الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُسْتَحَبُّ نَقْلُ أَهْلِهِ إِلَيْهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهَ صلى الله عليه وسلم: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ خيْرٌ مِنْ أَلفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ» .
ــ
مَعَاقِلَ؛ فمَعْقِلُهُمْ فِى المَلْحَمَةِ الْكُبْرَى، الَّتِى تَكُونُ بِعُمْقِ أنْطاكِيَةَ (1)، دِمَشْقُ، ومَعْقِلُهُمْ مِنَ الدَّجَّالِ بَيْتُ المَقْدِسِ، ومَعْقِلُهُمْ مِنْ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ طُورُ سَيْناءَ». رَواه أبو نُعَيْمٍ، في «الحِلْيةِ» (2). وعن أبى الدَّرْداءِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:«إنَّ فُسْطَاطَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ المَلْحَمَةِ بِالْغُوطَةِ، إلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ، مِن خَيْرِ مَدَائِنِ الشَّامِ» . رَواه أبو داودَ (3).
1390 - مسألة: (ولا يُسْتَحَبُّ نَقْلُ أهْلِه إليهِ. وقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِى سَبِيلِ اللَّهَ، خَيْرٌ مِنْ ألْفِ يَوْمٍ فِيما سِوَاهُ مِنَ المَنَازِلِ»)
قد ذَكَرْنا هذا الحديثَ، وهو صَحِيحٌ، رَواه أبو داودَ، وغيرُه (4). وأرادَ بالثَّغْرِ ههُنا الثَّغْرَ المَخُوفَ. وهذا قولُ الحَسنِ،
(1) أنطاكية: من مدن الشام. انظر: معجم البلدان 1/ 382.
(2)
الحلية 6/ 146.
(3)
في: باب في المعقل من الملاحم، من كتاب الملاحم. سنن أبى داود 2/ 426.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 5/ 197.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 27.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والأوْزَاعِىِّ؛ لِما روَى يزيدُ بنُ عبدِ اللَّهِ، قال: قال عُمَرُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: لا تُنْزِلُوا المُسْلِمِينَ ضَفَّةَ البَحْرِ. رَواه الأثْرَمُ (1). ولأنَّ الثُّغُورَ المَخُوفَةَ لا يُؤْمَنُ ظَفَرُ العَدُوِّ بها، وبمَن فيها، واسْتِيلاؤهم على الذُّرِّيَّةِ والنِّساءِ. قِيلَ لأبى عبدِ اللَّهِ، رحمه الله: فتخافُ على المُنْتَقِلِ بعِيالِه إلى الثَّغْرِ الإِثْمَ؟ قال: كيف لا أخافُ الإِثْمَ، وهو يُعَرِّضُ ذُريَته للمُشْرِكِينَ؟ وقال: كُنتُ آمُرُ بالتَّحَوُّلِ بالأهْلِ والعيالِ إلى الشامِ قبلَ اليَوْمِ، فأنَا أنْهَى عنه الآن؛ لأنَّ الأمْرَ قد اقْتَرَبَ. وقال: لا بُدَّ لهؤلاءِ القومِ مِن يومٍ. قيل: فذلك في آخِرِ الزَّمَانِ. قال: فهذا آخِرُ الزمانِ. قيل له: فالنبىُّ صلى الله عليه وسلم كان يُقْرِعُ بينَ نِسائِه، فأيَّتُهُنَّ خَرَج سَهْمُها خرَج بها (2). قال: هذا للْواحِدَةِ، ليس الذُّرِّيَّةَ. قال الشَّيْخُ (3)، رحمه الله: وهذا مِن كلامِ
(1) وأخرج عبد الرزاق نحوه، في: باب الغزو في البحر، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 283، 284.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب هبة المرأة لغير زوجها. . .، من كتاب الهبة، وفى: باب تعديل النساء بعضهن بعضا، من كتاب الشهادات، وفى: باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه، من كتاب الجهاد، وفى: باب حديث الإفك، من كتاب المغازى، وفى: باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرا، من كتاب النكاح. صحيح البخارى 3/ 208، 227، 4/ 60، 5/ 148، 149، 7/ 43. ومسلم، في: باب في فضل عائشة رضى اللَّه عنها، من كتاب فضائل الصحابة، وفى: باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف، من كتاب التوبة. صحيح مسلم 4/ 1894، 2130. وابن ماجه، في: باب القسمة بين النساء، من كتاب النكاح، وفى: باب القضاء بالقرعة، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه 1/ 633، 2/ 786. والدارمى، في: باب الرجل يكون عنده النسوة، من كتاب النكاح، وفى: باب خروج النبى صلى الله عليه وسلم مع بعض نسائه في الغزو، من كتاب الجهاد. سنن الدارمى 2/ 144، 211. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 114، 117، 197، 269.
