الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ أَحْكَامَ الذِّمَّةِ
يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ، فِى ضَمَانِ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ دُونَ مَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ.
ــ
بابُ أحْكامِ الذِّمَّةِ
(يَلْزَمُ الإِمامَ أن يَأْخُذَهم بأحْكامِ المُسْلِمِين، في ضَمانِ النَّفْسِ والمالِ والعِرْضِ، وإقامَةِ الحُدودِ عليهمِ فيما يَعْتقِدُون تَحْرِيمَه، دُونَ ما يَعْتَقدُونَ حِلَّه) لا يجوزُ عَقْدُ الذِّمَّةِ إلَّا بشرْطَيْن؛ بَذْلِ الجِزْيَةِ، والْتِزَامِ أحْكامِ المِلَّةِ؛ مِن حُقوقِ الآدَمِيِّين في العُقُودِ والمُعامَلاتِ، وأُرُوشِ الجِناياتِ، وقِيَمِ المُتْلَفاتِ. فإنْ عُقِدَ على غَيْرِ [هذيْن الشَّرْطَينْ](1)، لم يَصِحَّ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} . قيل: الصَّغارُ جَرَيانُ أحْكامِ المُسْلِمِين عليهم. وتَلْزَمُه إقامَةُ الحُدودِ عليهم فيما يَعْتَقِدُون تَحْرِيمَه في دينِهم؛ كالزِّنَى، والسَّرِقَةِ، والقَتْلِ، والقَذْفِ، سواءٌ
(1) في م: «هذا من الشروط» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كان الحَدُّ واجِبًا في دِينِهم أوْ لا؛ لِما روَى أنَسٌ، أنَّ يَهُودِيًّا قتلَ جارِيَةً على أوْضاحٍ لها، فقَتَلَه رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. مُتَّفَقٌ عليه (1). وروَى ابنُ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أُتِىَ بيَهُودِيَّيْن قد فَجَرا بعدَ إحْصانِهما، فرَجَمَهُما (2). ولأنَّه مُحَرَّمٌ في دِينِه وقد الْتَزَمَ حُكْمَ الإِسلامِ. فأمّا ما يَعْتَقِدُونَ حِلَّه؛ كشُرْبِ الخَمْرِ، وأكْلِ لحمِ الخِنْزِيرِ، ونِكاحِ ذَواتِ
(1) أخرجه البخارى، في: باب إذا قتل بحجر أو بعصا، وباب من أقاد بالحجر، وباب قتل الرجل بالمرأة، من كتاب الديات. صحيح البخارى 5/ 9، 6، 8. ومسلم، في: باب ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره من المحددات والمثقلات، وقتل الرجل بالمرأة، من كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات. صحيح مسلم 3/ 1299.
كما أخرجه أبو داود، في: باب يقاد من الرجل بغير حديد، من كتاب الديات. سنن أبى داود 2/ 487 - 489. والنسائى، في: باب القود من الرجل للمرأة، وباب القود بغير حديدة، من كتاب القسامة. المجتبى 8/ 20، 32. وابن ماجه، في: باب يقتاد من القاتل كما قتل، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه 2/ 889. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 170، 171.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب الصلاة على الجنائز بالمصلى، من كتاب الجنائز، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ، من كتاب المناقب، وفى: باب تفسير سورة آل عمران، من كتاب التفسير، وباب ما ذكر النبى صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم. . .، من كتاب الاعتصام، وفى: باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب اللَّه بالعربية. . .، من كتاب التوحيد. صحيح البخارى 2/ 111، 4/ 250، 251، 6/ 46، 47، 9/ 129، 193. ومسلم، في: باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم 3/ 1326. وأبو داود، في: باب في رجم اليهوديين، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 463. وابن ماجه مختصرا، في: باب رجم اليهودى واليهودية، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه 2/ 854. والدارمى، في: باب الحكم بين أهل الكتاب إذا تحاكموا إلى حكام المسلمين، من كتاب الحدود. سنن الدارمى 2/ 178. والإمام مالك، في: باب ما جاء =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المحارِمِ للمَجُوسِ، فيُقَرُّون عليه، ولا حَدَّ عليهم فيه؛ لأنَّهم يَعْتَقِدُون حِلَّه. ولأنَّهم يُقَرُّون على كُفْرِهم، وهو أعْظَمُ إثْمًا مِن ذلك، إلَّا أنَّهم يُمْنَعُون مِن إظْهارِه بينَ المُسْلِمِين؛ لأنَّهم يتَأَذَّوْن بذلك. والمأْخُوذُ مِن أحْكامِ الذِّمَّةِ ينْقَسِمُ خمسةَ أقْسامٍ؛ أحدُها، ما لا يَتِمُّ العَقْدُ إلَّا بذِكْرِه، وهو الْتِزامُ الجِزْيَةِ، وجَرَيانُ أحْكامِنا عليهم. فإن أخَلَّ بذِكْرِ واحدٍ منها، لم يَصِحَّ العَقْدُ؛ لِما ذَكَرْنا. وفى معنى ذلك تَرْكُ قتالِ المُسْلِمِين، فإنَّه وإن لم يُذْكَرْ لَفْظُه، فذِكْرُ المُعاهَدَةِ يَقْتَضِيه. القسمُ الثانى، ما فيه ضَرَرٌ على المُسْلِمِين في أنفُسِهم، وذلك ثمانِيَةُ خِصَالٍ، تُذْكَرُ في نقْضِ العَهْدِ إن شاء اللَّهُ تعالى. القسمُ الثالثُ، ما فيه غَضاضَةٌ على المُسْلِمِين، وهو ذِكْرُ رَبِّهم أو كتابِهم [أو ديِنهم](1) أو رسولِهم بسُوءٍ. القسمُ الرابعُ، ما فيه إظْهارُ مُنْكَرٍ؛ كإحْداثِ الكنائِسِ والبِيَعِ، ورَفْعِ أصْواتِهم بكِتابِهم، وإظْهارِ الخَمْرِ والخِنزيرِ، والضَّرْبِ بالنَّواقِيسِ، وتَعْلِيَةِ البُنْيانِ على أبْنِيَةِ المُسْلِمِين، والإِقامَةِ بالحجازِ، ودُخُولِ الحَرَمِ، فيَلْزَمُهم الكَفُّ عنه، سواءٌ شُرِطَ عليهم أو لم يُشْرَطْ، في جميعِ هذه الأقْسامِ الأربعةِ. القسمُ الخامسُ، التَّمَيُّزُ عن المُسْلِمِين في أرْبَعَةِ أشْياءَ؛ لِباسِهم، وشُعُورِهم، ورُكُوبِهم، وكُناهُم.
= في الرجم، من كتاب الحدود. الموطأ 2/ 819. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 5.
(1)
سقط من: م.