الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَرَسُهُ هَجِينًا أَوْ بِرْذَوْنًا؛ فَيَكُونُ لَهُ سَهْمٌ. وَعَنْهُ، لَهُ سَهْمَانِ، كَالْعَرَبِىِّ.
ــ
مُجَمِّعٍ، فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ: أعْطَى الفارِسَ سَهْمَيْن لفَرَسِه، وأعْطَى الرّاجِلَ سَهْمًا، يعنى صاحِبَه، فيَكُونُ ثلاثةَ أسْهُمٍ، على أنَّ حديثَ ابنِ عُمَرَ أصَحُّ منه، وقد وافَقَه حديثُ أبى رُهْمٍ، وأخيه، وابنِ عباسٍ، وهؤلاء أحْفَظُ وأعْلَمُ، وابنُ عُمَرَ، وأبو رُهْمٍ، وأخُوه ممَّن شَهِدُوا وأخَذُوا السُّهْمانَ، وأخْبَرُوا عن أنْفُسِهم، فلا يُعارَضُ ذلك بخَبَرٍ شاذٍّ تَعَيَّنَ غَلَطُه، أو حَمْلُه على ما ذَكَرْنا، وقِياسُ الفَرَسِ على الآدَمِىِّ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ أثَرَها في الحَرْبِ أكثرُ، وكُلْفَتَها أعْظَمُ، فيَنْبَغِى أن يَكُونَ سَهْمُها أكثرَ.
1454 - مسألة: (إلَّا أن يَكُونَ فَرَسُه هَجِينًا أوْ بِرْذَوْنًا؛ فيَكُونُ له سَهْمٌ. وعنه، له سَهْمان، كالعَرَبِىِّ)
الهَجِينُ: الذى أبُوه عرَبىٌّ وأُمُّه بِرْذَوْنَةٌ. والمُقْرِفُ (1) بالعَكْسِ. قالتْ هندُ بنتُ النُّعْمانِ بنِ بَشيرٍ (2):
وما هِنْدُ إلَّا مُهْرَةٌ عَرَبِيَّةٌ
…
سَلِيلَةُ أفْراسٍ تَجَلَّلَها بَغْلُ
فإنْ وَلَدَتْ مُهْرًا كَرِيمًا فبالحَرَى
…
وإنْ يَكُ إقْرافٌ فما أنْجَبَ الفَحْلُ
(1) في م: «العربى» .
(2)
البيتان في: أدب الكاتب، لابن قتيبة 35، 36، والأغانى 16/ 54، وعزاهما لحميدة أخت هند. واللسان (هـ ج ن). والأول في: اللسان والتاج (س ل ل). وعجز الثانى في: اللسان (ق ر ف).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقد حُكِىَ عن أحمدَ، أنَّه قال: الهَجِينُ: البِرْذَوْنُ. واخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ عنه في سُهْمانِها، فقال الخَلَّالُ: تواتَرَتِ الرِّواياتُ عن أبى عبدِ اللَّه فِى سِهامِ البِرْذَوْنِ، أنَّه سَهْمٌ واحِدٌ. واخْتارَه أبو بكرٍ، والخِرَقِىُّ. وهو قولُ الحسنِ. قال الخَلَّالُ: وروَى عنه ثلاثةٌ مُتَيَقِّظُون (1) أنَّه يُسْهَمُ للِبرْذَوْنِ سَهْمُ العَرَبِىِّ. اخْتارَه الخَلَّالُ. وبه قال عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ، ومالكٌ، والشافعىُّ، والثَّوْرِىُّ؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى قال:{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ} (2). وهذه مِن الخَيْلِ. ولأنَّ الرُّواةَ رَوَوْا أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أسْهَمَ للفَرسِ سَهْمَيْن، ولصاحِبِه سَهْمًا. وهذا عامٌّ في كُلِّ فَرَس، ولأنَّه حيوانٌ ذو سَهْمٍ، فاسْتَوَى فيه العَرَبِىُّ وغيرُه، كالآدَمِىِّ. وحَكَى أبو بكرٍ عن أحمدَ رِوايَةً ثالثةً، أنَّ البَراذِينَ إن أدْرَكَتْ إدْراكَ العِرابِ، أُسْهِمَ لها مثلُ (3) سَهْمِ العَرَبِىِّ، وإلَّا فلا. وهذا قولُ ابنِ أبى شَيْبَةَ، وابنِ أبى خَيْثَمَةَ، وأبى أيُّوبَ، والجُوزْجانِىِّ؛ لأنَّها مِن الخَيْلِ، وقد عَمِلَتْ عَمَلَ العِرابِ، فأُعْطِيَتْ سَهْمًا، كالعَرَبِىِّ. وحَكَى القاضِى رِوايَةً رابعةً، أنَّها
(1) في م: «منقطعون» .
(2)
سورة النحل 8.
