الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا تَوَلَّى إِمَامٌ، فَعَرَفَ قَدْرَ جِزْيَتِهِمْ، وَمَا شُرِطَ عَلَيْهِمْ، أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ، رَجَعَ إِلَى قَوْلِهِمْ، فَإِنْ بَانَ لَهُ كَذِبُهُمْ، رَجَعَ عَلَيْهِمْ. وَعِنْدَ أَبِى الْخَطَّابِ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْعَقْدَ مَعَهُمْ.
ــ
أن يَشْتَرِطَ أن لا جِزْيَةَ عليهم، أو إظْهارَ المُنْكَرِ، أو إسْكانَهم الحجازَ، أو إدْخالَهم الحَرَمَ، أو نحوَ هذا، فقال القاضى: يَفْسُدُ به العَقْدُ؛ لأنَّه شَرَط فِعْلَ مُحَرَّمٍ، فأفْسَدَ العَقْدَ، كما لو شَرَط قِتالَ المُسْلِمِين. ويَحْتَمِلُ أن يَبْطُلَ الشَّرْطُ وحدَه، بِناءً على الشُّروطِ الفاسِدَةِ في البيعِ والمُضارَبَةِ.
1518 - مسألة: (وإذا تَوَلَّى إمامٌ، فعَرَفَ قَدْرَ جِزْيَتِهم، وما شُرِطَ عليهم، أقرَّهم عليه، فإن لم يَعْرِفْ، رَجَع إلى قولِهم، فإن بان له كَذِبُهم، رَجَع عليهم. وعندَ أبِى الخَطّابِ أنَّه يَسْتَأْنِفُ العَقدَ معهم)
إذا ماتَ الإِمامُ، أو عُزِلَ وتَوَلَّى غيرُه، فإن عَرَف ما عَقَدَ عليه عَقْدَ الذِّمَّةِ الذى قبلَه، وكان عَقْدًا صحيحًا، أقَرَّهم عليه، ولم يَحْتَجْ إلى تجديدِ عَقْدٍ؛ لأنَّ الخُلَفاءَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، أقَرُّوا عَهْدَ عُمَرَ، ولم يُجَدِّدُوا عقدًا سِواه، ولأنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ مُؤَبَّدٌ. وإن كان فاسِدًا، رَدَّه إلى الصِّحَّةِ. وإن لم يَعْرِفْ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَشَهِدَ به مُسْلِمان، أو كان أمْرُه ظاهِرًا، عَمِلَ به. وإن أشْكَلَ عليه (1)، سَألَهم، فإنِ ادَّعَوُا العَقْدَ بما يَصْلُحُ أن يكُونَ جِزْيَةً، قَبِلَ قولَهم، وعَمِلَ به، وإن شاء اسْتَحْلَفَهم اسْتِظْهارًا، فإن بان له بعدَ ذلك أنَّهم نَقَصُوا مِن المَشْرُوطِ، رَجَع عليهم بما نَقَصُوا، وإن قالوا: كُنّا نُؤَدِّى كذا وكذا جِزْيَةً، وكذا وكذا هَدِيَّةً. اسْتَحْلَفَهم يمينًا واحِدةً؛ لأنَّ الظاهِرَ فيما يَدْفَعُونَه أنَّه جِزْيَةٌ. وإن قال بعضُهم: كُنّا نُؤَدِّى دينارًا. وقال بعضُهم: كُنّا نُؤَدِّى دينارَيْن. أخَذَ كلَّ واحِدٍ منهم بإقْرارِه، ولم يَقْبَلْ قولَ بعضِهم على بعضٍ؛ لأنَّ أقْوالَهم غيرُ مَقْبُولَةٍ. واخْتارَ أبو الخَطّابِ أنَّه إذا لم يَعْرِفْ ما عُوهِدُوا عليه، اسْتَأْنَفَ العَقْدَ معهم؛ لأنَّ عَقْدَ الأوَّلِ لم يَثْبُتْ عندَه، فصار كالمَعْدُومِ.
فصل: وما يَذْكُرُه بعضُ أهْلِ الذِّمَّةِ مِن أنَّ معهم كِتابَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم بإسْقاطِ الجِزْيَةِ عنهم، لا يَصِحُّ. وسُئِلَ عن ذلك أبو العبّاسِ ابنُ سُرَيْجٍ (2)، فقال: ما نَقَل ذلك أحَدٌ مِن المسلمين، ورُوِىَ أنَّهم طُولِبُوا بذلك، فأخْرَجُوا كِتابًا، وذَكَرُوا أنَّه بخَطِّ علىٍّ، كَتَبَه عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، كان فيه
(1) في م: «عليهم» .
(2)
أحمد بن عمر بن سريج البغدادى، أبو العباس القاضى الشافعى، فقيه العراقين، صاحب المصنفات انتشر به مذهب الشافعى ببغداد، وتخرج به الأصحاب. سير أعلام النبلاء 14/ 201 - 204.