الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصلٌ:
وَإِنِ اتَّجَرَ ذِمِّىٌّ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ، ثُمَّ عَادَ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ
ــ
فصل: قال أحمدُ، في الرجلِ له المرأةُ النَّصْرانِيَّةُ: لا يَأْذَنُ لها أن تَخْرُجَ إلى عيدٍ، أو تَذْهَبَ إلى بِيعَةٍ، وله أن يَمْنَعَها ذلك. وكذلك في الأَمَةِ. قيل له: أله أن يَمْنَعَها مِن شُرْبِ الخَمْرِ؟ قال: يأْمُرُها، فإن لم تَقْبَلْ، فليس له مَنْعُها. قيل له: فإنْ طَلَبَتْ منه أن يَشْتَرِىَ لها زُنّارًا؟ قال: لا يَشْتَرِى زُنّارًا، تخْرُجُ هى تَشْتَرِى لنَفْسِها.
(فصل) قال، رَضِىَ اللَّهُ عنه: (وإنِ اتَّجَرَ ذِمِّىٌّ إلى غير بلَدِه، ثم
الْعُشْرِ.
ــ
عادَ، فعليه نِصْفُ العُشْرِ) وقال الشافعىُّ: ليس عليه إلَّا الجِزْيَةُ، إلَّا أن يَدْخُلَ أرْضَ الحجازِ، فيُنْظَرَ في حالِه؛ فإن كان لرسالَةٍ، أو نَقْلِ مِيرَةٍ، أذِنَ له بغيرِ شئٍ، وإن كان لتِجارَةٍ لا حاجَةَ بأهْلِ الحجازِ إليها، لم يَأْذَنْ له إلَّا أن يَشْتَرطَ عليه، عِوَضًا بحَسَبِ ما يراه. والأَوْلَى أن يَشْتَرِطَ نِصْفَ العُشْرِ؛ لأنَّ عُمَرَ شَرَط نِصْفَ العُشْرِ على مَن دَخَل الحجازَ مِن أهْلِ الذِّمَّةِ (1). ولَنا، ما روَى أبو داودَ (2)، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُشُورٌ، إنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ والنَّصَارَى» . وعن أنَسِ بنِ سِيرِينَ، قال: بَعَثَنِى أنَسُ بنُ مالكٍ إلى العُشُورِ، فقلْتُ: بَعَثْتَنِى إلى العُشُورِ مِن بينِ عُمّالِك! قال: ألا تَرْضَى أن أجْعَلَك على ما جَعَلَنِى عليه عُمَرُ بنُ الخَطّابِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه؟ أمَرَنِى أن آخُذَ مِن المُسْلِمِين رُبْعَ العُشْرِ، ومِن أهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَ العُشْرِ. رَواه الإِمامُ أحمدُ (3). وهذا كان بالعراقِ. وروَى أبو عُبَيْدٍ، في كتابِ «الأمْوالِ» (4)، بإسْنادِه عن
(1) يأتي بتمامه بعد قليل.
(2)
في: باب في تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات، من كتاب الخراج والفئ والإمارة. سنن أبى داود 2/ 151 كما أخرجه الإمام أحمد في: المسند 3/ 474، 4/ 322، 5/ 410.
(3)
أخرجه البيهقى، في: باب ما يؤخذ من الذمى إذا اتجر في غير بلده. . .، من كتاب الجزية. السنن الكبرى 9/ 210. وعبد الرزاق، في: باب صدقة أهل الكتاب، من كتاب أهل الكتاب. المصنف 6/ 95، 97.
(4)
في: باب أرض العنوة تقر في أيدى أهلها. . .، من كتاب فتوح الأرضين صلحا. الأموال 68.
