الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ تَعَدَّى عَلَى مُسْلِمٍ؛ بِقَتْلٍ، أَوْ قَذْفٍ، أَوْ زِنًى، أَوْ قَطْعِ
ــ
أحْكامِ المِلَّةِ إذا حَكَمَ بها حاكمٌ، انْتَقَضَ عَهْدُه، بغيرِ خلافٍ في المذهبِ، سواءٌ شَرَطَ عليهم أَوْ لا. وهو مَذْهَبُ الشافعىِّ؛ لقَوْلِ اللَّهِ تعالى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (1). قيلَ: الصَّغارُ الْتِزامُ أحْكامِ المُسْلِمِين. فأمَرَ بقِتالِهم حتى يُعْطُوا الجِزْيَةَ، ويَلْتَزِمُوا أحْكامَ المِلَّةِ، فإذا امْتَنَعُوا مِن ذلك، وَجَب قِتالُهم، فإِذا قاتَلُوا فقد نَقَضُوا العَهْدَ. وفى مَعْنى هذَيْن قِتالُهم للمُسْلِمِين مُنْفَرِدِين، أو مع أهْلِ الحَربِ؛ لأنَّ إطْلاقَ الأمانِ يَقْتضِى ذلك. وقال أبو حنيفةَ: لا يَنْتَقِضُ العَهْدُ إلَّا بالامْتِناعِ مِن الإِمامِ، بحيثُ يَتَعَذَّرُ أخْذُ الجزيَةِ منهم. ولَنا، ما ذَكَرْناه، ولأنَّه يُنافِى الأمانَ، أشْبَهَ ما لو امْتَنَعُوا مِن بَذْلِ الجِزْيَةِ.
1544 - مسألة: (وإن تَعَدَّى على مُسْلِمٍ؛ بقَتْلٍ، أو قَذْفٍ
،
(1) سورة التوبة 29.
طَرِيقٍ، أَوْ تَجَسُّسٍ، أَوْ إِيوَاءِ جَاسُوسٍ، أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ كِتَابَهُ أَوْ رَسُولَهُ بِسُوءٍ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
أو زِنًى، أو قَطْعِ طَرِيقٍ، أو تَجَسُّسٍ، أو إيواءِ جاسُوسٍ، أو ذَكَر اللَّهَ تعالى أو كِتابَه أو رَسُولَه بِسُوءٍ، فعلى رِوَايَتَيْن) ويلْتَحِقُ بذلك: أو فَتْنِ مُسْلمٍ عن دِينِه، أو إصابَةِ المُسْلِمَةِ باسمِ نِكاحٍ؛ إحْداهما، يَنْتَقِضُ عَهْدُه. اخْتارَه القاضى، والشريفُ أبو جَعْفرٍ، سواءٌ شَرَطَ عليهم، أو لم يَشْرُطْ. ومَذْهَبُ الشافعىِّ نحوُ هذا فيما إذا شَرَط عليهم؛ لِما رُوِى عن عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه رُفِعَ إليه رجلٌ أرادَ اسْتِكْراهَ امْرَأةٍ مُسْلِمَةٍ على الزِّنَى، فقال: ما على هذا صالَحْناكم. وأمَرَ به فصُلِبَ في بيتِ المَقْدِسِ (1). وقيلَ لابنِ عُمَرَ: إنَّ راهِبًا يَشْتُمُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فقال: لو سَمِعْتُه لقَتَلْتُه، إنَّا لم نُعْطِ الأمانَ على هذا. ولِما رُوِى عن عُمَرَ،
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: باب المعاهد يغدر بالمسلم، من كتاب أهل الكتابين. المصنف 10/ 363، 364. وابن أبى شيبة، في: باب في الذمى يستكره المسلمة على نفسها، من كتاب الحدود. المصنف 10/ 96، 97.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّه أمَرَ عبدَ الرحمنِ بنَ غَنْمٍ أن يُلْحِقَ في كتابِ صُلحِ الجزيرَةِ: ومَن ضَرَب مُسْلِمًا عَمْدًا، فقد خَلَع عَهْدَه (1). ولأنَّ فيه ضَرَرًا على المُسْلِمِين، فأشْبَهَ الامْتِناعَ مِن بَذْلِ الجِزْيَةِ، ولأنَّه لم يَفِ بمُقْتَضَى الذِّمَّةِ، وهو الأمْنُ مِن جانِبِه، فانْتَقَضَ عَهْدُه، كما لو قاتَلَ المُسْلِمين.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 439.