الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتُمْلَكُ الْغَنِيمَةُ بِالاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا في دَارِ الْحَرْبِ.
ــ
أحمدُ. وسُئِلَ عن قومٍ غَنِمُوا غَنائِمَ كثيرةً، فَبَقِىَ خُرْثِىُّ المَتاعِ، ممّا لا يُباعُ ولا يُشْتَرَى، فيدَعُه الوالِى بمَنْزِلَةِ الفَخّارِ وما أشْبَهَ ذلك، أيَأْخُذُه الإِنْسانُ لنَفْسِه؟ قال: نعم، إذا تُرِكَ ولم يُشْتَرَ. ونحوُ هذا قولُ مالكٍ. ونَقَل عنه [أبو طالبٍ](1)، في المتاعِ لا يَقْدِرُون على جَمْلِه: إذا حَمَلَه رَجُلٌ يُقْسَمُ. وهذا قولُ إبراهيمَ. قال الخلالُ: روَى أبو طالبٍ هذه في ثلاثِةِ مَواضِعَ؛ في مَوْضِعٍ منها وافَقَ أصحابَه، وفى موضِعٍ خالَفَهم. قال: ولا أشُكُّ أنَّ أبا عبدِ اللَّهِ قال هذا أوَّلًا، ثم تَبَيَّنَ له بعدَ ذلك أنّ للإِمامِ أن يُبيحَه وأن يُحَرِّمَه، وأنّ لهم أن يَأْخُذُوه إذا تَرَكَه الإِمامُ إذا لم يَجِدْ مَن يَحْمِلُه؛ لأنَّه إذا لم يَجِدْ مَن يَحْمِلُه، ولم يَقْدِرْ على حَمْلِه، بمَنْزِلَةِ ما لا قِيمَةَ له، فصار كالذى ذَكَرْناه في الفَصْلِ قبلَ هذا.
1441 - مسألة: (وتُمْلَكُ الغَنِيمَةُ بالاسْتِيلاءِ عليها في دارِ
(1) في م: «أبو الخطاب» .
وَيَجُوزُ قَسْمُهَا فِيهَا.
ــ
الحَرْبِ، ويَجُوزُ قَسْمُها فيها) والدَّليلُ على ثُبُوتِ المِلْكِ عليها في دارِ الحَرْبِ ثلاثةُ أُمُورٍ؛ أحَدُها، أنَّ سَبَبَ المِلْكِ الاسْتِيلاءُ التّامُّ، وقد وُجِدَ، فإنَّ أيْدِيَنا قد ثَبَتَتْ عليها حَقِيقَةً، وقَهَرْناهُم ونَفَيْناهم عنها، والاسْتِيلاءُ يَدُلُّ على حاجَةِ المُسْتَوْلِى، فيَثْبُتُ به المِلْكُ، كما في المُباحاتِ. الثانى، أنَّ مِلْكَ الكُفّارِ قد زالَ عنها، بدليلِ أنَّه لا ينْفُذُ عِتْقُهم في العَبيدِ الذين حَصَلُوا في الغَنِيمَةِ، ولا ينْفُذُ تَصَرُّفُهم فيها، ولا يَزُولُ مِلْكُهمَ إلى غيرِ مالِكٍ، إذْ ليست في هذه الحالِ مُباحةً، عُلِمَ أنَّ مِلْكَهم زالَ إلى الغانِمِين. الثالثُ، أنَّه لو أسْلَمَ عبدُ الحَرْبِىِّ ولَحِقَ بجَيْشِ المسلمين، صار حُرًّا، وهذا يَدُلُّ على زَوالِ مِلْكِ الكافِرِ، وثُبُوتِ المِلْكِ لمَن قَهَرَه.
فصل: وإذا ثَبَت المِلْكُ فيها، جازَتْ قِسْمَتُها. وبهذا قال مالكٌ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والأوْزَاعِىُّ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أصحابُ الرَّأْى: لا يُقْسَمُ إلَّا في دارِ الإِسْلامِ؛ لأنَّ المِلْكَ لا يَتِمُّ عليها إلَّا بالاسْتِيلاءِ التَّامِّ، ولا يحْصُلُ إلَّا بإحْرازِها في دارِ الإِسْلامِ. فإن قُسِمَتْ أساءَ قاسِمُها، وجازَتْ قِسْمَتُه؛ لأنَّها مَسْألةٌ مُجْتَهَدٌ فيها، فإذا حَكَم فيها الإِمامُ بما يُوافِقُ قولَ بعضِ المُجْتَهِدِين، نَفَذ حُكْمُه. ولَنا، ما روَى أبو إسْحاقَ الفَزارِىُّ، قال: قلتُ للأوْزَاعِىِّ: هل قَسَم رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شيئًا مِن الغنائِمِ بالمدينةِ؟ قال: لا أعْلَمُه، إنَّما كان الناسُ يبْتَغُون غَنائِمَهم، ويقْسِمُونَها في أرْضِ عَدُوِّهم، ولم يَقْفِلْ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن غَزاةٍ قَطُّ أصابَ فيها غَنِيمَةً إلَّا خَمَّسَه وقَسَمَه مِن قبلِ أن يَقْفِلَ؛ مِن ذلك غَزْوَةُ بنى المُصْطَلِقِ، وهوازِنَ، وخَيْبَرَ. ولأنَّ كلَّ دارٍ صَحَّتِ القِسْمَةُ فيها، جازَتْ، كدارِ الإِسْلامِ، ولأنَّ المِلْكَ ثَبَت فيها بالقَهْرِ بما ذَكَرْنا مِن الأدِلَّةِ، فصَحَّتْ قِسْمَتُها، كما لو أُحْرِزَتْ بدارِ الإِسْلامِ. وبهذا يحْصُلُ الجوابُ عمّا ذَكَرُوه.