(3)
في: المغنى 13/ 23.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحمدَ مَحْمُولٌ على أنَّ غيرَ أهلِ الثَّغْرِ لا يُسْتَحَبُّ لهم الانْتِقالُ بأهْلِهم إلى ثَغْرٍ مَخُوفٍ، فأمَّا أهْلُ الثَّغْرِ، فلا بُدَّ لهم مِن السُّكْنَى بأهْلِهم، لولا ذلك لخَرِبَتِ الثُّغُورُ وتَعَطَّلَتْ. وخَصَّ الثَّغْرَ المَخُوفَ بالكَراهَةِ؛ لأنَّ الخَوْفَ عليها أكْثَرُ، ولأنَّ الغالبَ مِن غيرِ المَخُوفَةِ سَلامَتُها وسَلامةُ أهْلِها.
فصل: ويُسْتَحَبُّ لأهْلِ الثَّغْرِ أن يجْتَمِعُوا في مَسْجِدٍ واحدٍ، بحيثُ إذا حَضَر النَّفِيرُ صادَفَهم مُجْتَمِعِين، فيبْلُغُ الخبرُ جميعَهم، ويراهُم عينُ الكُفَّارِ، فيَعلمُ كثْرَتَهم، فيُخَوِّفُ بهم؛ لأنَّهم إذا كانوا مُتَفَرِّقِينَ رأى الجاسُوسُ قِلَّتَهم. ورُوِىَ عن الأوْزَاعِىِّ، أنَّه قال في المساجِدِ التى بالثَّغْرِ: لو أنَّ لى عليها ولايةً لَسَمَّرْتُ أبوابَها، حتى تكونَ صَلاتُهم في مَسْجدٍ واحدٍ، حتى إذا جاءَ النَّفِير وهم مُتَفَرِّقُون، لم يَكُونوا مثلَهم إذا كانوا في موْضِعٍ واحدٍ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصلٌ في الحرَسِ في سبيلِ اللَّهِ: وفيه ثَوابٌ عَظيمٌ، وفَضْلٌ كبيرٌ. قال ابنُ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ، عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِى سَبيلِ اللَّهِ» . رَواه التِّرْمِذِىُّ (1)، وقال: حديثٌ حسَنٌ غريبٌ. وعن سَهْلِ بنِ الحَنْظَلِيَّةِ، أنَّهم سارُوا مع رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يومَ حُنَيْنٍ، فأطْنَبُوا السَّيْرَ حتى كان عَشِيَّةً، قال:«مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟» قال أنَسُ بنُ أبى مَرْثَدٍ الغَنَوِىُّ: أنَا يا رسولَ اللَّهِ. قال: «فَارْكَبْ» . فرَكِبَ فَرَسًا له، وجاءَ إلى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال له:«اسْتَقْبِلْ هذَا الشِّعْبَ، حَتَّى تَكُونَ فِى أعْلَاهُ، وَلَا نُغَرَّنَّ مِنْ قِبَلِكَ اللَّيْلَةَ» . فلمّا أصْبَحْنا جاءَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى مُصَلَّاهُ، فرَكَعَ ركْعَتَيْن، ثم قال:«هَلْ أحْسَسْتُم فَارِسَكُمْ؟» قالوا: لا. فثُوِّبَ بالصَّلاةِ، فجَعَلَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى وهو يَلْتَفِتُ إلى الشِّعْبِ، حتى إذا قَضَى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قال:«أبشِرُوا، قَدْ جَاءَ فَارِسُكُمْ» . فإذا هو قد جاءَ حتى إذا وَقَف على رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: إنِّى انْطَلَقْتُ حتى كنتُ في أعْلَى هذا الشِّعْبِ، حيث أمَرَنِى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فلمّا أصْبَحْتُ اطَّلَعْتُ الشِّعْبَيْن كِلَيْهِما، فنَظَرْتُ، فلم أرَ أحدًا. فقال له رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ نَزَلْتَ اللَّيْلَةَ؟» . قال: لا، إلَّا مُصَلِّيًا أو قاضِىَ حاجَةٍ. فقال له رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ أوْجَبْتَ، فَلَا عَلَيْكَ
(1) في: باب ما جاء في فضل الحرس في سبيل اللَّه، من أبواب فضائل الجهاد. عارضة الأحوذى 7/ 138.