببينة.
وإن قال: خسرته أو تلف بعده؛ قُبِلَ.
وإن اشترى بأكثر من ثمن المثل أو باع بأقلّ صحّ، وضمن النقص والزيادة، نصّ عليه.
وقيل: هو كفضولي.
ويبطلها ما يبطل الوكالة.
وللعامل البيع قبل الفسخ وبعده إن ظهر ربحٌ، وإلا فلا.
وإن طلبه المالك بعد الفسخ لزمه حتى ينضّ رأس المال لا ربحه، كالذي لا ربح فيه. وله أن يأخذ به عرضًا إن لم يبع بربح.
وإن كان ناضًا من جنس ماله أخذه، وإن كان من غيره لزم العامل ردّه إليه.
وإن كان دينًا لزمه تقاضيه مطلقًا. ووارث المالك مثله.
ولا يملك وارث العامل بيع العرض إن لم يرض المالك، ويبيعه الحاكم ويسلّم رأس المال ويقسم الربح.
وللعامل في الأصح بيعه لينض رأس المال إلا أن يختار الوارث تقويمه عليه، كما لو فسخا.
وإن اشترك اثنان بماليهما والعامل أحدهما فمضاربةٌ.
وتصح مضاربة اثنين بمال غيرهما، ومضاربة واحد بما اثنين، فإن شرط للعاملين جزءًا ولم يبين حق كل منهما استويا. وإن شرط المالكان لعاملهما جزءًا وتفاوتا فيه أو لا جاز، وإن تساويا في المال وتفاوتا في حق العامل فباقي ربح مال كل واحد منهما له.
وقيل: بل لهما.
ومن ضارب في مرضه بأكثر من أجرة المثل لم يحسب من الثلث، ويقدّم على الدّين بخلاف المساقاة.
وإن مات المضارب، ولم تتعين المضاربة، أو جهل بقاؤها؛ فهي دين على التركة.
فصل:
ومن دافع دابته أو عبده إلى من يعمل عليهما بجزء من الأجرة جاز.
وإن أعطى ماشيته لمن يقوم عليها بجزء من درّها ونسلها فروايتان.
ولو قال: أجّر عبدي وأجرة بيننا؛ فالكل له وللمأمور أجرة مثله.
فإن كان من رجل دابة، ومن آخر رواية، ومن آخر العمل، أو من واحد دكان، ومن آخر رحىً، ومن آخر بغل، ومن آخر العمل على أن ما رزق
الله يكون بينهم كما اتفقوا؛ صح العقد.
وقيل: لا.
قلت: فلكل واحد من الحاصل أجرة المثل لماله أو نفسه.
ولو دفع شبكة إلى من يصيد بها لهما؛ فكله للصياد، وعليه أجرة الشبكة.
ومن قلنا: يقبل قوله؛ حلف لخصمه بطلبه.