كما أخرجه البيهقى، في: باب قدر الخراج الذى وضع على السواد، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 136. وعبد الرزاق، في: باب ما أخذ من الأرض عنوة، من كتاب الجزية. المصنف 6/ 100، 101.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَاحِقِ بنِ حُمَيْدٍ (1)، أنَّ عُمَرَ بَعَث عثمانَ بنَ حُنَيْفٍ إلى الكُوفَةِ، فجَعَلَ على أهْلِ الذِّمَّةِ في أمْوالِهم التى يَخْتَلِفُون فيها، في كلِّ عشرِينَ دِرْهمًا دِرْهمًا. وهذا كان بالعراقِ، واشْتَهَرَتْ هذه القِصصُ، وعَمِلَ بها الخلفاءُ بعدَه، ولم يُنْكَرْ ذلك، فكان إجْماعًا، ولم يَأْتِ تخْصِيصُ الحجازِ بنِصْفِ العُشْرِ في شئٍ مِن الأحاديثِ عن عُمَرَ ولا غيرِه فيما عَلِمْناه. ولأنَّ ما وَجَب في الحجازِ مِن الأمْوالِ، وَجَب في غيرِه، كالدُّيونِ والصَّدَقاتِ إذا ثَبَت هذا، فلا فَرْقَ في ذلك بينَ بَنِى تَغْلِبَ وغيرِهم. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّ التّغْلِبىَّ يُؤْخَذُ منه العُشْرُ، ضِعْفَ ما يُؤْخَذُ مِن أهْلِ الذِّمَّةِ، لِما روَى بإسْنادِه عن زِيادِ بنِ حُدَيْرٍ، أنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، بَعَثَه مُصَدِّقًا، فأمَرَه أن يَأْخُذَ مِن نَصارَى بنى تَغْلِبَ العُشْرَ، ومِن نَصارَى أهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَ العُشْرِ. رَواه أبو عُبَيْدٍ (2). قال: والعملُ على حَدِيثِ داودَ بنِ كُرْدُوسٍ، والنُّعْمانِ بنِ زُرْعَةَ، وهو أن يكونَ عليهم الضِّعْفُ ممّا على المُسْلِمِين، ألا تسْمَعُه يقولُ: مِن كلِّ عشرِين دِرْهمًا دِرْهمٌ؟ وإنَّما يُؤْخَذُ مِن المُسْلِمِين مِن كلِّ أربعين دِرْهمًا دِرْهَمٌ، فذلك ضِعْفُ هذا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وهو أقْيَسُ؛ فإنَّ الواجِبَ في سائِر أمْوالِهم ضِعْفُ ما على المُسْلِمِين، لا ضِعْفُ ما على أهْلِ الذِّمَّةِ.
فصل: ولا يُؤْخَذُ مِن غيرِ مالِ التِّجارَةِ شئٌ، فلو مرَّ بالعاشِرِ منهم
(1) في م: «عميد» .
(2)
في: باب أخذ الجزية من عرب أهل الكتاب، من كتاب سنن الفئ والخمس والصدقة. . . الأموال 29.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُنْتقِلٌ، ومعه أموالُه أو سائِمةٌ، لم يُؤْخَذْ منه شئٌ. نَصَّ عليه أحمدُ، رحمه الله، إلَّا أن تكونَ الماشِيَةُ للتِّجارَةِ، فيُؤْخَذَ منها نِصفُ العُشْرِ.
فصل: واخْتَلَفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ في العاشرِ يمرُّ عليه الذِّمِّىُّ بخَمْرٍ أو خِنْزِيرٍ، [فقال: عُمَرُ قال في مَوْضِعٍ] (1): وَلُّوهُمْ بَيْعَها. لا يكونُ إلَّا على الآخِذِ منها. وروَى بإسْنادِه، عن سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ، في قولِ عُمَرَ: وَلُّوهُمْ بَيْعَ الخمرِ والخنزِيرِ بعُشْرِها (2). قال أحمدُ: إسْنادُه جَيِّدٌ. وممَّن رأَى ذلك مَسْرُوقٌ، والنَّخَعِىُّ، وأبو حنيفةَ. وبه قال محمدُ بنُ الحسَنِ في الخَمْرِ خاصَّةً. وذَكَر القاضى أنَّ أحمدَ نَصَّ على أنَّه لا يُؤْخَذُ. وبه قال عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثَوْرٍ. قال عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ: الخمرُ لا يَعْشِرُها مسلمٌ. ورُوِىَ عن عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّ عُتْبَةَ ابنَ فَرْقَدٍ بَعَث إليه بأربعين ألفَ دِرْهَم صَدَقَةَ الخمرِ، فكَتَبَ إليه عُمَرُ: بَعثْتَ إلَىَّ بصَدَقَةِ الخمرِ، وأنتَ أحَقُّ بها مِن المهاجرين. فأخْبَرَ بذلك النّاسَ، وقال: واللَّهِ لا اسْتَعْمَلْتُكَ على شئٍ بعدَها. قال: فنَزَعَه (3). قال أبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى قولِ عُمَرَ: وَلُّوهُم بَيْعَها، وخُذُوا أنتم مِن الثَّمَنِ. أنَّ المُسْلِمِين كانُوا يَأْخُذونَ مِن أهْلِ الذِّمَّةِ الخمرَ والخَنازِيرَ مِن جِزْيَتِهم، وخَراجِ أرْضِهم بقِيمَتِها، ثم يتَوَلَّى المُسْلِمون بَيْعَها، فأنْكَرَه
(1) في المغنى 13/ 232: «فقال في موضع: قال عمر» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 430.
(3)
أخرجه أبو عبيد، في: باب أخذ الجزية من الخمر والخنزير. الأموال 50. وانظر أيضًا: ما أخرجه البيهقى، في: باب لا يأخذ منهم في الجزية خمرًا ولا خنزيرا، من كتاب الجزية. السنن الكبرى 9/ 206.