الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَلَى الإِمَامِ حِفْظُهُمْ، وَالْمَنْعُ مِنْ أَذَاهُمْ، واسْتِنْقَاذُ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ.
ــ
1537 - مسألة: (وعلى الإِمام حِفْظُهم، والمَنْعُ مِن أذاهم، واسْتِنْقاذُ مَن أُسِرَ منهم)
تَلْزَمُه حِمايَتُهم مِنَ المُسْلِمِين وأهلِ الحربِ وأهلِ الذِّمَّةِ، لأنَّه الْتَزَمَ بالعَهْدِ حِفْظَهم، ولهذا قال علىٌّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: إنَّما بَذَلُوا الجزْيَةَ لتكونَ دِماؤُهم كدِمائِنا وأمْوالُهم كأمْوالِنا. وقال عُمَرُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، في وَصِيَّتِه للخليفةِ بعدَه: وأُوصِيه بأهلِ ذِمَّةِ المُسْلِمين خَيرًا، أن يُوفِىَ لهم بعَهْدِهم، ويُحاطُوا مِن ورائِهم (1). ويَجِبُ فِداءُ أسْراهم، سواءٌ كانوا في مَعُونَتِنا أو لم يكونوا. وهذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وهو قولُ عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ، واللَّيْثِ، لأنَّنا الْتَزَمْنا حِفظَهم بمُعاهَدَتِهم، وأخْذِ جِزْيتهم، فَلَزِمَنا القِتالُ مِن وَراثِهم، والقِيامُ دُونَهم، فإذا عَجَزْنا عن ذلك وأمْكَنَنا تَخلِيصُهم، لَزِمَنا ذلك. وقال القاضى:
(1) أخرجه البخارى، في: باب يقاتل عن اْهل الذمة ولا يسترقون، من كتاب الجهاد والسير. صحيح البخارى 4/ 84.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إنَّما يَجِبُ فِداؤُهم إذا اسْتعانَ بهم الإِمامُ في قِتالٍ فسُبُوا، وَجَب عليه فِداؤُهم؛ لأنَّ أسْرَهم كان لمَعْنًى مِن جِهَتِه. وهو المنْصُوصُ عن أحمدَ. ومتى وَجَب فِداؤُهم، فإنَّه يَبْدأ بفِداءِ المسُلِمِين قَبْلَهم؛ لأنَّ حُرْمَةَ المُسْلِمِ أعْظَمُ، والخوْفَ عليه أشَدُّ، وهو مُعَرَّضٌ للفِتْنَةِ عن دِينِ الحَقِّ، بخلافِ أهلَ الذِّمَّةِ.
فصل: ومَن هَرَب منهم إلى دارِ الحَرْبِ ناقِضًا للعَهْدِ، عاد حَرْبًا (1) حُكْمُه حُكْمُ الحَرْبِىِّ، سواءٌ كان رجُلًا أو امرأةً، ومتى قُدِرَ عليه، أُبِيحَ منه ما يُباحُ مِن الحَرْبِىِّ؛ مِن القَتْلِ، والأسْرِ، وأخْذِ المالِ. فإن هَرَب بأهْلِه وذُرِّيَّته، أُبِيحَ مِن البالِغين (2) منهم ما يُباحُ مِن أهْلِ الحَرْبِ، ولم يُبَحْ سَبْىُ الذُّرِّيَّةِ؛ لأنَّ النَّقْضَ إنَّما وُجِدَ مِن البالِغين دُونَ الذُّرِّيَّةِ. وإن نقَضَتْ طائِفَة مِن أهْلِ الذِّمَّةِ، جازَ غزْوُهم وقِتالُهم. وإن نَقَضَ بعضُهم دُونَ بعضٍ، اخْتَصَّ حُكْمُ النَّقْضِ بالنّاقِضِ. وإنْ لم ينْقُضُوا، لكن خافَ النَّقْضَ منهم، لم يَجُزْ أنْ يَنْبِذَ إليهم عَهْدَهم؛ لأنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ لِحَقِّهم،
(1) في م: «حربيًّا» .
(2)
ف م: «الهاربين» .