الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا قُسِمَتِ الْغَنِيمَةُ فِى أَرْضِ الْحَرْبِ،
ــ
والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْى. وقال النَّخَعِىُّ: إن شاءَ الإِمامُ خَمَّسَ ما تَأْتِى به السَّرِيَّةُ، وإن شاءَ نَفَّلَهُم إيّاه كلَّه. ولَنا، ما رُوِى أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لمّا غَزا هَوازِنَ، بَعَث سَرِيَّةً مِن الجَيْشِ قِبَلَ أوْطاسَ، فغَنِمَتِ السَّرِيَّةُ، فأشْرَكَ بينَها وبينَ الجَيْشِ (1). قال ابنُ المُنْذِرِ: رُوِّينا أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال: «وتَرُدُّ سَرايَاهُم عَلَى قَعَدَتِهم» (2). وفى تَنْفِيلِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم في البَدْأَةِ الرُّبْعَ، وفى الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ، دليلٌ على اشْتِراكِهم فيما سِوَى ذلك؛ لأنَّهم لو اخْتَصُّوا بما غَنِموه، لمَا كان ثُلُثُه نَفَلًا، ولأنَّهم جَيْشٌ واحِدٌ، وكل واحدٍ منهم رِدْءٌ لصاحِبِه، فيَشْتَرِكُون، كما لو غَنِمَ أحَدُ جانِبَى الجيشِ. وإن أقام الأميرُ ببَلَدِ الإِسلامِ، وبَعَث سَرِيَّةً أو جَيْشًا، فما غَنِمَتِ السَّرِيَّةُ فهو لها وَحْدَها؛ لأنَّه إنَّما يشْتَرِكُ المجاهِدُون، والمُقِيمُ في بَلَدِ الإِسلامِ ليس بمُجاهِدٍ. وإن نَفَّذَ مِن بَلَدِ الإِسلامِ جَيْشَيْن أو سَرِيَتيْن، فكلُّ واحِدَةٍ تَنْفَرِدُ بما غَنِمَتْه؛ لأنَّ كلَّ واحِدَةٍ منهما انْفَرَدَت بالغَزْوِ، فانْفَرَدَت بالغَنِيمَةِ، بخِلافِ ما إذا فَصَل الجَيْشُ، فدَخَل بجُمْلَتِه بلادَ الكُفارِ، فإنَّ جَمِيعَهم اشْتَرَكُوا في الجِهادِ، فاشْتَرَكُوا في الغَنِيمَةِ.
1463 - مسألة: (وإذا قُسِمَتِ الغَنِيمَةُ في أرْضِ الحَرْبِ
،
(1) أخرجه البخارى، في: باب غزاة أوطاس، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 5/ 197.
(2)
في م: «قعدهم» .
والحديث أخرج نحوه أبو داود، في: باب في السرية ترد على أهل العسكر، من كتاب الجهاد، وفى: باب =
فَتَبَايَعُوهَا، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهَا الْعَدُوُّ، فَهِىَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِى، فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن. اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ، وَصَاحِبُهُ. وَالْأُخْرَى، مِنْ مَالِ الْبَائِعَ. اخْتَارَهَا الْخِرَقِىُّ
ــ
فتَبايَعُوها، ثم غَلَب عليها العَدُوُّ، فهى مالُ المُشْتَرِى في إحْدَى الرِّوايَتَيْن. اخْتارها الخَلَّالُ، وصاحِبُه. والأُخْرَى، مِن مالِ البائِع. اخْتارَها الخِرَقِىُّ) يَجوزُ للأميرِ البَيْعُ في الغَنِيمَةِ قبلَ القِسْمَةِ للغانِمِين ولغيرِهم، إذا رأى المَصلَحَةَ فيه؛ لأنَّ الوِلايةَ ثابِتَةٌ له عليها، وقد تَدْعُو الحاجَةُ إلى ذلك؛ لإِزالَةِ كُلْفةِ نَقْلِها، أو تَعَذُّر قِسْمَتِها بعَيْنِها، ويَجُوزُ لكلِّ واحِدٍ مِن الغانِمين بَيْعُ ما يَحْصُلُ له بعدَ القَسْمِ، والتصرُّفُ فيه كيفَ شاءَ؛ لأنَّ مِلْكَه ثابِتٌ فيه، فإن باع الأمِيرُ أو بعضُ الغانِمِين في دارِ الحَرْبِ شيئًا، فغَلَبَ عليه العَدُوُّ قبلَ إخْراجِه إلى دارِ الإِسْلامِ، فإن كان التَّفْرِيطُ مِن المُشْتَرِى، مثلَ أن خرَج به مِن العَسْكَرِ، ونحوِ ذلك، فضَمانُه عليه؛ لأنَّ ذَهابَه حَصَل بتَفرِيطِه، فكان مِن ضَمانِه، كما لو أتْلَفَه، وإن كان بغيرِ تَفرِيطِه، ففيه رِوايتان؛ إحداهُما ينْفَسِخُ البيعُ، ويُرَدُّ الثَّمَنُ إلى المُشْتَرِى مِن الغَنِيمَةِ إن باعَه الإِمامُ، أو مِن مالِ البائِعَ، وإن كان الثَّمَنُ لم يُؤْخَذْ مِن المُشْتَرِى، سَقَط عنه. وهى اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّ القَبْضَ لم يَكْمُلْ،
= أيقاد المسلم بالكافر؟ من كتاب الديات. سنن أبى داود 2/ 73، 488. وانظر تخريج حديث:«المسلمون تتكافأ دماؤهم» . الذى سيأتى في صفحة 342.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لكَوْنِ المالِ في دارِ الحَرْبِ غيرَ مُحْرَزٍ، وكَوْنِه على خَطَرٍ مِن العَدُوِّ، فأشْبَهَ الثَّمرَ المَبِيعَ على رُءُوسِ النَّخْلِ إذا تَلِفَ قبلَ الجِدادِ. والثانيةُ، هو مِن ضَمانِ المُشْتَرِى، وعليه ثَمَنُه. وهذا أكْثَرُ الرِّواياتِ عن أحمدَ، رحمه الله. واخْتارَه الخَلَّالُ، وصاحِبُه أبو بكرٍ. وهو مَذْهَبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه مالٌ مَقْبُوضٌ، أُبِيحَ لمُشَتَرِيه، فكان عليه ضَمانُه، كما لو أُحْرِزَ إلى دارِ الإِسلامِ، ولأنَّ أخْذَ العَدُوِّ له تَلَفٌ، فلم يَضْمَنْه البائِعُ، كسائِرِ أنْواعِ التَّلَفِ، ولأنَّ نَماءَه للمُشْتَرِى، فكان ضَمانُه عليه؛ لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» (1). وإنِ اشْتَراه مُشْتَرٍ مِن المُشْتَرِى الأوُّلِ، وقُلْنا: هو مِن ضَمانِ البائِعِ. رَجَع البائِعُ الثَّانِى على البائِعِ الأوَّلِ، بما رَجَع به عليه.
