الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُخَمَّسُ. وَقَالَ الْخِرَقِىُّ: يُخَمَّسُ؛ فَيُصْرَفُ خُمسُهُ إِلَى أَهلِ الْخُمْسِ، وَبَاقِيَهُ لِلْمَصَالِحِ:
ــ
فيه: فيَجْعَلُ ما بَقِىَ أُسْوةَ المالِ. قال شيْخُنا (1): وظاهرُ أخْبارِ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، تدُلُّ على أنَّ لجميعِ المسلمين في الفَىْءِ حَقًّا. وهو ظاهِرُ الآيَةِ، فإنَّه لمَّا قَرَأ الآيَةَ التى في سُورَةِ الحَشْرِ، قال: هذه اسْتَوْعَبَت جميعَ المسلمين. وقال: ما أحدٌ إلَّا له في هذا المالِ نَصِيبٌ. فأمَّا أمْوالُ بنى النَّضِيرِ، فيَحْتَمِلُ أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يُنْفِقُ منها على أهْلِه؛ لأنَّ ذلك مِن أهَمِّ المصالِحِ، فبَدَأ بهم، ثم جَعَل باقِيَه أُسْوةَ المالِ. ويَحْتَمِلُ أن تكونَ أمْوالُ بنى النَّضِيرِ اختصَّ بها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم من الفَىْءِ، وتَرَك سائِرَه لمَن سُمِّىَ في الآيةِ. وهذا مُبَيَّن في قَوْلِ عمرَ: كانت لرسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خالِصًا دُونَ المُسْلِمِينَ.
1478 - مسألة: (وَلَا يُخَمَّسُ. وَقَالَ الْخِرَقِىُّ: يُخَمَّسُ؛ فَيُصْرَفُ خُمسُهُ إِلَى أَهلِ الْخُمْسِ، وَبَاقِيَهُ لِلْمَصَالِحِ)
ظاهِرُ المَذْهَبِ
= من كتاب الفرائض، وفى: باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع، من كتاب الاعتصام. صحيح البخارى 4/ 46، 7/ 81، 82، 8/ 185، 186، 9/ 121، 122، 123. ومسلم، في: باب حكم الفئ، من كتاب الجهاد. صحيح مسلم 3/ 1379.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في صفايا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الأموال، من على الإمارة. سنن أبى داود 2/ 125 - 127. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 25، 48، 60، 208، 209.
(1)
في: المغنى 9/ 299، 300.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ الفَىْءَ لا يُخَمَّسُ. نَقَلَها أبو طالبٍ، فقال: إنَّما تُخَمَّسُ الغَنِيمَةُ. وعنه، يُخَمَّسُ كما تُخمَّسُ الغَنِيمَةُ. اخْتارَها الخِرَقِىُّ. وهو قولُ الشافعىِّ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (1). فظاهِرُ هذا أنَّ جَمِيعَه لهؤلاءِ، وهم أهلُ الخُمْسِ، وجاءَتِ الأخْبارُ دَالَّةً على اشْتِراكِ جميعِ المسلمين فيه عن عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مُسْتَدِلًّا بالآياتِ التى بعدَها، فوَجَبَ الجَمْعُ بينهما؛ كيلا تَتَناقَضَ الآيةُ والأخبارُ وتَتَعارَضَ، وفى إيجابِ الخُمْسِ فيه جَمْعٌ بينَهما وتَوْفِيقٌ (2)، فإنَّ خُمْسه لمَن سُمِّىَ في الآيةِ، وسائِرَه يُصْرَفُ إلى مَن (3) ذُكِر في الآيَتَين الأخيرتَين والأخْبارِ. وقد روَى البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ، قال: لَقِيتُ خالِى ومعه الرّايَةُ، فقُلْتُ: إلى
(1) سورة الحشر 7.
(2)
في م: «توقيف» .
(3)
في م: «ما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أين؟ قال: بَعَثَنِى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُل عَرَّسَ بامْرأةِ أبِيه، أن أضْرِبَ عُنُقَه، وأُخَمِّسَ مالَه (1). والرِّوايَةُ الأُولَى هى المشْهُورَةُ. قال القاضى: لم أجِدْ بما قال الخِرَقِىُّ، مِن أنَّ الفَىْءَ مَخْمُوسٌ، نَصًّا فأحْكِيه، وإنَّما نُصَّ على أنَّه غيرُ مَخْموسٍ. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: لا يُحْفَظُ عن أحَدٍ قبلَ الشافعىِّ في أنَّ في الفَىْءِ خُمْسًا، كخُمْسِ الغَنِيمَةِ. والدَّلِيلُ على ذلك قولُه تعالى:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} الآياتُ إلى قوْلِه: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (2). فجَعَلَهَ كلَّه لهم، ولم يَذْكُرْ خُمْسًا. ولمَّا قَرَأ عُمَرُ هذه الآيةَ، قال: هذه اسْتَوْعَبَتْ جميعَ المسلمين.
فصل: فإن قُلْنا: إنَّه يُخَمَّسُ. صُرِفَ خُمْسُه إلى أهلِ الخُمْسِ في الغَنِيمَةِ عندَ مَن يَرَى تَخْمِيسَ الفَىْءِ مِن أصْحابِنا، وأصحابِ الشافعىِّ، وحُكْمُهُما واحِدٌ، لا اخْتِلافَ بينهم في هذا؛ لأنَّه في مَعْنى خُمْسِ الغَنِيمَةِ. ثم يُصْرَفُ الباقى في مَصالِحِ المسلمين، على ما ذَكَرْنا، ويبْدَأَ بالأهَمِّ فالأهَمِّ مِن سَدِّ الثُّغُورِ، وأرْزاقِ الجُنْدِ، ونحوِ ذلك.
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في الرجل يزنى بحريمه، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 467. والترمذى، في: باب في من تزوج امرأة أبيه، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذى 6/ 117. وابن ماجه، في: باب من تزوج امرأة أبيه من بعده، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه 2/ 869.
(2)
سورة الحشر 6 - 10