الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَصِحُّ عَقْدُ الْهُدْنَةِ وَالذِّمَّةِ إِلَّا مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ.
ــ
النبىُّ صلى الله عليه وسلم.
1494 - مسألة: (ولا يَجُوزُ عَقْدُ الهُدْنَةِ إلَّا مِن الإِمامِ أو نائِبِه)
لأنَّه عَقْدٌ مع جُمْلَةِ الكُفَّارِ، وليس ذلك لغيرِه، ولأنَّه يتعَلَّقُ بنَظَرِ الإِمامِ وما يرَاه (1) مِن المصْلَحَةِ، على ما قَدَّمْنا، ولأنَّ تجْوِيزَه لغيرِ الإِمامِ يَتَضَمَّنُ تَعْطِيلَ الجِهادِ بالكُلِّيَّةِ، أو إلى تِلْك الناحِيَةِ، وفيه افْتِياتٌ على الإِمامِ. فإن هادَنَهم غيرُ الإِمامِ أو نائِبِه، لم يَصِحَّ. فإن دخَلَ بعْضُهم دارَ الإِسلامِ بهذا الصُّلْحِ، كان آمِنًا؛ لأنَّه دخَلَ مُعْتَقِدًا للأمانِ، ويُرَدُّ إلى دارِ الحَرْبِ، ولا يُقَرُّ في دارِ الإِسلامِ؛ لأنَّ الأمانَ لم يَصِحَّ. وإن عقَدَ الإِمامُ الهُدْنَةَ، ثمَّ ماتَ أو عُزِلَ، لم يَنْتَقِضْ عَهْدُه، وعلى مَن بعدَه الوَفاءُ به؛ لأنَّ الإِمامَ عقَدَه باجْتِهادِه، فلم يَجُزْ نَقْضُه باجْتِهادِ غيرِه، كما لا يَجُوزُ للحاكِمِ نَقْضُ أحْكامِ مَن قبلَه باجْتِهادِه. وإذا عَقَدَ الهُدْنَةَ، لزِمَه الوَفاءُ بها؛ لقوْلِ اللَّهِ تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (2). وقال تعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} (3).
(1) في م: «يراد» .
(2)
سورة المائدة 1.
(3)
سورة التوبة 4.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولأنَّه إذا لم يَفِ بها، لم يُسْكَنْ إلى عَهْدِه، وقد يحْتاجُ إلى عَقْدِها.
فصل: فإن نَقَضُوا العَهْدَ بقتالٍ، أو مُظاهَرَةٍ، أو قَتْلِ مُسْلِمٍ، أو أخْذِ مالٍ، انْتَقَضَ عَهْدُهم؛ لأنَّ الهُدْنَةَ تَقْتَضِى الكَفَّ، فانْتَقَضَتْ بتَرْكِه. ولا يُحتاجُ في نَقْضِها إلى حُكْمِ الإِمامِ؛ لأنَّه إنَّما يُحْتاجُ إلى حُكْمِه في أمْرٍ مُحْتَمِلٍ، وفِعْلُهم لا يَحْتَمِلُ غيرَ نَقْضِ العَهْدِ، وإذا انْتَقَضَ، جاز قِتالُهم، لقَوْلِ اللَّهِ تعالى:{وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} الآيَتَيْن (1). وقال تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} (2). ولمّا نقَضَتْ قريشٌ عَهْدَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، سارَ إليهم، فقاتَلَهم، وفَتَحَ مَكَّةَ. وإن نقَضَ بعْضُهم دُونَ بعْضٍ، فسَكَتَ باقِيهم عن النّاقِضِ، ولم يُوجَدْ منهم إنْكارٌ ولا مُراسَلَةُ الإِمامِ ولا تَبَرُّؤٌ، فالكلُّ ناقِضُون؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا هادَنَ قُرَيْشًا، دخَلَتْ خُزاعَةُ في حِلْفِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم، وبنو بَكْرٍ في حِلْفِ قريشٍ،
(1) سورة التوبة 12.
(2)
سورة التوبة 7.