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في من اشترى عبدًا فاستعمله ثم وجد به عيبا، من كتاب البيوع. سنن أبى داود 2/ 254، 255. والترمذى، في: باب ما جاء في من يشترى العبد فيستغله ثم يجد به عيبا، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى 5/ 285، 286. والنسائى، في: باب الخراج بالضمان، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 223. وابن ماجه، في: باب الخراج بالضمان، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 754. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 49، 208، 237.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: قال أحمدُ، في الرجلِ يَشْتَرِى الجارِيَةَ مِن المَغْنَمِ، معها حَلْىٌ في عُنُقِها والثِّيابُ: يَرُدُّ ذلك في المَغْنَمِ، إلَّا شيئًا تَلْبَسُه، مِن قَمِيصٍ ومِقْنَعَةٍ وإزارٍ. وهذا قولُ حَكِيمِ بنِ حِزامٍ، ومَكْحُولٍ، ويَزِيدَ بنِ أبى مالِكٍ، وإسْحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ. ويُشْبِهُ قولَ الشافعىِّ. واحْتَجَّ إسْحاقُ بقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ» (1). وقال الشَّعْبِىُّ: يَجْعَلُه في بَيْتِ المالِ. وكان مالكٌ يُرَخِّصُ في اليَسِيرِ، كالقُرْطَيْنِ وأشْباهِهما، ولا يَرُدُّ ذلك في الكثيرِ. قال شَيْخُنا (2): ويُمْكِنُ التَّفْصِيلُ في ذلك، فيقالُ: ما كان ظاهِرًا، يُشاهِدُه البائِعُ والمُشْتَرِى، كالقُرْطِ والخاتَمِ والقِلادَةِ، فهو للمُشْتَرِى؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّ البائِعَ إنَّما باعَها بما عليها، والمُشْتَرِىَ اشْتَراها بذلك، فيَدْخُلُ في البَيْعِ، كثيابِ البِذْلَةِ وحِلْيَةِ السَّيْفِ، وما خَفِىَ، فلم يَعْلَمْ به البائعُ، رَدَّه؛ لأنَّ البَيْعَ وَقَع عليها بدُونِه، فلم يَدْخُلْ في البَيْعِ، كجارِيَةٍ أُخرَى.
(1) تقدم تخريجه في 6/ 303.
(2)
في: المغنى 13/ 138.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: قال أحمدُ: لا يَجُوزُ لأميرِ الجَيْشِ أن يَشْتَرِىَ مِن مَغْنَمِ المُسْلِمِين شيئًا؛ لأنَّه يُحابَى، ولأنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، رَدَّ ما اشْتَراه ابنُه في غَزْوَةِ جَلُولاءَ، وقال: إنَّه يُحابَى (1). احْتَجَّ به أحمدُ. ولأنَّه هو البائِعُ أو وَكِيلُه، فكأنَّه يَشْتَرِى مِن نَفسِه أو مِن وَكِيلِه. قال أبو داودَ: قيلَ لأبى عبدِ اللَّهِ: إذا قَوَّمَ أصحابُ المَقاسِمِ (2) شيئًا مَعْرُوفًا، فقالُوا في جُلُودِ الماعِزِ (3): بكذا. وفى جُلُودِ الخِرفانِ: بكذا. ويَحْتاجُ إليه، يأْخُذُه بتلك القِيمَةِ، ولا يَأْتِى المَقاسِمَ (4)؛ فرَخَّصَ فيه؛ لأنَّه يَشُقُّ الاسْتِئْذانُ فيه، فسُومِحَ فيه، كما سُومِحَ في دُخُولِ الحَمّامِ، ورُكوبِ سَفِينَةِ المَلَّاحِ، مِن غيرِ تَقْدِيرِ أُجْرَةٍ.
فصل: ومَن اشْتَرَى مِن المَغْنَمِ اثْنَيْن أو أكْثَرَ، أو حُسِبُوا عليه
(1) أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب في أمر القادسية وجلولاء، من كتاب التاريخ. المصنف 2/ 576، 577.
(2)
في م: «المغانم» .
(3)
في النسخ: «المعاعز» . وانظر المغنى 13/ 138.
(4)
في م: «المغانم» .