الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْحَوْلِ، سَقَطَتْ عَنْهُ الْجِزْيَةُ، وَإِنْ مَاتَ، أُخِذَتْ
ــ
يَأْخُذُ مِن نَصارَى نَجْرانَ ألْفىْ حُلَّةٍ، وكان عُمَرُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُؤْتَى بنَعَمٍ كثيرةٍ، يَأْخُذُها مِن الجِزْيَةِ. ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه كان يَأْخُذُ الجِزْيَةَ مِن كلِّ ذِى صَنْعَةٍ مِن مَتاعِه، مِن صاحِبِ الإِبَرِ إِبَرًا، ومِن صاحِبِ المَسالِّ مَسالًّا، ومِن صاحِبِ الحِبالِ حِبالًا، ثم يَدْعُو الناسَ فيُعْطِيهم الذَّهبَ والفِضَّةَ فيقْتَسِمُونَه، ثم يقولُ: خُذُوا واقْتَسِمُوا (1). فيقولون: لا حاجَةَ لنا فيه. فيقولُ: أخَذْتُم خِيارَه، وتَرَكْتُم شِرارَه، لتَحْمِلُنَّه (2). إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يُؤْخَذُ بالقِيمَةِ؛ لقَوْلِه عليه السلام:«أوْ عَدْلَهُ مَعَافِرَ» . ويَجُوزُ أخْذُ ثَمَنِ الخَمْرِ والخِنْزِيرِ منهم عن جِزْيَةِ رُءوسِهم، وخَراجِ أرْضِهم؛ لقولِ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: وَلُّوهم بَيْعَها وخُذُوا أنتم مِن الثَّمَنِ (3). ولأنَّها مِن أمْوالِهم التى نُقِرُّهم على اقْتِنائِها، فجازَ أخْذُ أثْمانِها، كثيابِهم.
1514 - مسألة: (ومَن أسْلَمَ بعدَ الحَوْلِ، سَقَطَتْ عنه الجِزْيَةُ
،
(1) في م: «أو اقتسموا» .
(2)
أخرجه أبو عبيد، في: باب اجتباء الجزية والخراج، من كتاب سنن الفئ والخمس والصدقة. . . الأموال 44، 45.
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب أخذ الجزية من الخمر، من كتاب أهل الكتاب. المصنف 6/ 23. وأبو عبيد، في: باب أخذ الجزية من الخمر والخنزير. الأموال 50. وانظر: ما أخرجه البيهقى، في: باب لا يأخذ منهم في الجزية خمرا ولا خنزيرا: من كتاب الجزية. السنن الكبرى 9/ 206.
مِنْ تَرِكَتِهِ. وَقَالَ الْقَاضِى: تَسْقُطُ.
ــ
وإن ماتَ، أُخِذَتْ مِن تَرِكَتِه. وقال القاضى: تَسْقُطُ) إذا أسْلَمَ مَن عليه الجِزْيَةُ في أثْناءِ الحَوْلِ، لم تَجِبِ الجِزْيَةُ عليه، وإن أسْلَمَ بعدَه، سَقَطَتْ عنه. وهذا قولُ مالكٍ، والثَّوْرِىِّ، وأبى عُبَيْدٍ، وأصحابِ الرَّأْى. وقال الشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ: إن أسْلَمَ بعدَ الحَوْلِ، لم تَسْقُطْ (1)؛ لأنَّه دَيْنٌ اسْتَحَقَّه صاحِبُه، واسْتَحَقَّ المُطالَبَةَ به في حالِ الكُفْرِ، فلم يَسْقُطْ بالإِسلامِ، كالخراجِ، وسائِرِ الدُّيونِ. وللشافعىِّ فيما إذا أسْلَمَ في أثْناءِ الحَوْلِ قَوْلان؛ أحَدُهما، عليه مِن الجزْيَةِ بالقِسْطِ، كما لو أفاقَ بعضَ الحَوْلِ. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (2). وروى ابنُ عباسٍ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِينَ جِزْيَةٌ» . رَواه الخَلَّالُ (3). وذَكَر أنَّ أحمدَ سُئِلَ عنه، فقال: ليس يَرْوِيه غيرُ جَرِيرٍ. قال: وقد رُوِى عن عُمَرَ،
(1) في م: «تقسط» .
(2)
سورة الأنفال 38.
(3)
وأخرجه أبو داود، في: باب في الذمى يُسلم في بعض السنة. . .، من كتاب الخراج والفئ والإِمارة. سنن أبى داود 2/ 152. والترمذى، في: باب ما جاء ليس على المسلم جزية، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 127. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 223، 285.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: إن أخَذَها في كَفِّه ثم أسْلَمَ، رَدَّها عليه. ورُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«لَا يَنْبَغِى لِلْمُسْلِمِ أنْ يُؤَدِّىَ الخَرَاجَ» (1). يعنى الجِزْيَةَ. ورُوِىَ أنَّ ذِمِّيًّا أسْلَمَ، فطُولِبَ بالجِزْيَةِ، وقيل: إنَّما أسْلَمَ تَعَوُّذًا. قال: إنَّ في الإِسلام مَعاذًا. فرُفِعَ إلى عُمَرَ، فقال عُمَرُ: إنَّ في الإِسلامِ مَعاذًا. وكَتَب أن لَا تُؤْخَذَ منه الجِزْيَةُ. رَواه أبو عُبَيْدٍ بنحوٍ مِن هذا المعنى (2). ولأنَّ الجِزْيَةَ صَغارٌ، فلا تُؤْخَذُ منه، كما لو أسْلَمَ قبلَ الحَوْلِ، ولأنَّ الجِزْيَةَ عُقُوبَةٌ تَجِبُ بسَبَبِ الكُفْرِ، فيُسْقِطُها الإِسلامُ، كالقَتْلِ. وبهذا فارَقَ الخراجَ وسائِرَ الدُّيونِ.
فصل: فإن ماتَ بعدَ الحَوْلِ، لم تَسْقُطْ عنه الجِزْيَةُ، في ظاهِرِ كلامِ أحمدَ. وهو مَذْهَبُ الشافعىِّ. وحُكِىَ عن القاضى أنَّها تَسْقُطُ بالموْتِ.
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات، من كتاب الخراج والفئ والإمارة. سنن أبى داود 2/ 151. وابن ماجه، في: باب العشر والخراج، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 586.
(2)
في: باب الجزية على من أسلم من أهل الذمة. . .، من كتاب الفئ ووجوهه وسبله. الأموال 48.
كما أخرجه عبد الرزاق، في: باب ما يحل من أموال أهل الذمة، من كتاب أهل الكتاب. المصنف 6/ 94.