الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَمَتَى رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ، جَازَ لَهُ عَقْدُهَا مَدَّةً مَعْلُومَةً
ــ
فعَدَتْ بنو بكرٍ على خُزاعَةَ، وأعانَهم بعضُ قُرَيْشٍ، وسَكَتَ الباقُون، فكان ذلك نَقْضَ عَهْدِهم، وسارَ إليهم رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقاتَلَهم. ولأنَّ سُكُوتَهم يَدُلُّ على رِضاهم، كما أنَّ عَقْدَ الهُدْنَةِ مع بعضِهم يدخُلُ فيه جَمِيعُهم؛ لدَلالَةِ سُكَوتِهم على رِضَاهم، كذلك في النَّقْضِ. فإن أنْكَرَ مَن لم يَنْقُضْ على الباقِين، بقولٍ أو فعلٍ ظاهِرٍ أو اعْتِزالٍ، أو راسَلَ الإِمامَ بأنِّى مُنْكِرٌ لِما فَعَلَه النّاقِضُ، مُقِيمٌ على العَهْدِ، لم يَنْتَقِضْ في حَقِّه، ويَأْمُرُه الإِمامُ بالتَّمَيُّزِ، ليَأْخُذَ النّاقِضَ وحدَه، فإنِ امْتَنَعَ مِن التَّمَيُّزِ، أو إسْلامِ النّاقِضِ، صارَ ناقِضًا؛ لأنَّه منَعَ مِن أخْذِ النّاقِضِ، فصارَ بمَنْزِلَتِه، وإن لم يُمْكِنْه التَّمَيُّزُ، لم ينتَقِضْ عَهْدُه؛ لأنَّه كالأسِيرِ. فإن أسَرَ الإِمامُ منهم قومًا، فادَّعَى الأسِيرُ أنَّه لم يَنْقُضْ، وأشْكَلَ ذلك عليه، قُبِلَ قَوْلُ الأسِيرِ؛ لأنَّه لا يُتَوَصَّلُ إلى ذلك إلَّا مِن قِبَلِه.
1495 - مسألة: (فمتى رأى المَصْلَحَةَ، جاز له عَقْدُها مُدَّةً
وَإِنْ طَالَتْ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ فِي أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ، فَإِنْ زَادَ عَلَى عَشْرٍ، بَطَلَ فِي الزِّيَادَةِ، وَفِي الْعَشْرِ وَجْهَانِ (1).
ــ
مَعْلُومَةً، وإن طالَتْ. وعنه، لا يَجُوزُ في زِيادَةٍ على العَشْرِ، فإن زاد على عَشْرٍ، بطَلَ في الزِّيادَةِ، وفى العَشْرِ وَجْهَان) إذا رأى الإِمامُ المصْلَحَةَ في عَقْدِ الهُدْنَةِ، جاز عَقْدُها؛ لِما ذَكَرْنا مِن أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم هادَنَ قُرَيْشًا. ولا يَجُوزُ عَقْدُها إذا لم يَرَ المصْلَحَةَ فيه؛ لأنَّه يتَصَرَّفُ لهم على وَجْهِ النَّظَرِ، أشْبَهَ وَلِىَّ اليتيمِ. ولا يجوزُ عقْدُها إلَّا على مُدَّةٍ معْلُومَةٍ؛ لأنَّ مُهادَنَتَهم مُطْلَقًا تُفْضِى إلى تَعْطِيلِ الجِهادِ بالكُلِّيَّةِ، لكَوْنِها تقْتَضِى التَّأْبِيدَ، فلم
(1) في متن المبدع: «روايتان» .