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا سَهْمَ لها. وهو قولُ مالكِ بنِ عبدِ اللَّهِ الخَثْعَمِىِّ (1)؛ لأنَّه حيوانٌ لا يَعْمَلُ عَمَل الخَيْلِ العِرابِ، فأشْبَهَ البِغالَ. ويَحْتَمِلُ أن تكُونَ هذه الرِّوايَةُ فيما لا يُقارِبُ العِتاقَ منها؛ لِما روَى الجُوزْجانِىُّ، بإسْنادِه، عن أبى موسى، أنَّه كَتَب إلى عُمَرَ بنِ الخَطّابِ: إنَّا وجَدْنا بالعِراقِ خَيْلًا عِراضًا (2) دُكْنًا، فما تَرَى يا أميرَ المؤمنين في سُهْمانِها؟ فكَتَب إليه: تِلْكَ البَراذِينُ، فما قارَبَ العِتاقَ منها، فاجْعَلْ له سَهْمًا واحدًا، وألْغِ ما سِوَى ذلك (3). ووَجْهُ الأُولَى، ما روَى سعيدٌ (4)، بإسْنادِه عن أبى الأقْمَرِ، قال: أغارَتِ الخَيْلُ على الشّامِ، فأدْرَكَتِ العِرابُ مِن يَوْمِها، وأدْرَكَتِ الكَوادِنُ (5) ضُحَى الغَدِ، وعلى الخَيْلِ رجلٌ مِن هَمْدانَ، يُقالُ له:
(1) مالك بن عبد اللَّه الخثعمى، الذى يقال له: مالك الصوائف، وهو من أهل فلسطين، كان يغزو بلاد الروم، فيغنم غنائم كثيرة. انظر الكامل 3/ 515، 5/ 576.
(2)
في م: «عرابا» .
(3)
وأخرج عبد الرزاق نحوه، في: باب السهام للخيل، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 187.
(4)
في: باب ما جاء في تفضيل الخيل على البراذين، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 280.
كما أخرجه البيهقى، في: باب ما جاء في سهم البراذين. . .، من كتاب قسم الفئ والغنيمة، وفى: باب تفضيل الخيل، من كتاب السير. السنن الكبرى 6/ 328، 9/ 51. وعبد الرزاق، في: باب السهام للخيل، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 183، 184.
وفى مصادر التخريج هذه: «بن أبى حمصة» . والصواب ما أثبتناه. انظر: الإصابة 6/ 314.
(5)
الكوادن: البراذين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُنْذِرُ بنُ أبى حُمَيْضَةَ، فقال: لا أجْعَلُ الذى أدْرَكَ مِن يومِه مثلَ الذى لم يُدْرِكْ. ففَضَّلَ الخيْلَ العِرابَ. فقال عُمَرُ: هَبِلَتِ الوادِعِىَّ أُمُّه، أمْضُوها على ما قال. ولم يُعْرَفْ عن الصحابةِ خلافُ هذا القوْلِ. وروَى مَكْحُولٌ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أعْطَى الفَرَسَ العَرَبِىَّ سَهْمَيْن، وأعْطىَ الهَجِينَ سَهْمًا. رَواه سعيدٌ (1). ولأنَّ نَفْعَ العَرَبِىِّ وأثرَه في الحَرْبِ أكثرُ، فيَكُونُ يسهْمُه أرْجَحُ، كتفاضُلِ مَن يُرْضَخُ له. وأمّا قولُهم: إنَّه مِن الخَيْلِ. قُلْنا: الخَيْلُ في أنْفُسِها تتَفاضَلُ، فتَتَفاضَلُ سِهامُها. وقوْلُهم: إنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قَسَم للفَرَسِ سَهْمَيْن، مِن غيرِ تَفْريقٍ. قُلْنا: هذه قَضِيَّةٌ في عَيْنٍ، لا عُمُومَ لها، فيَحْتَمِلُ أنَّه لم يَكُنْ فيها بِرْذَوْنٌ، وهو الظاهِرُ، فإنَّها مِن خَيْلِ العَرَبِ، ولا بَراذِينَ فيها، ويَدُلُّ على صِحَّةِ ذلك، أنَّهم لمّا وَجَدُوا البَراذِينَ في العراقِ، أشْكَلَ عليهم أمْرُها، وأنَّ عُمَرَ فَرَض لها سَهْمًا واحِدًا، وأمْضَى ما قال المُنْذِرُ بنُ أبى حُمَيْضَةَ في تَفْضِيلِ العِرابِ عليها، ولو خالَفَه [لم يَسْكُتِ](2) الصحابَةُ عن إنْكارِه عليه، سيَّما وابنُه هو راوِى الخَبَرِ، فكيف يَخْفَى عليه ذلك! ويَحْتَمِلُ
(1) في: باب ما جاء في سهام الرجال والخيل، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 279.
(2)
في م: «لما سكت» .